في رقم قياسي... راي تحصد 6 جوائز خلال حفلة «بريت أووردز»

المغنية والمؤلفة الموسيقية راي خلال حفل جوائز «بريت» في لندن (أ.ف.ب)
المغنية والمؤلفة الموسيقية راي خلال حفل جوائز «بريت» في لندن (أ.ف.ب)
TT

في رقم قياسي... راي تحصد 6 جوائز خلال حفلة «بريت أووردز»

المغنية والمؤلفة الموسيقية راي خلال حفل جوائز «بريت» في لندن (أ.ف.ب)
المغنية والمؤلفة الموسيقية راي خلال حفل جوائز «بريت» في لندن (أ.ف.ب)

فازت المغنية والمؤلفة الموسيقية راي، السبت، في لندن، بست جوائز، بما يشمل فئتي فنان وألبوم العام، في حفل توزيع جوائز «بريت» الموسيقية البريطانية، وهو رقم قياسي.

وقالت الفنانة بتأثر خلال تسلمها جائزتها عن فئة ألبوم العام، وجدّتها إلى جانبها: «لا يمكنكم تخيل ما يعنيه هذا بالنسبة لي»، وفقاً لما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقد حصدت المغنية البالغة 26 عاماً، والتي كانت مغمورة حتى أشهر قليلة خلت، 6 جوائز: أغنية العام لـ«إسكيبيسم» (Escapism)، وأفضل فنانة جديدة، وأفضل كاتبة غنائية خلال العام، وفنان العام، وألبوم العام عن «ماي توينتي فرست سنتشري بلوز». كما هيمنت على فئة موسيقى «آر أند بي».

وقالت المغنية التي تجمع موسيقاها بين الـ«آر أند بي» و«الجاز»: «الفنانة التي كنتُها قبل 3 سنوات لم تكن لتصدّق ما تراه اليوم».

ولم يحدث سابقاً أن فاز أي شخص بهذا العدد من الجوائز في حفل «بريت أووردز» خلال أمسية واحدة. وكان كل من فرقة «بلور» عام 1995، والمغنية أديل عام 2016، وهاري ستايلز عام 2023، قد حصلوا على 4 جوائز.

وتعاونت هذه المؤلفة الموسيقية والمغنية المولودة في لندن طويلاً مع فنانين مثل ديفيد غيتا، كما كتبت لبيونسيه، من دون أن تسمح لها شركة إنتاجها في ذلك الوقت (بوليدور)، على حد قولها، بإصدار ألبومها الخاص.

وقد نددت بهذا الوضع عبر وسائل التواصل الاجتماعي في عام 2021، ما أدى إلى فسخ عقدها، لتعود إلى الانطلاق من نقطة البداية بوصفها فنانة مستقلة.

وأصدرت راي أول ألبوم مسجل في الاستوديو في مسيرتها بعنوان «My 21st Century Blues» في مارس (آذار) 2023.

وعلى غرار فنانين كثر في السنوات الأخيرة، نجحت في بناء شهرتها جزئياً بفضل نجاح أغانيها على «تيك توك»، بينها «فليب إيه سويتش»، وخصوصا «إسكيبيسم».

ومن خلال استحواذها على هذا العدد من الجوائز، لم تترك راي مجالاً كبيراً للفنانين الآخرين خلال الأمسية.

لكن الحفلة تميزت بعروض على خشبة المسرح لدوا ليبا، والنجمة الأسترالية كايلي مينوغ التي بعد أكثر من 35 عاماً من انطلاق مسيرتها الفنية، حققت نجاحاً هذا العام مع أغنية «بادام بادام». وحصلت مينوغ على جائزة «الأيقونة العالمية».

كما فازت دوا ليبا بجائزة في فئة موسيقى البوب. وحصدت «جانغل» جائزة عن فئة فرقة العام.

وفازت الأميركية سزا بجائزة الفنانة العالمية لهذا العام. وحصلت مايلي سايروس على جائزة عن أغنية «فلاورز». وتُوّجت الفرقة النسائية «بويغينيوس» (Boygenius) بجائزة أفضل فرقة دولية لهذا العام، بموسيقاها من نوع «الإيندي روك».

وفي فئة فنان العام، تنافست 6 نساء و4 رجال. وفي العام الماضي، شهدت هذه الفئة تنافساً بين فنانين رجال فقط، ما أثار ضجة كبيرة.



هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.