أوضاع معقدة للسودانيات بعد نحو عام من الحرب  

مأساة تعيشها المرأة السودانية في يومها العالمي
مأساة تعيشها المرأة السودانية في يومها العالمي
TT

أوضاع معقدة للسودانيات بعد نحو عام من الحرب  

مأساة تعيشها المرأة السودانية في يومها العالمي
مأساة تعيشها المرأة السودانية في يومها العالمي

يمرّ «يوم المرأة العالمي» على السودانيات في ظل أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة؛ بسبب الحرب الدائرة منذ نحو عام، بين الجيش السوداني و«قوات الدّعم السّريع»، وتعيش النساء شتّى أنواع الانتهاكات، التي حوّلت حياة الملايين منهنّ إلى جحيم. فكثيرات تعرضن للتحرش الجنسي والاغتصاب، والتهجير القسري الذي أجبرهنّ على السير لمسافات طويلة على الأقدام إلى معسكرات أُنشئت في دول الجوار، أو الإقامة شهوراً طويلة في معابر حدودية من أجل الحصول على تأشيرات دخول.

وتأتي مئات القصص الإنسانية لسودانيات مررن بتجارب مؤلمة لتجسّد واقعاً مرّاً في العاصمة الخرطوم، وفي ولاية الجزيرة، بالإضافة إلى كلٍّ من دارفور وكردفان.

تحكي رحاب المبارك عضو مجموعة «محامي الطوارئ»، عمّا تعرّضت له المرأة في الخرطوم قائلة: «دفعت النساء ثمن الحرب غالياً. وتعرضن لأعمال السّخرة. ضرر كبير وقع عليهنّ ولا يزال، حيث بِتْنَ يُستخدَمن في العمالة المنزلية، ويعانين من أبشع أنواع العنف الجنسي، والاغتصاب الوحشي، لذا تتضاءل خياراتهن ويصارعن للبقاء على قيد الحياة والنجاة من مناطق الصراع المسلح».

من جانبها، تقول أم محمد التي تعمل في منظمة مدنية بعد اندلاع القتال في الخرطوم ووصول القصف حيث تعيش: «أجبرتنا الحرب لترك منازلنا وحياتنا وذكرياتنا وكل ما نملك من مال. وفي رحلة الهجرة القسرية للخروج من العاصمة عايشنا الجحيم، وشاهدنا دمار مدينتنا وكيف احترقت الأسواق، ولن ننسى ألم مشاهدة الجثث الملقاة على طول الطريق». وتخبر عن كم الصدمات النفسية التي تعرّضت لها ابنتها بعد إطلاق النار عليهم خلال رحلة هروبهم من العاصمة، وما شكّلته هذه الحادثة من تبعات نفسية على طفلتها، وتضيف: «لم تكن عملية الخروج سهلةً، فقد واجهنا رعباً حقيقياً، فكنا كلّما مررنا بحاجز عسكري لا تتوقف طلقات النار علينا لإجبار السائق على التوقف».

وتقول هبة ختمي، معلمة وناجية من حرب الخرطوم: «هربت من الخرطوم ولجأت إلى مسقط رأس والدي في مدينة عبري، لأدخل بعد ذلك في فترة صمت كامل، رفضت ذاكرتي خلالها استعادة ما حدث في الخرطوم. لم يكن الاستقرار سهلاً في مدينة اللجوء، وبمرور الوقت بدأتُ أفكر في الخروج من السودان بعد فقدان أمل توقف الحرب، ومواجهة التحديات المادية بعد فقداني وظيفتي».

واستعرضت إيمان فضل، عضو نقابة الصحافيين السودانيين، قصصاً إنسانية مؤلمة للصحافيات قائلة: «معظمهنّ فقدن مصادر دخلهن بعد أن توقفت غالبية الصحف عن العمل، ولجأن إلى المعسكرات في ظروف إنسانية بالغة التعقيد، وزاد ألمهنّ تعرضهن للاستهداف، ولا ننسى ما حدث مع الصحافية سماهر عبد الشافع، التي اغتيلت في دارفور، والصحافية حليمة إدريس التي استُهدفت خلال تغطيتها أحداث (مستشفى أمدرمان)، فسقطت ميتة».

ووثقت تقارير جديدة للأمم المتحدة، نُشرت الأسبوع الماضي، مزيداً من الانتهاكات ضد النساء في دارفور، شملت القتل، والتهجير القسري، والاغتصاب، بمَن فيهنّ القاصرات. ويقارن المنتقدون لأعمال العنف ما يحدث اليوم بما حدث في أوائل العقد الأول من القرن العشرين، حين قُتل أكثر من 200 ألف شخص، ونُفّذت عمليات اغتصاب جماعية في قرية تابت.

وتتهم منظمات طوعية وحقوقية، طرفَي الصراع في السودان بالتورط في احتجاز مئات النساء بتهم تتعلق بالتخابر أو بسبب أساسهنّ العرقي.

وكانت «هيئة محامي دارفور» قد أعلنت في فبراير (شباط) الماضي، اعتقال السلطات في مدينة عطبرة (530 كيلومتراً) من الخرطوم، لكل من إنعام أحمد خيري، وسلمى حسن؛ لانتمائهما إلى قبيلة المسيرية، إحدى الإثنيات المكوّنة لـ«قوات الدعم السريع». كما تشير بحوث أُجريت على قطاع التعليم في السودان بعد الحرب إلى تأثيرها السلبيّ في أكثر من 11 مليون تلميذ، نصفهم من الفتيات اللواتي بات مصيرهن على المحك، مما خلق واقعاً جديداً لزواج الصغيرات في السّن في كثير من أماكن النزوح.


