ياسمينا زيتون تكسر عتمة لبنان وتفوز بلقب وصيفة أولى لملكة جمال العالم

قال والدها لـ«الشرق الأوسط» إنها فتاة مميزة منذ الصغر

قبل إعلان فوزها بلحظات قليلة (منصة «إكس»)
قبل إعلان فوزها بلحظات قليلة (منصة «إكس»)
TT

ياسمينا زيتون تكسر عتمة لبنان وتفوز بلقب وصيفة أولى لملكة جمال العالم

قبل إعلان فوزها بلحظات قليلة (منصة «إكس»)
قبل إعلان فوزها بلحظات قليلة (منصة «إكس»)

إثر فوزها بلقب وصيفة أولى في مسابقة ملكة جمال العالم، يؤكد إسماعيل والد ياسمينا زيتون في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أنه فخور بما حققته ابنته فرفعت اسم لبنان عالياً، ويصفها بالفتاة الذكية متابعاً: «منذ صغرها كانت تلفتني بتميزها وإصرارها على النجاح في كل شيء. عندما تكلّمت معها، أبدت سعادتها لهذا النجاح. ولكن هناك غصة في داخلها لعدم تمكنها من إحراز اللقب».

كسرت ياسمينا زيتون عتمة لبنان بفوزها بهذا اللقب، وأوجدت بقعة ضوء تشع بالأمل وبغدٍ مشرق.

قبل إعلان فوزها بلحظات قليلة (منصة «إكس»)

جاء فوز ياسمينا بعد تجاوزها عدة مراحل متتالية ضمن المسابقة. فاختيرت في المرحلة الأولى من بين 40 متسابقة لتتأهل إلى التصفيات ما قبل النهائية. ووقفت زيتون على خشبة المسرح مع 11 متسابقة أخرى، لتنتقل بعدها إلى مرحلة الـ«توب 8» ومن ثم إلى النهائية «توب 4»، فحصدت لقب الوصيفة الأولى لملكة جمال العالم 2024 الذي استطاعت التشيكية كريستينا بيشكوفا الفوز به.

وكان اللبنانيون قد حبسوا أنفاسهم وهم يتابعون مجريات المسابقة التي نقلها تلفزيون «إل بي سي آي» مباشرة عبر شاشته من الهند، وفرحتهم لا توصف عندما أُعلن عن فوز ياسمينا بلقب الوصيفة الأولى، وتصدر خبر فوزها وسائل التواصل الاجتماعي وتحول إلى «تراند». وكانت ياسمينا قد أطاحت قبلها بملكة جمال الهند إثر تباريهما على لقب ملكة جمال العالم لآسيا وأوقيانيا، محقّقة اللقب في الدورة 71 من مسابقة ملكة جمال العالم للعام الحالي. ووقفت على مسرح الحفل الذي أقيم في مدينة مومباي الهندية متألقة بفستان سهرة أزرق من تصميم اللبناني العالمي نيكولا جبران، وردت بذكاءٍ على أول سؤال مشترك طُرح على المتسابقات من ترينيداد وتوباغو وبوتسوانا وجمهورية التشيك، وكان موضوعه عن وسائل التواصل الاجتماعي وكيف يمكن أن تستخدم من قبل النساء لتمكينهن. مجيبة بأنه علينا «أن نكون أنفسنا وحقيقيين». وفي السؤال الموحد لماذا عليكِ أن تكوني ملكة جمال العالم؟ ردت بأنّها تعلمت من وطنها لبنان نشر الحب والاحترام والعطف ومقاومة ثقافة الموت. وختمت: «شكراً للبنان الذي علمني كيف أكون ملكة جمال الكون. شكراً للبلد الذي علّمنا كيف ننهض بعد كل سقوط، البلد الذي لم يقوَ عليه ثاني أكبر انفجار في التاريخ».

ويرى والد ياسمينا أنها لطالما عدّت المسرح والأضواء ملعبها. فهي تعرف كيف توصل طاقتها الإيجابية من خلالهما، كما أنها تتمتع بفن خطابة يلامس المشاعر ويدخل إلى القلوب مباشرة. ويضيف في سياق حديثه: «إنها ذكية وجميلة في آن، وأتذكرها طفلة هانئة لا تثير المشاكل».

