«سلامة قلبو»... نسخة لبنانية عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير

مخرجها شادي الهبر لـ«الشرق الأوسط»: الابتسامة الفارغة ليست مطلوبة

«سلامة قلبو» عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير (شادي الهبر)
«سلامة قلبو» عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير (شادي الهبر)
TT

«سلامة قلبو»... نسخة لبنانية عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير

«سلامة قلبو» عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير (شادي الهبر)
«سلامة قلبو» عن مسرحية «مريض الوهم» لموليير (شادي الهبر)

يُدرّب مشروع «مسرح شغل بيت» دفعات من الممثلين والمخرجين، ويُخرّجهم، ليشاركوا لاحقاً في تقديم مسرحيات مُتنقلين بين خشبات بيروت.

هذه المرّة، وضمن الدفعة الثانية لمواهب تخرّجت من هذه الورشة، يقدّم «شغل بيت» العمل المسرحي «سلامة قلبو» المقتبس عن مسرحية «مريض الوهم» للشاعر والمؤلّف الفرنسي الشهير موليير المعروف بأسلوبه الساخر، وصاحب التأثير الكبير في تطوّر المسرح الأوروبي.

تُعرض «سلامة قلبو» ابتداء من 4 أبريل على «مسرح مونو» في بيروت (شادي الهبر)

تعود فكرة المسرحية إلى بطلها إلياس البيم، خرّيج «شغل بيت» في دفعته الثانية. وبعد اتصاله بديمتري ملكي قرّرا معاً تحويل «مريض الوهم» إلى نسخة لبنانية؛ من بطولة البيم وسماح البواب، وإعداد ملكي، وإخراج شادي الهبر.

تروي المسرحية حكاية رجل مريض وهمي (الشيخ فضول) وأناني وبخيل يريد تزويج ابنته من طبيب يعلم بجهله مهنته. وبينما هو في وهمه المرضي، تحاول عاملة المنزل (سعدى) إثارة كراهية الطب والأطباء في نفسه. تتنكر بزيّ طبيبة، وتشير عليه أن يبتر من جسمه ذراعاً لتقوى الذراع الأخرى، وأن يفقأ إحدى عينيه لتشتد حدّة البصر في العين الأخرى. تتلوّن الأحداث بمواقف كوميدية ساخرة. وتمارس العاملة كل هذه الألاعيب محاولةً إنقاذ المريض من وهمه.

في هذا السياق، يشير مخرج العمل شادي الهبر لـ«الشرق الأوسط» إلى تنفيذه المسرحية من باب التحدّي. المعروف عنه إخراج مسرحيات تدور في الإطار الكلاسيكي. ولكسر إيقاعه الإخراجي، قرّر تطعيمه بالنكهة الكوميدية. يعلّق: «استفزّني الموضوع، فهو جديد ويدور بين الكلاسيكية والكوميدية. لم يسبق أن قاربته، ولجأتُ إلى صور متناقضة ليحمل منذ اللحظة الأولى روح الطرافة».

يعني الهبر بذلك اختياره لبطلَي العمل؛ إلياس البيم الكبير بحجمه ووزن جسمه، تقابله سماح البواب المنمنمة وخفيفة الظلّ. وبدءاً من 4 أبريل (نيسان) المقبل، تبدأ العروض على خشبة «مسرح مونو» في بيروت، وتستمر حتى 7 منه، مع توقّعات بتقديم عروض إضافية خاصة لتلامذة المدارس، إذ إنّ كُتب الشاعر الفرنسي تدخل في المنهج التربوي الدراسي في لبنان.

وعن صعوبات واجهها في الإخراج، يروي: «المسرحية بسيطة وقوية معاً. وعندما فكّرت في الأسلوب الإخراجي، ارتأيت مواكبة نصّها البسيط».

إلياس البيم وسماح البواب بطلا المسرحية (شادي الهبر)

«لبننة» المسرحية تطلّبت اختصار عدد المشاركين فيها لاثنين فقط، بدل 5. لذلك، يستغرق العرض 45 دقيقة، إذ لا تطويل ولا إبحار، أسوةً بنصّها الأصلي. استحدث الهبر أيضاً ديكورات خاصة: «وجدتُ فكرة توفر لنا استخدام ديكور ثلاثي الأبعاد، مما يطبع العمل بالتجديد. لجأنا إلى عبارات وكلمات بلهجتنا لنزوّدها بالطابع اللبناني المعروف. أبقيتُ على روح العمل، ولوّنته بتسميات وطريقة كلام لبنانيَيْن».

