«ماء العين» في برلين... فيلم تونسي يحاكي العودة من «داعش»

تجربة «مختلفة» مزجت الواقعية بالفانتازيا

صنّاع الفيلم في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)
صنّاع الفيلم في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)
TT

«ماء العين» في برلين... فيلم تونسي يحاكي العودة من «داعش»

صنّاع الفيلم في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)
صنّاع الفيلم في «برلين السينمائي» (إدارة المهرجان)

في عمق الريف التونسي، تتجوّل المخرجة مريم جعبر بالكاميرا؛ لترصد معاناة الشباب العائدين إلى مسقطهم، بعد انخراطهم في تنظيم «داعش» الإرهابي، وذلك عبر فيلمها الروائي الطويل الأول «ماء العين» المعروض ضمن المسابقة الرسمية لمهرجان «برلين السينمائي».

تدور الأحداث ضمن الشمال التونسي وطبيعته الساحرة، في محيط عائلة صغيرة، ينضمّ ولداها مهدي وأمين إلى «داعش» في سوريا من دون رضا الوالدين اللذين يخشيان على ابنيهما من الموت في الحرب أو السجن لدى العودة إلى بلادهما.

تتصاعد الأحداث طوال نحو ساعتين، مع عودة مهدي حاملاً خبر وفاة شقيقه، وبرفقته امرأة حامل تضع النقاب، لنشاهد الحياة الجديدة التي يحاولان التأقلم معها، خصوصاً مع عدم قدرتهما على مغادرة المنزل خوفاً من الملاحقة الأمنية.

مشهد من فيلم «ماء العين» (إدارة المهرجان)

اعتمدت المخرجة على الاستعارات خلال الطرح، لتضع المتلقّي في مساحة بين الخيال والحقيقة. كما أبرزت معاناة الأم، مع الصدمة والخيبة التي يعود بهما الشاب بعد انخراطه في التنظيم، ورؤيته لأحلامه تذوي، والحقائق تتكشّف.

استطاعت المعالجة البصرية ببصمة فنسان غونفيل، توظيف الصورة بشكل يخدم العمل، فرغم أنّ مخرجته ولدت في الولايات المتحدة، وتعيش معظم الوقت بمونتريال الكندية، فإنها تنقل الواقع التونسي وخصوصيته بحساسية شديدة.

وقدّمت الممثلة صالحة النصراوي شخصية الأم والزوجة، لتجسّد علاقة الحب الوطيدة التي تجمعها بزوجها، ثم صدمة سفر الأبناء، بالإضافة إلى المعاناة بعد عودة ابنها.

بطلة الفيلم في سياق الأحداث (إدارة المهرجان)

تعليقاً، يرى الناقد الفني السعودي أحمد العياد أنّ الفيلم طرح قضية العودة من «داعش» من جانب اجتماعي بصورة فنية ضمّت كثيراً من التفاصيل، التي جاءت استكمالاً لفيلم المخرجة القصير «إخوان» (قدمته قبل 6 سنوات)، لا سيما بما يتعلّق بتكرار تعاونها مع الممثلين.

ويصف الفيلم لـ«الشرق الأوسط» بأنه «أحد أهم الإنتاجات العربية المُنتَظرة خلال العام الحالي لطرحه المتميّز للقضية التي يناقشها، بالإضافة إلى جمالياته الفنية»، مشيراً إلى أنّ «العمل عانى قليلاً لناحية السرد في جزئه الثاني، لكنه لا يزال من أهم الأعمال التي يُتوقّع حصدها جوائز في مهرجانات سينمائية عدّة خلال العام».

مشهد من الفيلم (إدارة المهرجان)

في السياق عينه، يشيد الناقد المصري أحمد شوقي بتوظيف المخرجة أدواتها الفنية بشكل جيد للتعبير عن فكرتها، ويذكر لـ«الشرق الأوسط» أنه «رغم تكرار مناقشة قضية انضمام الشباب التونسي لتنظيم (داعش) في أعمال عدة سابقة، فإنّ مريم جعبر استطاعت تقديم التجربة بشكل مختلف مزجت فيه الواقعية والفانتازيا».