مقالات ذات صلة

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))
الولايات المتحدة​ صورة للصحافية الأميركية - الإيرانية مسيح علي نجاد مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحتها على موقع «إكس»)

واشنطن تتهم مسؤولاً في الحرس الثوري الإيراني بالتخطيط لاغتيال صحافية في نيويورك

وجّهت الولايات المتحدة اتهامات جديدة إلى مسؤول في الحرس الثوري الإيراني وآخرين بمحاولة خطف صحافية أميركية من أصل إيراني في نيويورك واغتيالها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
TT

شكوك حول أسباب وفاة الملحن المصري محمد رحيم

الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)
الملحن المصري الراحل محمد رحيم خاض تجربة الغناء (حسابه على «فيسبوك»)

أثار خبر وفاة الملحن المصري محمد رحيم، السبت، بشكل مفاجئ، عن عمر يناهز 45 عاماً الجدل وسط شكوك حول أسباب الوفاة، كما تصدر اسم رحيم «ترند» موقعي «غوغل»، و«إكس»، خلال الساعات الأخيرة.

وكان الفنان المصري تامر حسني قد أعلن عن موعد مراسم الجنازة عبر خاصية «ستوري» بصفحته الرسمية بموقع «إنستغرام»، لكنه سرعان ما أعلن تأجيل المراسم، لافتاً إلى أن طاهر رحيم، شقيق الفنان الراحل، سيعلن عن موعد الجنازة مجدداً، وكان الأخير أعلن تأجيلها «حتى إشعار آخر»، وفق ما كتب عبر حسابه بـ«فيسبوك».

وحسب مواقع إخبارية محلية، فقد تم تأجيل مراسم الجنازة عقب توقيع الكشف الطبي على جثمان الملحن الراحل، ووجود شكوك في شبهة جنائية حول وفاته، إذ تضمن تقرير طبي متداول إعلامياً ومنسوب لإحدى الإدارات الصحية بمحافظة الجيزة وجود «خدوش وخربشة»، و«كدمات» في الجثمان.

يذكر أن رحيم كان قد أعلن في شهر فبراير (شباط) الماضي عبر حسابه بموقع «فيسبوك» عن اعتزاله الفن، لكنه تراجع عن قراره ونشر مقطعاً مصوراً أكد خلاله عودته مجدداً من أجل جمهوره.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حسابه على «فيسبوك») ‫‬

كان الراحل قد تعرض لذبحة صدرية في شهر يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته مدربة الأسود المصرية أنوسة كوتة.

من جانبها، أعلنت أرملة رحيم قبل ساعات عبر صفحتها الشخصية بموقع «فيسبوك»، عن موعد الجنازة مجدداً بعد صلاة عصر اليوم (السبت)، من مسجد الشرطة بمدينة الشيخ زايد، لكنها قامت بحذف المنشور.

الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم أكد أن «وفاة رحيم شكلت صدمةً لجمهوره ومحبيه حيث كان بصحة جيدة، وخرج من محنته المرضية الأخيرة وتعافى تماماً وذهب لأداء العمرة قبل شهر».

الملحن المصري محمد رحيم (حسابه على «فيسبوك»)

وتحدث فوزي لـ«الشرق الأوسط» عن رحيم الملحن، لافتاً إلى أن «إنتاجاته لها مذاق مختلف، وهذه السمة نادرة الوجود حيث عُرف بالتفرد والإبداع والابتكار الذاتي».

وذكر فوزي أن تعاونه مع رحيم بدأ مطلع الألفية الحالية واستمر حتى رحيله، حيث كان على موعد لتسجيل أحدث أغاني «الكينج» محمد منير من كلماته وتلحين رحيم.

ووصف فوزي، رحيم، بأنه «أحد عباقرة العصر وإحدى علامات الأغنية المصرية في الربع قرن الأخير»، لكنه كان يعاني بسبب تجاهله وعدم تقديره إعلامياً.

ويستكمل فوزي حديثه قائلاً: «إحساسه بعدم التقدير جعله يوظف طاقته بالعمل، ويبتعد عن السلبيات، حتى صار مؤخراً في المرتبة الأولى في قائمة التحصيل وحق الأداء العلني بالأرقام الرسمية من جمعية (المؤلفين والملحنين المصرية - الساسيرو)، حتى أن اسمه فاق اسم الموسيقار بليغ حمدي في التحصيل، كما جرى تكريمه بالعضوية الذهبية».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب الملحن الراحل على «فيسبوك»)

وتعاون رحيم مع عدد من الفنانين، من بينهم نانسي عجرم، وعمرو دياب، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وساندي، وكارول سماحة، وبهاء سلطان، وتامر عاشور، وجنات، وهيفاء وهبي، وغيرهم.

ومن بين الألحان التي قدمها محمد رحيم منذ بدايته قبل 26 عاماً أغنيات «وغلاوتك» لعمرو دياب، و«أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق»، و«أنا في الغرام» لشيرين، و«بنت بلادي» لفارس، و«ليه بيداري كده» لروبي، و«في حاجات» لنانسي عجرم.