«كَوْن»... واجهة رقمية للتراث الثقافي السعودي

تُعد أول منصة «ميتافيرس» من نوعها عالمياً

«كَوْن» تتيح لمُتصفحيها من أي مكان استكشاف التاريخ الغني للثقافة السعودية (وزارة الثقافة)
«كَوْن» تتيح لمُتصفحيها من أي مكان استكشاف التاريخ الغني للثقافة السعودية (وزارة الثقافة)
TT

«كَوْن»... واجهة رقمية للتراث الثقافي السعودي

«كَوْن» تتيح لمُتصفحيها من أي مكان استكشاف التاريخ الغني للثقافة السعودية (وزارة الثقافة)
«كَوْن» تتيح لمُتصفحيها من أي مكان استكشاف التاريخ الغني للثقافة السعودية (وزارة الثقافة)

ضمن إطار تقني مبتكر، تأخذ منصة «كَوْن» التي دشنتها وزارة الثقافة، الأربعاء، الجمهور لرحلة افتراضية تفاعلية عبر ثقافة السعودية وتراثها الغني لينغمسوا في مغامرة فريدة تعيدهم إلى تاريخ البلاد العريق من عام 1727 إلى الوقت الحاضر، مدعوماً بالوسائط التوليدية الذكية، مما يتيح لهم الاستكشاف والتعلم والكسب والتواصل مع جوهر ثقافتها.

وأكد حامد فايز نائب وزير الثقافة، خلال حفل التدشين الذي أُقيم ضمن فعاليات مؤتمر «ليب 24» الدولي بالرياض، أن اهتمام الوزارة بالتقنية جاء منذ وقت مُبكر، حيث وجّهت بدعمٍ وتوجيهٍ ومتابعةٍ من الوزير الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، تركيزها على تطوير القطاع الثقافي وجعلِه سبّاقاً لاستثمار التقنيات الناشئة، وتوظيفها في خدمة الحراك الإبداعي المحلي، وتقديم الحلول والتطبيقات النوعيّة والمبتكرة القادرة على مواكبة زيادة معدلات استخدام أفراد المجتمع للفضاء الرقمي بمختلف قوالبه ومساراته.

حامد فايز يتحدث عن المنصة خلال حفل تدشينها ضمن فعاليات مؤتمر «ليب 24» بالرياض (واس)

وأشار إلى حرص الوزارة منذ يومها الأول على أن تجعل «الثقافة نمط حياة»، وقال: «لأن الحياة في بلادنا تتطور باستمرار، والتقنية تنمو يوماً بعد يوم، فقد استدعى ذلك أن نواكب هذا النمو، ونأخذ بالثقافة السعودية من عوالمها التقليدية إلى فضاءات أوسع، وما منصة (كَوْن) إلا بداية الطريق في هذا الاتجاه».

وأوضح فايز أن «(كَوْن) تعد أول منصة (ميتافيرس) ثقافية وطنية في العالم، وهي مدعومة بنظام الذكاء الاصطناعي التوليدي، بتقنية Hyperledger Fabric 2.5 blockchain، وتقدم تجربة افتراضية غامرة في عالم (الميتافيرس)»، لافتاً إلى أنها تتيح لمُتصفحيها من أي مكان استكشاف التاريخ الغني للثقافة السعودية والمشاركة فيه، والتفاعل معه، بمُحاكاة بصرية دقيقة، وبمحتوى معرفي رصين.

«كَوْن» تُعد أول منصة «ميتافيرس» ثقافية وطنية في العالم (وزارة الثقافة)

وأضاف أن هذه المنصة ليست سوى جزء من جهود الوزارة لخدمة الثقافة السعودية، ونقلها نحو آفاق فسيحة، عبر استثمار التقنية، والإبحار في إمكاناتها غير المحدودة، متابعاً: «يدعمنا في ذلك، ويساعدنا على تحقيقه، التوجّه العظيم لقيادتنا نحو تطوير البنية التحتية الرقمية في بلادنا، وجعلها من بين الأفضل على مستوى العالم، تحت مظلة (رؤية السعودية 2030)».

ودعا فايز جميع المشاركين في «ليب 24» من مختلف الجنسيات إلى التعاون مع الوزارة للعمل معاً على استكشاف آفاق التقنية، وما يمكن أن تقدمه للثقافة في السعودية وكل العالم، متمنياً أن تكون زيارتهم للمملكة فرصة للاطلاع على ما تزخر به من تنوُّع ثقافي، وتجربة الضيافة العريقة وما يرتبط بها من دلالات ثقافية.

تُقدم «كَوْن» تجربة غامرة بالكامل في عالم «الميتافيرس» (وزارة الثقافة)

وتُقدم «كَوْن»، الواجهة الرقمية للتراث الثقافي السعودي الغني، تجربة غامرة بالكامل في عالم «الميتافيرس» على الويب أو الجوالات الحديثة «Mobile XR»، مما يضمن إمكانية الوصول عبر مجموعة واسعة من الأجهزة الرقمية، سواء من خلال الهواتف الجوالة، أو سماعات الرأس (VR)، أو سطح المكتب، وغيرها.


