«لماذا لست محظوظاً؟»... مسرحية «كابريكورن» تجيب

ترتكز على فنّ الحكواتي وتتناول موضوعاً ميثولوجياً

أساطير وقصص من التاريخ يتضمّنها العرض (عبد الرحيم العوجي)
أساطير وقصص من التاريخ يتضمّنها العرض (عبد الرحيم العوجي)
TT

«لماذا لست محظوظاً؟»... مسرحية «كابريكورن» تجيب

أساطير وقصص من التاريخ يتضمّنها العرض (عبد الرحيم العوجي)
أساطير وقصص من التاريخ يتضمّنها العرض (عبد الرحيم العوجي)

بحث الحكواتي عبد الرحيم العوجي لنحو 4 سنوات عما يمكن أن يتضمّنه عرضه المسرحي «كابريكورن» (الجدي). فعندما بلغ الأربعين من عمره، طرح على نفسه أسئلة كثيرة. كانت النقطة الأساسية الرابطة بينها هي شعوره بأنه ليس محظوظاً. بالمصادفة، علم أنّ ثمة علاقة بين حالته هذه والأبراج الفلكية. فلكونه من برج الجدي، تشير كل التوقّعات حوله إلى أنه ليس محظوظاً عادة. وخلال بحوثه المتعلّقة بهذا البرج الفلكي، اكتشف مئات القصص العائدة إلى حقبات تاريخية قديمة، تشمل الإغريقية، والسومرية، وأخرى من العصر الحديث.

المسرحية تتناول موضوعات ميثولوجية مختلفة (عبد الرحيم العوجي)

هنا، قرّر جَعْل هذا الموضوع الميثولوجي عنواناً لمسرحيته الجديدة «كابريكورن»، المعروضة على خشبة «ديستريكت 7» في بيروت، بدءاً من 9 مارس (آذار) الحالي.

من سؤال عريض يطرحه: «لماذا لستُ محظوظاً؟»، تنطلق المسرحية. الموضوع غريب، وقلّما تعالجه مسرحيات لبنانية، لكنه أصرّ على مناقشته ليترك أثراً على أشخاص عدّة، خصوصاً المقتنعين بأنّ تحرّكات النجوم تتحكّم في حياتهم، وبأنّ لكل برج فلكي سماته وخطوطه التي تُشكّل شخصية الإنسان.

جَمَع العوجي بحوثه ومعلوماته حول الموضوع، ووضعها في نطاق مسرح الحكواتي. فهذا الفنّ جذبه منذ بداياته ورأى فيه فضاءً ليُحلّق على مزاجه. يوضح لـ«الشرق الأوسط»: «أبدأ المسرحية منذ الولادة، وصولاً إلى حياتي العاطفية. المفاجأة هي اكتشافي بأنْ لا علاقة لبرج الجدي بمجريات حياتي. سمعة هذا البرج سلبية، مع أنّ العكس صحيح. كل سياق مسرحيتي يرتكز على دراسات لحضارات مختلفة، أُعرّج فيها على التأثير الذي تمارسه علينا حركة النجوم».

مشهد من المسرحية (عبد الرحيم العوجي)

يُعرَف العرض الذي يقدّمه عبد الرحيم العوجي بـ«ليكتشير بيرفورمانس» (العرض المحاضرة)، وفيه يتناول قصصاً تتعلّق بالتاريخ والعلم، وبالكون والطوفان، وصولاً إلى العصر الحالي: «ربطتُ الأحداث المعاصرة بحقبات تاريخية، وفضّلتُ تمثُّل الواقع الحالي بي، فلا أتناول أزمات لبنان، لكنني أروي قصة من حقبة السومريين، وأربطها بزمن جائحة (كورونا)، وعلامات نهاية العالم».

7 قصص متتالية يرويها العوجي على المسرح، بعناوين فلكية وكونية، وأخرى استوحاها من والده الذي يشاركه أيضاً برج الجدي. يتطرّق إلى تلك الموضوعات بسردية تعرّج على كوكب آخر، وعلى الآلهة «بان»، و«بريكس»، و«أنكي»، ضمن خلطة حكواتية جاذبة.

وعما إذا كان فنّ الحكواتي لا يزال رائجاً ومحبَّباً لدى اللبنانيين، يردّ: «لم يتوقّف الناس مرّة عن حبّهم للقصة، وتأثيرها عليهم لا يمكن أن يأفل، لتوهُّج جاذبيتها. منذ صغرنا، ونحن نُغرم بالقصص، ونرويها اليوم لأولادنا وأحفادنا، فتواكبنا في جميع أعمارنا، ونتبنّاها كأنها مواقف حقيقية نستشهد بوقائعها. رواية القصص تدخل في تربيتنا، ونرغب دائماً في سماعها وإخبارها».

وإذ يقول العوجي إنه عندما انطلق بعروض مسرحيته، كان خائفاً من ردّ فعل سلبي يطالعه به الحضور، يوضح: «المسرحية قائمة على الحكي، فخشيتُ ملل الناس. فلا حالة تمثيل، ولا موسيقى، ولا مَشاهد بصرية باهرة ترافقها. قوة العمل في محتواه، وقصصه مشوّقة تعيد المتلقّي إلى الطفولة. لمرّات، لا أتوانى عن طرح سؤال مباشر على الحضور في الصالة: (هل تشعرون بالملل؟)، فيأتي الجواب تصفيقاً وأصواتاً مُشجِّعة».

