مصر: مساجد رشيد الأثرية تستقبل المصلين بحلة جديدة في رمضان

افتتاح جامعين من العصر العثماني بعد سنوات من الترميم

مسجد أثري يستقبل المصلين في رمضان بحلة جديدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مسجد أثري يستقبل المصلين في رمضان بحلة جديدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: مساجد رشيد الأثرية تستقبل المصلين بحلة جديدة في رمضان

مسجد أثري يستقبل المصلين في رمضان بحلة جديدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
مسجد أثري يستقبل المصلين في رمضان بحلة جديدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بحلة جديدة تستقبل مساجد أثرية بمدينة رشيد (شمال مصر) المصلين خلال شهر رمضان المقبل؛ حيث افتتحت وزارة السياحة والآثار المصرية، مساء الاثنين، مسجدي «علي المحلي» و«الشيخ تقي»، بعد الانتهاء من مشاريع ترميمهما، التي استغرقت عدة سنوات. وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر، في بيان صحافي، إن «مسجد علي المحلي يعد هدية لأهالي رشيد بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك».

رشيد ثاني أكبر مدينة من حيث عدد الآثار الإسلامية في مصر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بدوره، عدّ العميد مهندس هشام سمير، مساعد وزير السياحة والآثار ورئيس قطاع المشروعات في المجلس الأعلى للآثار، افتتاح المسجدين «عيداً» لأهالي رشيد بوصفهما من عناصر تراث مصر الأثري. وتتبع مدينة رشيد محافظة البحيرة، وتتميز بموقعها الجغرافي، حيث مصب نهر النيل في البحر الأبيض المتوسط، وأطلق الرحالة والمؤرخون عدة أسماء عليها، من بينها «روزيتا»، و«رخيت»، وهي المدينة الثانية بعد القاهرة من حيث عدد الآثار الإسلامية؛ حيث تضم 39 مبنى أثرياً.

منبر مسجد أثري في رشيد بعد الانتهاء من الترميم (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وأشار وزيري إلى أن «افتتاح مسجد علي المحلي يؤكد اهتمام وزارة السياحة والآثار بمدينة رشيد بوصفها متحفاً مفتوحاً، وثانية كبرى المدن التي تضم مباني أثرية إسلامية بعد القاهرة التاريخية». وأطلقت مصر عام 2017 مشروعاً لترميم وتطوير رشيد، وتحويلها إلى متحف مفتوح للآثار الإسلامية، بالتزامن مع أعداد ملف خاص عن المدينة التاريخية لتقديمه إلى منظمة اليونيسكو والمطالبة بوضع المدينة على قائمة التراث العالمي، لا سيما أنها على القائمة التمهيدية للمنظمة منذ عام 2003. وأعلنت الوزارة في منتصف عام 2018 الانتهاء من وضع حرم لــ20 أثراً من أصل 39 أثراً.

مئذنة تعود إلى العصر العثماني (وزارة السياحة والآثار المصرية)

من جهته، أكد الدكتور مختار الكسباني، أستاذ الآثار الإسلامية، «أهمية مدينة رشيد الأثرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المدينة موجودة منذ العصر الروماني، وكانت وقتها بمثابة مزرعة للإسكندرية»، مشيراً إلى أنه «مع بداية العصر العثماني شهدت رشيد موجات من الهجرة، وتجاوزت أهميتها الإسكندرية واستمر الوضع كذلك إلى عهد محمد علي، وتعد الآن ثانية كبرى المدن المصرية بعد القاهرة من حيث عدد الآثار الإسلامية».

نقوش إسلامية فريدة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وتتميز رشيد بالمساجد والمطاحن والأسبلة، بحسب الكسباني، الذي عد «مسجد علي المحلي واحداً من أهم نماذج العمارة الإسلامية في المدينة». وقال إن «رشيد جوهرة عواصم مصر الإسلامية بعد القاهرة». وبشأن أعمال ترميم مسجد المحلي، أوضح رئيس قطاع المشروعات في المجلس الأعلى للآثار، أن «مشروع الترميم بدأ عام 2017 بتمويل مشترك من المجلس الأعلى للآثار ووزارة الأوقاف بلغ نحو 105 ملايين جنيه مصري»، (الدولار بـ30.9 جنيه).

مدينة رشيد تعج بالمساجد والأسبلة الأثرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وقال سمير إن «المشروع تضمن أعمال الترميم المعماري والدقيق، والتوثيق المعماري والمساحي والفوتوغرافي والأثري للشواهد الأثرية، وذلك قبل وفي أثناء وبعد تنفيذ أعمال الترميم المعماري والإنشائي». وشملت أعمال ترميم مسجد «علي المحلي» فك وتركيب رخام أرضيات المسجد والأعمال الإنشائية والمعمارية للضريح الخشبي، وفك وإعادة تركيب أعمدة المسجد والمئذنة، إضافة إلى تخفيض منسوب المياه الجوفية وإنشاء آبار لسحب المياه، واستكمال الزخارف الجصية للبوابات، وترميم المحراب والأسقف الخشبية.

فيما أشار الدكتور أبو بكر أحمد عبد الله، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية في المجلس الأعلى للآثار، إلى أن مسجد علي المحلي «أحد أهم المساجد الأثرية حيث يرجع تاريخ إنشائه لعام 1134هـ، 1721م، وهو من العصر العثماني، ويعد ثاني أكبر مسجد أثرى بمحافظة البحيرة، وتبلغ مساحته نحو 2300 متر تقريباً». وينسب المسجد إلى «علي المحلي»، المتوفى برشيد عام 901هـ، ويضم 4 مداخل رئيسية ويتبع تخطيط المساجد ذات الأروقة والصحن، ويطل بواجهتين في الشرق والجنوب.