ويرى أنّ «الفيلم سيكون من التجارب واضحة التأثير في السينما العربية خلال 2024، لا سيما مع تميّز عناصره الفنية المتعلّقة بالصورة وتوظيفها للتعبير عن الفكرة».

وهو رأي يدعمه الناقد المصري محمد عبد الرحمن، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «الفيلم يطرح قضية مكرّرة ولكن بزاوية مختلفة، وسط عدم انشغاله بالحديث عن طرق تجنيد الشباب أو تفاصيل ما يحدث، بل بالتركيز على الأسرة، وانعكاس الأمر بشكل مباشر عليها».

ويضيف أنّ «الفيلم أظهر دوافع الشباب للانخراط في التنظيمات المتطرّفة بشكل غير مباشر، سواء بسبب الظروف الحياتية السيئة التي يعيشونها، أو لغة الخطاب الديني المُستَخدمة لاستقطابهم».


مقالات ذات صلة

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

بيئة الأمواج تتكسر على ساحل بلدة سانشا مع اقتراب الإعصار جايمي في نينغدي بمقاطعة فوجيان - الصين - 25 يوليو 2024 (رويترز)

تغير المناخ يسبب تغييرات في أنماط هطول الأمطار وأعاصير أكثر شدة

قال علماء في بحث نُشر اليوم الجمعة إن تغير المناخ يُحدث تغييرات في أنماط هطول الأمطار حول العالم، وهو ما قد ينجم عنه أيضاً اشتداد قوة الأعاصير والعواصف المدارية

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
آسيا رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يتحدث إلى وسائل الإعلام بعد اجتماعه مع الرئيسة دروبادي مورمو لتأكيد ترشحه لتشكيل الحكومة الجديدة في القصر الرئاسي في نيودلهي - الهند 7 يونيو 2024 (رويترز)

رئيس وزراء الهند: باكستان تستخدم «الإرهاب والحرب بالوكالة» لتظل موضع اهتمام

قال رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، اليوم (الجمعة)، إن باكستان لم تتعلم أي دروس من ماضيها، وتحاول أن تظل موضع اهتمام من خلال «الإرهاب والحرب بالوكالة».

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الولايات المتحدة​ هادي مطر الشاب الأميركي اللبناني المتهم بمحاولة قتل الكاتب سلمان رشدي خلال جلسة سابقة أمام المحكمة في نيويورك (أ.ب)

محكمة أميركية توجه تهمة «الإرهاب باسم حزب الله» إلى مهاجم سلمان رشدي

وجّهت وزارة العدل الأميركية، الأربعاء، تهمة «الإرهاب باسم حزب الله اللبناني» إلى الشاب الأميركي من أصول لبنانية، هادي مطر، الذي حاول قتل الكاتب سلمان رشدي.

إيلي يوسف (واشنطن)
آسيا صورة لحطام طائرة نيبالية تابعة لشركة «Saurya Airlines» اشتعلت فيها النيران بعد انزلاقها عن المدرج خلال إقلاعها في مطار تريبهوفان الدولي في كاتماندو يوم 24 يوليو 2024 (رويترز)

18 قتيلاً في تحطّم طائرة نيبالية... والطيار الناجي الوحيد

أدى تحطّم طائرة في كاتماندو، الأربعاء، إلى مقتل 18 من 19 شخصاً كانوا فيها، وفق ما أفادت الشرطة في العاصمة النيبالية، ونجا الطيار وحده.

«الشرق الأوسط» (كاتماندو)
آسيا بالونات كورية شمالية تُرى من مركز مراقبة التوحيد في باجو بكوريا الجنوبية قُرب الحدود مع كوريا الشمالية الأربعاء 24 يوليو 2024 (أ.ب)

بالونات نفايات كورية شمالية تطول مقر الرئاسة الكورية الجنوبية

طالت بالونات محملة نفايات أرسلتها كوريا الشمالية، الأربعاء، المجمع الرئاسي الكوري الجنوبي في سيول.

«الشرق الأوسط» (سيول)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.