متحمسة للعودة إلى لبنان (منصة «إكس»)

ولياسمينا أخت اسمها هيا، وأخ يدعى آدم وهي البكر بينهما. ويروي إسماعيل أنها لم تشأ أن يرافقها أحد من أفراد عائلتها إلى الهند. «لقد خافت أن تضيّع تركيزها على المسابقة وتضطر إلى أن تهتم بمن سيكون معها، وتنشغل في تأمين راحته. فهي قارئة نهمة وأمضت أيامها قبل موعد المسابقة تطالع وتبحث. وكل ذلك من أجل أن تتحكم بحضورها أثناء المسابقة، فترد بشكل يليق بصورة بلدها على الأسئلة التي ستطرح عليها».

وأطلت في أول حديث لها بعد فوزها بالمسابقة عبر منصة «إكس» متوجهة إلى اللبنانيين: «شكراً لكل الدّعم الذي قدمتموه لي، والكلام الجميل الذي رددتموه عني. فعلتُ كل ما في وسعي ولو حققت فرقاً بسيطاً، ولكنني نقلتُ صوتنا كلبنانيين. وتحدثتُ عن كل ما يحصل في لبنان، وحاولتُ أن أُظهر للعالم ميزة هذا البلد وأبرز وجهه المشرق، وأنا متحمسة جداً لعودتي إليه قريباً».

وكان من المتوقع أن تعود ياسمينا إلى وطنها الأم، مساء الأحد، ولكن بسبب فوزها باللقب طُلب منها تمديد إقامتها، لتشارك بنشاطات اجتماعية تنتظرها مع ملكة جمال العالم. ومعاً تقومان بزيارات وجولات تطال جزراً ومدناً في الهند.

اللبنانية ياسمينا زيتون (أ.ف.ب)

وكانت زيتون قد استطاعت الوصول إلى مجموعة أفضل خمس مشتركات من «بوتسوانا، ونيجيريا، وزيمبابوي، وإنجلترا، ولبنان». وذلك ضمن مشروع الجمال الهادف تحت عنوان «تحدي» (head to head) التابع للمنظمة الجمالية. ويهدف إلى إشراك المتنافسات في القضايا والمخاطر التي تهدّد العالم.

ولدت زيتون عام 2002، لعائلة لبنانية في كفرشوبا بالعرقوب جنوب لبنان، ودرست الصحافة في جامعة سيدة اللويزة. وأكدت أن تخصّصها في الصحافة ساعدها كثيراً، وأن شغفها بهذه المهنة كان موجوداً في داخلها منذ الصغر.

ومن المتوقع أن تُستقبل ياسمينا زيتون بحفاوة من قبل أهلها في جنوب لبنان، وكذلك على الصعيد الرسمي بالتعاون مع وزارة السياحة في لبنان.

والجدير ذكره أن ياسمينا زيتون انتخبت ملكة جمال لبنان في عام 2022، وذلك في مباراة أقيمت بـ«كازينو لبنان» بتنظيم من المؤسسة اللبنانية للإرسال «إل بي سي آي».



القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
TT

القاهرة الخديوية «المرهَقة» تسعى إلى استعادة رونق الزمن الجميل

ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)
ميدان طلعت حرب في قلب القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

جولة قصيرة في شوارع القاهرة الخديوية، المعروفة بوسط البلد، كافية لإدراك الثروة المعمارية التي تمثّلها المنطقة، ما بين طُرز معمارية متنوّعة، وأنماط في البناء وتخطيط للشوارع، وزخارف ورسوم على الواجهات التراثية، تعكس حسّاً فنياً يستدعي نوستالجيا من عصور مضت.

وتعرَّضت القاهرة الخديوية في الأعوام الـ50 الماضية إلى طفرات من النزوح والتغيير، ليقبع هذا الحيّ الذي أمر الخديوي إسماعيل ببنائه عام 1872، بهدف محاكاة باريس، تحت وطأة التحوّلات الاقتصادية والاجتماعية وحتى السياسية. ويبدو أنّ طبيعة المكان بوصفه مركزاً تجارياً جعلته عرضة لتغييرات جذرية نالت من هيئة مبانيه وعادات سكانه وروحه.

