جوائز «فاروق حسني» تحتفي بإبداعات الشباب

وزير الثقافة المصري الأسبق عدّ المتسابقين «جيشاً من الأحلام»

وزيرة الثقافة تفتتح المعرض الفني (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)
وزيرة الثقافة تفتتح المعرض الفني (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)
TT

جوائز «فاروق حسني» تحتفي بإبداعات الشباب

وزيرة الثقافة تفتتح المعرض الفني (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)
وزيرة الثقافة تفتتح المعرض الفني (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)

على وقع موسيقى كلاسيكية هادئة، احتفت مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، مساء الأحد، بإبداعات الشباب المشاركين في الدورة الخامسة من مسابقتها السنوية، التي تتضمن 5 فروع؛ تشمل: الرسم، والنحت، والعمارة، والتصوير الفوتوغرافي، والنقد الفني.

وازدحمت حديقة مركز الجزيرة للفنون بحي الزمالك (وسط القاهرة)، بعدد من الفنانين الشباب المشاركين في المسابقة، حرصوا على الحضور بجوار أعمالهم الفنية المعروضة في قاعات المركز.

وتقدّم لهذه الدورة 1959 عملاً فنياً ومعمارياً وبحثاً نقدياً من ألف فنانٍ ومعماري وباحث من جميع محافظات مصر، وصفهم فاروق حسني، وزير الثقافة المصري الأسبق رئيس مجلس أمناء المؤسسة، بأنهم «كتيبة من المواهب وجيش من الأحلام، يثبت أن مصر التي أسست وجودها بالعلم وصنعت حضارتها بالفن، لا تزال حاضرة وبقوة».

وعلى الرغم من غيابه عن حفل توزيع الجوائز للمرة الأولى منذ افتتاح مؤسسته عام 2019، حرص حسني على مخاطبة الحضور عبر تسجيل صوتي، قال فيه إنه «كان ينتظر حضور الحفل بشغف، لكنه اضطر أن يغيب عنه قسراً لأنه في فترة نقاهة بعد تعرضه لوعكة»، مشيراً إلى أنه «رفض تأجيل الحفل حتى لا يسرق فرحة الشباب»، وأضاف مخاطباً الفنانين المشاركين: «أنتم من تحيون الحفل وأنتم نجومه اللامعون». ووعد بزيارة المعرض الفني للأعمال قريباً.

من جانبه، قال نائب رئيس مجلس أمناء مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون، رجل الأعمال المصري المهندس نجيب ساويرس، إنه «طلب من فاروق حسني تأجيل الحفل حتى انتهاء فترة النقاهة، لكن الوزير الأسبق رفض».

وافتتحت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة نيفين الكيلاني، والمهندس نجيب ساويرس، معرضاً جماعياً للشباب المشاركين في المسابقة، أقيم في مركز الجزيرة للفنون، ويستمر حتى 7 مارس (آذار) المقبل.

وغلب على الأعمال المشاركة في المسابقة، لا سيما تلك التي فازت بالجوائز، إبراز دور المرأة وقيم التراث. وقال المهندس محمد أبو سعدة، رئيس جهاز التنسيق الحضاري عضو لجنة تحكيم مسابقة العمارة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «جائزة العام الحالي أقيمت تحت عنوان (حياة ثانية للعمارة والعمران... إحياء المباني والمناطق ذات القيمة)». وأشار إلى أن «الجائزة سعت إلى ترسيخ القيم التراثية بجانب القيم والمفاهيم العمرانية».

اللوحة الفائزة بالمركز الأول في المسابقة الرسمية (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)

بينما اتسمت الأعمال الفائزة بجوائز التصوير الفوتوغرافي بالدمج بين تقنيات الفنون المختلفة في قالب تشكيلي معاصر، حيث برز فيها استخدام التقنيات الرقمية في تعديل الصور الفوتوغرافية وإضافة أبعاد تشكيلية.

