جماليات الفن الإسلامي تعانق التراث الشعبي المصري

معرض «رمضانيات» يضمّ 150 عملاً لـ50 فناناً

التكامل الثري بين ثنائية المادة والروح في الخط العربي للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)
التكامل الثري بين ثنائية المادة والروح في الخط العربي للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)
TT

جماليات الفن الإسلامي تعانق التراث الشعبي المصري

التكامل الثري بين ثنائية المادة والروح في الخط العربي للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)
التكامل الثري بين ثنائية المادة والروح في الخط العربي للفنان محمد حسن (إدارة الغاليري)

استطاع 50 فناناً المزج بين جماليات الفنّ الإسلامي والتراث الشعبي المصري في أكثر من 150 عملاً ضمن معرض بعنوان «رمضانيات» في غاليري «دروب» بوسط القاهرة، المستمر حتى 7 أبريل (نيسان) المقبل.

تتناول اللوحات موضوعات متنوّعة، تدلّ جميعها على تفاعل الفنانين مع الأجواء الروحية التي يتميّز بها رمضان بمظاهره الراسخة في وجدانهم.

تصف مديرة الغاليري سوسن سالم، المعرض، بأنه «رحلة روحية غنية بالمشاركات المتنوّعة من جانب الفنانين»، ما عدَّته «انعكاساً لتأثّرهم بأجواء رمضان في مصر التي لا مثيل لها». وتوضح لـ«الشرق الأوسط»: «جاءت الأعمال تجسيداً فنياً مستلهماً من جماليات الحضارة الإسلامية والنصوص القرآنية؛ فتتبارى على مسطّح اللوحات، الرموز والمفردات اللونية، مثل المآذن والمساجد والأسواق الشعبية والزخارف الإسلامية، والشعائر الدينية والصوفية، فضلاً عن أعمال الخطّ العربي التي تقيم حواراً بين ثنائية المادة والروح».

لوحة للفنان عبد الفتاح البدري تتناول الأجواء الفلكلورية في جنوب مصر (إدارة الغاليري)

تتنوّع الأعمال ما بين التصوير (الرسم)، وتضمّ نتاجاً لمجموعة فنانين، من بينهم أدهم لطفي، ووجيه يسي، وإيمان حكيم، وجلال الحسيني، ومحمد الأزهري، وعبد الفتاح البدري، ومحمد الجنوبي، ومحمد يوسف، ولينا أمين، وجيهان ماهر، وحسن راشد، وحسن الشرق، ومحمد باطه، بالإضافة إلى تقنيات الرسم على القماش بأعمال «المرج خيط» للفنان إبراهيم البريدي، والخزف للفنانين تهاني العادلي، وسلوى رشدي، وعلاء حشمت، ومراد عزيز، وأشغال الحديد للفنانين عمار شيحا، وأدهم عمار، والعرائس ثلاثية الأبعاد للفنانة نادية حسن، وأعمال الحُلي للفنانين أحمد بدوي، وسارة عبد العظيم، وكرم مسعد، وأعمال من الزجاج للفنانة مها عبد الكريم.

لوحة للفنانة لينا أمين (إدارة الغاليري)

كذلك تتميّز لوحات الخطّ العربي بأشكال معاصرة تشمل الأنماط الهندسية والتجريدية والزخرفية التي تحاكي أجواء الشهر بأنساق جمالية مختلفة، للفنانين صلاح عبد الخالق، وجمال محمود، ومنيب أبرادوفيتش، وحسن حسوبة، وعلي حسن، وعبده الجمال، ومحمد حسن.

ويغوص الفنانان محمد باطه ونبيل متولي في الحارة المصرية بالفرشاة والألوان، ويوثّقان لحظات دافئة للأماكن والناس؛ فيشعر المتلقّي كأنه انتقل إلى الشارع المصري قبل الإفطار ليُشارك شخوص اللوحات انتظارَ انطلاق مدفع الإفطار بشغف.

