«صيام الكلام»... فوائد خفية للصمت حتى منتصف النهار

«صيام الكلام» قد يكون له العديد من الفوائد الصحية (أ.ب)
«صيام الكلام» قد يكون له العديد من الفوائد الصحية (أ.ب)
TT

«صيام الكلام»... فوائد خفية للصمت حتى منتصف النهار

«صيام الكلام» قد يكون له العديد من الفوائد الصحية (أ.ب)
«صيام الكلام» قد يكون له العديد من الفوائد الصحية (أ.ب)

خلال مقابلة أجريت معها أمس (الثلاثاء)، قالت المغنية الأسكوتلندية الشهيرة لولو إنها تمارس «صيام الكلام» يومياً في محاولة للحفاظ على أحبالها الصوتية.

وخلال المقابلة التي أجرتها معها صحيفة «الغارديان»، أكدت لولو (75 عاماً) أن هذه الممارسة تتطلب من الشخص البقاء صامتاً تماماً حتى منتصف النهار، لافتة إلى فاعليتها في تحسين صوتها وأدائها بشكل ملحوظ.

فوائد خفية

في حين أن «صيام الكلام» قد يكون أمراً غير معروف وغير تقليدي، تؤكد صحيفة «الغارديان» أن له «العديد من الفوائد التي لا تتعلق بالضرورة بتحسين الأداء الصوتي للشخص».

فقد توصلت دراسة أجريت عام 2006، ونشرتها المعاهد الوطنية للصحة بأميركا، إلى أن الصمت حتى منتصف النهار أدى إلى «انخفاض كبير في ضغط الدم لدى المشاركين».

وفي الوقت نفسه، وجدت دراسة أجريت عام 2021 أن هذه الممارسة ساعدت في تقليل مستويات الكورتيزول (هرمون التوتر).

كما وجدت دراسة أخرى أن «صيام الكلام» يعزز نمو الدماغ لدى الفئران.

بالإضافة إلى ذلك، أكد عالم النفس الدكتور روبرت كرافت أن الانخراط في فترات الصمت الطويل يساعد الشخص على أن يصبح مستمعاً أفضل.

وأشارت مقالة نشرت في مجلة علم النفس العام الماضي إلى أن الصمت لا يساعدنا على أن نصبح مستمعين أفضل فحسب، بل يمكن أن يساعدنا أيضاً على التعاطف مع أولئك الذين لا يستطيعون التحدث، مثل الأطفال.

وعلى الرغم من أنه قد يكون من غير العملي ممارسة «صيام الكلام» يومياً، فقد أكد تقرير صحيفة «الغارديان» أن القيام بهذا الأمر بشكل غير متكرر قد يحقق الفوائد المرجوة.


مقالات ذات صلة

محلّ بوظة في ألمانيا لغسل الأموال

يوميات الشرق البوظة غطاء للتجاوُز (شاترستوك)

محلّ بوظة في ألمانيا لغسل الأموال

وجَّه الادّعاء الألماني اتّهامات إلى 3 أشخاص بالانتماء لمنظّمة المافيا الإيطالية «ندرانغيتا». وتفيد المزاعم بأنّ أعضاءها استخدموا محلّ بوظة لغسل الأموال.

«الشرق الأوسط» (دوسلدورف (ألمانيا))
يوميات الشرق نساء من  مجموعة «يوتوري وارمي» (صورة من حساب المجموعة الرسمي على إنستغرام)

«حارسات الأمازون»... قصة جيش النساء المكلف حماية غابات الإكوادور من التلوث

في مجتمع سيرينا، وسط منطقة الأمازون الإكوادورية، يقوم جيش من النساء، يسمى «مجموعة يوتوري وارمي»، بحماية أراضي مجتمعهن في الغابات المطيرة من التلوث.

«الشرق الأوسط» (كيتو)
يوميات الشرق قفزة عملاقة نحو المغامرة العظيمة (الشركة المصنِّعة)

غواصة فاخرة وُجهتها قعر المحيط برؤية بانورامية تُنافس مسارح «آي ماكس»

تخيَّل أن تستبدل قاع البحر بالترّاس الشمسي، وغموض المحيط الأزرق العميق بالأفق. لم يعد هذا خيالاً بالنسبة إلى الأثرياء.

«الشرق الأوسط» (فلوريدا)
يوميات الشرق تشدد الدراسة على العلاقة الشخصية بين المعلم والطالب (أونسبلاش)

كيف نجعل الطلاب أكثر انتباهاً في الفصل؟

يكون الطلاب أكثر انتباهاً وقدرة على تنظيم أنفسهم أثناء الدروس التي يعدونها جيدة الإعداد والتنفيذ بشكل خاص.

يوميات الشرق لوحة مرسومة للودفيغ فان بيتهوفن (أ.ف.ب)

خصلات شعر بيتهوفن تقدم تفسيراً جديداً لسبب إصابته بالصمم

قدمت خصلات شعر تخص أسطورة الموسيقى الألماني الراحل لودفيغ فان بيتهوفن، تفسيراً جديداً لسبب إصابته بالصمم التدريجي.

«الشرق الأوسط» (برلين)

نجوم الفن يتضامنون مع كريم عبد العزيز بعد وفاة والدته

كريم عبد العزيز مع والدته وشقيقته (موقع إي تي بالعربي)
كريم عبد العزيز مع والدته وشقيقته (موقع إي تي بالعربي)
TT

نجوم الفن يتضامنون مع كريم عبد العزيز بعد وفاة والدته

كريم عبد العزيز مع والدته وشقيقته (موقع إي تي بالعربي)
كريم عبد العزيز مع والدته وشقيقته (موقع إي تي بالعربي)

تضامن نجوم الفن في مصر مع الفنان كريم عبد العزيز بعد وفاة والدته، الأربعاء، وحرص عدد كبير من النجوم على تقديم واجب العزاء للنجم المصري، كما حرص بعض الفنانين على الوجود في مسجد الرحمن الرحيم (شرق القاهرة) وقت تشييع الجثمان، ظهر الخميس، من بينهم لبلبة وأحمد السقا ويسرا وإلهام شاهين وهاني رمزي.

وكان الفنان قد كتب على صفحته بموقع «فيسبوك» خبر وفاة والدته، محدداً موعد تشييع الجنازة وتلقي العزاء في اليوم نفسه بمسجد الشرطة بالشيخ زايد (غرب القاهرة).

وأصدرت نقابة المهن التمثيلية المصرية بياناً نعت فيه والدة كريم عبد العزيز، وأشارت في البيان إلى موعدي الجنازة والعزاء.

وقدم الفنان محمد هنيدي العزاء لكريم عبد العزيز، وكتب على صفحته بـ«إكس»: «البقاء لله في وفاة والدة الصديق والأخ كريم عبد العزيز... ربنا يصبركم ويرحمها».

https://twitter.com/OfficialHenedy/status/1788244134668456090

وكتب الفنان أحمد السقا على صفحته بـ«إكس»: «توفيت إلى رحمة الله السيدة الفاضلة سهير عبد العزيز والدة أخي وصديق عمري كريم عبد العزيز».

https://twitter.com/ElSaka/status/1788243408051483142

وكتب الفنان مصطفى شعبان على صفحته بموقع «فيسبوك»: «خالص العزاء والمواساة لصديقي العزيز النجم كريم عبد العزيز في وفاة والدته الغالية».

ووجه الفنان كريم عبد العزيز على صفحته على «فيسبوك» نداء للجميع بـ«منع التصوير منعاً باتاً حفاظاً علي حرمة الموت وذلك بناء علي طلب الأسرة»، وطلب من متابعيه قراءة الفاتحة والدعاء لوالدته.

