مصر: نقلة في الخطاب الديني تطول «مسلَّمات» وتُفجّر جدلاً

علماء ومعلقون انقسموا إزاء تصريحات علي جمعة «الجريئة»

علي جمعة (صفحته على «فيسبوك»)
علي جمعة (صفحته على «فيسبوك»)
TT

مصر: نقلة في الخطاب الديني تطول «مسلَّمات» وتُفجّر جدلاً

علي جمعة (صفحته على «فيسبوك»)
علي جمعة (صفحته على «فيسبوك»)

حالة من الجدل أثارها برنامج ديني يُذاع على التلفزيون المصري خلال شهر رمضان، يُجري خلاله مفتي مصر السابق د.علي جمعة حواراً مفتوحاً مع فئات متنوعة من الجمهور، بينهم أطفال ومراهقون، ويرد على أسئلتهم التي تتطرق غالباً إلى قضايا حياتية ذات حساسية اجتماعية مثل العلاقة بين الشباب والفتيات، أو متعلقة بموقف الإسلام من الأديان الأخرى.

البرنامج تسبب في انقسام واضح ما بين مؤيدين عدّوه أحد أشكال «تجديد الخطاب الديني»؛ إذ يقدم رؤية وُصفت بـ«التنويرية» لقضايا ومسلّمات عديدة ظلّت راسخة في أذهان قطاعات واسعة من الجمهور دون مراجعة جادة من جانب علماء ومتخصصين. فيما رأى منتقدون للبرنامج أن الطرح الذي يقدمه «يخالف المألوف» ويمثل «تبسيطاً مخلاً» لعديد من القضايا الخلافية التي سبق لكثير من العلماء أن أبدوا رأياً بشأنها.

إحدى حلقات برنامج «نور الدين» الذي يُعرض في رمضان على التلفزيون المصري

حالة من الجدل

وخلال بعض حلقات البرنامج الذي حمل عنوان «نور الدين» وبدأ عرضه أول أيام شهر رمضان على القناة الأولى (الرسمية) بالتلفزيون المصري، أكد جمعة في إجاباته عن أسئلة الحاضرين من الشباب والأطفال أن «الجنة ليست حكراً على المسلمين فقط»، وأن غيرهم من الأديان الأخرى أيضاً سيدخلون الجنة، وفسّر ذلك مستعيناً ببعض آيات القرآن الكريم.

كما سُئل عن العلاقة بين الجنسين في سن المراهقة وحكم الشرع حيال شاب أخبر فتاة بأنه يحبها، ليردّ الشيخ قائلاً: «لو أبوها عارف يبقى عادي»، مضيفاً أن خروج الولد والبنت معاً ضمن «شلة»، (جماعة)، ليس حراماً، وأن «الصداقة بين الجنسين مباحة ما دام فيها عفاف، أي خالية من المحرمات والسرّية».

كما سُئل المفتي السابق إن كان الاحتفال بالكريسماس حلالاً أم حراماً فأكد أنه «جائز لأنه احتفال بالأنبياء»، شارحاً أن «الاحتفال بالسنة بالميلادية الجديدة يعني الاحتفال بعيد ميلاد المسيح وهو ميلاد معجزة، والقرآن أقرّ بها، وجعلها عيد محبة وسلام».

وفي إحدى حلقات البرنامج، قال علي جمعة إن «الخطاب الذي ندعو به الناس لا بد أن تكون فيه دعوة إلى الرحمة والحب لا إلى الكراهية»، وأضاف: «يوم القيامة وارد ربنا يلغي النار ويدخل كل الناس الجنة (هو فعّال لما يريد)، وكثير من علماء المسلمين قالوا إنه وارد، فالعلاقة مع الله يجب أن تُبنى على الحب، والأمل، والتفاؤل، والرحمة».

هذه الإجابات التي بدت صادمة لكثير من المتابعين تسببت في حالة من الجدل، لم تقتصر فقط على رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل امتدت كذلك إلى المتخصصين الذين تباينت آراؤهم بشأن ما قدمه جمعة.

جانب من إحدى حلقات برنامج «نور الدين» الذي يُعرض في رمضان على التلفزيون المصري

اجتزاء وترصُّد

الشيخ أحمد ترك، وهو داعية إسلامي ومن علماء الأزهر الشريف، رأى أن علي جمعة «لم يقدم في برنامجه جديداً»، مضيفاً أن ما قاله وعدّه البعض «صادماً» معلَن ومدوَّن في كتب المفتي السابق منذ سنوات طويلة، إلا أنه أشار إلى أن التعامل مع الوسائل الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي يتطلب أسلوباً خاصاً كي لا يُساء فهم ما يقدَّم من محتوى.

وأرجع ترك في حديثه لـ«الشرق الأوسط» حالة الجدل التي تسببت فيها آراء جمعة إلى ما وصفه بـ«الاجتزاء من السياق»، وهو ما يُخرج الحديث عن معناه المقصود، إضافةً إلى ما رأى أنها «حالة ترصد» بالمفتي السابق من جانب كثير ممّن يعترضون ليس فقط على آرائه وفتاواه، بل على مواقفه السياسية بالأساس.

وتعرض جمعة لمحاولة اغتيال في أغسطس (آب) عام 2016، وأدان القضاء المصري عدداً من عناصر تنظيم «حسم» التابع لـ«الإخوان» بتلك المحاولة، فقد كانت لجمعة مواقف سياسية عديدة مناوئة لـ«الإخوان».

