«مسار اللؤلؤ» في البحرين... من «ملحمة جلجامش» إلى أزمنة الغوص

«الشرق الأوسط» تتجوّل في مشروع يسرد حكاية اللؤلؤ بأبعاد تاريخية وثقافية واقتصادية

«بيت سيادي» بمدينة المحرّق هو إحدى أبرز محطات «مسار اللؤلؤ» (الشرق الأوسط)
«بيت سيادي» بمدينة المحرّق هو إحدى أبرز محطات «مسار اللؤلؤ» (الشرق الأوسط)
TT

«مسار اللؤلؤ» في البحرين... من «ملحمة جلجامش» إلى أزمنة الغوص

«بيت سيادي» بمدينة المحرّق هو إحدى أبرز محطات «مسار اللؤلؤ» (الشرق الأوسط)
«بيت سيادي» بمدينة المحرّق هو إحدى أبرز محطات «مسار اللؤلؤ» (الشرق الأوسط)

العلاقة الأزلية بين اللؤلؤ الطبيعي ومملكة البحرين موغلة في القِدم، تعود بدايتها إلى أكثر من 7500 سنة، حيث عُثر في البحرين على اللؤلؤ في مواقع ترجع إلى حقبة دلمون المبكرة (2200 - 1700 قبل الميلاد)، وفي ملحمة «جلجامش» الشهيرة لبلاد ما بين النهرين، ربط جلجامش رجليه بالصخور ليغوص في قاع بحر دلمون؛ سعياً للحصول على زهرة الخلود (اللؤلؤ)... هذا الاستهلال ذو البعد التاريخي يقرأه زائر مشروع «مسار اللؤلؤ» الواقع في مدينة المحرّق، وهو موقع متسلسل يشهد على آخر حقبة من تاريخ اقتصاد صيد اللؤلؤ في الخليج العربي، وتم إدراجه على قائمة التراث الإنساني العالمي لمنظمة «اليونيسكو» في عام 2012.

⁨يضم «مسار اللؤلؤ» عدداً من المباني التاريخية العتيقة لأبرز العوائل البحرينية (الشرق الأوسط)⁩

مبانٍ تسرد الحكاية

تجوّلت «الشرق الأوسط» في «مسار اللؤلؤ» الممتد على نحو 3 كيلومترات، والذي يحمل الكثير من الحكايات لما اشتهرت به البحرين تاريخاً لدى الإغريق والرومان القدماء كمركز يزدهر بتجارة اللؤلؤ، واستمرت بذلك حتى بعد ظهور الإسلام، وهي الفترة التي يركّز عليها المسار الذي يضم سلسلة من المباني التراثية والتاريخية التي يصل عددها إلى 15 مبنى، وتعوّل البحرين كثيراً على مسار اللؤلؤ المنتظر تدشينه رسمياً في العام المقبل، ليكون وجهة للسياحة الثقافية، وبما يُعيد للأذهان ريادة البحرين العالمية في تجارة اللؤلؤ.

خريطة «مسار اللؤلؤ» الذي يمتد لنحو 3 كيلومترات (الشرق الأوسط)

خريطة المسار

يبدأ المسار من قلعة أبو ماهر المحاذية لساحل البحر، والتي كان أول ظهور لها على خريطة برتغالية تعود لعام 1635، وهذه القلعة المنيعة لعبت دوراً بارزاً في فترة اقتصاد اللؤلؤ. يليها، «بيت الغوص» الذي يمثل أهم وأخطر حِرفة في اقتصاد اللؤلؤ وهي الغوص، وقد قام أحد النواخذة (كبار تجار الخليج قديماً) ببناء البيت في أوائل القرن العشرين، ويُعتقد أنه كان سكناً للغواصين.

فنون الغوص

ثم يستوقف المتجوّل في «مسار اللؤلؤ» مبنى لافت مزيّن بستار من الفولاذ المشبّك، وهو «دار المحرّق» التي تم بناؤها عام 2015؛ للحفاظ على فن الفجري الذي يعدّ أحد الفنون الشعبية المعروفة في البحرين، والمرتبطة بمهنة الغوص. وعند تجاوز هذا المكان، يجد الزائر «بيت دار غلوم» الذي يعيد الذاكرة إلى الطب الشعبي حين كان الملاذ الوحيد للمرضى والجرحى، وهو منزل للمعالج الشعبي بدر غلوم، الذي كان يزرع النباتات المستخدمة للعلاج في حديقته.

قطع نادرة من الحُلي المشغولة باللؤلؤ الطبيعي يعرضها «مسار اللؤلؤ» للزوار (الشرق الأوسط)

المرأة في تجارة اللؤلؤ

ولفهم المنظور النسائي القديم في حكاية اقتصاد اللؤلؤ، يأتي «بيت الجلاهمة» الذي يعكس تأثير تلك الحقبة على جوانب الحياة الاجتماعية في المحرّق، بما فيها دور النساء في إدارة شؤون المدينة عندما يغيب عنها الرجال لأشهر عدة أثناء موسم الغوص والبحث عن اللؤلؤ، ومن أهم ما يميّز بيت الجلاهمة هو غلبة عدد النساء في البيت، إضافة إلى مكانتهن الاجتماعية الرفيعة وسمعتهن الطيبة في المنطقة.