وجاء هذا النداء على خلفية واقعة سابقة خلال جنازة الفنان الراحل صلاح السعدني، إذ نشبت أزمة بين الممثل أحمد السعدني وبعض المصورين في أثناء مراسم تشييع والده، ما دفع نقابة «الممثلين» للتدخل ومنع التصوير في العزاء واقتصار الأمر على الأسرة والأصدقاء.

وذكر نقيب الممثلين، أشرف زكي، عقب هذه الواقعة أنه «سيتم الاتفاق على أسس وقواعد تحدد آليات حضور مراسم الدفن والجنازات بين نقابة المهن التمثيلية ونقابة الصحافيين، حتى لا تسيء القلة لهذه المهنة العظيمة».

وكان الفنان كريم عبد العزيز قد تحدث عن والدته في أكثر من لقاء تليفزيوني وقال «إنها سيدة بـ100 راجل»، موضحاً أنها «قضت حياتها في تربيته هو وأخته بعد انفصالها عن أبيه». مؤكداً ارتباطه الشديد بها وأنه تعلم منها «الاحترام ودفء الأسرة والتضحية».

الفنان كريم عبد العزيز (صفحته على «فيسبوك»)

ونشأ كريم عبد العزيز في أسرة فنية، فوالده هو المخرج محمد عبد العزيز وعمه المخرج عمر عبد العزيز، ودخل مجال الفن في عمر 5 سنوات، حين أدّى مشهداً في فيلم «المشبوه» مع عادل إمام وسعاد حسني.


متى يكون الفسيخ ساماً؟

الفسيخ يعود تاريخه إلى زمن المصريين القدماء (أ.ف.ب)
الفسيخ يعود تاريخه إلى زمن المصريين القدماء (أ.ف.ب)
TT

متى يكون الفسيخ ساماً؟

الفسيخ يعود تاريخه إلى زمن المصريين القدماء (أ.ف.ب)
الفسيخ يعود تاريخه إلى زمن المصريين القدماء (أ.ف.ب)

يصف بعض المصريين «الفسيخ» بأنه ليس مجرد «أكلة»، بل مغامرة مكتملة الأركان. تتأرجح بين اللذة والخطر. عشاق الفسيخ يعدّونه طقساً مرتبطاً بعيد «شمّ النّسيم». ويتخوفون في الوقت نفسه من آثاره المحتملة، خصوصاً مع شيوع التّسمم بسببه في سنوات ماضية. فمتى يكون الفسيخ ساماً؟

ترصد النقوش المصرية القديمة الاحتفال بأعياد الربيع، وتناول الأسماك خلاله، ويؤكد باحثون أن عادة أكل السمك المملّح المتخمّر ذي الرائحة النفّاذة، والبيض الملوّن والبصل، تسربت للمجتمع المصري منذ عشرات القرون، باعتبار التمليح وسيلة شعبية لحفظ الأسماك.

مدينة نبروه تعد أحد مراكز تمليح الفسيخ (أ.ف.ب)

ويوضح الخبير في المعهد النرويجي لأبحاث الأغذية ومصايد الأسماك وتربية الأحياء المائية، سيردر يانسن، أن عملية تمليح الأسماك كانت تُستخدم في العصور القديمة بوصفها بديلاً عن الثلاجة والفريزر من أجل حفظ الطعام طازجاً لفترة أطول.

ويصف طريقة التمليح في مقال نشره المعهد كالتالي: «عند وضع السمك في الملح، يخرج الماء ويدخل الملح إلى لحم السمك. وبعد شهر واحد، تبلغ نسبة الماء في الأسماك المملحة نحو 55 في المائة، ويكون هذا الماء مشبعاً بالملح، حيث يمكن لعدد قليل من الكائنات الحية الدقيقة أن تبقى على قيد الحياة، وتقل أنشطة العديد من الإنزيمات، وتنضج الأسماك أثناء التخزين وتكتسب نكهة السمك المملح المميزة».

ولم يتجاوز عدد حالات التّسمم بسبب الفسيخ خلال موسم «شمّ النسيم» العام الحالي 4 حالات على مستوى محافظات مصر، حسبما ذكرته وزارة الصحة المصرية أخيراً.

وكان العام الماضي قد شهد 50 حالة تسمم، حسبما أعلنت مراكز السموم، عقب تناول الأسماك المملحة والمدخنة خلال عطلة عيد الفطر التي اقتربت من عيد «شمّ النّسيم».

ووفق مها جنينة، الأستاذة المساعدة في معمل تكنولوجيا تصنيع الأسماك في المعهد القومي لعلوم البحار والمصايد، فليست كل الأسماك صالحة للتمليح أو صالحة لأن تصبح «فسيخاً»، فالأسماك الدهنية، مثل البوري والطوبار، هي الأصلح لهذا الغرض؛ لأن نسبة الدّهن تساعد على سرعة التمليح.

وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن «الأسماك الجافة مثل البلطي لا تصلح للتمليح؛ لخلوها من الدّهون والأوميغا 3، وبالتالي يصعّب تحلّل الملح إلى لحمها، وسيكون المُنتَج النهائي جافاً ولن يرضي المستهلك».

العيد موسم رئيسي لتناول الفسيخ (الشرق الأوسط)

وفي دراستها للماجستير، حاولت مها استخدام بعض المواد الطبيعية المضادة للبكتيريا الضارة مثل الزعتر والروزميري، التي ساعدت في تحسين طعم السمك المملح وزيادة مدة صلاحيته للحفظ.

وتتراوح المدة المُثلى للتمليح بين شهر، وشهر ونصف خارج الثلاجة، في حين تصل المدة إلى 3 أشهر في حالة حفظه داخل الثلاجة، لأن درجة الحرارة العالية تساعد في سرعة التملح.

وأرجعت الرائحة الحادة النفّاذة للفسيخ إلى «أكسدة الدهون»، وعُدّت قوة الرائحة دليلاً على جودة التمليح.

ورغم المخاطرة، فإن مها جنينة تؤكد أنها من عشاق تناول الفسيخ، وترى أنه لا داعي للقلق إذا كانت السمكة صالحة للأكل ومملّحة جيداً.

بينما عزت حالات التّسمم إلى «عدم التجفيف الجيد للأسماك ووجود نسبة مياه فيها، مما يتسبب في زيادة نسبة الرطوبة بنسيج السمك، ثم نمو نوع من البكتيريا التي تسبب التعفّن وحدوث (التسمم البوتيوليني)».

ولتجنب الوقوع في هذا الخطر تنصح مها بـ«استخدام ملحٍ خشن في التمليح؛ لأنه ينفذ للحم السمك ببطء، وبالتالي تحدث عملية التمليح ببطء من دون احتراق سطح السمك أو جفافه. كما يجب تنظيف بطن السمكة قبل التمليح، ومراعاة حجمها ونوعها ودرجة الحرارة التي تحفظ فيها».

من جانبه، يوضح محمود عمرو، أستاذ الطب المهني، وعضو اللجنة الوطنية للسميات ومؤسس المركز القومي للسّموم في مصر، أن «التّسمم يصبح وارداً في حالة فساد السمكة نفسها، أو زيادة نسبة الأملاح، حتى لو كانت السمكة جيدة، خصوصاً في حالة مرضى القلب والكبد والكِلى، أو استهلاك سمكة الأرنب عالية السمية».

ارتفاع أسعار الفسيخ في موسم «شمّ النّسيم» بمصر (الشرق الأوسط)

ويضيف محمود عمرو في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «زيادة استهلاك المياه بعد تناول الفسيخ تؤدي إلى إجهاد عضلة القلب مع زيادة حِمل السوائل في الجسم عن قدرتها على العمل، لكن شرب المياه أفضل من عدمه».