وأثار هذا الأمر جدلاً بين بعض حضور الحفل من نقاد وفنانين، بداعي أن «الصور الفوتوغرافية يجب أن تكون بلا تعديل لمعرفة مهارات المصور في اختيار فكرة الصورة وتكوينها وضبط الإضاءة»، وعدّ بعضهم الأعمال الفائزة «صوراً رقمية وليست فوتوغرافية».

وأوضح الدكتور أشرف رضا، أستاذ الفنون الجميلة ورئيس «مجمع الفنون والثقافة» وعضو لجنة تحكيم مسابقة التصوير الفوتوغرافي، أن «الأعمال المشاركة في المسابقة العام الحالي، تتميز عن السنوات السابقة بارتفاع مستوى الإبداع والتفكير خارج الصندوق، في ظل التطور التكنولوجي في تقنيات التصوير».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «اللجنة تضع شروطاً على استخدام التكنولوجيا بألا يكون استخدامها لتعديل العمل، كما يمنع استخدام الذكاء الاصطناعي تماماً».

بدوره، لفت الدكتور هاني أبو الحسن، الأستاذ في كلية الآداب وعضو لجنة تحكيم مسابقة النقد الفني، لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المسابقة شهدت ازدياداً مطرداً في أعداد المتقدمين وتنوعاً في الاتجاهات الفنية، ما يشير إلى ترسخ الجائزة عاماً بعد عام»، مؤكداً احتدام المنافسة هذا العام بين دراسات نقدية شديدة الخصوصية.

وأضاف أبو الحسن أن «المسابقة أصبحت حدثاً سنوياً يتأهل له الجميع، بوصفها العلامة الفنية الأكثر رسوخاً في السنوات الأخيرة ليس في مصر فحسب وإنما المنطقة كلها».

وزيرة الثقافة المصرية تسلم سناء البيسي جائزة الاستحقاق الكبرى (مؤسسة فاروق حسني للثقافة والفنون)

وافتتحت «مؤسسة فاروق حسني»، في 29 سبتمبر (أيلول) 2019، وأطلقت وقتها جائزة في الرسم بقيمة 50 ألف جنيه، قبل أن تتوسع في الأعوام التالية مادياً وفنياً، لتزيد عدد فروع الجائزة إلى 5 فروع، وتضاعف قيمة الجوائز.

وتصل قيمة الجوائز هذا العام إلى نصف مليون جنيه مصري (الدولار يعادل 30.9 جنيه رسمياً)، بالإضافة إلى جائزة «الاستحقاق الكبرى»، التي حصلت عليها الكاتبة المصرية سناء البيسي، وتبلغ قيمتها 200 ألف جنيه.

وأعربت البيسي عن سعادتها بالجائزة، وقالت في كلمتها خلال الحفل، إن «حصولها على جائزة باسم فاروق حسني يعدّ تكريماً لمشوارها الثقافي والصحافي».

بدوره، أشار الكاتب محمد سلماوي، أمين عام جائزة «الاستحقاق الكبرى»، في كلمته، إلى أن «الجائزة تُمنح لفنان على مجمل أعماله». وقال إن «البيسي تجمع بين مجالات فنية متعددة، فهي صحافية وكاتبة دراما، ورسامة».

وفاز بجوائز النقد الفني التشكيلي كل من سارة أحمد حسن عودة، في المركز الأول، وشيماء سمير عبد المنعم عباس، في المركز الثاني، وشيماء محمود أحمد عبد الرحيم في المركز الثالث. أما جوائز العمارة فكانت من نصيب لجينة أحمد محمد علي في المركز الأول، بينما كان المركز الثاني من نصيب مشاركة جماعية لكل من محمد ناصر محمود حسن، ونداء هانئ محبوب أحمد، وعبد الرحمن عماد الدين رشاد إسماعيل، في حين حصل على المركز الثالث محمد بدوي شحاتة بدوي، كما فاز بشهادة شكر وتقدير بمشاركة جماعية كل من يوسف محمد محمود عثمان، ومحمد أحمد زكي سيد، وحسام جمال اليماني حامد.

وفاز بجوائز التصوير الفوتوغرافي كل من حنان محمد مأمون السعيد، وإبراهيم محمد إبراهيم مصطفى كامل، وتسنيم أحمد محمد علي، في المراكز من الأول إلى الثالث على التوالي.