عروس للفنانة نادية حسن تجسّد الاحتفالات الشعبية برمضان (إدارة الغاليري)

وجاءت مشاركة الفنان عبد الفتاح البدرى بلوحات تجسّد مَشاهد لأبناء الجنوب في أسوان والنوبة، حيث فنون التحطيب وطقوس الأفراح والموالد، ويغلب عليها التلخيص الأقرب إلى «التجريدية الفطرية»؛ فتخاطب الأشكال والتكوينات الهادئة غير المزدحمة بالتفاصيل والرموز، المتلقّي البسيط.

ويُشارك الفنان إبراهيم البريدي بـ5 أعمال تدور حول الطفولة في رمضان من خلال مَشاهد اللعب، وتزيين الشوارع، وبائع الكنافة، وفرحة الصغار بالشهر الفضيل، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «تتّسم اللوحات بالروح الشعبية لمصر الجميلة، وتعكس صوراً من أجواء رمضان ولياليه».

لوحة للفنان محمد باطه تغوص في قلب الشارع المصري (إدارة الغاليري)

وعدّ الأجواء الرمضانية جاذبةً للفنان، وتُحرّك ذائقته لتجسيدها، مضيفاً: «المحروسة مُلهمة للتشكيليين بكل تفاصيلها ومناسباتها، ومن جهة أخرى فإنّ المعارض تؤدّي إلى إثراء الحركة الفنية وإنعاشها، وتسهم في ترسيخ الاهتمام بالجمال والجذور».

من جهتها، ترى الفنانة لينا أمين أنّ «أجواء رمضان في مصر لها دلالاتها المفعمة بروح التراث وتجلّياته، ومن ثم تكون لها انعكاساتها البارزة على نتاج الفنان؛ إذ تمثّل رافداً لعطائه ومخزونه البصري، ولذلك تتعدّد المعارض التي تتناول مظاهر فرحة رمضان، ومَشاهد يومية من أجواء الشهر الكريم».


مقالات ذات صلة

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق إحدى لوحات معرض «يا عم يا جمّال» (الشرق الأوسط)

«يا عم يا جمّال»... معرض قاهري يحاكي الأغاني والأمثال الشعبية

يحاكي الفنان التشكيلي المصري إبراهيم البريدي الأمثال والحكايات والأغاني والمواويل الشعبية المرتبطة بالجمل في التراث المصري والعربي.

حمدي عابدين (القاهرة )
يوميات الشرق ملالا مع لوحاتها (دليل باريس للمعارض)

جدارية بعرض 60 متراً تعكس تحولات البشرية نحو العولمة

في أكبر صالات «قصر طوكيو» في باريس، تعرض حالياً وحتى 5 يناير (كانون الثاني) المقبل، جدارية استثنائية للفنانة ملالا أندريالافيدرازانا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
TT

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)
إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

وقّعت هذه المرأة الأميركية التي تعيش وتعمل في العاصمة الألمانية، عقداً مع شركة «توموروو بايوستيتس» الناشئة المتخصصة في حفظ الموتى في درجات حرارة منخفضة جداً لإعادة إحيائهم في حال توصّل التقدم العلمي إلى ذلك يوماً ما.

وعندما تتوفى زيغلر، سيضع فريق من الأطباء جثتها في حوض من النيتروجين السائل عند حرارة 196 درجة مئوية تحت الصفر، ثم ينقلون الكبسولة إلى مركز في سويسرا.

وتقول زيغلر، وهي مديرة لقسم المنتجات في إحدى شركات التكنولوجيا في كاليفورنيا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «بشكل عام، أحب الحياة ولدي فضول لمعرفة كيف سيبدو عالمنا في المستقبل».

ولم يعد علم حفظ الجسم بالتبريد الذي ظهر في ستينات القرن العشرين، مقتصراً على أصحاب الملايين أو الخيال العلمي كما ظهر في فيلم «ذي إمباير سترايكس باك» الذي تم فيه تجميد هان سولو، وفيلم «هايبرنيتس» حين يعود رجل تحرر من الجليد القطبي، إلى الحياة.