ويلفت أستاذ الطّب المهني، الحاصل على جائزة الرواد في العلوم الطبية، إلى أن «أول الأعراض للتّسمم الناتج عن تناول الفسيخ يظهر خلال ساعتين، حيث تبدأ بالقيء والإسهال والأزمة الصدرية، وحساسية الجلد والعين والأنف والجهاز التنفسي». وذكر أنه «يمكن إنقاذ المصاب خلال 4 ساعات، عبر تناول سوائل تخفف من شدة الملوحة».

وأشار محمود عمرو إلى سمكة أخرى شائعة الاستهلاك في بعض المناطق بمصر وهي سمكة «الملوحة»، وقال إنها «سمكة صغيرة الحجم عالية الملوحة حادة الرائحة، يؤدي تناولها إلى زيادة شرب المياه والضغط على القلب، وقد يتسبب تناولها في فشل الجهاز الدوري».


مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
TT

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)
تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

أثَّر الحب في ملء الممثل السوري مصطفى المصطفى بالاندفاع والمحاولة. حين تقدَّم إلى معهد التمثيل، استغربت اللجنة حضوره من أقصى شمال البلاد لبدء خطوته الأولى. يذكُر ابن مدينة جرابلس في ريف حلب الواقعة على الحدود التركية، تعليق أحد أساتذته على مقاعد الدراسة حين كرَّر هذا القول: «كُفَّ عن التمثيل يا مصطفى. عُد إلى شخصيتك الحقيقية». علَّم في باله أنه ممثل، ولذَّ له ذلك. حين سنحت فرصة الانضمام إلى فرقة مسرحية، كان أول المتقدِّمين، وأقنع شبّان الحيّ باللحاق به. ذات يوم، وكان قد اصطحب والدته وشقيقته بعد عرض مسرحيته ليُكرَّم على جهوده؛ هو الابن الوحيد في عائلة تؤلّفها البنات، غمرته بالعاطفة والدلال؛ سمع تعليقاً آلمه: «يا لهذه المهزلة!». من قراره إثبات أنّ الفن مسألة جدّية تتطلّب تعباً ووعياً، وُلدت اللحظة المفصلية لاتّخاذ التمثيل مهنته.

آخر أدواره شخصية «جمعة» في مسلسل «ولاد بديعة» الرمضاني (صور الفنان)

آخر أدواره، شخصية «جمعة» في مسلسل «ولاد بديعة» الرمضاني. تركيبة فنّية من الاستثناء، والحقيقة، والواقع، والطيبة، والأنانية، والشرّ؛ خطّها ببراعة الكاتبان علي وجيه ويامن حجلي، لتتألّق أمام كاميرا رشا شربتجي المتعمّقة في البُعد والخلفية والأسباب والنتائج. طفلاً في رجل، كان «جمعة». ورجل يتخلّى إلى الأبد عن الطفل في داخله أمام المنعطف الأصعب. الدور مسرح للتناقضات الإنسانية. يُخبر مصطفى المصطفى «الشرق الأوسط» أنه تطلّب اجتهاداً من نوع خاص: «كان لا بدّ من تبنّيه تماماً. حين قرأتُه، قرّرتُ إعطاءه مني. آمنتُ فيه إلى الأقصى، تعاطفتُ معه، وصدّقته. علّمني ألا أُدين وأتسرّع في محاكمة الآخرين. فالشخصية مولودة من بيئة كرَّست مشاعر الغبن. عملت في الدبّاغات منذ الطفولة مقابل مال ضئيل. كبُرت والقهر يلتهمها وهي ترى هشاشة العدالة الإنسانية. احترمتُ الدور وقدّمته بلا إضافات مُضخَّمة على الشكل، بقدر الإضافة على المسار. أردتُ من الناس التحدُّث عنه لا عني».

لأسبوعين قبل التصوير، عمل في دبّاغة، والتقى بمَن لمح فيه وجه شبه مع «جمعة». ولَّد العامل نوعاً من التجانس مع المهنة. رجلٌ «شكله غريب قليلاً، لكنّ تصرّفاته طبيعية»؛ يصفه. تقرَّب من مظهره ومشيته. راقبه كثيراً. توصّل إلى خلاصة أنْ على «جمعة» ألا يكون «شخصاً ينتمي إلى شكل أو كاريكاتير معيّن، بل أن يؤكد حقيقة وجوده في مجتمعاتنا. إنه مألوف وحضوره مُتداوَل. تعبي تجاه أن يكون حقيقياً، تسبَّب في نجاحه. فالنجاح يحدُث حين يؤدّي الممثل الدور، لا وجهة نظره فيه».

في الدبّاغة التقى بمَن لمح فيه وجه شبه مع «جمعة» (صور الفنان)

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد. يقول: «لم أمتلك علاقة سابقة بديك. في المسلسل، لم أخف منه. بنيتُ بمساعدة المخرجة علاقة إنسانية تُشكّل خلاص الشخصية وجدواها. أعطيته حباً كبيراً، وتعمّدتُ إظهار هذا التعلّق المصيري. في النهاية نحن محترفون. لا يمكن بناء علاقة والتأثّر بها، ليدوم التأثُّر بعد المسلسل. الفصل مطلوب. هذه علاقة تُبنى لخدمة الدور. ضممتُ الديك إلى معطفي لأجنّبه البرد. لكنني أعود مصطفى بعد هذا كلّه. الانسلاخ عن الأدوار احتراف أيضاً».

بمهارة حضن الديك ومنحه الدفء (صور الفنان)

كان قاسياً مشهد طهيه، وقرار والدة «جمعة»، ضمن الأحداث، حشوه بالأرز وعدّه لوجبة شهية. كأنها تُصادر حلم ولدها، وتُجهض أمله الأخير. أرادت إنقاذه من ويل المراهنات وإهدار العمر على حلبة بائسة. شعر مصطفى المصطفى بحساسية الموقف لاختزاله الشخصية وخطابها: «قلقتُ، لكنني وثقتُ برشا شربتجي. تصدَّر (جمعة) بهذا المشهد؛ فهو (ماستر) الشخصية. أصررتُ على فكرة العِظام في الفم. العضُّ على العَظْمة المتبقّية من الديك العزيز يترجم فرط التعلُّق. كأنّ الشخصية تريد لشيء من الحلم أن يبقى. هذا العضُّ مثَّل التشبُّب بالأقدار. صدّقتُ الدور وأدّيتُ بوفاء».

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك (صور الفنان)

تساءل، قبل المشهد، عن مصير أشخاص تُقتل آمالهم بخطأ غير مقصود. شعر بوَقْع العطب عليهم جرّاء ارتكابات كهذه. وفكّر بحجم الضرر الاجتماعي حين يشاءون الانتقام لردّ الحسبان إلى دواخلهم المسحوقة. ذَبْحُ الديك مثَّل قتل الخير المتبقّي في الشخصية، فإذا بكسرها كوب الشاي تعني وداع الطيبة إلى الأبد.

يطمح مصطفى المصطفى لمزيد من الأدوار الاستثنائية ذات الشكل الخاص. يُشبّه وَقْع «جمعة» بالفراشة: «ظنّه الناس عابراً، ليتبيّن أنه يكبُر تدريجياً ويُعلِّم في الأحداث. تطلّب الأمر وقتاً ليترك الأثر، وفَعَل». بالنسبة إليه، «الحلم مسألة أخرى مغايرة للطموح». فإذا كان الطموح متعلّقاً بالمهنة والسير التدريجي على أدراجها لبلوغ العُلا، فإنّ الأحلام شخصيةٌ بعض الشيء. كأنْ لا تُغيّره الحياة ويحافظ على جوهرتين: الصحة والإنسانية. «نصنع الطموح، لكنّ الأحلام بعيدة المنال. الحياة تُكافئنا في الوقت المناسب. أرفض نظرية المؤامرة، وأنْ أمتعض من حجم مكانتي المهنية. أعمل بإخلاص للشخصيات، وأكبُر بعد كل دور. التراكم يصنع مني ممثلاً متمكناً من أدواته. تأتي الفرص، فأؤدّيها بذروة العطاء. الأهم، أن يكون ما سأقدّمه أفضل مما قدّمته. للقمة درج، ولا بدّ من صعوده خطوةً خطوة. النجاح السريع يذهب بسرعة أيضاً».


