مصر: عرض مخطوط «سفر المزامير» النادر بعد الانتهاء من ترميمه

يعود تاريخه إلى القرن الرابع الميلادي

قاعة عرض المخطوط من الداخل (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قاعة عرض المخطوط من الداخل (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر: عرض مخطوط «سفر المزامير» النادر بعد الانتهاء من ترميمه

قاعة عرض المخطوط من الداخل (وزارة السياحة والآثار المصرية)
قاعة عرض المخطوط من الداخل (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بالتزامن مع الاحتفال بمرور 114 عاماً على افتتاحه، بدأ المتحف القبطي في منطقة مجمع الأديان بحي مصر القديمة في القاهرة عرض مخطوط «سفر المزامير» النادر بعد الانتهاء من ترميمه الذي استغرق نحو 5 سنوات.

ومخطوط «(سفر المزامير) أقدم كتاب كامل لسفر المزامير الذي كتبه النبي داود، ويعود تاريخه للفترة ما بين القرنين الرابع والخامس الميلادي، وعثر عليه في مقبرة صغيرة في إحدى قرى مدينة بني سويف عام 1980، وقد كتب المخطوط على الرّق مجلدة بالجلد بين لوحين من الخشب، ومغلف بضلفتين من الخشب، وسيور من الجلد لربط الكتاب، وفقاً للمديرة العامة للمتحف القبطي جيهان عاطف.

وتقول عاطف لـ«الشرق الأوسط» إن «المخطوط يحتوي على 151 مزموراً باللغة القبطية (لهجة مصر الوسطى)، ويضمّ 31 ملزمة، كل واحدة تحتوي على 8 أوراق، أي 16 صفحة». ويضم المخطوط «أناشيد بني إسرائيل التي كانوا يترنمون بها، وقد كتبه العديد من الأشخاص بينهم النبي سليمان، لكنه سُمي مزمور داود، لأن الأخير كتب العدد الأكبر وهو 73 مزموراً».

مخطوط «سفر المزامير» (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وبدأ المتحف القبطي عرض مخطوط «سفر المزامير» مجدداً، بعد عملية ترميم استغرقت نحو 5 سنوات، وفقاً لرئيس قطاع المتاحف بالمجلس الأعلى للآثار، مؤمن عثمان، الذي قال في إفادة رسمية، مساء الثلاثاء، إن «المخطوط خضع لعملية ترميم شاملة داخل معمل قسم الترميم في المتحف القبطي، بواسطة فريق من المتخصصين في ترميم المخطوطات من أعضاء إدارة الترميم بالمتحف القبطي والمتحف الإسلامي، الذين قد حصلوا على جائزة الدكتور زاهي حواس، أفضل مشروع ترميم لعام 2023».

وكان المجلد يعاني العديد من مظاهر التلف وانفصال ملازم المخطوط عن بعضها بسبب تفكك الخياطة، كما وُجد تجعيد في الأوراق إضافة إلى حالة جفاف عامة للأوراق، ووجد تحلّل كيميائي وفقد أجزاء من الأطراف، وآثار سوائل، وتحلّل وتلف وتآكل في الأحبار، وجفاف في الجلد الخاص بالكعب والسيور».

المتحف القبطي بالقاهرة يحتفل بمرور 114 عاماً على إنشائه (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وفرضت طبيعة المخطوط وعدد صفحاته الكثيرة سيناريو عرض متحفي مختلف، حيث خصصت لعرضه قاعة خاصة، إذ يُعرض المخطوط الأصلي في «فاترينة» خاصة داخلها، مع الاستعانة بـ«شاشات تفاعلية» تعمل باللمس، وتمكّن الزائرين من مطالعة صفحاته المختلفة، وأوضحت المديرة العامة للمتحف، جيهان عاطف، أن «النسخة الأصلية للمخطوط تُعرض مفتوحة من منتصفها في (فاترينة) خاصة، ولأنه لا يمكن بالطبع للزوار تقليب صفحاته، وأيضاً لا يمكن عرض كل صفحة منفصلة، لذا لجأنا لفكرة الشاشات التفاعلية، التي تضم عرض صفحات المخطوط وصور الترميم ومكان اكتشافه بسبع لغات، هي: اللاتينية، والفرنسية، والإنجليزية، والعبرية، واللغة القبطية الصعيدية، والعربية».

افتتاح قاعة عرض المخطوط النادر بالمتحف القبطي (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ووفق عاطف فقد «خُصّصت شاشتان باللغتين العربية والإنجليزية تتضمنان صوتاً ناطقاً يشرح تفاصيل المخطوط، حيث يختار الزائر اللغة التي يريدها من لمس الشاشة، مع إمكانية التكبير والتصغير لتسهيل القراءة، والاطلاع على صور فوتوغرافية توضح مراحل ومكان اكتشاف المخطوط، وشكله قبل الترميم وبعده».