ولطالما شن إعلاميون وصفحات معروفة بدعمها لتنظيم «الإخوان» هجوماً شرساً على المفتي السابق، وتجدد هذا الهجوم مع بث برنامج «نور الدين»، وظهر عدد من الإعلاميين الداعمين لتنظيم «الإخوان» في مقاطع مصورة وهم يوجهون انتقادات حادة إلى جمعة، لم تقتصر فقط على محتوى ما قدمه من آراء، بل ذهبت كذلك إلى «تسييس» القضية وعدّها «موقفاً رسمياً ضد الدين».

ضربة فقهية

في المقابل، رأى الكاتب والباحث المصري د.محمد الباز، البرنامج «ضربة فقهية راقية ومتحضرة كشف د.علي جمعة بها عورة جماعة الإخوان الإرهابية من جديد». وأضاف في تدوينة له على حسابه بموقع «فيسبوك» أن جمعة «لم يقل هذا الكلام من عنده بل استند إلى القرآن الكريم»، لافتاً إلى أن «جماعة الإخوان الإرهابية، دفعت لجانها الإلكترونية للهجوم على جمعة». ووصف الباز «الإخوان» بأنهم «جهلة يُدينون أنفسهم بما يقولون».

لكنَّ الخلاف مع ما طرحه مفتي مصر السابق لم يقتصر على «خصومه» السياسيين، بل امتد كذلك إلى بعض «مؤيديه» ممن رأوا أن البرنامج «يحتاج إلى إعادة نظر»، في كثير من الأسئلة التي تُطرح، وفي الجواب عنها، وفي كيفية إدارة الحوار، نظرا لمكانة الشيخ، ومفصلية الأسئلة وحساسيتها، وكون البرنامج مذاعاً على الفضائيات، ويشاهده الملايين.

وذهب إلى هذا الرأي أستاذ الحديث الشريف وعلومه بجامعة الأزهر د.محمد إبراهيم العشماوي، الذي عدَّ البرنامج «محاولة جادة لاقتحام هذا المجال الشائك الذي أحجم كثيرون عن اقتحامه»، لكنه أضاف: «نوافق الرجل في رؤيته ومنهجه إجمالاً، ونخالفه في كثير من مفرداته».

ورأى العشماوي أن الموقف مما طرحه جمعة يتزعمه فريقان: «فريق بالغ في التعصب له، وفريق بالغ في الإساءة إليه»، مضيفاً في تدوينة له على صفحته الشخصية، أنه «يبقى الرجل في نهاية المطاف بشراً من البشر، له صوابه، وعليه خطأه، ولا معصوم إلا الأنبياء».

جدل متكرر

هذا الجدل بشأن الآراء الدينية والفتاوى ليس جديداً على المجتمع المصري، فمن فترة إلى أخرى يبرز هذا الاختلاف إزاء آراء مغايرة لما اعتاده الجمهور من آراء باتت بمرور الزمن نوعاً من «المسلَّمات».

وعرفت الحياة المصرية على مدى عقود طويلة كثيراً من حالات الجدل التي تثيرها آراء دينية، فقد خاض الإمام محمد عبده (1849 – 1905)، الذي شغل منصب مفتي الديار المصرية في عام 1899 سجالات شهيرة مع كثير من رجال الأزهر بسبب فتاواه التي وُصفت حينها بـ«المتحررة»، كما اتُّخذ قراراً بسحب شهادة العالمية الأزهرية من الشيخ علي عبد الرازق (1888 - 1966) بعد تأليفه كتاب «الإسلام وأصول الحكم» الذي صدر عام 1925 يدعو إلى فصل الدين عن السياسة.

ويرى أستاذ علم الاجتماع بكلية الآداب جامعة القاهرة د.شريف عوض، أن الفكر المتطرف الذي تسلل إلى المجتمع المصري خلال السنوات الماضية وضع تفسيرات خاطئة لعديد من القضايا الدينية، كما أدت هيمنة ذلك الخطاب المتشدد لدى العديد من الفئات إلى بناء «عقلية انغلاقية» لا تستطيع مواجهة الفكر والرأي المختلف بانفتاح وحوار بنّاء.

وأضاف عوض لـ«الشرق الأوسط» أن إفساح المجال للخطاب الديني البعيد عن الوسطية أدى إلى أن يلجأ كثيرون إلى مواجهة أي أفكار مختلفة خصوصاً في المجال الديني بحالة من الرفض والمقاومة، في حين تلقى أفكار تقليدية مثل تعدد الزوجات وضرب الزوجة والعنف الأسري وتسلط الرجل... رواجاً كبيراً بوصفها ذات أصل ديني رغم عدم صحة ذلك.

وأشار أستاذ علم الاجتماع إلى أن طرح خطاب ديني معتدل ومنفتح «مسألة ضرورية، لكنها ليست سهلة»، مشيداً بفكرة أن يبدأ الحوار الديني مع الأطفال والمراهقين بانفتاح ودون تحجيم لأسئلتهم، بل عبر الرد بمنطق وأسلوب مقنع، عادّاً أن ذلك «إسهاماً جاداً في تفكيك العقلية المنغلقة التي تخشى طرح الأسئلة، أو تعتمد على تقديم إجابة تقليدية».


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.