سبائك ألمنيوم مقاومة للحرارة الفائقة لتطبيقات الطيران الفضائي

سبائك ألمنيوم مقاومة للحرارة الفائقة لتطبيقات الطيران الفضائي
TT

سبائك ألمنيوم مقاومة للحرارة الفائقة لتطبيقات الطيران الفضائي

سبائك ألمنيوم مقاومة للحرارة الفائقة لتطبيقات الطيران الفضائي

طور فريق من العلماء الصينيين سبائك ألمنيوم جديدة عالية القوة تظل عاملة حتى عند درجة حرارة مهولة تصل إلى 500 درجة مئوية.

وقد أدى هذا التقدم إلى توسيع نطاق درجة حرارة الخدمة لسبائك الألمنيوم من 350 إلى أكثر من 400 درجة مئوية، ما يعالج تحديا هندسيا طويل الأمد.

وفي هذا الاطار، وضعت متطلبات صناعة الفضاء معايير أعلى للمقاومة الحرارية للمواد المعدنية خفيفة الوزن. وعلى الرغم من أن سبائك الألمنيوم رائجة بسبب كثافتها المنخفضة وقوتها الفائقة ومقاومتها القوية للتآكل، إلا أن مقاومتها للحرارة المنخفضة نسبيا تشكل تحديا كبيرا، خاصة ضمن نطاق درجات الحرارة الحاسم الذي يتراوح من 350 إلى 500 درجة مئوية، وهو أمر محوري لتطبيقات الفضاء الجوي.

من أجل ذلك، قام باحثون بجامعة تيانجين الصينية بتصنيع سبائك ألمنيوم مدمجة مع جسيمات نانوية عالية التشتت.

وتحتوي الجسيمات النانوية على طبقات تشبه الجرافين تنمو في وضعها الطبيعي، والتي تسهم بشكل ملحوظ في حفض الطاقة السطحية بشكل كبير.

وبفضل دمج هذه الجسيمات النانوية، تظهر السبائك الجديدة مقاومة زحف استثنائية عند درجات حرارة مرتفعة تصل إلى 500 درجة مئوية، وفقا للدراسة التي نشرت اخيرا بمجلة «الطبيعة- المواد». وذلك وفق ما ذكرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

ومن أجل المزيد من التوضيح، قال خه تشون نيان المؤلف الرئيسي للورقة البحثية بجامعة تيانجين، إنه «فضلا عن ذلك، تتميز السبائك بقوة شد مذهلة تبلغ حوالى 200 ميغاباسكال عند درجة الحرارة تلك؛ أي ما يعادل حوالى ست مرات أعلى من سبائك الألمنيوم العادية. كما تتميز العملية المبتكرة ببساطتها وانخفاض تكاليف المواد وقابلية التوسع، ما يجعلها ذات قيمة عالية للتطبيقات الصناعية».


إساءة معاملة الأطفال تسبب 40% من أمراض العقل

إساءة معاملة الأطفال تؤثر على صحتهم العقلية (جامعة كامبريدج)
إساءة معاملة الأطفال تؤثر على صحتهم العقلية (جامعة كامبريدج)
TT

إساءة معاملة الأطفال تسبب 40% من أمراض العقل

إساءة معاملة الأطفال تؤثر على صحتهم العقلية (جامعة كامبريدج)
إساءة معاملة الأطفال تؤثر على صحتهم العقلية (جامعة كامبريدج)

كشفت دراسة أسترالية عن أن إساءة معاملة الأطفال تسبب ما يصل إلى 40 في المائة من أمراض الصحة العقلية الشائعة مدى الحياة.

وأوضح الباحثون، خلال النتائج التي نشروها، الأربعاء، بدورية «غاما للطب النفسي» أن دراستهم هي الأولى التي تقدم تقديرات لنسبة أمراض الصحة العقلية في أستراليا التي تنشأ من إساءة معاملة الأطفال.

وتعد حالات الصحة العقلية حالياً السبب الرئيسي لعبء المرض على مستوى العالم، وتؤثر على 13 في المائة من سكان العالم. وفي أستراليا، يعد الانتحار السبب الرئيسي لوفاة الشباب.

وتُصنف إساءة المعاملة في مرحلة الطفولة على أنها إساءة جسدية، وجنسية، وعاطفية، وإهمال عاطفي، أو جسدي قبل سن 18 عاماً.

وحالات الصحة العقلية التي تم فحصها خلال الدراسة هي القلق، والاكتئاب، وتعاطي الكحول، والمخدرات، وإيذاء النفس، ومحاولات الانتحار.

وخلال الدراسة، فحص الفريق البيانات من 3 دراسات وطنية شملت عشرات آلاف الأطفال حول إساءة معاملة الأطفال والصحة العقلية، ووجدوا دليلاً قوياً على أن إساءة معاملة الأطفال تسبب بعض حالات الصحة العقلية.

وتبين أن إساءة معاملة الأطفال تمثل 41 في المائة من محاولات الانتحار في أستراليا، و35 في المائة لحالات إيذاء النفس، و21 في المائة من حالات الاكتئاب.

وقدرت الدراسة أنه إذا تم القضاء على إساءة معاملة الأطفال في أستراليا، فيمكن منع أكثر من 1.8 مليون حالة من حالات الاكتئاب، والقلق، واضطرابات تعاطي المخدرات.

وأشار الباحثون إلى أن النتائج هي بمثابة دعوة للاستيقاظ من أجل التعامل مع إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم كأولوية وطنية للصحة العامة.

وقالت الباحثة الرئيسية للدراسة في جامعة سيدني، الدكتورة لوسيندا غروميت «إن النتائج مدمرة، وتمثل دعوة عاجلة للاستثمار في برامج الوقاية عبر تقديم الدعم الفردي للأطفال، والأسر، وتطبيق سياسات أوسع للحد من التوتر الذي تعاني منه الأسر».

وأضافت عبر موقع الجامعة أنه «رغم وجود تدخلات فعالة في أستراليا، مثل برامج دعم الأطفال المعتدى عليهم، وبرامج تثقيف الوالدين، فإن الحل الأكثر استدامة لمنع إساءة معاملة الأطفال يتمثل في الوقاية التي تعتمد على سياسات تخفيف التوتر بين الأسر، والتي تشمل الإجازة مدفوعة الأجر لرعاية الأطفال، ودعم الدخل، والعلاج والدعم النفسي للوالدين، مما يمكن أن يحدث فارقاً كبيراً للأطفال في أستراليا».

وأشارت إلى أن معالجة الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى إساءة معاملة الأطفال يمكن أن تؤدي دوراً كبيراً في الوقاية من الاضطرابات العقلية على المستوى الوطني.


دعوة خاصة من قصر باكنغهام أضاءت وجه صبي على كرسيه المتحرك

توني والفرصة الثانية (باولا هودغيل)
توني والفرصة الثانية (باولا هودغيل)
TT

دعوة خاصة من قصر باكنغهام أضاءت وجه صبي على كرسيه المتحرك

توني والفرصة الثانية (باولا هودغيل)
توني والفرصة الثانية (باولا هودغيل)

تلقَّى صبي مبتور الأطراف يبلغ 9 سنوات، دعوة ملكية من قصر باكنغهام بعدما تغيَّب عن حفل «حديقة الملك»، بسبب ازدحام المرور.