توفّر شركات في الولايات المتحدة هذه الخدمة أصلاً، ويُقدّر عدد الأشخاص الذي وُضعت جثثهم في التبريد الأبدي بـ500 فرد.

50 يورو شهرياً

تأسست «توموروو بايوستيتس» عام 2020 في برلين، وهي الشركة الأولى من نوعها في أوروبا.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول إميل كيندزورا، أحد مؤسسي الشركة، إن أحد أهدافها «هو خفض التكاليف حتى يصبح تبريد الجثة في متناول الجميع».

إميل كيندزورا أحد مؤسسي «توموروو بايوستيتس» يقف داخل إحدى سيارات الإسعاف التابعة للشركة خارج مقرها في برلين (أ.ف.ب)

ولقاء مبلغ شهري قدره 50 يورو (نحو 52.70 دولار) تتقاضاه من زبائنها طيلة حياتهم، تتعهد الشركة الناشئة بتجميد جثثهم بعد وفاتهم.

يضاف إلى الـ50 يورو مبلغ مقطوع قدره 200 ألف يورو (نحو 211 ألف دولار) يُدفع بعد الوفاة - 75 ألف يورو (نحو 79 ألف دولار) لقاء تجميد الدماغ وحده - ويمكن أن يغطيه نظام تأمين على الحياة.

ويقول كيندزورا (38 سنة) المتحدر من مدينة دارمشتات في غرب ألمانيا، إنه درس الطب وتخصص في الأبحاث المتعلقة بالسرطان، قبل أن يتخلى عن هذا الاختصاص بسبب التقدم البطيء في المجال.

وتشير «توموروو بايوستيتس» إلى أنّ نحو 700 زبون متعاقد معها. وتقول إنها نفذت عمليات تبريد لأربعة أشخاص بحلول نهاية عام 2023.

ويلفت كيندزورا إلى أنّ غالبية زبائنه يتراوح عمرهم بين 30 و40 سنة، ويعملون في قطاع التكنولوجيا، والذكور أكثر من الإناث.

عندما يموت أحد الزبائن، تتعهد «توموروو بايوستيتس» بإرسال سيارة إسعاف مجهزة خصيصاً لتبريد المتوفى باستخدام الثلج والماء. يتم بعد ذلك حقن الجسم بمادة «حفظ بالتبريد» ونقله إلى المنشأة المخصصة في سويسرا.

دماغ أرنب

في عام 2016، نجح فريق من العلماء في حفظ دماغ أرنب بحال مثالية بفضل عملية تبريد. وفي مايو (أيار) من هذا العام، استخدم باحثون صينيون من جامعة فودان تقنية جديدة لتجميد أنسجة المخ البشري، تبين أنها تعمل بكامل طاقتها بعد 18 شهراً من التخزين المبرد.

لكنّ هولغر رينش، الباحث في معهد «آي إل كاي» في دريسدن (شرق ألمانيا)، يرى أنّ الآمال في إعادة شخص متجمد إلى الحياة في المستقبل القريب ضئيلة جداً.

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «نشكّ في ذلك. أنصح شخصياً بعدم اللجوء إلى مثل هذا الإجراء».

ويتابع: «في الممارسة الطبية، إنّ الحدّ الأقصى لبنية الأنسجة التي يمكن حفظها بالتبريد هو بحجم وسمك ظفر الإبهام، والوضع لم يتغير منذ سبعينات القرن العشرين».

ويقرّ كيندزورا بعدم وجود ضمانات، ويقول: «لا نعرف ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا. أعتقد أن هناك فرصة جيدة، لكن هل أنا متأكد؟ قطعاً لا».

بغض النظر عما يمكن أن يحدث في المستقبل، تقول زيغلر إنها متأكدة من أنها لن تندم على قرارها. وتضيف: «قد يبدو الأمر غريباً، لكن من ناحية أخرى، البديل هو أن يضعوك داخل تابوت وتأكلك الديدان».