«أنا آسف»... لماذا نواجه صعوبة في الاعتذار؟

التردد الذي نشعر به غالباً ما يكون في غير محله حيث نميل إلى المبالغة في تقدير الضغط الذي سيشعرنا به الاعتذار (جمعية العلوم النفسية - إيه بي إس)
التردد الذي نشعر به غالباً ما يكون في غير محله حيث نميل إلى المبالغة في تقدير الضغط الذي سيشعرنا به الاعتذار (جمعية العلوم النفسية - إيه بي إس)
TT

«أنا آسف»... لماذا نواجه صعوبة في الاعتذار؟

التردد الذي نشعر به غالباً ما يكون في غير محله حيث نميل إلى المبالغة في تقدير الضغط الذي سيشعرنا به الاعتذار (جمعية العلوم النفسية - إيه بي إس)
التردد الذي نشعر به غالباً ما يكون في غير محله حيث نميل إلى المبالغة في تقدير الضغط الذي سيشعرنا به الاعتذار (جمعية العلوم النفسية - إيه بي إس)

قبل بضعة أسابيع، صرخ تايلر جي أوكيموتو، وهو دكتور في كلية الأعمال والاقتصاد والقانون في جامعة كوينزلاند الأسترالية ويدرس التعاون والمصالحة في المجالات الاجتماعية والسياسية والتنظيمية، على ابنته البالغة من العمر 13 عاماً بسبب شيء، كما اتضح فيما بعد، لم تكن مسؤولة عنه.

وكان ذلك خطأه، كما اعترف. وقال: «كنت أعلم أن الاعتذار مبرراً تماماً، وكان ذلك على طرف لساني... لكنني وجدت نفسي أتراجع للحظة وجيزة، مدركاً تماماً أن كبريائي يحاول منعي من القيام بالشيء الصحيح».

وتابع أوكيموتو: «الجزء المثير للسخرية هو أنني كنت أدرس سيكولوجية الاعتذارات طوال 15 عاماً، باحثاً عن أدلة بحثية لمساعدتنا على فهم سبب إحجام الناس عن الاعتذار. لسوء الحظ، أحد الأشياء التي تعلمتها من خلال التجربة هو أن فهم التردد في الاعتذار لا يجعلك محصناً ضد جاذبيته، بل فقط مدركاً لإخفاقاتك».

لذلك، دعونا نعود خطوة إلى الوراء ونفحص الأسباب وراء صعوبة الاعتذار، وفقاً لتقرير لموقع «سايكولوجي توداي»:

الأدلة البحثية

يخبرنا البحث أن الناس قد يترددون في تقديم اعتذار (حتى عندما يكون ذلك مستحقاً) لأنه قد يجعلنا نشعر بالتهديد.

قال أوكيموتو: «الاعتذار يعطي شعور التقليل من الذات. نعم لأنك أنت الذي أخطأت! يجعلك تشعر بالسوء لأنك تعترف للآخرين (ولنفسك) بأنك قادر على ارتكاب الأخطاء... إنها مواجهة لأولئك الذين يفتخرون بأنهم ذوو معرفة أو أخلاقيون. ويجعلنا ذلك نشكك في نزاهتنا: نحن لسنا الشخص المثالي الذي نتخيله».

كما أن الاعتذار قد يجعلنا نشعر بالتخلي عن السلطة والسيطرة. وأوضح الدكتور: «عندما تخطئ، فمن المحتمل أن خطأك يقلل من شأن شخص آخر (الضحية). تعيد الاعتذارات تلك القوة والسيطرة إلى الضحية، التي قد تختار قبول الاعتذار أو حجب المغفرة حتى يتم إجراء تعديلات أكثر إرضاءً».

لذا، عندما تعتذر، فإنك تضع هذين الجانبين من شخصيتك بين يدَي الضحية. يمكن للشخص بعد ذلك أن يحمل ذلك ضدك، مما يجعلك تشعر بالسوء تجاه نفسك.

