محمد رفعت يُطل بتلاوات نادرة في رمضان

حفيدته قدرتها بـ22 ساعة تُبث للمرة الأولى

القارئ الشيخ محمد رفعت
القارئ الشيخ محمد رفعت
TT

محمد رفعت يُطل بتلاوات نادرة في رمضان

القارئ الشيخ محمد رفعت
القارئ الشيخ محمد رفعت

مع قرب حلول شهر رمضان سيكون المصريون على موعد مع تلاوات نادرة لم يستمعوا لها من قبل بصوت القارئ المصري الشيخ محمد رفعت (1882- 1950) والذي يحظى بمكانة مرموقة في عالم تلاوة القرآن في مصر والعالم الإسلامي.

وقد أنجزت مدينة الإنتاج الإعلامي المصرية بالتعاون مع أسرته أكثر من 52 ساعة أخضعتها لأجهزتها الحديثة المخصصة لتنقية الصوت، وإعادة تسجيلاته لحالتها الطبيعية، وهي مقسمة بين 22 ساعة تم ترميمها وإعادتها للحياة من جديد، فضلاً عن 30 موجودة لدى الإذاعة المصرية، ولا تقوم بإذاعة إلا القليل منها حسب ما ذكرته هناء حسين محمد رفعت، حفيدة المقرئ الراحل.

وتقول حفيدة رفعت لـ«الشرق الأوسط»: «إن الشركة المصرية لمدينة الإنتاج الإعلامي خصصت ميزانية كبيرة لصيانة تراث الشيخ، وقامت من خلال (الهندسة الصوتية) بترميم الكنوز الجديدة التي كانت لدينا، وكان المسؤول عن ذلك الدكتور عبد الفتاح الجبالي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للمدينة، كان مهتماً جداً بمشروع إعادة تجديد تراثه. وقد قضينا عامين كاملين من أجل إتمام هذه المهمة».

التلفزيون المصري سيذيع تلاوات نادرة للقارئ الراحل في رمضان (عبد الفتاح فرج)

موضحة: «كانت هناك تلاوات قديمة في الإذاعة، بعضها لا يذاع، وأضفنا لها العديد من السور التي لم يسمعها المصريون من قبل، وقد كان هدفنا إعادة الكثير من التسجيلات للحياة»، لافتة إلى أن بعض هذه التسجيلات كانت توجد في الإذاعة منذ 45 عاماً، وكانت تحتاج لإعادة صياغة وإجلاء صوت باستخدام تقنيات وبرامج حديثة، «وقد أضفنا لها ما لدينا ويعادل 22 ساعة تلاوة مما تيسر من القرآن الكريم».

وذكرت هناء رفعت «أن كل تلاوات الشيخ رفعت التي كان مكتوب عليها في الإذاعة (لا تصلح) خضعت لعمليات صيانة جديدة باستخدام تكنولوجيا متقدمة، بثت فيها روحاً وأعادتها لألقها من جديد».

الشيخ رفعت (يمين) داخل الجامع الأزهر (أسرته)

ويعد الشيخ محمد رفعت أحد أعلام قراء القرآن الكريم البارزين، ولقبه محبوه بـ«قيثارة السماء»، وأنشد الشعراء في تمجيد صوته الكثير من القصائد، فهو من افتتح بث الإذاعة المصرية سنة 1934م، وكان والده محمود رفعت مأموراً بقسم شرطة الجمالية، وقد ألحقه بكُتّاب «بشتاك» الملحق بمسجد فاضل باشا بدرب الجماميز بالسيدة زينب، وعلى يد معلمه الأول الشيخ محمد حميدة حفظ القرآن، وبعد ست سنوات أدرك شيخه تميزه، وبدأ يرشحه لإحياء الليالي في الأماكن المجاورة. وقد درس علم القراءات والتجويد لمدة عامين على يد الشيخ عبد الفتاح هنيدي صاحب أعلى سند في وقته ونال إجازته.

ومن بين ما سيتم تقديمه خلال شهر رمضان المقبل مقاطع عديدة من تلاواته لسور البقرة، وآل عمران، والأنعام، والنور، تقول هناء رفعت: «لدينا 6 تلاوات جديدة من سورة البقرة، وكل ما تقدمه الإذاعة المصرية من تراث الشيخ كان من عمل أسرته، وأبنائه، إذ كنا نقوم بتجهيز التسجيلات وتقديمها للمسؤولين في إذاعة القرآن الكريم، لكن للأسف لم تتم إذاعتها، ما قدمناه لهم من درر لا يذيعونها، وقد ذهبت للقاء الكثيرين من الذين تولوا رئاسة الإذاعة لكن دون جدوى، إذ كنت أزودهم بأرقام وبيانات الشرائط التي أرسلناها لهم عن طريق أبي».