يمارس في المسرحية شغفه بفنّ الحكواتي (عبد الرحيم العوجي)

ينطلق العوجي بمسرحيته من سؤال: «لماذا لستُ محظوظاً؟ وما دخل كوكب زحل بذلك؟»، فهذا الأخير يؤكد علماء الفلك جلبه الأمور السيئة حيث يحلّ. وعند الإغريق، يوصف بالكوكب الذي لا يتوانى عن أكل أولاده ليبقى متربّعاً على كرسي الحُكم. وبعدها يروي الأسطورة تلو الأخرى، وصولاً إلى برج الجدي. يحكي قصته، وكيف وصل إلى السماء، وورث كل هذا الحزن. ومن ثَمّ يتلو قصة الإله «بان»، وهو وفق الميثولوجيا الإغريقية «إله المراعي والصيد البرّي والأحراج». يظهر بجلد وأرجل ماعز وقرنَيْن. كان فاشلاً في الحب مع أنه صاحب الحوريات. ومن ثَمّ يحكي عن «أنكي»، إله المياه عند السومريين.

وعن الرسالة الراغب في إيصالها، يجيب: «أقدّم عروض هذه المسرحية منذ عام 2022 بشكل متقطّع. أما هدفي، فينبع من حبّي لرواية القصص كحكواتي حديث. عندما يشاهدها الناس، يدركون أنّ أبراجنا لا دخل لها في تصرّفاتنا، وكل المسؤولية تقع علينا وعلى نهجنا في التصرُّف مع الآخر. ما يحصل معي من قلة حظّ يمكن أن يصيب كثيرين غيري، لذلك لا داعي للهلع. نحن عموماً محظوظون بأمور كثيرة تحصل معنا، لكننا نشيح بنظرنا عنها».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
TT

حفر صينية عملاقة تحبس الزمن في باطنها... وتجذب السياح

اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)
اكتشاف عالم الغابات القديمة داخل حفرة على عمق 630 قدماً في الصين (يونيلاد نيوز)

على عمق يتخطى 100 متر تحت الأرض (328 قدماً) ثمة عالم مفقود من الغابات القديمة والنباتات والحيوانات. كل ما يمكنك رؤيته هناك قمم الأشجار المورقة، وكل ما تسمعه صدى أزيز حشرة الزيز وأصوات الطيور، الذي يتردد على جوانب الجروف، حسب «بي بي سي» البريطانية .على مدى آلاف السنين، ظل ما يعرف بـ«الحفرة السماوية» أو «تيانكنغ»، كما تُسمى باللغة المندرينية، غير مكتشفة، مع خوف الناس من الشياطين والأشباح، التي تختبئ في الضباب المتصاعد من أعماقها. إلا أن طائرات الدرون وبعض الشجعان، الذين هبطوا إلى أماكن لم تطأها قدم بشر منذ أن كانت الديناصورات تجوب الأرض، كشفت عن كنوز جديدة، وحوّلت الحفر الصينية إلى معالم سياحية. ويُعتقد أن ثلثي الحفر، التي يزيد عددها عن 300 في العالم، توجد في الصين، منتشرة في غرب البلاد، منها 30 حفرة، وتضم مقاطعة «قوانغشي» في الجنوب أكبر عدد من هذه الحفر، مقارنة بأي مكان آخر. وتمثل أكبر وأحدث اكتشاف قبل عامين في غابة قديمة تحتوي على أشجار يصل ارتفاعها إلى 40 متراً (130 قدماً). تحبس هذه الحفر الزمن في باطنها، ما يحفظ النظم البيئية الفريدة والدقيقة لقرون. ومع ذلك، بدأ اكتشافها يجذب السياح والمطورين، ما أثار المخاوف من أن هذه الاكتشافات المدهشة والنادرة قد تضيع إلى الأبد.

بوجه عام، تعد هذه الحفر الأرضية نادرة، لكن الصين، خاصة «قوانغشي»، تضم كثيراً منها بفضل وفرة الصخور الجيرية. جدير بالذكر هنا أنه عندما يذيب نهر تحت الأرض الصخور الجيرية المحيطة ببطء، تتكون كهوف تتمدد صعوداً نحو الأرض. وفي النهاية، تنهار الأرض تاركة حفرة واسعة، ويجب أن يكون عمقها وعرضها لا يقل عن 100 متر حتى تُعدّ حفرة أرضية. وبعض الحفر، مثل تلك التي جرى اكتشافها في «قوانغشي» عام 2022، أكبر من ذلك، مع امتدادها لمسافة 300 متر في الأرض، وعرضها 150 متراً.

من وجهة نظر العلماء، تمثل هذه الحفر العميقة رحلة عبر الزمن، إلى مكان يمكنهم فيه دراسة الحيوانات والنباتات، التي كانوا يعتقدون أنها انقرضت. كما اكتشفوا أنواعاً لم يروا أو يعرفوا عنها من قبل، بما في ذلك أنواع من أزهار الأوركيد البرية، وأسماك الكهوف البيضاء الشبحية، وأنواع من العناكب والرخويات. وداخل محميات من الجروف الشاهقة، والجبال الوعرة، والكهوف الجيرية، ازدهرت هذه النباتات والحيوانات في أعماق الأرض.