وأشار أوكيموتو الى أن عدم اليقين الذاتي - الضعف الأخلاقي - ليس شعوراً رائعاً. ويتضخم هذا الشعور أيضاً بين أولئك الذين لديهم تركيز عالٍ على الذات، والذين يتمتعون بدرجة كبيرة من النرجسية، والذين قد يكونون مترددين بشكل خاص في الاعتذار.

والخبر السار هو أن التردد الذي نشعر به غالباً ما يكون في غير محله: فنحن نميل إلى المبالغة في تقدير مدى الإذلال والضغط الذي سيشعرنا به الاعتذار. في النهاية، من المرجح أن اعتذارنا سيجعلنا نشعر بالتحسن تجاه أنفسنا.



«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي يوثق ازدهار واندثار الموقع الأثري

مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
TT

«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي يوثق ازدهار واندثار الموقع الأثري

مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)
مشاركون خلال تقديم الأوراق العلمية في الندوة (هيئة التراث)

بعد تسجيل موقع الفاو الأثري، في يوليو (تموز) الماضي، ضمن قائمة التراث العالمي لدى «اليونسكو» كثامن موقع سعودي يسجل في القائمة العالمية، سلّط الحدث مزيداً من الأضواء نحو ثراء التراث التاريخي الذي تتمتع به السعودية، وجذب انتباه العالم إلى العمق التاريخي للمواقع السعودية وتراثها الإنساني العريق.

وفتحت ندوة علمية استضافتها العاصمة السعودية الرياض، الثلاثاء، وشارك بها مختصون في مجال آثار السعودية، ومهتمون بالفاو من مختلف أنحاء العالم، نوافذ إلى التعريف بموقع الفاو الأثري وقيمته التاريخية والأثرية، وما تم في الموقع من مشاريع للبحث والتنقيب الأثري، بدءًا بجهود الدكتور عبد الرحمن الأنصاري، أحد رواد الآثار السعوديين، وأول من قام بأعمال التنقيب في «الفاو»، مروراً بإسهامات جامعة الملك سعود في هذا الموقع الأثري.

ونظّمت هيئة التراث، الثلاثاء، في الرياض، «الندوة العلمية لأبحاث المنظر الثقافي لمنطقة الفاو الأثرية»، التي تناولت في جلساتها العلمية التي استمرت لساعات المكانة التاريخية والحضارية للسعودية على المستويات المحلية والإقليمية والعالمية، واهتمامها بإثراء الساحة العلمية بأحدث الدراسات والأبحاث العلمية المتخصصة بمجالات الآثار، وتبادل الخبرات والرؤى والتجارب الأكاديمية على المستويين المحلي والدولي.

خلال افتتاح أعمال الندوة العلمية الدولية (هيئة التراث)

هيئة التراث تكشف نتائج الأبحاث حول الفاو لتعزيز قيمتها التاريخية (هيئة التراث)

«الفاو» ثروة علمية وتاريخ اجتماعي

قدّمت الندوة العلمية فهماً شاملاً حول «موقع الفاو الأثري»، وبيان قيمته العالمية، وتاريخه الاجتماعي والبيئي، إضافة إلى تسليط الضوء على طرق تكيّف المجتمعات مع بيئاتها الطبيعية، وتقديم المعرفة الكاملة عن المجتمعات البشرية التي استوطنتها خلال مختلف الأزمنة والعصور.

وتضمنت الندوة 5 جلسات، نوقش خلالها 22 ورقة علمية، شملت دراسات علمية تتعلّق بنشأة «موقع الفاو الأثري»، وتاريخه الاجتماعي والاقتصادي، وإطاره الحضاري والبيئي، وآثاره المتنوعة، إضافة إلى النقوش الكتابية، والفنون الصخرية المكتشفة به، وحفل برنامج الندوة بتنظيم الزيارات الميدانية لموقع الفاو الأثري للمتحدثين والمتحدثات.