وفي النحت، فاز بالمركز الأول حسام مصطفى رمضان محمد، وبالمركز الثاني إبراهيم عوض محمد إبراهيم، في حين جاء المركز الثالث مناصفة بين مروة مجدي عيد عبد الغني، ومحمد سعيد محمد محمد المنسي. أمّا في مجال الرسم، فكان المركز الأول من نصيب أحمد صلاح عارف الجندي، والثاني ذهب إلى خالد العجيزي فتح الله أحمد، والثالث شادي محمد حامد إبراهيم.



«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
TT

«قهوة المحطة»... دراما الجريمة والغموض تستلهم «تراجيديا شكسبير»

نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)
نقاد قالوا إنه تم تقديم المسلسل بذكاء ولغة درامية مختلفة (الشركة المنتجة)

يخوض المسلسل المصري «قهوة المحطة» تجربة جديدة في عالم الجريمة والغموض؛ إذ تنطلق أحداثه من خلال الشاب «مؤمن الصاوي» (يقدم شخصيته الفنان أحمد غزي) الذي نزح من الصعيد إلى القاهرة بحثاً عن حلم النجومية، لكنه يواجه سلسلة من الأزمات؛ إذ يتم سرقة حقيبته التي تحوي مصوغات والدته الذهبية فور وصوله إلى محطة القطار، لتتوالى بعدها الأحداث التي تبدأ بمقتله في ظروف غامضة داخل قهوة المحطة خلال لحظة انقطاع مفاجئ للكهرباء لا يتجاوز بضع ثوانٍ، وهو ما يضع الجميع أمام لغز معقد تحاول التحقيقات كشفه، لتتكشف خلاله شخصيات المسلسل تباعاً.

لا يصبح مقتل «مؤمن» مجرد حدث درامي، بل يتحول إلى انعكاس لفكرة أساسية يطرحها العمل، وهي كيف تصبح الحياة نفسها مأساة كبرى؛ إذ الأبطال محاصرون في دوائر مأساوية تلاحقهم دون رحمة.

بيومي فؤاد أثناء كواليس تصوير المسلسل (الشركة المنتجة)

المسلسل الذي بدأ عرضه في النصف الثاني من رمضان ضمن المسلسلات القصيرة (15 حلقة) حظي باهتمام لافت، ولا سيما أن مؤلفه الكاتب عبد الرحيم كمال بات من أهم مؤلفي الدراما المصرية خلال الـ15 عاماً الأخيرة، ومن أعماله: «الرحايا»، و«ونوس»، و«جزيرة غمام»، و«الحشاشين». كما تولى مؤخراً مسؤولية الرقابة على المصنفات الفنية.

يعتمد عمل «قهوة المحطة» على البطولة الجماعية بامتياز من خلال أبطاله: أحمد غزي، وأحمد خالد صالح، وبيومي فؤاد، وهالة صدقي، ورياض الخولي، وانتصار، وحسن أبو الروس، وفاتن سعيد، وعلاء عوض، وعلاء مرسي، وضياء عبد الخالق. وهو من إخراج إسلام خيري، ومن إنتاج «سينرجي» التي أقامت مسابقة بين المشاهدين للبحث عن القاتل بجوائز مالية.

أحمد غزي وفاتن سعيد في كواليس تصوير أحد المشاهد (الشركة المنتجة)

وأشاد مغردون على منصة «إكس» (X) بالمسلسل، وقالوا إنه يغرد خارج السرب من خلال عمق الحوار والشخصيات، وإن به غموضاً وفلسفة وروحانيات، وتأخذنا المَشاهد لعمق الحياة عبر شخصية بسيطة عادية. ووصفوه بـ«الفن الراقي» و«الإحساس العالي».