تسعى مصر إلى استعادة القاهرة الخديوية برونقها القديم، وهو ما أكده رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، لتصبح هذه المنطقة جاذبة سياحياً وتجارياً وثقافياً؛ معلناً أنّ مشروع التطوير سيتطلّب تخصيص عدد من شوارع القاهرة الخديوية للمشاة فقط.

يأتي هذا التوجه ضمن خطة يُشرف عليها الجهاز القومي للتنسيق الحضاري تتضمّن 4 مراحل، وفق ما يورده الجهاز في كتابه السنوي. وتستهدف الخطة تطوير منطقة وسط المدينة وإعادة إحيائها، وتحويل مشروع القاهرة الخديوية وجهةً سياحيةً وثقافيةً عالميةً، مع تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري، بالتعاون بين الجهاز ومحافظة القاهرة والجهات المعنية.

ممر «بهلر» من الطُرز المعمارية المميّزة في القاهرة الخديوية (الشرق الأوسط)

وزار عدد من المسؤولين، قبل أيام، مُثلث البورصة وشارع الشريفين لرفع كفاءتهما، وكذلك رفع كفاءة شارع الألفي وسرايا الأزبكية، والشوارع المتفرّعة منها. وأعلن الجهاز التدخّل على مستويين، هما التصميم العمراني وتطوير الواجهات، وفق تصوّر لإعادة إحياء الميادين الرئيسية في القاهرة الخديوية والمباني التراثية المطلّة عليها.

وقد رُمِّمت واجهات المباني وعُدِّلت واجهات المحلات، وأُزيلت جميع التعدّيات والمخالفات على واجهات المباني التراثية، في نطاق شارع قصر النيل، بدايةً من ميدان طلعت حرب، حتى ميدان مصطفى كامل، وفق إفادة رسمية.

وخلال مداخلة تلفزيونية، أكد عضو اللجنة العليا في جهاز التنسيق الحضاري، الدكتور أسامة النحاس، مواصلة العمل بشكل مكثّف على مشروع «تطوير القاهرة الخديوية»، لإعادة القاهرة التاريخية إلى سابق عصرها بكونها واحدةً من أهم المدن التراثية في العالم وأكبرها؛ موضحاً أن «جميع التعدّيات أُزيلت مِن على الواجهات والمباني التاريخية، سواء من المحلات أو الإعلانات وجميع الإشغالات التي تشوّه الصورة البصرية للقاهرة الخديوية»، ومؤكداً الحرص على تعزيز رونق العاصمة التاريخي والحضاري الناجم عن تفاعل العمارة المصرية الفرعونية بالغربية.

في المقابل، أشار متخصّصون في العمارة التاريخية، من بينهم مديرة «بيت المعمار المصري» سابقاً، الدكتورة هبة صفي الدين، إلى أكثر من مسار لتطوير القاهرة الخديوية، موضحة لـ«الشرق الأوسط» أنّ «التطوير لا يقتصر على الأنماط المعمارية فقط، وإنما يمتدّ لاستعادة روح المكان، وما يمثّله من تاريخ عريق، إلى جانب ترميم وإعادة تأهيل المباني ذات الطراز المعماري المميّز».

أحد العقارات قيد التطوير (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وكلّف الخديوي إسماعيل، المعماري الفرنسي هاوسمان، بتصميم القاهرة الخديوية وتنفيذها في وسط مدينة القاهرة عام 1867، وتصل المساحة التي خُصصت لذلك إلى 20 ألف فدان، وتضمَّنت طُرزاً معمارية فريدة أسهم فيها معماريون فرنسيون وإيطاليون وألمان ومصريون، وفق خبراء ومؤرخين.

وتشهد منطقة وسط البلد أعمال تطوير وترميم؛ الأمر الذي يظهر في واجهات عدد من المباني، لتستعيد طابعها المعماري التراثي. وبعضها، إنْ لم يكن تراثياً، فله طراز معماري مميّز، وفق تصريح تلفزيوني لرئيس جهاز التنسيق الحضاري، المهندس محمد أبو سعدة، الذي أشار في السياق عينه إلى وجود خطة موسَّعة لتطوير منطقة وسط البلد، واستخدام المباني التاريخية بالطريقة المناسبة.

