مباريات كرة القدم الرمضانية تخطف مصريين من مشاهدة المسلسلات

أهدافها المثيرة حقّقت رواجاً بين جمهور مواقع التواصل

مركز «شباب القضاة» (فيسبوك)
مركز «شباب القضاة» (فيسبوك)
TT

مباريات كرة القدم الرمضانية تخطف مصريين من مشاهدة المسلسلات

مركز «شباب القضاة» (فيسبوك)
مركز «شباب القضاة» (فيسبوك)

رغم أنّ دورات كرة القدم الرمضانية تُعدّ من الظواهر الراسخة والقديمة في مصر، فإنّ تقدُّم تقنيات التصوير وتوافر أجهزة المحمول الحديثة بشكل أوسع، وسهولة طرح مقاطع الفيديو عبر مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذلك أسهم في خطفها اهتمام جمهور هذه المواقع، الذي ركّز اهتمامه على متابعة دراما رمضان وتحليل أداء الفنانين.

وشهدت الملاعب الخماسية ذات العشب الاصطناعي في المدن، والأخرى الترابية في القرى الريفية تألُّق عدد كبير من اللاعبين الموهوبين الذين وثقت الكاميرات مهاراتهم العالية في التمرير وإحراز الأهداف.

ونُشرت مقاطع فيديو على نطاق واسع، حقّق بعضها ملايين المشاهدات لأهداف تُحاكي ما يحدث في كبريات الدوريات العالمية. فبينما نشاهد هدفاً أحرزته ضربة ثابتة من خارج صندوق الـ18 على يسار الحارس، نشاهد آخر سُدِّد من كرة طائرة على طريقة اللاعب الفرنسي الشهير المعتزل زين الدين زيدان، وثالثاً بضربة مزدوجة، ورابعاً بكعب القدم.

في هذا السياق، يرى الناقد الرياضي المصري أيمن أبو عايد أنّ بعض الأهداف التي شاهدها عبر مواقع التواصل وفي الميدان، تفوق في الجمال والمهارة مستوى بعض الأهداف في الدوري المصري الممتاز.

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «ثمة فجوة كبيرة في مصر بين مستوى الموهوبين غير المكتَشفين وبين اللاعبين الذين نراهم على الشاشات»، مؤكداً أنّ «بعض اللاعبين الريفيين يجدون صعوبة في الإقامة بالقاهرة وتوفير موارد مالية للسفر».

ويتابع: «أكاديميات عدد من الأندية المصرية تحوّلت إلى مراكز لتحقيق الأرباح المادية، لا مراكز منوط بها اكتشاف الموهوبين وترقيتهم إلى الفرق الكبرى»، مشيراً إلى اختفاء دَور المدرّبين الكشّافة الذين كانوا يتابعون الدورات الرمضانية أو دورات مراكز الشباب في الصيف لاكتشاف اللاعبين الموهوبين.

من بين الصفحات الرياضية التي حقّقت رواجاً عبر «فيسبوك» خلال رمضان، «القضاة سبورت» المهتمَّة بنشر أجمل الأهداف واللقطات من الدورة الرمضانية التي ينظّمها شباب قرية القضاة التابعة لمركز كفر صقر بمحافظة الشرقية (دلتا مصر).

ملعب ترابي في الريف المصري (فيسبوك)

وحقّقت بعض مقاطع الفيديو التي نشرتها تفاعلاً كبيراً، من بينها أجمل هدف، وثاني أجمل هدف أحرزه أحمد البنا لاعب قرية المنشية الجديدة بطريقة فريدة.

ووفق المسؤول الإعلامي عن «نادي القضاة» الرياضي بمحافظة الشرقية يوسف كهربا، فإنّ التصوير بكاميرات الهاتف يساعدهم كثيراً في نقل الأحداث بسرعة واحترافية عبر مواقع التواصل.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نختار أجمل الأهداف ونبثّها، فتُحقّق مشاهدات كبيرة، وتتيح لهؤلاء اللاعبين شهرة واسعة».

وإذ تتّسع الملاعب الترابية لنحو 8 لاعبين؛ يشارك في الدورة الرمضانية الواحدة أكثر من 10 فرق تُقسَم إلى مجموعات، بمشاركة فرق من داخل القرى وقرى مجاورة.

وإلى تألُّق كثير من اللاعبين داخل أرض الملعب، يشهد التعليق الرياضي خارجه تألّقاً أيضاً، ويتسابق كثيرون لإبراز مواهبهم في التعليق على المباريات بشكل مفعم بالجدّية والسخرية أحياناً.

وطالب متابعون رياضيون بالاهتمام بهذه الدورات لاكتشاف اللاعبين الموهوبين، والدفع بهم نحو الأندية الكبرى ليستفيد منهم المنتخب الوطني الذي عانى قبل سنوات نقصاً في بعض المراكز، من بينها مركز «رأس الحربة».

ويبلغ عدد الأندية في مصر 5 آلاف و240 مركز شباب، وفق النشرة السنوية لإحصاء النشاط الرياضي لعام 2021.

وانقسم عدد الهيئات الرياضية والشبابية إلى 4449 مركز شباب، منها 3938 في القرى و511 في المدن، بجانب 595 نادياً خاصاً، و116 للقطاع العام، و80 نادياً حكومياً.

وتحظى الدورات الرمضانية باهتمام جمهور القرى الذي يحرص على متابعة الأندية والمهارات الفردية للاعبين وتشجيعهم.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

شمال افريقيا وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يستقبل سيجريد كاج كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشئون الإنسانية وإعادة الإعمار في قطاع غزة (صفحة الخارجية المصرية عبر فيسبوك)

وزير الخارجية المصري يؤكد ضرورة احتواء التصعيد في الضفة الغربية

أكد وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي ضرورة احتواء التصعيد العسكري في الضفة الغربية، واضطلاع إسرائيل بمسؤولياتها في توفير الأمن للفلسطينيين.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

مصر ترفض تصريحات رئيس وزراء إثيوبيا بشأن «سد النهضة»

وجه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إثر التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا أحد أحياء وسط العاصمة المصرية القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

الحكومة المصرية تواجه «سرقة الكهرباء» بإلغاء الدعم التمويني

شددت الحكومة المصرية من إجراءات مواجهة «سرقة الكهرباء» باتخاذ قرارات بـ«إلغاء الدعم التمويني عن المخالفين»، ضمن حزمة من الإجراءات الأخرى.

أحمد إمبابي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من فيلم «الأرض» (أرشيفية)

اختبار «اللهجة الفلاحي»... تندُّر افتراضي يتطوّر إلى «وصم اجتماعي»

تطوّر اختبار «اللهجة الفلاحي» إلى «وصم اجتماعي» في مصر بتحوّل ناجحين فيه إلى مادة للسخرية، بينما تباهى خاسرون بالنتيجة، مع انتشاره عبر مواقع التواصل.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي لكنها عاشت «المساكنة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.