ويحمل بطل المسلسل الباحث عن فرصة ليصبح ممثلاً، كتاب «المآسي الكبرى» للكاتب الإنجليزي وليام شكسبير الذي يحوي داخله مسرحياته المأساوية («هاملت»، و«ماكبث»، و«عطيل»، و«الملك لير»)، كما لو كانت إشارة رمزية إلى طبيعة القصة التي ترمز لمأساة الإنسان، في حين تأتي أغنية تتر المسلسل لتؤكد المعنى: «يا وعدي على الأيام... بتعدي بينا قوام»، والتي كتبها الشاعر عبد الرحيم منصور، وهي من ألحان وغناء أحمد منيب، وقد طُرحت قبل 40 عاماً.

بيومي فؤاد ابتعد عن الكوميديا في المسلسل (الشركة المنتجة)

المقهى في المسلسل ليس مجرد مكان لتناول المشروبات، بل هو عالم قائم بذاته، تملأه الحركة، والحكايات التي لا تنتهي، حيث يلتقي المسافرون القادمون من الجنوب والشمال في رحلتهم إلى قلب العاصمة القاهرة، بحثاً عن فرصة عمل، أو لتحقيق أحلام طال انتظارها، وسط زحام الحياة. ويسلط المسلسل الضوء على تفاصيل الحياة اليومية داخل المقهى المتواضع الذي يقع بجوار محطة سكك حديد الجيزة.

يقدم أبطال العمل أداء لافتاً بإتقان اللهجة الصعيدية والتوحد مع شخصياتهم، وكأن العمل يعيد اكتشافهم. وأشاد الناقد محمود عبد الشكور بأداء الفنان أحمد غزي، مؤكداً أنه مشروع ممثل مهم، وكتب عبر حسابه بـ«فيسبوك»: «لا تصدق أن هذا الشاب الصعيدي الجالس على (قهوة المحطة) قد درس إدارة الأعمال في إنجلترا، بل ملامحه مصرية وصعيدية جداً، وهو من أفضل اختيارات الممثلين في المسلسل».

ولا يكتفي عبد الرحيم كمال بصياغة حبكة بوليسية للعمل، بل يغوص في أعماق الشخصيات ليكشف عن جراحهم الداخلية؛ فنجد «المعلم رياض» (بيومي فؤاد)، صاحب المقهى، يخفي خلف قوته الظاهرية مرض السرطان الذي ينهش جسده، في حين يعاني خذلان ابنه المدمن؛ ما يجعله في مواجهة مزدوجة مع الموت وعقوق الأبناء. أما «المقدم عمر موافي» (أحمد خالد صالح) الذي يحقق في القضية، فهو نموذج آخر للمعاناة؛ إذ يحمل عبء فقدان زوجته، ويحاول التكيف مع مسؤولية تربية ابنه بمفرده، ليصبح جزءاً من شبكة الألم التي تربط شخصيات العمل ببعضها.

رياض الخولي في أحد مشاهد العمل (الشركة المنتجة)

وبحسب الناقد خالد محمود، فإن المسلسل يبدو كما لو كان «قهوة الحياة»؛ إذ يكشف في كل حلقة شخصية جديدة مرتبطة بالجريمة التي اتخذها المسلسل ذريعة يُدين بها المجتمع بأسره، قائلاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه من خلال التحقيقات تتكشف حقيقة هذه الشخصيات، ليكشف العمل عن عوالم جديدة وشخصيات مُدانة، محتفظاً بلغز الحادثة حتى النهاية.

ويلفت محمود إلى أن «المسلسل أتاح فرصة كاملة لمجموعة من الممثلين ليكشفوا عن لحظات إبداعهم الكبيرة؛ فقدم كل من بيومي فؤاد وعلاء مرسي أداء مدهشاً، كما راهن العمل على أحمد غزي في تقديم شخصية مثقفة ومركبة للشاب الباحث عن حلمه في القاهرة، والممثلة فاتن سعيد في شخصية (شروق)». وخلص إلى أن «المسلسل تم تقديمه بذكاء ولغة مختلفة عبر دراما بوليسية تعتمد على كشف وتشريح وإدانة شخصيات المجتمع خلال رحلة البحث عن المجرم».

ويشيد الناقد ببراعة الكتابة لعبد الرحيم كمال عبر سرد مغاير، والإخراج الذي استوعب الرسالة، وبرع في اختيارات الممثلين.