وكان توني هودغيل على وشك الذهاب إلى الفراش حزيناً، بعدما أمضى ساعات مع أسرته في الزحام على طريق لندن السريعة «إم 20»، قبل أن يُسفر التدخل الملكي الرسمي عن تحسين حالته النفسية.

وقالت صفحة العائلة المالكة عبر «إكس»: «نأسف لسماع هذا يا توني! كنا نتطلع إلى رؤيتك أيضاً. هل تريد المحاولة مرة أخرى في يوم آخر؟ اترك الأمر لنا».

بدورها، نقلت «هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)» عن والدة الصبي بالتبني، باولا هودغيل، قولها إن الاستجابة أضفت «شعاعاً كبيراً» من النور على وجهه، مضيفة: «سيذهب إلى الفراش الليلة وهو يعلم أنهم كانوا يفتقدونه».

بُترت ساقا توني المتحدر من وست مالينغ، بعدما تعرَّض للإيذاء وهو رضيع، وكان قد تلقى دعوة خاصة إلى «حفلة الحديقة» من الملك، بينما أشارت هودغيل إلى أنها والأسرة دُعوا بالفعل إلى حفل في حديقة قصر باكنغهام، ولكن كان عليها تقديم الموعد لتتمكن من إجراء عملية جراحية لسرطان الأمعاء.

وأضافت أن الأسرة أمضت ساعات في الزحام محاوِلةً الوصول إلى لندن. لكن حريق شاحنة على الطريق «إم 20» أخَّر الوصول، مما اضطرها في النهاية للتخلي عن رحلتها، فنشرت عبر مواقع التواصل رسالة تقول فيها إنها عالقة، وستتغيب عن الحدث المُنتَظر، علماً بأن «حفلات الحديقة» تُقام كل صيف للمدعوين الذين أثروا إيجابياً في مجتمعهم. واستُدعيت هيئة الإطفاء والإنقاذ بعد الإبلاغ عن اشتعال الشاحنة، لتُقدم الإسعافات الأولية لشخص بسبب استنشاق دخان بسيط.

علقت هودغيل: «لدى العودة إلى المنزل، كانت معنويات الأسرة متدنية. وحده توني حافَظ على معنوياته مرتفعة. أمضى 3 ساعات ونصف الساعة من عدم التحرك في الغناء والتحدث».

وتعتقد أن زيارة توني للقصر لن تتم قبل العام المقبل، لأن «حفلات الحديقة» تُقام مرتين سنوياً فقط، مضيفة: «سيستمتع أكثر حينذاك، لأن صحته ستتحسن بعد جراحة في ساقه ووركه أُجريت له، وجعلته مقيداً في كرسي متحرِّك».


سابين سيورتينو لـ«الشرق الأوسط»: «ليلة الأفكار» واحة تأمل لديناميكيات جديدة

«ليلة الأفكار» ينظّمها الثقافي الفرنسي في 14 مايو الحالي
«ليلة الأفكار» ينظّمها الثقافي الفرنسي في 14 مايو الحالي
TT

سابين سيورتينو لـ«الشرق الأوسط»: «ليلة الأفكار» واحة تأمل لديناميكيات جديدة

«ليلة الأفكار» ينظّمها الثقافي الفرنسي في 14 مايو الحالي
«ليلة الأفكار» ينظّمها الثقافي الفرنسي في 14 مايو الحالي

منذ انطلاقتها الأولى في عام 2016، تؤكد «ليلة الأفكار» بنسَخِها المتتالية حملها شعلة الثقافة والمعرفة في موضوعات مختلفة تتطرق إليها. وكعادته في كل عام ينظم المركز الثقافي الفرنسي هذا النشاط في عدة دول، بينها لبنان. وفي نسخته التاسعة التي تُقام تحت عنوان «خطوط الصدع»، تحضر الحوارات والعروض الفنية، وتخصص مساحة للأولاد (ليلة الأفكار للصغار) ليتبادلوا النقاشات البيئية والفلسفية.

للأولاد حصتهم من هذا الحدث (المركز الفرنسي)

ويتألَّف برنامج هذه الليلة التي يستضيفها مبنى المركز في بيروت، 14 مايو (أيار)، من المعرض الفني «عالم بلا نهاية». وهو مستوحى من كتاب القصص المصورة بقلم الكاتب كريستوف بلاين، والمهندس المتخصص في مجال الطاقة والمناخ، جان مارك جانوكوفيسي. ويدعو الزوار إلى التفكير في مسببات الاضطرابات المناخية وآثارها، في أجواء فكاهية. وتفتتح «ليلة الأفكار» مع الممثل الكوميدي شاكر أبو عبد الله، يليها نقاش «حروب حقيقية»، مع الوزير السابق غسان سلامة. وتختتم بعرض فني «تحت قناطر المركز الفرنسي في لبنان».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط»، تشير مديرة المركز في لبنان، سابين سيورتينو، إلى أن هذه النسخة كغيرها تحط في نحو 100 دولة، وبينها لبنان. أما المعنى الجيولوجي لعنوانها «خطوط الصدع»، فنابع عن تكتونية الصفائح، ويتعلق بالحركات غير المنتظمة على سطح الأرض التي تتسبب بالتشققات والصدمات.

وتتابع: «أردنا بالفعل، خلال أمسية استثنائية، أن نتأمل بدقة في هذه الديناميكيات الجديدة التي تعبر عالمنا وتهزه. وعلى الجانب السلبي، يمكننا بالفعل تسليط الضوء على المخاوف المشروعة التي يثيرها تغير المناخ أو ظهور توازن جديد للقوى بين الدول، مما يؤدي إلى صراعات من نوع جديد في القرن الحادي والعشرين. ولكن على الجانب الإيجابي، يمكننا أيضاً التركيز على الإمكانيات التحويلية التي تجلبها التقنيات الجديدة. وبعضها يولد الآمال، وتثيرها الأشكال الجديدة من التعبئة التي تتجاوز الحدود الوطنية أو الاجتماعية أو الثقافية المعتادة. وهو ما ندعو لمناقشته بالفرنسية والعربية في (ليلة الأفكار)».

سابين سيورتينو رئيسة المركز في لبنان (المركز الفرنسي)

لطالما يركّز «المركز الثقافي الفرنسي» في نشاطاته الفنية والثقافية على الفئة الشبابية في المجتمع اللبناني. وفي النسخة التاسعة من هذا الحدث يوسع بيكار نشاطاته لتشمل الأولاد مستقبل لبنان.

وتوضح سابين سيورتينو: «من جهتي، لديَّ قناعة راسخة بأنه لا حدَّ أدنى للعمر، للبدء بالنقاش والتساؤل حول العالم مِن حولنا. ولهذا السبب صممنا (ليلة صغيرة من الأفكار) في البرنامج هذا العام. وذلك بمساعدة مجموعة من طلاب جامعة القديس يوسف في تخصصات الأدب والتاريخ والفلسفة. وسنعطي الكلمة للأطفال والمراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 5 و15 عاماً. ويتناولون مواضيع حياتهم اليومية: ما المدرسة؟ هل يمكن للذكاء الاصطناعي تحسين حياتنا؟ والعديد من الأسئلة الأخرى. إن مناقشة الأفكار ليست حكراً على البالغين؛ فهناك كثير مما يمكن كسبه من جَعْل الأطفال يتناقشون ويفكرون. وبالتأكيد هناك الكثير لنتعلمه بالنسبة لنا من خلال الاستماع إليهم».