ويأتي عرض المخطوط ضمن احتفالات المتحف بمرور 114 عاماً على تدشينه، وينظم المتحف عدداً من الفعاليات، منها معرض أرشيفي بعنوان «مختارات من أرشيف المتحف القبطي»، يضمّ مجموعة من الصور الأرشيفية، والوثائق والمخاطبات والأوراق والسجلات والكتالوغات التي تؤرّخ لبعضٍ من أعمال وإنجازات ثلاثة من المديرين السابقين للمتحف القبطي؛ وهم: مرقس سميكة باشا مؤسس المتحف، والدكتور باهور لبيب، والدكتور جودت جبرة.


مقالات ذات صلة

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

يوميات الشرق الاحتفال بمرور 70 عاماً على تأسيس معهد الدراسات القبطية (وزارة السياحة والآثار)

مصر تحتفي باللغة القبطية وتوثيق الحضارة الفرعونية 

احتفت مصر باللغة القبطية التي يجري تدريسها في المعهد العالي للدراسات القبطية التابع للكنيسة الأرثوذكسية المصري، وذلك بمناسبة مرور 70 عاماً على إنشاء المعهد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق المتحف المصري الكبير يضم آلافاً من القطع الأثرية (الشرق الأوسط)

المتحف المصري الكبير يحتفي بالفنون التراثية والحِرف اليدوية

في إطار التشغيل التجريبي للمتحف المصري الكبير بالجيزة (غرب القاهرة) أقيمت فعالية «تأثير الإبداع» التي تضمنت احتفاءً بالفنون التراثية والحِرف اليدوية.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )

بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
TT

بينالي أبو ظبي... التوقيع بالفن على المساحات العامة

عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)
عمل الفنانة عزة القبيسي (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

ضمن خطة طموح تهدف إلى إدخال الفن إلى المساحات العامة أطلقت أبوظبي النسخة الافتتاحية من بينالي أبوظبي للفن العام، وتستمر حتى 30 أبريل (نيسان) المقبل. ومع اليوم الأول أتيح للجمهور معاينة كثير من الأعمال التركيبية على الكورنيش، وفي الحدائق، وفي واحة العين وأيضاً ضمن المباني المهمة في أبوظبي، وكأن الأعمال الفنية تضع توقيعها على المساحات العامة لتضفي عليها وهجاً مجتمعياً خاصاً يخرج بها عن صورتها اليومية المعتادة.

«النهر الحضري» للفنان قادر عطية في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

في أثناء المشي على كورنيش أبوظبي والاستمتاع بنسائم البحر والأجواء اللطيفة في هذا الوقت من العام، لا يملك المرء إلا التوقف أمام تشكيلات فنية جاذبة للعين والانتباه. خلال جولة سريعة نزور محطة الحافلات التي بنيت في عام 1986، وتعد واحدة من أقدم المباني في المدينة، وهنا أيضاً نرى الأعمال المختلفة سواء في خارج المحطة أو في داخلها، أما في سوق السجاد فهناك مفاجأة ضخمة صنعها فنان برازيلي، ونسج فيها قصصاً وذكريات لأصحاب المحال المجاورة.

تنقسم مساحات عرض البينالي إلى 8 دروب كما يطلق عليها، تضمنت أعمالاً لأكثر من 70 فناناً من الإمارات، ومن دول مختلفة حول العالم. أما ما يجمع بينها فهو ببساطة المدينة نفسها، فالأعمال تشترك في استكشاف الظروف البيئية للمدينة وأسلوب الحياة المجتمعي والهندسة المعمارية والتخطيط المدني.

توزعت الأعمال على مسافات كبيرة، وهو ما يشجع الزوار على المشي لمسافات لاستكشاف ما يختبئ في طريقهم من أعمال وإعادة اكتشاف معالم المدينة الشهيرة، وللتوصل إلى كل الأعمال المعروضة، فاستخدام السيارة أمر ضروري، ولا سيما لزيارة واحة العين.

رحلة البحث

على كورنيش أبوظبي تنطلق رحلة البحث عن الأعمال الفنية، للتوصل لكل الأعمال يقترح دليل البينالي المشي لمدة ساعة، وفي الأجواء اللطيفة يصبح المشوار ممتعاً. في تتابع نمر أولاً على عمل الفنان أوسكار موريو الذي نفذ لوحة ضخمة يبلغ طولها 80 متراً على مساحة 1 في المائة من كورنيش أبوظبي، لتستكشف التوسع الحضري السريع الذي تشهده المدينة.

«برزخ» للفنان وائل الأعور في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

أما الفنان وائل الأعور فنرى من تنفيذه عمل «برزخ»، وهو مجسم ضخم يبدو لنا عن بعد، وكأنه شبكة من القطع البلاستيكية، يدخل الضوء من فتحاته ليخلق تركيبات مختلفة، ويمنح الزوار فرصة للتمهل داخله. بحسب بطاقة التعريف بالعمل، فالفنان يستجيب للتحديات البيئية المحلية والعالمية عبر استخدام ثلاث مواد، وهي البلاستيك المعاد تدويره وألياف النخيل المستخدمة في العمارة الإماراتية منذ قرون والمحلول الملحي، وهو ناتج ثانوي من عملية تحلية المياه يضر بالنظم البيئية البحرية عند تصريفه في الخليج. يبدو أن العناصر كلها تمثل الماضي واحتمالية مستقبل العمارة في الخليج عبر استخدام الموارد المحلية التي ترمز لها ألياف النخيل والبلاستيك المعاد تدويره، وتعالج القضايا البيئية الآنية مثل تأثير عملية تحلية المياه على البيئة البحرية.