مقالات ذات صلة

السعودية تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي

يوميات الشرق السعودية ثمّنت حرص البرازيل على دعم استمرارية المسار الثقافي بمجموعة العشرين (واس)

السعودية تؤكد التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي

أكدت السعودية التزامها بالحفاظ على التراث الثقافي، وتطلّعها لتوطيد مكانة الثقافة بوصفها قوة دافعة للتنمية المستدامة، ومصدر إلهام لأجيال المستقبل لبناء عالم أفضل

«الشرق الأوسط» (سلفادور)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان ونظيره الأميركي أنتوني بلينكن (الشرق الأوسط)

وزيرا خارجية السعودية وأميركا يناقشان المستجدات الإقليمية

ناقش الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن، الجهود المبذولة بشأن تداعيات المستجدات الإقليمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق «SRMG Labs» أكثر الوكالات تتويجاً في مهرجان «أثر» للإبداع بالرياض (SRMG)

«الأبحاث والإعلام» تتصدّر مهرجان «أثر» للإبداع بـ6 جوائز مرموقة

حصدت «SRMG Labs»، ذراع الابتكار في المجموعة السعودية للأبحاث والإعلام (SRMG)، 6 جوائز مرموقة عن جميع الفئات التي رُشّحت لها في مهرجان «أثر» للإبداع.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنون السودانية زيّنت فعاليات اليوم الأول من الفعاليات (الشرق الأوسط)

تعزيزاً للتواصل مع المقيمين... «أيام السودان» تنطلق في الرياض

أطلقت مبادرة «انسجام عالمي» السعودية، فعالية «أيام السودان»؛ بهدف تعزيز التواصل مع آلاف من المقيمين السودانيين في البلاد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق جانب من «مؤتمر الطبّ التجميلي» الذي استضافته الرياض (الشرق الأوسط)

جراحات التجميل للرجال في السعودية... إقبالٌ لافت لغايات صحّية

احتلّت السعودية عام 2023 المركز الثاني عربياً في عدد اختصاصيي التجميل، والـ29 عالمياً، في حين بلغ حجم قطاع الطبّ التجميلي فيها أكثر من 5 مليارات دولار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

أنار مدرسة بالقاهرة القديمة... مصباح نادر من العصر المملوكي للبيع في لندن

مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
TT

أنار مدرسة بالقاهرة القديمة... مصباح نادر من العصر المملوكي للبيع في لندن

مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)
مصباح صرغتمش يُعرَض في المزاد (بونامز)

عرف عصر المماليك في مصر صراعات دامية ونزاعات مريرة، ولكن في عالم التحف والآثار تتسم القطع الباقية من ذلك العصر بالجمال والأناقة والصنعة رفيعة المستوى بدءاً من النحاس إلى الزجاج وصولاً للمخطوطات.

نتوقف عند الزجاج الذي برع الصناع في ذلك العصر في نفخه وتشكيله وزخرفته، وتجلى ذلك في مصابيح المساجد المزخرفة بالمينا بكتابات بديعة التشكيل من آيات القرآن الكريم. لا يخلو متحف عالمي به قسم للفن الإسلامي من نسخة من تلك المصابيح سواء كانت صُنعت في عهد المماليك أو صنعت بالطراز نفسه لاحقاً في أوروبا، ويمكن القول إنَّه لا توجد قطع مماثلة خارج المتاحف حتى الآن. ولكن السوق الفنية ملأى بالمفاجآت، إذا تعرض «دار بونامز» في لندن في مزادها القادم مصباحاً أثرياً من ذلك العهد؛ فهو يحمل نَسباً تاريخياً يعود للأمير المملوكي سيف الدين صرغتمش الناصري، وهو أحد مماليك السلطان الناصر محمد بن قلاوون. ما نعرفه عن تاريخ انتقال ملكية المصباح قليل، ولكن المعلومة الرئيسية هي أنه كان بحوزة عائلة نوبار باشا، أول رئيس وزراء لمصر في العصر الحديث، وظل مع العائلة حتى يومنا هذا.

جماليات تعكس صناعة وحِرفة باهرة (بونامز)

نستكشف قصة المصباح مع نيما ساغارتشي، رئيس قسم الفن الإسلامي والشرق الأوسط بـ«دار بونامز»، الذي يبدأ حديثه بالتأكيد على ندرة المصابيح المملوكية في السوق «في القرن الحالي لم تظهر سوى ثلاثة مصابيح مملوكية في الأسواق، فهو أمر نادر الحدوث لسبب بسيط، وهو أن غالبيتها تقبع في المتاحف مثل متحف الفن الإسلامي في القاهرة الذي يضم عدداً كبيراً منها». وإلى جانب عامل الندرة، هناك عامل آخر تحرص عليه دور المزادات، ويمنح القطع المعروضة أهمية مزدوجة، وهو وجود تاريخ وثيق من الملاك السابقين، وهو ما يتحدث عنه ساغراتشي.