حلقة نقاشية يجريها الوزير السابق غسان سلامة بعنوان «حروب حقيقية وافتراضية»، إلا أن افتتاح هذا الحدث يحمل طابعاً كوميدياً؛ فكيف تفسِّر مديرة المركز هذا التناقض؟ توضح سابين سيورتينو لـ«الشرق الأوسط»: «بالنسبة لي، لا يوجد تناقض حقيقي في اختيار دعوة كل من الفكاهي شاكر أبو عبد الله والعالم السياسي والدبلوماسي غسان سلامة للسهرة نفسها؛ فالهدف من هذه الأمسية على وجه التحديد تقديم آراء مبتكرة حول مجتمعاتنا، لإخراجنا من أفكارنا المسبقة، ومساعدتنا في اكتساب منظور جديد».

وتختم سيورتينو متمسكةً بهذه المشهدية الفنية: «ما الذي يمكن أن يكون أفضل من أن يقدم لنا شاكر أبو عبد الله، أحد أفضل ممثلي المشهد الكوميدي اللبناني الجديد، مقدمة على طريقته الخاصة؟ أما غسان سلامة، أحد الشخصيات الرئيسية في الفكر الجيوسياسي المعاصر، فيشارك تحليلاته في حوار مع المحرر الصحافي أنتوني سمراني. وتنتهي الأمسية بالفن الجميل مع عرض كرتوني يستضيفه مؤلفو مجموعة (يا بيروت) على أنغام موسيقى (DJ AHMZ)».


فرنسا تستقبل الشعلة الأولمبية بـ1000 زورق

«نايسترو» (تصوير: فيليب دوانون)
«نايسترو» (تصوير: فيليب دوانون)
TT

فرنسا تستقبل الشعلة الأولمبية بـ1000 زورق

«نايسترو» (تصوير: فيليب دوانون)
«نايسترو» (تصوير: فيليب دوانون)

بحضور الرئيس إيمانويل ماكرون، ونخبة من كبار المسؤولين، وبمشاركة 150 ألف متفرّج حجزوا موقعهم على ضفاف ميناء مرسيليا القديم، وصلت إلى شاطئ جنوب فرنسا سفينة «البلم» الشراعية التاريخية وسط رنين صافرات أكثر من 1000 زورق صغير خرج لاستقبالها بقيادة ملّاحي المدينة وصيّاديها. وسعت فرنسا إلى تنظيم استقبال احتفالي، بعدما غادرت السفينة ميناء أثينا في اليونان في 16 من الشهر الماضي حاملةً عدداً من أبطال الرياضة لحراسة الشعلة الأولمبية التي تنتظر فرنسا عودتها إليها منذ 100 عام.

ولدى وصول السفينة، نُصب ممشى عائم يربط بينها وبين الشاطئ. ومن المقرَّر أن تبقى الشعلة يومين في مرسيليا وتطوف أحياءها الشمالية تحيّةً للتنوّع العرقي والديني في هذا الميناء الفريد والرائع. بعد ذلك، ستأخذ وجهتها نحو العاصمة. وكان أول المترجّلين منها السبّاح فلوران مانادو، صاحب الميداليات الأولمبية الثلاث، رافعاً بيُمناه الشعلة التي صمَّمها ماتيو لوهانور، مُستهماً رموز الماء والمساواة والسلام.

12 يوماً في البحر الأبيض المتوسّط، قبل قَطْع 5 آلاف كيلومتر محمولةً بأيدي 11 ألف عدّاء اختيروا بعناية، بحيث يمثّلون مختلف الفئات والمناطق الفرنسية، يتناوبون على إيصال هذا الرمز الأولمبي إلى باريس مع افتتاح دورتها المرتقبة في 26 من يوليو (تموز) المقبل. وأوضحت نائبة عمدة مرسيليا سامية غالي، أنّ الشعلة ستبدأ رحلتها الفرنسية انطلاقاً من بلدة ماساليا الإغريقية في جنوب فرنسا.

ووفق التقديرات، فإنّ مليار متفرّج أبدى اهتماماً بمتابعة مراسم وصول الشعلة عبر شاشات العالم. ووصل إلى مرسيليا 1500 صحافي لتغطية الحدث الذي حشدت له فرنسا أفضل مبتكراتها من تشكيلات جوّية بالطائرات البهلوانية والألعاب النارية. ومن بين آلاف الحاضرين في الميناء، يحضُر 45 ألفاً الحفل الموسيقي الخاص بمراسم الاستقبال. ويلفت النظر اختيار مغنّي الأوبرا العربي الأصل نبيل راشدي المعروف بـ«نايسترو» للغناء فيه. وأعلن «نايسترو» الذي ترعرع في المدينة الجنوبية، عن تأدية النشيد الوطني الفرنسي (المارسييز) بصوته الأوبرالي، وأمام الرئيس ماكرون.

السفينة الشراعية تقترب من مرسيليا (أ.ف.ب)

حكاية نبيل راشدي...

من الملاكمة إلى الغناء، وعَبْر السجن، اجتاز راشدي المراحل من قاع المجتمع إلى أضواء الشهرة. وهو اليوم مغنّي أوبرا معروف في فرنسا باسمه الفنّي «نايسترو»، وقع عليه الاختيار للغناء في مراسم استقبال الشعلة.

حين يرتدي «نايسترو» بدلة السهرة، ويقف على المسرح، فإنه لا يختلف في مظهره عن أي «تينور» ممن نشأوا في ميلانو أو برشلونة. لكنه يحبّ أن يُطلق على موسيقاه تسمية أوبرا المدن والشوارع. فهذا الشاب الثلاثيني الذي نشأ في بلدة بور دو بوك، غير بعيد عن مرسيليا. كان في مراهقته صبياً متمرّداً خارجاً على القانون، يقود عصابته الصغيرة، ويحبّ أغنيات الراب والإيقاعات الراقصة.

اكتشف الصبي قوّته حين دخل مع أشقّائه الأكبر سنّاً نادياً للملاكمة. كانت تلك الرياضة وسيلته للتعبير عن الغضب الذي يملأ صدره، والانتقام من ظروفه المعيشية الصعبة. وهو قد تقدَّم ونال ميداليات عدّة من دون أن ينجح في تهدئة شعوره بالغبن. قال المدرّب لأشقائه: «هذا الصغير عندما يُلاكم، فإنه يكشف عن سخط كبير». كان ناجحاً في المدرسة ويحلم بأن يصبح محامياً. أحد الأشقاء صار شرطياً والآخر ضابط شرطة. وارتدى الصغير القفازات في سنّ 16 عاماً، وانضمّ إلى فنون القتال المختلطة. وبعد عامين، انضمّ إلى الفريق الفرنسي وكان اللاعب الأصغر.

كان يمكن أن يصبح ملاكماً شهيراً، لكنه تورَّط في قضية مخدّرات قادته إلى السجن. كان رفيقه في الزنزانة إيطالياً يُدعى برونو، يغنّي بلغة لا يفهمها. أغنيات من نمط لم يسمع به الملاكم العربي من قبل. لقاء سيُغيّر مصيره لأنه تعلّم من شريكه في الزنزانة الكلمات الثلاث الأولى من أغنية بافاروتي «O Sole mio». راح يردّدها ويكتشف قدرات حنجرته وهي تنطلق بأعلى ما يمكن.

سمعه مدير السجن الذي كان من عشاق الأوبرا فأذهله الصوت. وأهداه أسطوانتين لبافاروتي. وهو لا يزال يحتفظ بهما حتى اليوم. وقد تمكّن من ترجمة الكلمات بمساعدة برونو، وراح يغنّي ليلَ نهار، ولم يعد يطبق فمه منذ تلك اللحظة. يقول إنَّ اليوم الذي يمرّ من دون موسيقى ليس من عمره.