محاكاة الماضي

يليه، «بيت العلوي» الذي يلقي الضوء على تجارة التموين التي كانت تزوّد السفن بالماء والمعدات والأساسيات الأخرى، كما يضم مقتنيات متعلقة بالتجارة ومحاكاة تعيد خلق روائع البضائع المختلفة، إلى جانب بعض من مقتنيات العائلة مثل الصحون الخزفيّة والأثاث، وكذلك برج هواء يقوم بتبريد البيت، وهو واحد من اثنين فقط في المحرّق، بالإضافة إلى محاكاة تعيد خلق رائحة نسيم البحر.

⁨تُظهر القطع المعروضة رونق اللؤلؤ البحريني وفرادته (الشرق الأوسط)⁩

الخدمات اللوجيستيّة

ومن المواقع المميزة في المسار، «بيت فخرو» الذي كان مقر إقامة يوسف عبد الرحمن فخرو، وهو من أكبر تجار البحرين قديماً، وكان يمتلك أسطولاً كبيراً من السفن وعدداً من الممتلكات، وكانت أنشطته التجارية عنصراً مهماً في تشغيل وتنمية اقتصاد اللؤلؤ، حيث وفر الدعم المالي والخدمات اللوجيستيّة والإمدادات والقوارب ومعدات رحلات الغوص.

معرض زمني

وعلى مقربة من «بيت فخرو»، يأتي مركز الزوار الذي يتضمّن معرضاً يجسد خطاً زمنياً يمتد إلى 6500 عام قبل الميلاد، ويسرد حكاية اللؤلؤ ومهنة الغوص عبر التاريخ، ويقع مركز زوار «مسار اللؤلؤ» بين المباني التاريخية في السوق القديمة، وتم بناؤه على أطلال عمارة يوسف علي فخرو التي بُنيت في ثلاثينات القرن الماضي، ثم استحالت خراباً في الستينيات، لتكون نموذجاً على تدهور اقتصاد اللؤلؤ، في تلك الحقبة. كما صُمم المركز ليكون هيكلاً مع سقف واحد، ويضم 15 برجاً للتهوية، ومساحات واسعة.

⁨مركز زوار «مسار اللؤلؤ» يحمل عبق الماضي والتراث (الشرق الأوسط)

أقدم مبنى حجري

وانتهت جولة «الشرق الأوسط» في أحد أهم المواقع، وهو «مجلس سيادي» الذي يوفر نموذجاً مميزاً للعمارة البحرينية بزخارفه الجميلة المنقوشة على الجص، وهو المبنى الوحيد في المنطقة الذي يحتوي على مجلس ويتكون من 4 طوابق، وتم تشييده عام 1859، حيث يُعد المبنى الحجري الأقدم في مدينة المحرّق، ويعدّ النموذج الوحيد المتبقي لمجالي تجار اللؤلؤ، التي كان يتم فيها استقبال التجار من أقاصي البلاد مثل الهند وأوروبا.

تاريخ المحرّق

تجدر الإشارة إلى أن مدينة المحرّق القديمة كانت عاصمة للبحرين في الفترة ما بين 1810 و1923، وهي الفترة التي ازدهر فيها اقتصاد اللّؤلؤ، وما زال لهذه المدينة سحرها وقوّتها؛ كونها ثاني أكبر جزيرة في مملكة البحرين. وعلى مدى القرون، عُدّت جزيرة المحرّق أيضاً عاصمةً للّؤلؤ في منطقة الخليج العربي؛ وذلك لكونها أكثر المدن ازدهاراً واتّصالاً بهذا الاقتصاد العريق، بالإضافة إلى كونها موطناً لأكبر عددٍ من الغوّاصين، بحسب ما يفيد الفريق العامل على مشروع مسار اللؤلؤ.

ومن ذاك الحين، شكّل اقتصاد اللؤلؤ علامةً فارقةً لجزيرة المحرّق عن غيرها من المجتمعات المدنيّة في منطقة الخليج العربي، إلا أنه مع مرور الوقت، تراجع اقتصاد اللّؤلؤ بالتّزامن مع اكتشاف النفط والغاز الطّبيعي في البحرين؛ الأمر الذي أدّى إلى تراجع دور مدينة المحرّق، مقابل توسّع أهمية ودور مدينة المنامة الواقعة ناحية الميناء في جزيرة البحرين الأم. بيد أن النّمو المتسارع في العاصمة البحرينية الجديدة (المنامة) ساعد المحرّق في الحفاظ على هويّتها وبيئتها المعيشية العامة. حيث إنه، وعلى الرغم من النّمو العمراني الحديث الذي شهدته المنطقة، فإنّ مدينة المحرّق ضمن أجزاء واسعة منها، تمكّنت من الحفاظ على نسيجها المعماري، ونمط شوارعها وتقاطعاتها كما في فترة اللّؤلؤ؛ إذ تتسم بكونها شبكة من الأزقة الضّيّقة، ذات العناصر الملهمة، ورمزيات الهويّة العريقة.



القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.