عموماً العمل يستوقف الناظر، ويجذبه لداخله عبر تشكيلة بصرية جميلة، وهكذا يجد الزائر الفرصة للتفكير في المعنى خلف العمل.

عمل الفنانة فرح القاسمي «الحنين إلى الوطن» (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

ليس بعيداً عن عمل الأعور نرى عملاً للفنانة الإماراتية فرح القاسمي التي تقدم تشكيلاً بصرياً خارجاً من أعماق جماليات البحر يحمل عنوان «الحنين إلى الوطن»، ويتكون من محارات ضخمة تنتظم في شكل دائري على منصة مرتفعة مغطاة بالرمال البيضاء، تحتفي الفنانة هنا بمهنة الغوص والبحث عن اللؤلؤ، وهي مهنة شكلت المشهد الاقتصادي والثقافي والاجتماعي للإمارات. إضافة إلى الشكل المرتبط بالبحر تضيف الفنانة بعداً جديداً، وهو الصوت، فهي جهزت كل محارة بمكبر صوت تبث جوقة من الأصوات الاصطناعية التي ألفتها من وحي أغنية «توب توب يا بحر» التي تغنيها زوجات الغواصين، بينما ينتظرن عودة الأزواج من رحلات الصيد.

عمل للفنان البرازيلي هنريك أوليفييرا أمام محطة الحافلات (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

نتجه إلى محطة الحافلات الرئيسية، حيث توزعت أعمال عدد من الفنانين. يستوقفنا خارج المحطة مجسم على شكل شجرة متيبسة تفترش مساحة ضخمة من الرصيف الخارجي، وهو للفنان البرازيلي هنريك أوليفييرا وهو معروف باستخدامه للخشب المتآكل، الذي يحصل عليه غالباً من أسوار البناء الحضرية. تجمع ممارسات أوليفيرا بين الرسم والهندسة المعمارية والنحت، ويعمل على تحويل الخشب المهمل والمتداعي إلى أعمال عضوية وديناميكية، مما يعكس تداخل التدهور الحضري مع النمو الطبيعي.

أما زينب الهاشمي، وهي فنانة مفاهيمية إماراتية، فنرى من عملها رصيفاً حجرياً أمام المحطة، للوهلة الأولى لا نميزه فهو منسجم تماماً مع تصميم مباني المحطة وخارجها، ولكن الفنانة التي تعمل على تفكيك المحيط المعروف عبر التركيبات الفنية، استخدمت الشكل المألوف، وأضافت له العشب الأخضر، وكأنه جزء من المحيط العام لأرصفة المحطة، ولكنه ليس كذلك. فالهاشمي عرفت بالدمج بين العناصر الطبيعية والمصطنعة، لتسلط بذلك الضوء على تأثير التدخل البشري على البيئة، وتحث الناظرين على إعادة النظر في علاقتهم بمحيطهم.

فن في الحدائق العامة

في الحدائق العامة تتناثر أعمال الفنانين عبد الله السعدي، وهاشل اللمكي، ولورنس أبو حمدان، وقادر عطية، وخليل رباح، وسيما نصرت، ورامي قشوع × حرفيات الإمارات، وبافل ألتهامر، وناثان كولي، وآذار جابر، وألورا وكالزاديلا.

«بين الأشجار» للفنان خليل رباح في بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر

وفي سوق السجاد يتألق عمل الفنان كريستوفر جوشوا بنتون: «حيث تفرش سجادتي، يكون وطني (2024)»، وهو سجادة نابضة بالحياة مصنوعة من العشب الصناعي. طُوِّر هذا العمل بالتعاون مع أصحاب المحال في سوق السجاد في أبوظبي، وهو مستوحى من قصصهم وتجاربهم. تحولت السجادة فور تركيبها إلى مساحة مجتمعية حيوية تدمج بين الثقافة والفن المحليين وشهدت مرح الأطفال ولقاءات الأصدقاء.

كريستوفر جوشوا بنتون «حيث تفرش سجادتي يكون وطني» (بينالي أبوظبي للفن عام 2025 - 2024 © لانس جربر)

يُشكِّل بينالي إحدى الركائز الثلاث لمبادرة «أبوظبي للفن العام»، التي أعلنت عنها دائرة الثقافة والسياحة – أبوظبي في مارس 2023. وتتضمَّن المبادرة تكليفات فنية مباشرة سنوية، ومعرض «منار أبوظبي» الفني الضوئي الذي يُعقَد كلَّ سنتين (استمرت النسخة الأولى من 15 نوفمبر 2023 إلى 30 يناير 2024)، إضافة إلى «بينالي أبوظبي للفن العام».