رئيس هيئة البحرين للثقافة لـ«الشرق الأوسط»: الحراك الثقافي السعودي ارتقى بالمنطقة

خليفة آل خليفة: نعوّل على تطوير المحرّق التاريخية... والثقافة في الخليج محط أنظار العالم

TT

رئيس هيئة البحرين للثقافة لـ«الشرق الأوسط»: الحراك الثقافي السعودي ارتقى بالمنطقة

رئيس هيئة البحرين للثقافة لـ«الشرق الأوسط»: الحراك الثقافي السعودي ارتقى بالمنطقة

تزدهر المشاريع الثقافية في مملكة البحرين؛ إذ تشهد هذا العام نقلة لافتة من حيث الحجم والنوعية، ومن ذلك تطوير مدينة المحرّق التاريخية ومسار اللؤلؤ الذي يمتاز بفرادته، وللحديث أكثر عن ذلك حاورت «الشرق الأوسط» رئيس هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخ خليفة بن أحمد آل خليفة، أثناء التجوّل معه في قلب مدينة المحرّق النابضة بالتاريخ والثقافة.

تطوير المحرّق

في البداية جاء السؤال عن مشروع تطوير المحرّق، الذي تعمل عليه الهيئة حالياً، وأجاب موضحاً أنه يأتي للارتقاء بالمدينة التاريخية وتوفير سبل الراحة للمواطنين والزوار، لما تحمله هذه المدينة العريقة من أهمية تاريخية كبيرة للبحرين، وما شكلته من عنصر مهم في تطوير الاقتصاد بشكل خاص، لا سيما ما يتعلق بتجارة اللؤلؤ التي اشتهرت بها البحرين، والمحرّق تحديداً.

ويضيف: «هذه المدينة كانت البداية للعديد من المحطات المهمة في تاريخ البحرين سواء كان ذلك في التعليم أو التجارة، وكذلك النمط الاجتماعي المميز الذي لطالما اشتهرت به المحرّق والعوائل التي كانت تقطن في أحيائها؛ والذين نأمل أن يكون لهم دور كبير في التعاون معنا في إحياء هذه المدينة والتركيز على مقوماتها التاريخية والتراثية التي ما زالت تحتفظ بها».

تجارة اللؤلؤ

وعن مشروع مسار اللؤلؤ الذي تجوّلت به «الشرق الأوسط»، يشير آل خليفة إلى أن موقع المشروع ذو أهمية كبيرة ويستعرض جزءاً مهماً من تاريخ البحرين، وتحديداً تجارة اللؤلؤ التي امتازت بها المحرّق بشكل خاص والبحرين بشكل عام، وما كان لهذا الاقتصاد من دور في تطوير المدينة. وأضاف: «الشواهد المعمارية التي نراها اليوم ضمن المشروع هي شواهد فريدة من نوعها وحافظت على أصالتها، مما مكننا من إدراجها في قائمة التراث العالمي، بالإضافة إلى العروض المتحفيّة التي كرسناها في عدد من هذه البيوت لتحاكي قصة اللؤلؤ بجوانبه المتعددة؛ الاقتصادية والاجتماعية والتجارية».

السياحة الثقافية

وأوضح آل خليفة أن المسار يمر أيضاً بمناطق حيوية بالمدينة، كسوق المحرّق وسوق القيصرية، ويتابع بالقول: «نأمل أن تكون هذه التجربة متكاملة للزائر بحيث تُعرفه بالتاريخ والثقافة البحرينية الفريدة». وبالسؤال عن الأهداف السياحية لذلك يقول: «السياحة الثقافية تُمكننا من تقديم تجارب متفردة للزوار، وفي البحرين نسعى في هيئة الثقافة والآثار إلى أن تكون هناك تجارب مختلفة في مناطق ومدن البحرين؛ إذ يمتاز كل موقع بطابعه الجغرافي وثقافته اللامادية المتسقة به، ونحن نكرّس هذه المقومات الثقافية لإبراز هذه المواقع وحث الزائر على التفاعل معها بشكل مباشر».

وتعوّل البحرين كثيراً على القرب الجغرافي لهذه المواقع، كما يفيد آل خليفة، بما يتيح للزائر الحصول على تجارب ثقافية متعددة في غضون يوم أو يومين، من حقب مختلفة وتجارب موسيقية ومتحفية وفنية، عادّاً أن السياحة الثقافية هي المجال الأوسع لإعطاء الزائر الفرصة للتعرف على الثقافة في البحرين، والإقليم بشكلٍ عام.

الثقافة في الخليج

وبسؤاله عن رؤيته حول الحراك الثقافي في الخليج، يقول آل خليفة: «باعتقادي الآن هو محط أنظار العالم، فهناك حركة استثنائية تشهدها كافة مدن الخليج، وهذا التكامل الذي لطالما نأمل أن يكون مستمراً ومتطوراً، وأن يشكّل عنصر جذب سياحي مهماً لأي زائر لهذه المنطقة، كما أن جميع مدن الخليج تمتاز بمقومات ثقافية استثنائية فريدة، وهذه الفترة تزخم بالعديد من النشاطات والمهرجانات والمعارض... ونحن نسعى دائماً إلى التكامل الثقافي والسياحي مع الأشقاء في دول مجلس التعاون».

الازدهار الثقافي السعودي

وخصّ آل خليفة الزائر السعودي بقوله: «الإخوة السعوديون هم أهلنا وهم أهل الدار قبل أن يكونوا زواراً، ووجودهم معنا دائماً ملحوظ في كل مهرجاناتنا واحتفالاتنا، ودائماً ما نحرص أن تكون الثقافة السعودية موجودة في مهرجاناتنا... فعلى سبيل المثال (ربيع الثقافة) لهذا العام شمل العديد من العروض السعودية المتميزة، ووجودهم معنا لا يقتصر فقط على المهرجانات، فهو على مدار العام، ونسعد بوجودهم الدائم في مواقعنا الثقافية وتفاعلهم الاستثنائي لما تقدمه الهيئة من عروض ومعارض».

وحول الحراك الثقافي السعودي، يقول آل خليفة: «إن الحراك الثقافي في المملكة العربية السعودية هو ارتقاء بالحراك الثقافي في المنطقة بشكل عام، ودائماً ما كانت التظاهرات الثقافية في السعودية جاذبة وتعطي المجال للمبدعين في كافة أرجاء الوطن العربي، ومنهم الفنان البحريني والمبدع البحريني». ويتابع: «هذه الروح الإيجابية التي نراها في السعودية والتقدم الملحوظ عاماً بعد عام من خلال المهرجانات والعروض؛ تعطي دفعة قوية للمنطقة بشكل عام».



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».