زخارف بمسجد علي المحلي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

أما مسجد «الشيخ تقي»، فبدأ ترميمه قبل عام، وشملت أعمال الترميم الواجهات والوحدات المكونة لها والمشكلّة بالطوب المنجور، إضافة إلى العناصر الخشبية والوحدات الزخرفية، فضلاً عن معالجة وصيانة الأرضيات والأعمدة والعقود الحاملة لسقف المسجد، بحسب سمير. ويعود تاريخ إنشاء مسجد «الشيخ تقي» إلى 1143هـ، 1730م، وأنشأه عثمان قرمنلي، وعرف باسم الشيخ تقي نسبة إلى صاحب الضريح الموجود في الركن الشمالي الغربي الشيخ، أحمد أبي تقي.

واجهة مسجد الشيخ تقي برشيد (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ويتكون المسجد من واجهتين شمالية وغربية، ويعلو المدخل الرئيسي بالواجهة الشمالية لوح رخامي نقشت عليه كتابات شعرية بخط النسخ كما زينت عقود المدخلين بإطارات من الطوب المنجور. ويعد منبر مسجد الشيخ تقي «تحفه خشبية حيث نفذ بطريقة الخرط والحشوات المتنوعة مزينة بالأشكال النجمية عليها النص التأسيسي للمسجد بخط النسخ»، بحسب رئيس قطاع الآثار الإسلامية.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق إطلالة على مدينة طرابلس اللبنانية من أعلى قلعتها الأثرية (الشرق الأوسط)

«جارة القلعة» تروي حكاية طرابلس ذات الألقاب البرّاقة والواقع الباهت

لا يعرف معظم أهالي طرابلس أنها اختيرت عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، لكنهم يحفظون عنها لقب «المدينة الأفقر على حوض المتوسط».

كريستين حبيب (طرابلس)
شمال افريقيا مبنى المتحف القومي السوداني في الخرطوم (متداول)

الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة

الحكومة السودانية عملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتأمين 76 موقعاً وصرحاً أثرياً تاريخياً في ولايات نهر النيل والشمالية، وجزء من ولاية الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية.

عمر البدوي (الرياض)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
TT

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية، جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

وأوضح الباحثون في المرصد الفلكي الوطني التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، أن هذا يُعدّ إنجازاً كبيراً في مجال علوم استكشاف القمر والقدرات التقنية، وقد نُشرت الدراسة، الجمعة، في دورية «National Science Review».

تاريخياً، جُمعت عينات القمر من خلال مهمات عديدة، بما في ذلك 6 مهمات لبرنامج «أبولو» الأميركي، و3 مهمات سوفيتية من مركبة «لونا»، ومهمة «تشانغ إيه - 5» الصينية، وبلغ إجمالي العينات التي جُمعت نحو 382.9812 كيلوجراماً، وقد وفّرت هذه العينات معلومات قيّمة حول تاريخ تكوين القمر وتطوّره.

وتُعدّ العينات القمرية العائدة أساسية لبحوث علم الكواكب؛ إذ توفر بيانات مختبرية رئيسية لربط الملاحظات الاستشعارية المدارية في الواقع الميداني على السطح.

وساهمت هذه العيّنات في تطوير فرضيات، مثل نشأة القمر نتيجة تصادُم كبير مع الأرض البدائية، ومحيط الصهّارة القمرية، والقصف الشديد المتأخّر. وحتى الآن جُمعت هذه العينات من الجانب القريب للقمر، ولم يُكتشَف الجانب البعيد إلا حديثاً.

ولا يمكن لعينات الجانب القريب وحدها، دون جمع عينات كافية من سطح القمر بأكمله، خصوصاً من الجانب البعيد، أن تعكس التنوع الجيولوجي الكامل للقمر، وهذا القصور يعوق فهمنا لنشأة القمر وتطوّره.

وتمكّن علماء الفضاء في الصين من الحصول على عينات الجانب البعيد اللازمة عندما جمعت مهمة «تشانغ إيه - 6» نحو 1935.3 غراماً من العينات القمرية من حوض القطب الجنوبي - آيتكين، في 25 يونيو (حزيران) 2024.

وجُمعت العينات من سطح القمر باستخدام تقنيات الحفر والتجريف، وحلَّل الفريق الخصائص الفيزيائية والمعدنية والبتروغرافية والجيوكيميائية للعينات.

وأظهرت التحليلات أن العينات التي جُمِعت تعكس مزيجاً من المواد «البازلتية المحلية»، والمواد «غير القمرية» الغريبة، وفق نتائج الدراسة.

وتتكوّن شظايا الصخور في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل أساسي من البازلت، والصخور البركانية، والركام، أما المعادن الأساسية للتربة القمرية فهي الفلسبار، والبيروكسين، والإلمينيت، مع وجود ضئيل للأوليفين.

وتتكوّن التربة القمرية في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل رئيسي من خليط من البازلت المحلي والمواد المقذوفة غير البازلتية.

ووفق الباحثين، تُوثق البازلتات المحلية في العينات التاريخَ البركاني للجانب البعيد للقمر، في حين قد توفر الشظايا غير البازلتية رؤى مهمة عن القشرة المرتفعة القمرية، وذوبان تصادُم حوض القطب الجنوبي - آيتكين، وربما الوشاح العميق للقمر، مما يجعل هذه العينات ذات أهمية كبيرة للأبحاث العلمية.

ويعتقد العلماء أن حوض القطب الجنوبي - آيتكين تَشكَّل قبل 4.2 إلى 4.3 مليار سنة خلال فترة ما قبل النكتارية، نسبةً إلى بحر نكتار، أو بحر الرحيق الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من الجانب القريب للقمر.