وأضافت حفيدة الشيخ رفعت أن كل ما قرأه جدها من تلاوات كانت ضمن «مكتبة زكريا باشا مهران السمعية»، وقد أهدتنا أسرته كل ما لديها من تراث محمد رفعت، كانت مجموعة من الأسطوانات، وهم المصدر الوحيد الذي يملك تلاواته. «كان الباشا محباً للشيخ، عاشقاً لصوته، وكان يذهب له في منزله، ويسجل له ما يتيسر من سور القرآن الكريم».

الشيخ محمد رفعت لقب بقيثارة السماء (أسرته)

وقالت حفيدة الشيخ رفعت إن جدها حين أصابه المرض، دعا البعض لاكتتاب لمساعدته في مرضه، لكنه رفض تسلم المال وكان مبلغاً كبيراً، وقال «إن قارئ القرآن لا يهان ولا يدان»، بعدها ذهب زكريا باشا مهران إلى الإذاعة، وقال لهم: «لديَّ الكثير من قراءات الشيخ، وأعطاها لهم، وطالبهم بعمل معاش لجدي، لكن الباشا توفي قبل صرف ما اتفق معهم عليه، وتبعه جدي».

وتذكر هناء أن «أسرة الباشا لم تنس تراث جدي، وظل اهتمامهم به كما لو كان موجوداً، وقد تواصلت حرمه زينب هانم مبارك مع أبي وإخوته، وسلمتهم ما لديها من تسجيلات»، مشيرة إلى أن والدها الذي كان يعمل مسؤولاً كبيراً في وزارة الصناعة لم يكن يملك إمكانات والده في تلاوة القرآن، لكن حبه له جعله يضع مهمة تجديد تلاواته في المرتبة الأولى من اهتماماته، وقد سعى للاهتمام بكل ما له علاقة بالهندسة الصوتية، «حتى يكون قادراً على صيانة ما لدينا من كنوز قرآنية».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
TT

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)
هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، «تشريفاً تعتز به»، ومسؤولية في الوقت نفسه، مؤكدة أن «السينما العربية حققت حضوراً جيداً في المهرجانات الدولية». وأشارت، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إلى أنها تنحاز للأفلام التي تُعبر عن أصالة الفكرة وروح المغامرة، منوهة بعملها على فيلمها الطويل الأول منذ 3 سنوات، لكنها لا تتعجّل تصويره؛ كون الأفلام الطويلة تتطلّب وقتاً، ولا سيما الأفلام الأولى التي تحمل تحديات على صُعُد القصة والإنتاج والممثلين، مُشيدة بالخطوات التي قطعتها السينما السعودية عبر أفلام حقّقت صدى محلياً ودولياً على غرار «نورة» و«مندوب الليل».

بدأت هند الفهاد عملها عام 2012، فأخرجت 4 أفلام قصيرة شاركت في مهرجانات عدة وهي: «بسطة» الذي فاز بجائزة في «مهرجان دبي» 2015، و«مقعد خلفي»، و«ثلاث عرائس وطائرة ورقية»، و«المرخ الأخير» الذي جاء ضمن فيلم «بلوغ»، وتضمّن 5 أفلام قصيرة لـ5 مخرجات سعوديات، وشارك قبل 3 أعوام في «مهرجان القاهرة السينمائي».

وبين حضورها المهرجان في أحد أفلامها قبل سنوات، ومشاركتها بلجنة تحكيم العام الحالي، ترى هند الفهاد فرقاً كبيراً، موضحة: «أن أكون مشاركة في فيلم ويعتريني القلق والترقب شيء، وأن أكون أحد الأعضاء الذين يُسمّون هذه المشروعات شيء آخر، هذا تشريف ومسؤولية، إذ أشاهد الأفلام بمنظور البحث عن الاختلاف والتميز وأساليب جديدة لصناع أفلام في تناول موضوعاتهم، وأجدني أنحاز للأفلام التي تعبّر عن أصالة الفكرة وتقدم حكاية لا تشبه أي حكاية، وتنطوي على قدر من المغامرة الفنية، هذه من الأشياء المحفزة في التحكيم، وقد ترأستُ قبل ذلك لجنة تحكيم أفلام الطلبة في مهرجان أفلام السعودية».