في عام 2015، تعرّف الجمهور إلى المغنّي الجديد من خلال النسخة الفرنسية من برنامج «فرنسا لديها مواهب». ثم دُعي إلى الاستعراض الذي ينظّمه الكوميدي جمال دبوز في مراكش. ومع صدور أسطوانة «بيللا تشاو» عام 2018، بلغ نبيل راشدي عتبات الشهرة، وصار اسمه «نايسترو». وهي الأسطوانة التي تعاون فيها مع فنّانين من جيله عاشوا ظروفاً مشابهة. ومنذ ذلك الحين، عكف السجين السابق على سلسلة من المشاريع الفنية الناجحة، آخرها أسطوانة يمزج فيها بين موسيقى الراب والأوبرا.

يقول في مقابلة تلفزيونية: «هذا النمط الموسيقي هو المفضل لديّ. لكنني أحببتُ فقط غناء النوتات العليا. النغمات السفلية تُشعرني بالملل قليلاً. لذلك خطرت ببالي فكرة دعوة مغنّي راب لأداء هذا الجزء. ثم سألني مديري الفنّي إن كنت أعرف تأدية الراب، وطلب مني تقديم النوعين، العالي والخافت». هكذا نشأت فرقة أوبرا المدينة. ومنذ صدور الأغنية في الخريف الماضي، جمعت مليونَي مشاهدة على «يوتيوب».

يبدو أنّ هذا الأسلوب الجديد قد حاز إعجاب الجمهور. منذ نشرها في 19 أكتوبر (تشرين الأول)، حصدت الأغنية أكثر من مليوني مشاهدة على الموقع المذكور.

بالعودة إلى حفل الاستقبال، فقد بلغت تكلفته 1.8 مليون يورو، وفق تقديرات صحيفة «لوموند». ويسهر على تأمين الموقع 5 آلاف رجل شرطة ودرك فتّشوا المباني المطلّة على الميناء ومئات المراكب الخاصة الراسية في محيطه. كما مسح 200 غواص قعر الميناء تحسّباً لعبوات متفجّرة قد تكون زُرعت فيه. وسترافق قوّة من 20 رجل أمن مسيرة الشعلة في كل مراحلها عبر 52 مدينة وقرية فرنسية، قدّمت كل منها 150 ألف يورو للاحتفال بمرورها في أراضيها. بينما خصّصت وزارة الداخلية مليون يورو للمسيرة. وتأتي هذه الإجراءات نظراً إلى بيانات سابقة من متطرّفين يساريين هدّدوا بتخريب الدورة الأولمبية. وهي الثانية التي تستضيفها فرنسا بعد دورة عام 1924.


فنانون غاضبون... إعلان «آيباد برو» متهم بـ«تدمير التجربة الإنسانية»

السخط كبير (لقطة من الإعلان)
السخط كبير (لقطة من الإعلان)
TT

فنانون غاضبون... إعلان «آيباد برو» متهم بـ«تدمير التجربة الإنسانية»

السخط كبير (لقطة من الإعلان)
السخط كبير (لقطة من الإعلان)

أعرب فنانون عن سخطهم من فكرة شريط إعلاني لجهاز «آيباد برو» الجديد، رأوا فيه تمجيداً للذكاء الاصطناعي على حساب البشر؛ إذ تظهر فيه أشكال من الإبداع البشري تتعرض للسحق، ليحل محلها الجهاز اللوحي من «آبل».

ولاحظ الممثل البريطاني هيو غرانت مثلاً، في منشور عبر «إكس»، أنه يعبر عن «تدمير التجربة الإنسانية بفضل (سيليكون فالي)».

ونشر تعليقه رداً على منشور لرئيس «آبل»، تيم كوك، الذي أعلن عن الأجهزة اللوحية الجديدة من إنتاج المجموعة العملاقة.

وكتب كوك، وفق ما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»: «إليكم (آيباد برو) الجديد: أنحف منتج ابتكرناه، والشاشة الأكثر تقدماً التي أنتجناها على الإطلاق، مع القوة المذهلة لشريحة (إم 4). تخيلوا كل الأشياء التي سيتيحها».

وتطرَّقت «آبل» إلى الذكاء الاصطناعي باقتضاب، ولم تأتِ على ذكر الذكاء الاصطناعي التوليدي، لكن جميع الفنانين يخشون أن يتأثر عملهم بهذه التكنولوجيا التي تتيح إنتاج كل أنواع المحتوى من نصوص وصور ومقاطع فيديو وموسيقى... بناءً على طلب بسيط باللغة اليومية.

وسبق للممثلين في هوليوود وكُتّاب السيناريو فيها أن نفذوا إضراباً استمر أشهراً، مُطالبين خصوصاً بحمايتهم من الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ويُظهر إعلان «آبل» عن الجهاز اللوحي الجديد، سَحْق أدوات موسيقية، وعلب طلاء، ومجسَّم كرة أرضية، ومنحوتة، وكاميرات، وكُتب، وأشياء أخرى، ببطء، بواسطة مكبس هيدروليكي ضخم. ثم يرتفع المكبس ليظهر جهاز «آيباد برو»، بدلاً من الآلات الموسيقية والأدوات الإبداعية الأخرى.

تتوالى هذه المَشاهد على صوت أغنية البوب التي تعبر عن الحنين «أول آي إيفر نيد إز يو» لسوني أند شير.

وجاء في منشور ساخر لكاتب سيناريو فيلم «مِن إن بلاك» إد سولومون: «مَن يحتاج إلى الحياة البشرية وإلى كل ما يجعلها تستحق العيش؟ انغمس في هذه المحاكاة الرقمية وأعطنا روحك. مع خالص التقدير. (آبل)».

وقدم مؤلفون وفنانون شكاوى ضد الشركات الكبرى في هذا القطاع، منها «أوبن إيه آي»، متهمين إياها بسرقة أعمالهم لتدريب نماذجها للذكاء الاصطناعي التوليدي.

وكتبت ريد مورانو المُشارِكة في إخراج مسلسل «ذي هاندميدز تايل»، تعليقاً على منشور كوك: «انظر إلى ما يحدث حولك يا عزيزي (...) لأن هذا الشيء المقرف سيئ فعلاً».


تمخَّض الجبل الأخضر.. فولد ورداً

ورد يساوي وزنه ذهبا... تدر زراعة وتقطير الورد، على 18 عائلة مزارعة في الجبل الأخضر، مبلغاً يزيد على مليون دولار أميركي كل عام. (تصوير: خلفان الصلهمي)
ورد يساوي وزنه ذهبا... تدر زراعة وتقطير الورد، على 18 عائلة مزارعة في الجبل الأخضر، مبلغاً يزيد على مليون دولار أميركي كل عام. (تصوير: خلفان الصلهمي)
TT

تمخَّض الجبل الأخضر.. فولد ورداً

ورد يساوي وزنه ذهبا... تدر زراعة وتقطير الورد، على 18 عائلة مزارعة في الجبل الأخضر، مبلغاً يزيد على مليون دولار أميركي كل عام. (تصوير: خلفان الصلهمي)
ورد يساوي وزنه ذهبا... تدر زراعة وتقطير الورد، على 18 عائلة مزارعة في الجبل الأخضر، مبلغاً يزيد على مليون دولار أميركي كل عام. (تصوير: خلفان الصلهمي)

مع حلول بشائر الربيع من كل عام، تتحول قرى العين والشريجة وسيق والقشع، الغافية في ثنايا الجبل الأخضر شديدة الانحدار بسلطنة عُمان، إلى خلية نحل. إذ يخوض أفراد 18 عائلة، توارثت زراعة وجني وتقطير الورد، سباقا مع الزمن لجني المحصول المتفتح حديثا بألوانه المبهجة، من أغصان زهاء 5000 شجيرة تصطف بعناية وكثافة فوق مساحة محدودة من الأرض لا تتعدى العشرة أفدنة، قبل نهاية النصف الأول من شهر مايو.