اختصار عدد الممثلين إلى اثنين خطوة سبق وركن إليها الإخراج اللبناني. ولكن العمل على تقريب المسرحية الفرنسية من المجتمع المحلّي شَغَل شادي الهبر: «ستدفع المسرحية بالجمهور للشعور الدائم برغبته في الضحك. وفي الوقت عينه، تحمل رسائل قاسية تُبقيه منغمساً في معاناة اللبنانيين».

تتطرّق المسرحية إلى موضوعات تدخل في صلب مشكلات المجتمع الحالية، تشمل غلاء أسعار الأدوية، واستغلال الأطباء مرضاهم لاستنفاد ما في جيوبهم. كذلك تطلّ على الأب المتسلّط صاحب الكلمة الأخيرة في قرارات الآخرين. وتتوقّف عند الذكورية، والبخل، والطبقية الاجتماعية ولو بُجمل مختصرة.

خلال التمارين على المسرحية (شادي الهبر)

وعما إذا كانت تندرج ضمن لائحة الأعمال الترفيهية، يوضح: «لم أفكر يوماً بإخراج عمل ترفيهي أو بغاية الضحك فقط. ورغم أننا نلحظ مؤخراً عروض مسرحيات كوميدية، فمعظمها برأيي يميل إلى تسخيف المحتوى الكوميدي تحت شعار (الجمهور يريد أن يتسلّى فقط). هذا الأمر ليس صحيحاً، فإبراز أوجاعنا بأسلوب ذكي يمكن أن يحبّه الناس أيضاً. الابتسامة الفارغة ليست مطلوبة اليوم في مسرحنا. وهذا الأمر سيؤثر سلباً في أعمالنا المسرحية على المدى البعيد. أدعو الجميع إلى إعادة التفكير بهذا الطرح، فيقدّمون أعمالاً تشغل تفكير الناس، وتترك لديهم انطباعاً أفضل».

للهبر طريقة تفكير مغايرة عندما يتعلّق الأمر بالمحتوى الكوميدي: «الفن الكوميدي يجب أن ينتهي بموقف يهزّ كيان متابعه مثل ضربة كف. فالجمهور لا يحبّذ الخروج من المسرحية من دون أن يتعرّض لهزة توقظ فكره. وهو أسلوب يسهم أيضاً في إلهائه، والترفيه عنه، وإخراجه من الهموم».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
TT

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)

قدّم الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، شكره وتقديره لورثة سلمان بن حمود الشبيب، على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى المكتبة الوطنية.

وأشاد الأمير فيصل بن سلمان خلال لقائه أسرة الشبيب، بهذه المبادرة التي من شأنها دعم مقتنيات المكتبة الوطنية وإثراء محتواها الثقافي بما فيه خدمة الباحثين والمستفيدين، مؤكداً أن مقتنيات المكتبة المهداة ستحظى بالعناية اللازمة التي تمكن الباحثين من الاستفادة منها على أفضل وجه.

يذكر أن المكتبة المهداة تحوي عدداً من الدوريات والمجلات الرائدة منذ العدد الأول، أبرزها مجلة المقتطف (1876م)، ومجلة الهلال (1892م)، إضافة إلى عدد من نفائس الكتب في شتى مجالات العلوم والمعارف، فالراحل كان دبلوماسياً ومؤلفاً ومشتغلاً بالكتب وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، كما أضاف إلى المكتبة العربية عدداً من الكتب والمؤلفات المترجمة.

وفي نهاية اللقاء منح الأمير فيصل بن سلمان شهادة تقديرية من مكتبة الملك فهد الوطنية، لعائلة الشبيب مقدمة من المكتبة؛ تقديراً لهم على مبادرتهم.

وسلمان الشبيب، دبلوماسي ومؤلف وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، توفيّ في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس، ودُفن بالرياض.

وأثرى الراحل المكتبة العربية مؤلفاً ومترجماً لعدد من الكتب التي حققت شهرة على مستوى العالم، من أهمها: «عهود خالدة - من الإرث التاريخي في المعاهدات»، و«قاموس في الدبلوماسية».

كما ترجم الراحل الشبيب كتاب «ممارسة الدبلوماسية - تطورها ونظرياتها وإداراتها»، لكيث هاميلتون وريتشارد لانجهورن، وعدت الترجمة العربية للكتاب هي الوحيدة، والأشهر، وغطى الكتاب البدايات الأولى للعمل الدبلوماسي في الشرق القديم، والإمبراطورية الرومانية والحضارات العربية القديمة إلى مرحلة التطور والتوسع الدبلوماسي ومراحله الانتقالية إلى اليوم.