وبالتوازي والتنسيق مع الجهود الحكومية، تعمل شركة «الإسماعيلية» التي تمتلكها مجموعة من رجال الأعمال على ترميم وإعادة تأهيل 25 عقاراً ضمن أصول الشركة بوسط البلد، «القاهرة الخديوية»، باستثمارات وصلت إلى نحو 500 مليون جنيه (الدولار يساوي 50.56 جنيه مصري)، وفق تصريحات إعلامية سابقة لرئيسها.

«الحفاظ على القاهرة الخديوية نمطاً حضارياً في المعمار يجب أن توازيه استعادة ثقافة المكان عبر سلوك البشر، فلا يصحّ ترك الأمر لتغيّرات الزمن التي سمحت للعشوائية بالزحف إلى أماكن عدّة في وسط البلد»، وفق صاحب مشروع «القاهرة عنواني»، محمود التميمي، لاستعادة الطابع التراثي وروح المدينة، الذي يشيد بجهود جهات عدّة تسعى إلى استعادة رونق القاهرة الخديوية، لكنه يُشدّد على ضرورة ربط تطوير المعمار وترميمه بالحفاظ على سلوكيات المكان وثقافته.

مبنى تراثي مفترض ترميمه في المرحلة الثالثة (الجهاز القومي للتنسيق الحضاري)

وتضمّ القاهرة التاريخية أحياء عدّة، مثل: عابدين، وقصر النيل، والزمالك، وبولاق أبو العلا، وميادين التحرير وطلعت حرب ومصطفى كامل والأوبرا بالعتبة؛ وشوارع شهيرة؛ مثل: قصر النيل، وطلعت حرب، وباب اللوق، وشريف، وعدلي، ونوبار، وعماد الدين، ومحمد فريد، و26 يوليو (شارع فؤاد سابقاً).

وبينما يستعيد صاحب مشروع «القاهرة عنواني» نمطاً مميّزاً للنوادل في أربعينات القرن الماضي وخمسيناته، حين كانوا يرتدون أزياء أنيقة تتمثّل في القميص الأبيض وربطة العنق على شكل فراشة، والجاكيت الأبيض، والبنطلون الأسود، كما في أفلام الأبيض والأسود؛ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصحُّ أن تُرمَّم وتُطوَّر العقارات المميّزة، ثم أجد تحتها مقهى يضمّ كراسي بلاستيكية، ونادلاً يرتدي الجينز و(تي شيرت) غريب و(شبشب) في قدمه». ويوضح: «على كراسي المقاهي في هذه المنطقة التحلّي بـ(كود) يُوضع بطريقة تليق بطبيعة المكان ولا يتحرّك من مكانه».

وفي كتابه «مقتنيات وسط البلد»، يرصد الكاتب المصري الراحل مكاوي سعيد عدداً من الأماكن التي لا تزال تحتفظ ببريقها، وكان لها دور فاعل في الحياة الثقافية والترفيهية في القاهرة التاريخية والحكايات التي تدور حولها، مثل: مقاهي «ريش»، و«غروبي»، و«النادي اليوناني»، و«ستوريل»، و«أسترا»، و«علي بابا»، وقهوة «الحرية»، وكثير من الأماكن التي لا يزال بعضها باقياً، والآخر أزاحته محلات الأحذية والوجبات السريعة.

ويلفت إلى أنّ بعض الأماكن الثقافية والترفيهية، مثل: «كلوب محمد علي»، وهو حالياً «النادي الدبلوماسي»، و«كافيه ريش»، لعبت دوراً في تطوّر الحياة الثقافية والفنّية في مصر، مضيفاً: «كذلك فندق (سافوي) الذي بُنيت مكانه عمارات (بهلر)، ودور العرض السينمائي التي اشتهرت بها المنطقة، ومنحتها طابعاً ثقافياً مميّزاً نتمنّى استعادته ضمن خطط التطوير الجديدة».