الفوتوغرافيا تؤرخ للسينما المصرية في نصف قرن

خلال معرض لأعمال الفنان محمد بكر

من فيلم «دعاء الكروان» (فوتوبيا)
من فيلم «دعاء الكروان» (فوتوبيا)
TT

الفوتوغرافيا تؤرخ للسينما المصرية في نصف قرن

من فيلم «دعاء الكروان» (فوتوبيا)
من فيلم «دعاء الكروان» (فوتوبيا)

يبدو التجوّل بين أروقة مركز «فوتوبيا» بالقاهرة هذه الأيام، أقرب لدخول مغارة سحرية للتاريخ؛ حيث تسكن وجوه نجوم السينما المصرية داخل كادرات خالدة مُثيرة للذكريات، وذلك في معرض بعنوان «50 عاماً من البورتريه السينمائي»، المُخصص للأعمال الفوتوغرافية التي التقطها الفنان والمُصوّر الفوتوغرافي المصري الشهير محمد بكر، وهو المعرض الذي يُواصل أعماله حتى 10 مارس (آذار) الحالي.

لقطة من فيلم «اللص والكلاب» (حسين بكر)

يتيح المعرض زخماً من الصور الفوتوغرافية التي التقطتها عين محمد بكر منذ خمسينات القرن الماضي، وحتى عام 2010، وذلك في عرض يضم نحو 600 فيلم من الذين التقط بكر كادراتهم الفوتوغرافية بعدسته، مُتراوحة بين الأفلام الأبيض والأسود والألوان.

يستقبل الزوار «أفيش» يُظهر صورة فوتوغرافية للسندريلا سعاد حسني، تلك التي تطل فيها بفستان منقط وقبعة باللون نفسه، وهي صورة بتوقيع الفنان محمد بكر، وتُعد من أشهر بورتريهات سعاد حسني على الإطلاق.

بورتريه سعاد حسني (فوتوبيا)

يروي الدكتور حسين بكر، رئيس المركز القومي للسينما ونجل المُصوّر محمد بكر، أن لتلك الصورة تحديداً قصة: «كانت سعاد حسني في هذا الوقت تقوم بتصوير فيلم (بابا عايز كده)، وفي أحد الفواصل بين المشاهد بالبلاتوه، طلبت سعاد من محمد بكر أن يلتقط لها صوراً وهي ترتدي هذا الفستان، فصارت واحدة من أشهر جلسات التصوير التي قامت بها»، كما يقول في حديثه مع «الشرق الأوسط».

من فيلم «أفواه وأرانب» (فوتوبيا)

يشير رئيس المركز القومي للسينما إلى أن المصوّر الفوتوغرافي كان له دور رئيسي داخل البلاتوه السينمائي ضمن طاقم العمل، «كان المُخرج عندما يُنهي مشهداً، يقوم مُصوّر الفوتوغرافيا بالتقاط اللحظة الدرامية التي توقف عندها المشهد، فيقف بجوار الكاميرا السينمائية ليتلقط حجم اللقطة نفسه، بالإضاءة نفسها التي وضعها مدير التصوير».

المصور الفوتوغرافي محمد بكر (محمد بكر)

ويضيف: «هذا يجعل للتصوير الفوتوغرافي بالسينما خصوصية عن أي فرع تصوير آخر؛ حيث يعتمد على التقاط الحس الدرامي للمشهد، وتجسيده في لقطة ثابتة وليست متحركة».

ويضيف نجل الفنان محمد بكر: «كان لتلك اللقطات الفوتوغرافية دور وظيفي في صناعة الفيلم، بداية من أنه كان يتم تحميض تلك الصور بشكل سريع للتأكد من أن اللقطات مُوفقة، وكذلك مراجعة تتابع التفاصيل الفنية مثل الماكياج والأزياء والتعبيرات التمثيلية ومصدر الإضاءة أو ما يطلق عليه (الراكور)، علاوة على أن المُنتج كان يستعين بألبوم صور الفيلم لعرضها على المُوزعين، وذلك قبل سنوات طويلة من وجود (التريلر)، لذلك فإن الكادرات الفوتوغرافية لعبت لسنوات طويلة دوراً إبداعياً وتقنياً وتجارياً في صناعة السينما».

