البالة تُنقذ أصحاب الدخل المحدود في الأردن مع قدوم العيد

ملابس مستعملة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
ملابس مستعملة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

البالة تُنقذ أصحاب الدخل المحدود في الأردن مع قدوم العيد

ملابس مستعملة (أرشيفية - الشرق الأوسط)
ملابس مستعملة (أرشيفية - الشرق الأوسط)

كانت الخمسون ديناراً التي بحوزة الأربعينية الأردنيّة سميّة الكرد كافيةً لشراء ملابس العيد لأبنائها الأربعة؛ فقد نجحت تلك السيدة في تقسيم المبلغ، الذي يعادل نحو 70 دولاراً أميركياً، لشراء تلك الأغراض.

لم يكن هذا العدد من قطع الملابس ليصبح في متناول اليد بهذا المبلغ الزهيد، لو أنّ وجهة سمية كانت محال الملابس الجديدة أو المراكز التجارية التي تحمل بضاعتها علامات تجاريّة شهيرة؛ فهذه المرة، كانت سوق الملابس المستعملة، التي يطلقون عليها «البالة» في الأردن هي وجهة الأم محدودة الدخل.

بنطال وقميص لأبنائها الثلاث وثوب أو فستان لابنتها، إلى جانب حذاء لكل منهم... هكذا أوضحت سمية لـ«وكالة أنباء العالم العربي» آلية توزيع ما كان بحوزتها من مال لملابس العيد، الذي حصلت عليه من راتب زوجها البالغ 400 دينار «بشق الأنفس» بعد مفاوضات وجدل.

بالنسبة لسمية وكثيرين، تعدُّ البالة ملاذاً مناسباً لشراء الملابس والأحذية؛ وتقول: «من هذه المحال العديدة، يُمكنني أن أشتري بخمسين ديناراً جميع ما يحتاجه أبنائي مجتمعين».

وكان تقرير حديث للبنك الدولي بعنوان «أطلس أهداف التنمية المستدامة للعام 2023» قد كشف أنّ «عدد الفقراء في الأردن يقدّر بحوالي 4 ملايين شخص، من أصل 11.3 مليون نسمة، أي ما نسبته 35 في المائة» من سكان البلاد.

على مرّ العقود رسخت البالة في تنوعها وأسعارها الحاجز الطبقي بين الأردنيين؛ لكنّ تلك الأسواق لم تعد مقصداً للعائلات الفقيرة فقط، بل أصبحت تستقطب الكثير من الطبقات، كمحبّي منتجات العلامات التجارية العالمية الذين يبحثون عن قطع ملابس أصلية أوروبية أو أميركية.

الثلاثيني الأردنيّ عماد الخالدي أحد هؤلاء الذين يلجأون للملابس المستعملة «لأن جودتها أفضل بكثير من الملابس الجديدة المنتشرة في الأسواق»، والمصنّعة إما محلياً أو قادمة من الصين كما يقول.

عماد، الذي يعمل موظفاً في أحد البنوك المحلية، قال في حوار أجرته معه «وكالة أنباء العالم العربي» إنه من عشاق أسواق البالة، التي يمضي ساعات عديدة فيها يتجوّل بين محال تعرض صنوفاً متنوّعةً من الملابس المستعملة.

يشير عماد إلى أنّه لم يشتر ملابس جديدة منذ سنوات، قائلاً: «أشتري دائماً قطعاً تحمل ماركات عالمية أصليّة بأسعار مناسبة، خصوصاً الأحذية»، عاداً أنّ تنظيف الملابس المستعملة وغسلها كفيلان بأن يعيداها جديدة كما خرجت من المصنع، على حد وصفه.

وفي الوقت الذي يؤكّد فيه صاحب أحد محال البالة، ويُدعى خالد المحاميد، أنّ زبائن أسواق الملابس المستعملة في ازدياد عاماً تلو الآخر من مختلف الفئات والطبقات المجتمعية بسبب السعر المنخفض وجودة البضائع، فإن الحال تضيق بتجار الملابس الجديدة.

لكن وسيم القيسي، وهو صاحب محل للملابس الجديدة في منطقة البيادر غرب العاصمة عمّان، قال بدوره إنّ أسواق البالة باتت تشكل تحديّاً كبيراً له وللتجار بشكل عام، خصوصاً أنّ محال الملابس الجديدة لا تستطيع مجاراة أسعار الملابس المستعملة، حيث تكلفة صناعة الملابس الجديدة أو استيرادها أعلى من طرود البالة المستوردة من أوروبا ودول أخرى.

وأوضح القيسي أنّ قطاع الملابس والأحذية يعتمد كثيراً على مواسم الأعياد؛ لكنّه قال إنّ «لجوء الأسر إلى البالة دفع العديد من أصحاب المحال لإغلاقها، أو تحويل نشاطهم من الملابس الجديدة إلى المستعملة»، داعياً إلى وضع سقوف سعرية لتجّار البالة تمكنه والعاملين في قطاع الملابس الجديدة من المنافسة بالسعر.

كانت نقابة تجار الألبسة والأحذية أكدت في تصريح لوسائل إعلام رسمية تراجع حركة الأسواق بنسبة وصلت إلى نحو 40 في المائة خلال شهر رمضان هذا العام والأيام الأخيرة التي تسبق عيد الفطر مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.


مقالات ذات صلة

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

المشرق العربي سيارة لقوات الأمن الأردنية تقف قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان (رويترز) play-circle 00:28

الأردن يعد الهجوم قرب سفارة إسرائيل «إرهابياً فردياً»

لم تكشف التحقيقات الأولية الأردنية، بشأن هجوم قرب السفارة الإسرائيلية في عمّان، عن ارتباطات تنظيمية لمُنفذه، ما رجحت معه مصادر أمنية أن يكون «عملاً فردياً»

المشرق العربي أرشيفية لمبنى السفارة الإسرائيلية في عمان

مقتل مسلح وإصابة 3 أفراد أمن بإطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في عمّان

أعلنت قوات الأمن الأردنية، فجر اليوم (الأحد)، مقتل مسلح بعد فتحه النار على عناصر أمن في منطقة السفارة الإسرائيلية بالعاصمة الأردنية عمان.

«الشرق الأوسط» (عمان)
المشرق العربي الجلسة الافتتاحية لأعمال الدورة الجديدة للبرلمان الأردني (رويترز)

جدل «الإخوان» في الأردن يعود من بوابة البرلمان

مع بدء الدورة العشرين لمجلس النواب الأردني، الذي انتخب في العاشر من سبتمبر (أيلول) الماضي، بدأ الشحن الداخلي في معادلة الصراع بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.

محمد خير الرواشدة (عمّان)
الخليج الشيخ محمد بن زايد آل نهيان والملك عبد الله الثاني بن الحسين ويظهر الشيخ عبد الله بن زايد وأيمن الصفدي وعدد من المسؤولين خلال اللقاء (وام)

تأكيد إماراتي أردني على أهمية تكثيف الجهود لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان

الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، بحث مع العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني بن الحسين، قضايا المنطقة والعلاقات الثنائية.

«الشرق الأوسط» (أبوظبي)
رياضة عربية منتخب الأردن اكتفى بالتعادل مع الكويت (الاتحاد الأردني)

«تصفيات المونديال»: الكويت تحبط الأردن بالتعادل

فرّط منتخب الأردن في تقدمه بهدف رائع ليزن النعيمات، بعدما سجل محمد دحام في الشوط الثاني ليتعادل 1 - 1 مع مضيفه الكويت.

«الشرق الأوسط» (الكويت)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».