منذ خيوط الفجر الأولى يتجه سكان القرى الأربع إلى المزارع فيعمدون إلى قطف الورد على مدار الساعة في مناوبات لا تقطعها إلا استراحات محدودة.

يتجه سكان القرى الأربع، مع خيوط الفجر الأولى إلى المزارع، فيعمدون إلى قطف الورد على مدار الساعة في مناوبات لا تقطعها سوى استراحات محدودة، بحيث تراهم يجنون المحصول صباحا من أحد البساتين، ومن آخر في المساء. ويتعاون كل أفراد الأسرة الواحدة في قطف الورد بما فيهم الأطفال والنساء والمسنون، في عملية تعاونية رائعة طوال فترة الموسم.

لا تخفي هذه الصغيرة، خجلها من عدسة الكاميرا، وفرحة مشاركة عائلتها في جني محصول الورد في تقليد يعود إلى مئات السنين وتتوارثه الأجيال أبا عن جد.

لاحقاً يتم نقل الورد المقطوف حديثا إلى مراكز التقطير، عن طريق وضعها في قطعة قماش أو وشاح أو سلة من القش، وغالبًا ما يتم حملها على رؤوس جامعي المحصول.

يُجمع المحصول في قطعة قماش أو وشاح أو حتى سلة قش مثلما يظهر في هذه اللقطة، وغالبًا ما يتم حملها لاحقا على رؤوس جامعي المحصول قبل تنقل إلى مراكز التقطير

تُعد زراعة الورد في الجبل الأخضر عملية اقتصادية بامتياز، ذلك أنها تمثل أهمية كبيرة للأهالي بوصفها مصدراً رئيسياً للدخل. فكل فدان مزروع بشجيرات الورد ينتج عنه، بعد التقطير، زهاء 4000 آلاف لتر من ماء الورد يصل عائدها المالي زهاء 40 ألف ريال عماني (الريال العماني الواحد يساوي 2.6 دولار أميركي)، أي ما يتجاوز 100 ألف دولار أميركي للفدان الواحد.

وتقطير الورد من المهن العريقة في الجبل الأخضر، فقد امتهنها الأجداد وتحولت إلى حرفة ذات طابع خاص، حتى بات «ماء ورد الجبل الأخضر» علامة تجارية شهيرة ومنتجاً ينال إعجاب الذواقة من الحريصين على استهلاكه.

لا تستثني عملية جني المحصول أحدا من سكان القرى الأربع، بما في ذلك كبار السن الذين يشتركون بهمة مثلهم مثل الشباب والصغار.

ولا تقتصر العائدات المالية على ما يتحصل عليه المزارعون جراء بيع ماء الورد؛ إذ يجتذب موسم الحصاد الزوار المحليين والسياح الأجانب المتعطشين للتمتع ببهاء الطبيعة الربيعية خلال موسم التفتح، والاطلاع على العادات الاجتماعية المصاحبة لجمع المحصول، والتعرف إلى الطريقة التقليدية في تقطير ماء الورد. ولهذه الغاية تحرص منتجعات وفنادق الجبل الأخضر على إدراج زيارة المزارع ومعامل ماء الورد ضمن برامجها؛ حيث يرافق الأفواج السياحية مرشد من أهالي الجبل. وتتراوح رسوم الرحلات ما بين خمسة ريالات عمانية (13 دولارا) إلى 30 ريالا للشخص الواحد، ما يشكل مصدر دخل إضافي لأهالي القرى.

من ناحيتها، ترتب الشركات المنتجة للعطور جولات لوكلائها الدوليين، لتوضيح استدامة مصادر المواد الداخلة في صنع منتجاتها العطرية، وتشتمل هذه الجولات رياضة التسلق والمشي لمسافات طويلة، وكذلك قطف الورد، وزيارة مصنع التقطير المحلي الذي تتعامل معه وصولا إلى شراء المنتج مباشرة من المعمل.

تستريح هذه الفتاة قرب سلال الورد التي جمعتها من الشجيرات، لدى إحدى غرف المبنى القديم الذي يضم مرجل غلي الورد.

وإلى جانب موسم جني الورد الربيعي، يعتمد مزارعو هذه القرى على محاصيل شجرية وفيرة أخرى، مثل الزيتون والعنب والتين والمشمش والكمثرى والتفاح والدراق والرمان والجوز. لكن يبقى لموسم جني الورد نكهته الخاصة لدى سكان القرى، وتبقى نجمة الموسم «زهرة المحمدي» الوردية الفواحة، المعروفة أيضا باسم «الوردة الدمشقية»، التي تتميز عن شقيقاتها من الورد العماني والبلغاري والسلطاني والجوري.

من السلة إلى المرجل الطيني، تستمر رحلة الورد قبل تحوله إلى ماء، وتبدو الأسطوانات النحاسية التي يتكثف فيها بخار ماء الورد أعلى الفرن الطيني.

تمر عملية إنتاج ماء الورد الجبلي بمراحل عدة؛ إذ يعمد المزارعون في يناير إلى تقليم شجيرات الورد وحراثة الأرض وتسميدها وريّها بشكل جيد إلى أن يحين موسم تفتح الزهور. ثم يتم تجهيز معمل التقطير، وهو عبارة عن مبنى قديم من الطين والحجارة يحوي أواني فخارية تسمى «البرمة»، تتفاوت مساحته حسب مساحة الأرض المزروعة بشجيرات الورد لدى كل مزارع. بعدها توقد النار داخل المعمل وتُغذى بالحطب، ويتم وضع كمية من الورد داخل الأواني، قبل أن تُثبت فوقها أسطوانات نحاسية تعمد إلى جمع ماء الورد المقطر في جوفها بفعل التبخر.

داخل مبنى قديم من الطين والحجارة، يقوم أحد العاملين بوضع أكوام من الورد داخل أواني فخارية تسمى «البرمة»، قبل أن يُثبت فوقها أسطوانة نحاسية مهمتها جمع ماء الورد المقطر.

تستمر عملية التقطير فوق نيران حامية قرابة 4 ساعات، يُجمَع بعدها ماء الورد في أواني فخارية وتُحفظ هناك زهاء 40 يوماً حتى تترسب شوائبها. بعدها يُخزن ماء الورد في وعاء فخاري يسمى «الخرس»، ويقبع فيه ثلاثة أشهر، لينتج عن كل ذلك في النهاية منتج شفاف لا لون له، لكنه ذو رائحة فواحة تماثل رائحة الورد. بعد ذلك يُعبّأ الماء في قوارير زجاجية سعتها 750 مليلترا ليتم تسويقها في الأسواق بأسعار تناهز قيمتها 10 ريالات عمانية (26 دولارا).

يدخل ماء الورد في كثير من الاستخدامات، إذ يضاف إلى بعض المأكولات والمشروبات العُمانية، مثل الحلوى والقهوة والشاي وغيرها، إلى جانب استعماله في التطيّب لتميزه بالرائحة الزكية، كما يُضاف إلى المواد العطرية والتجميلية من قبل الشركات العالمية. ويعرف ماء ورد الجبل الأخضر بجودته ودقة صنعه، نظرا لاتّباع الأسلوب التقليدي، الذي يعده مزاولو هذه المهنة، السرّ وراء الجودة والانتشار الكثيف لهذا المنتج.