جانب من صور المعرض (فوتوبيا)

تستنطق الفوتوغرافيا في المعرض الدراما السينمائية المصرية على مدار نصف قرن، مُستدعية معها مُفارقات الحب والضحك والصراع والخوف والشجون، كما في لقطات متنوعة من أفلام «أمير الدهاء»، و«دعاء الكروان»، و«اللص والكلاب»، و«الباب المفتوح»، و«مراتي مدير عام»، و«المومياء»، و«الأيدي الناعمة»، و«الإرهاب والكباب»، و«الكيت كات»، و«أبناء وقتلة»، وغيرها.

من فيلم «الكيت كات» (فوتوبيا)

يروي المُصوّر السينمائي حسين بكر أن والده محمد بكر بدأ مجال التصوير الفوتوغرافي للأفلام السينمائية عام 1955 مع فيلم «سمارة» من بطولة الفنانة الراحلة تحية كاريوكا.

من فيلم «أربعة في مهمة رسمية» (فوتوبيا)

ويؤكد: «يمتد تاريخ عائلتنا في هذا المجال إلى ثلاثينات القرن الماضي منذ عمل جدي حسين بكر في التصوير الفوتوغرافي بالسينما وعُيّن في (استوديو مصر) في ذلك الوقت، وذلك منذ عمله في فيلم (الوردة البيضاء) للموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب في الثلاثينات، ما يجعل لدى الأسرة أرشيفاً فوتوغرافياً لتاريخ السينما يُقارب مائة عام».

من فيلم «الأيدي الناعمة» (حسين بكر)

ويضيف: «يضم أرشيف عائلة بكر أكثر من ألف وخمسمائة فيلم سينمائي، ونسعى لرقمنة هذا التراث للاحتفاظ بجودته، فهو ليس فقط تراثاً سينمائياً وفوتوغرافياً، وإنما تراث مجتمعي كذلك»، على حد تعبيره.


مقالات ذات صلة

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يوميات الشرق إحدى لوحات محمود سعيد (الشرق الأوسط)

100 لوحة لرائد التصوير محمود سعيد وأصدقائه في معرض بانورامي

يقدّم المعرض وكتابه التعريفي السيرة الذاتية للفنان وكيف بدأ حياته محباً للرسم، واضطراره للعمل في القضاء تماشياً مع رغبة أسرته التي كانت من النخبة الحاكمة لمصر.

نادية عبد الحليم (القاهرة)
يوميات الشرق يستطيع الفنّ أن يُنقذ (إكس)

معرض هولندي زوّاره مُصابون بالخرف

لم تكن جولةً عاديةً في المعرض، بل مثَّلت جهداً متفانياً للترحيب بالزوّار المصابين بالخرف ومقدِّمي الرعاية لهم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق فستان بطراز فيكتوري في معرض «تايلور سويفت... كتاب الأغاني» في متحف فيكتوريا آند ألبرت (أ.ب)

تايلور سويفت تغزو قاعات متحف «فيكتوريا آند ألبرت» بكتاب الأغاني

تهيمن تايلور سويفت على قاعات متحف عريق مثل «فيكتوريا آند ألبرت» الشهير في لندن الذي يطلق بدءاً من السبت 27 يوليو الحالي عرضاً مخصصاً لرحلتها الغنائية.

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات (روميرو)

فنانة إسبانية تطبع الصور على النباتات الحية

تعرض روميرو فنها الفريد القائم على النباتات والذي يدفع الجمهور إلى التساؤل حول استهلاكه المفرط للنباتات، كما يُظهر أنه من الممكن إنتاج الفن بطريقة صديقة للبيئة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق المربعات الرملية كانت ساحة لألعاب كثيرة حاضرة في المعرض (غاليري صفير- زملر)

«أحلام إيكاروس» عندما تحترق الأجنحة

المعرض وإن كان موضوع ألعاب الأطفال محوره، فهو أشبه بفخّ لذيذ، نستسلم له بداية، لنكتشف أننا كلّما غصنا في معروضاته، وجدنا أنفسنا نسافر بالذاكرة في اتجاهات مختلفة

سوسن الأبطح (بيروت)

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
TT

نانسي عجرم أطلَّت كما «باربي» في «مهرجانات بيبلوس» وغنّت بين أهلها

أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)
أطلت بفستان زهري لمّاع له روح فساتين «باربي» (خاص الشرق الأوسط)

وعدت نانسي عجرم جمهورها، ووفت. فقد أشعلت ليل بيبلوس، مساء الجمعة، بحيويتها، وأغنياتها التي يعرفونها عن ظهر قلب.