تنقلات المصباح

لا نعرف الكثير عن المصباح وتنقلاته في السوق قبل القرن التاسع عشر؛ لهذا ستبدأ حكايته عند وصوله إلى يد دبلوماسي وجامع فنون فرنسي يُدْعَى تشارلز شيفر نشأ في باريس، ودرس العربية والتركية والفارسية. عُيّن شيفر مترجماً في وزارة الخارجية الفرنسية في 1843، وحتى 1857، وتنقل في أماكن مختلفة في أرجاء الإمبراطورية العثمانية، وفي مصر، ويعتقد أنه ابتاع المصباح في تلك الفترة، وأخذه معه إلى باريس. بعد ذلك وفي عام 1906 انتقل المصباح لمجموعة بوغوص باشا، وهو ابن أول رئيس وزراء في مصر نوبار باشا 1825-1899) وظل المصباح مع العائلة منذ ذلك الوقت.

بوغوص باشا ابن أول رئيس وزراء في مصر نوبار باشا 1825 - 1899)

يشير ساراغتشي إلى أن عائلة نوبار باشا الأرمينية الأصل كانت تقيم بين القاهرة وباريس، واستقرت في باريس بعد ثورة 1952. وتنقل المصباح مع العائلة حتى استقر في شقة بجنيف، «لم يكن أحدهم يعرف عن أهمية المصباح، ولا تاريخه ولا ندرته». بعد خروجه من مصر في القرن التاسع عشر ظل المصباح في أوروبا وبعد وفاة بوغوص باشا، ولم ينل المصباح اهتمام العائلة، وظل قابعاً في شقتهم في جنيف. من الملاحظ أن المصباح بحالة جيدة، ويرجع الخبير ذلك إلى أنه ظل في حوزة مالك واحد وعائلته «بشكل ما وجوده في مكان واحد ربما على مدى 100 عام حافظ على حالته، رغم ذلك يجب أن أقول إنه من النادر جداً أن نجد مصباحاً بهذه الحالة، لا يوجد به شروخ وحالة الزخارف جيدة والكتابات ما زالت معظمها موجودة». الأصل في عرض المصابيح الزجاجية القديمة كان تعليقها بواسطة حبال تتدلى من أسقف المساجد وقبابه، وهو أمر لا يمكن تخيل حدوثه اليوم، خصوصاً وأن المصابيح المتبقية من ذلك العصر قيّمة جداً، وفي حالة مصباح صرغتمش فسعره يقارب مليون جنيه إسترليني، بحسب الخبير.

جماليات وزخارف

هناك الكثير مما يميز المصابيح الزجاجية إلى جانب تاريخها وقصصها؛ فالجماليات فيها تعكس صناعة وحِرفة باهرة «الشيء الخاص جداً والمميز في المصابيح من هذا النوع هو صعوبة تنفيذ الزخارف والكتابات بالمينا على الزجاج. عندما ننظر إلى النماذج المصنوعة في أوروبا في الفترة نفسها نجد أن الصناعة كانت فقيرة وبدائية. ولهذا أن تكون هناك القدرة في القرن الرابع عشر على تنفيذ مثل هذه الكتابات متعددة الألوان والمزينة بالزخارف والأزهار مباشرة على الزجاج فهذا أمر مدهش، وقد برع فيه الصانع والحرفي المملوكي، واختفى بعد ذلك».

مدرسة الأمير صرغتمش في حي السيدة زينب بالقاهرة (بونامز)

الحديث عن الزخارف والألوان يأخذنا لحرفة عتيقة ومدهشة في آن واحد، أسأله عن الألوان المستخدمة التي حافظت على لمعانها وثباتها عبر القرون، يقول: «فعلاً، فهي من نوعية عالية الجودة، وكان الحرفي يكتب، ويلوّن على الزجاج في أثناء تشكيله مباشرة، فبينما كان الزجاج يتشكل بالنفخ كان الحرفي يضيف الألوان التي تكونت في العادة من الأحمر والذهبي والأزرق، وما نعرفه الآن أن كل لون كان يوضع في درجة حرارة معينة مناسبة له، كان أمراً صعباً، وليس بسهولة الرسم على القماش على سبيل المثال الذي يمكن تصحيحه».

زخارف وكتابات بالمينا على الزجاج (بونامز)

نرى على الجزء العلوي من المصباح الآية الكريمة «اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ» من سورة النور، كما تحمل اسم الأمير صرغتمش وشعاره واسم السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وكانت معلقة في مدرسة صرغتمش بالقاهرة. يقول ساراغتشي إن الأمير صرغتمش وهو أحد أمراء السلطان المملوكي البحري الناصر محمد بن قلاوون أسس مدرسة باسمه في حي السيدة زينب عام 757هـ/ 1356م، قد أمر بصنع المصباح ليضعه فيها. يعرض المصباح في «مزاد بونامز» للفن الإسلامي والهندي في لندن يوم 12 نوفمبر (تشرين الثاني) بسعر تقديري يتراوح ما بين 600 ألف ومليون جنيه إسترليني.