لا تتعجل الفهاد فيلمها الطويل الأول (الشرق الأوسط)

وعن رؤيتها للسينما العربية بعد مشاهدتها أحدث إنتاجاتها في «مهرجان القاهرة»، تقول هند الفهاد: «لا شك في أنها قطعت خطوات واسعة في السنوات الأخيرة بحضورها في المهرجانات الكبرى؛ لأن لدينا حكايات تخصّنا، وهناك مخرجون ومخرجات أثبتوا حضورهم القوي عبر أفكار وأساليب متباينة، وأنا أقول دائماً إن الفكرة ليست في القصة، وإنما في كيف تروي هذه القصة ليتفاعل معها الجمهور في كل مكان».

وتكشف المخرجة السعودية عن استعدادها لتصوير فيلمها الروائي الطويل الأول الذي تعمل عليه منذ سنوات، قائلة: «كتبته المخرجة هناء العمير، ووصلنا أخيراً لنسخة السيناريو المناسبة، لكن الأفلام الطويلة، ولا سيما الأولى تحتاج إلى وقت للتحضير، خصوصاً إذا كان في المشروع تحديات على صُعُد القصة والممثلين والإنتاج».

وتتابع هند: «لم أحدّد بعدُ توقيت التصوير. وعلى الرغم من أنه مشروعي الأساسي، لكن هناك مشروعات أخرى أشتغل عليها، وفي تعدّدها أضمن استمرارية العمل لأكون حاضرة في المجال، فقد تكون هناك فكرة رائعة، لكن حين تُكتب نكتشف أنه من الصعب تنفيذها، لأسباب عدة».

وعن نوعية الفيلم تقول: «اجتماعيّ دراميّ، تدور أحداثه في غير الزمن الحالي. وانتهت مرحلة تطوير النص لفيلمي القصير، ووصل إلى النسخة المناسبة، وأنا، الآن، أختار أبطاله، وهو يروي حكاية تبدو في ظاهرها بسيطة، وتحمل أوجهاً عدّة، فأنا لا أُعدّ الأفلام القصيرة مرحلة وانتهت، بل أحب العمل عليها بشغف كبير في ظل ما أريده، والمعطيات من حولي وكيف أتقاطع مع هذه الأشياء».

وحاز مشروع فيلمها الطويل «شرشف» على منحة إنتاج من معمل البحر الأحمر، وترى هند الفهاد أن التّحدي الحقيقي ليس في التمويل؛ لأن النص الجيد والسيناريو المكتمل يجلبان التمويل، مُشيدة بتعدّد جهات الدعم في المملكة من منطلق الاهتمام الجاد بالسينما السعودية لتأسيس بنية قوية لصناعة السينما أوجدت صناديق تمويل متعددة.

وعلى الرغم من عمل هند الفهاد مستشارة في تطوير المحتوى والنصوص الدرامية، فإنها تواصل بجدية الانضمام إلى ورش السيناريو؛ بهدف اكتساب مزيد من الخبرات التي تُضيف لها بصفتها صانعة أفلام، وفق تأكيدها.

هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

بدأت هند الفهاد مشوارها قبل القفزة التي حققتها صناعة السينما السعودية. وعن ذلك تقول: «كنا نحلم بخطوة صغيرة فجاءنا بحرٌ من الطموحات، لذا نعيش لحظة عظيمة لتمكين المرأة ورعاية المواهب المحلية بشكل عام، وقد كنّا نتطلع لهذا التّحول، وأذكر في بداياتي أنه كان وجود السينما أَشبه بالحلم، لا شك في أن نقلة كبيرة تحقّقت، لكن لا تزال التجربة في طور التشكيل وتتطلّب وقتاً، ونحن مهتمون بتطوير المواهب من خلال مشاركتها في مشروعات عربية وعالمية لاكتساب الخبرات، وقد حقّقت أعمالٌ مهمة نجاحاً دولياً لافتاً على غرار (نورة) و(مندوب الليل)».

وتُعبر هند الفهاد عن طموحاتها قائلة: «أتطلع لأحكي قصصنا للعالم، فالسينما هي الصوت الذي يخترق جميع الحواجز».