لم تكن بحاجة إلى مقدّمات، ولا محفّزات. فالجميع هنا جاء من أجل لحظات الفرح التي تبثّها محبوبتهم في قلوبهم.

«الليلة ببيبلوس، بدنا نرقص ونغنّي، ونولّع الجوّ، وما في شي بيوقفنا»، هكذا خاطبت الحضور. «شكراً، لأنكم أتيتم رغم كل ما نمرُّ به»، متمنّية ألا يرى لبنان والعالم أجمع غير الحبّ والسلام.

أشعلت ليل بيبلوس بأغنياتها التي يعرفها الجمهور عن ظهر قلب (خاص الشرق الأوسط)

أسمعتهم الأغنيات التي جاءوا من أجلها: «قول تاني كده»، «من نظرة»، «يا طبطب»، «صَحْ صَحْ»، «لون عيونك»، «معاك»، و«تيجي ننبسط»؛ نانسي تغنّي والجمهور يسبقها. أطلت بفستان زهري، قصير، لمّاع، بسيط، له روح فساتين «باربي». غير أنها اختارت في هذه الأمسية اللبنانية أن يكون اسمها بالأجنبية مكتوباً على صدر الفستان، كما في أعلى البلوزة الزرقاء التي ارتدتها مع الجينز الأزرق في النصف الثاني من الحفل؛ مما أثار إعجاب البعض، فيما تساءل بعضٌ آخر عن سبب اختيارها بساطة فائضة هذه المرّة.

تمنَّت ألا يرى لبنان والعالم أجمع غير الحبّ والسلام (خاص الشرق الأوسط)

ثمة مَن راقته الإطلالة غير المتكلِّفة، كأنّ نانسي تغنّي بين أهلها. وهي كانت بالفعل كذلك، حيث احتلّ زوجها ووالدتها وشقيقتها وأفراد آخرون من عائلتها الكراسي الأولى. وخلال الحفل، اختارت أن تنزل بين الجمهور الذي لم يتوقّف عن التقاط الصور، وإضاءة الهواتف والرقص، والغناء. «قلبي يا قلبي»، «بدنا نولّع الجوّ»، «عم بتعلّق فيك»، «إحساس جديد»، «سلامات»، «آه ونص»، «ياي». تتابعت الأغنيات، من ريبرتوار، قديم، جديد، والحيوية لم تهدأ، كما الرغبة في المزيد.

الجميع جاء من أجل لحظات الفرح التي تبثّها محبوبتهم في قلوبهم (خاص الشرق الأوسط)

فيديو بُثَّ في منتصف الحفل سمح للفنانة باستراحة قصيرة، وأضحك الحضور، يدور فيه حوار طريف بين نانسي عجرم وكل مِن ناتالي مصري ونادين شلهوب، حول ما تقصده بأغنيتها «نحنا سهرانين، ما تسأل نحنا مين»، ولماذا تستخدم صيغة الجمع؟

نانسي عجرم المتجدِّدة والنضرة أفرحت جمهورها (خاص الشرق الأوسط)

بقيت نانسي متجدِّدة، نضرة، وهي تغنّي «شيخ الشباب»، و«الدنيا حلوة»، و«حلم البنات»، و«حبك سفّاح».

وما كان لهذا الحفل اللبناني أن ينتهي من دون أن تختمه بأغنيتها «بيروت الأنثى» التي أبكت يوم صدورها بسبب الظرف العصيبة التي مرَّ بها لبنان. ووسط الأعلام اللبنانية التي لوَّح بها شبانٌ اعتلوا المسرح، أدّت أغنيتها الأخيرة هذه لعشاق بيروت القدامى. ولم يتمكّن الجمهور من الاستزادة، لكنهم خرجوا وهم لا يزالون يغنّون كأنّ الحفل لم ينتهِ.