كشفت التنقيبات الأثرية في الفاو عن القطع الأثرية التي تجسد أهميتها ووضعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي (واس)

وتناولت الأوراق العلمية وجلسات النقاش للندوة الدولية جوانب متعددة من تفاصيل منطقة الفاو، ومن ذلك ﻣﻈﺎﻫﺮ اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻘﺪﻳﻤﺔ وﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟﻤﺸﺎرﻳﻊ اﻟﻌﻠﻤﻴﺔ التي حاولت تقديم إجابات دقيقة لتساؤلات ﺣﻮل ﺗﺎرﻳﺦ ﻧﺸﺄة ﻗﺮﻳﺔ اﻟﻔﺎو وﻋﻼﻗﺎتها بالفن، وعن مضامين اﻟﻤﻨﺤﻮﺗﺎت الحجرية اﻵدﻣﻴﺔ والحيوانية اﻟﻤﻜﺘﺸﻔﺔ في القرية الأثرية، التي قدّمت في دراﺳﺔ ﻓﻨﻴﺔ وﺣﻀﺎرﻳﺔ.

كما تناولت أوراق الندوة اﻟﺘﺤﻮﻻت اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ والحضارية ﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻟﻔﺎو عبر اﻟﻌﺼﻮر، كما سلّطت الضوء على سكان ومجتمع الفاو وعلى نشأة اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ القديمة، وعلى موقعها في فترة ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻟﺘﺎرﻳﺦ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﻛﺘﺸﺎﻓﺎت والمسكوكات الساسانية في القرية ، ودراﺳﺔ ﻣﻀﺎﻣﻴﻨﻬﺎ وﺳﻴﺎق ﺣﻀﻮرﻫﺎ اﻟﺘﺎريخي في ﺷﺒﻪ الجزيرة اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ.

باحثون من مختلف دول العالم شاركوا في الندوة العلمية (هيئة التراث)

«الفاو» ازدهار واندثار

رصدت إحدى دراسات الندوة، للباحثين ريم الفقير وعبد الله بن كليب، الحالة الثقافية للتراث غير المادي في موقع الفاو الأثري، حيث ازدهرت الفاو بشبكة ري متطوّرة، استخدمت فيها قنوات المياه الجوفية والسطحية للحفاظ على ممارساتها الزراعية، وتأمين إمدادات المياه الوفيرة للمدينة، ونشرت في الدراسة الأثرية اكتشافات مختلطة حول عدد قنوات المياه والآبار، بحيث أشار العلماء في العصر الحديث إلى 11 قناة للمياه و 33 بئراً في الموقع، في حين وثّقت دراسات أثرية سابقة وجود 120 بئراً.

وتشير الدراسة إلى أن المجتمع التاريخي للفاو اعتمد على الزراعة المحلية، بما في ذلك أشجار النخيل، والكروم، ومحاصيل الحبوب، وامتدت قوته الزراعية لتصل إلى تربية الحيوانات الأليفة المؤيدة بأدلة لعظام جمال وأبقار وماعز وأغنام. وكان السكان منخرطين بشكل فعّال في صيد الحيوانات البرية في المنطقة المحيطة، كما هو ظاهر في الرسمات الجدارية، والنقوش الصخرية والتماثيل البرونزية التي تصوّر الغزال، والظبي، والإبل البرية، والوعول.

نتائج المسح تعزز نتائج الأبحاث والدراسات العلمية (واس)

وكشفت التنقيبات الأثرية في الفاو، حسب الدراسة، عن مجموعة واسعة من القطع الأثرية تجسد أهميتها ووضعها الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، ويبين هذا السجل الأثري الغني كيف أن الفاو رفعت مكانتها الجيوستراتيجية من معبر تجارة إقليمية إلى المشاركة بفاعلية في التبادل الثقافي. ومع مرور السنين، بيّن التأثير الاقتصادي والسياسي للفاو اندماج البعض مع أرقى جوانب الحضارات التاريخية المتنوعة، والمشاركة في التجارة المثمرة، والزراعة الطويلة الأجل، وهي ثقافة خاصة ميّزتها عن المناطق المجاورة.

ويشير العلماء إلى أنه يبدو أن هناك تخلّياً مفاجئاً عن الفاو. ومن الممكن أن يعود ذلك إلى حدوث قوة تاريخية قاهرة، أو تغير مناخي.

ولا توجد أي آثار معروفة لاستيطان بشري في العصر الإسلامي.