برنامج «ذا ريسرتشر» اللبناني ينال تنويهاً عالمياً

مبتكره عماد بوحمد لـ«الشرق الأوسط»: مخاطبة العقول صعبة

يقدّم «ذا ريسيرتشر» المحتوى العلمي والثقافي بأسلوب السهل الممتنع (حساب البرنامج)
يقدّم «ذا ريسيرتشر» المحتوى العلمي والثقافي بأسلوب السهل الممتنع (حساب البرنامج)
TT

برنامج «ذا ريسرتشر» اللبناني ينال تنويهاً عالمياً

يقدّم «ذا ريسيرتشر» المحتوى العلمي والثقافي بأسلوب السهل الممتنع (حساب البرنامج)
يقدّم «ذا ريسيرتشر» المحتوى العلمي والثقافي بأسلوب السهل الممتنع (حساب البرنامج)

في زمن شاهد على ندرة إنتاج برامج تلفزيونية علمية وثقافية، يطلّ «ذا ريسرتشر قصة كبيرة» عبر شاشة «إل بي سي آي» اللبنانية لكسر هذا المزاج العام، فيمدّ جسراً بين الأكاديمية والمجتمع، عبر مجالات مختلفة، تشمل الصحة، والأعمال التجارية، والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد.

مقدّمه د.عماد بوحمد، هو صاحب الفكرة ومنفّذها. أستاذ في كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأميركية، تولّى هذه المهمّة باهتمام كبير، وسط غياب بارز لبرامج تلفزيونية من هذا النوع في لبنان.

وبعد 3 مواسم، استطاع البرنامج أن يحقّق اعترافاً دولياً ينوّه بانعكاسه الإيجابي على المجتمع، فعدّته «جمعية تطوير كليات إدارة الأعمال (AACSB)» العالمية، ابتكاراً دولياً مُلهماً للعام الحالي. فهو يضيء على الدور الحيوي لتعليم إدارة الأعمال، وتعزيز القيم الاجتماعية والتجارية.

د.عماد بوحمد مقدّم «ذا ريسيرتشر» ومبتكر فكرته (حساب البرنامج)

يوضح بوحمد لـ«الشرق الأوسط» أنّ الجمعية تكرّم المؤسّسات في أنحاء العالم، وتخصّ تلك المبتَكرة لتعليم إدارة الأعمال بإطار مُلهم ومؤثّر. وحول موضوع «الابتكار المُلهم» لهذا العام، تصدّر «ذا ريسيرتشر» لائحة 26 مؤسّسة أخرى تُعنى بهذه الموضوعات، مضيئاً بذلك على طرق فريدة تسلكها تلك الكليات في العالم، متّخذة من الجرأة نواة لخلق قيم للمتعلّمين والشركات والمجتمع.

استهلّ «ذا ريسيرتشر» أولى حلقاته عبر الـ«أونلاين» عام 2020، وكانت مدّة الواحدة نحو 10 دقائق. بعد اتصالات مع «المؤسسة اللبنانية للإرسال»، أدرجته على شبكة برامجها. وفي الموسم الحالي، تطوّر البرنامج الذي يقدّم المعلومات التثقيفية والعلمية بخلطة ترفيهية، ليصبح «ذا ريسيرتشر قصة كبيرة». يؤكد بوحمد: «مخاطبة العقول ليست بالأمر السهل. وعادةً يشعر المُشاهد بالضغط لدى اقتران البرامج بالثقافة والعلم. تَمسّكنا بمحتوى سهل وبسيط ضمن خلطة ترفيهية، لكسر الحواجز».

يشكل المحتوى غذاءً ذهنياً يحتاج إليه المُشاهد (حساب البرنامج)

يتألف «ذا ريسيرتشر قصة كبيرة» من 4 فقرات، فيقدّم في الأولى بعنوان «شو بتعرف» معلومات عبر عدد من الطلاب المشاركين. وفي «علمي علمك»، يستضيف بوحمد أحد الباحثين في اختصاص محدّد، ليزوّد المُشاهد بخبراته وبمعلومات تهمّه في مجالات الصحة والاقتصاد وغيرها... أما فقرة «بصمة»، فتطلّ على شخصية علمية تركت أثرها في الناس، لتتناول طفولتها وشبابها وكيفية بنائها مشوارها العلمي. إنها نموذج يحتذي به جيل الشباب ضمن سردية مشوّقة. وفي الفقرة الأخيرة، «وكمان موهوب»، يتعرّف المُشاهد إلى موهبة فنية يمتلكها ضيف صاحب مهارات علمية عالية. ويجري اختيار معظم الضيوف من الجامعة الأميركية في بيروت، فهي الراعية للبرنامج، كما تمثّل صورة لبنان المضيئة، وتتصدّر الوجه الثقافي والعلمي بين بقية الجامعات.

سهى كنج ضيفة «ذا ريسيرتشر» في الحلقة الأخيرة قبل رمضان (حساب البرنامج)

وفي الحلقة الأخيرة قبل موسم رمضان، يستضيف البرنامج اختصاصيين ودكاترة تابعين لـ«جامعة الكبار» المنبثقة من «الأميركية». يتابع بوحمد: «هدف هذه الجامعة التي تأسّست مؤخراً، إعادة الدور لأشخاص ما فوق الـ50، كانت لهم إنجازاتهم على المستوى الجامعي. فهم أيضاً يشكلون بصمة ثقافية وعلمية لا تُنسى. كما يطل في (وكمان موهوب) متخصّص بالهندسة الكيميائية من الكويت. فهي الفقرة الوحيدة التي نكسر فيها أحياناً نمط استقبال الضيوف المرتبط فقط بالجامعة الأميركية».

يتألف فريق الإعداد من خلية نحل تمثّل أسماء إعلامية معروفة، في مقدّمهم ندى مفرج، وسعيد وبيار بيروتي، وسيدة عرب، والمنتجة المنفّذة ألين حنين باز.

وإذ يرى بوحمد أنّ هذا النوع من البرامج تفتقر إليه الشاشة الصغيرة في لبنان والعالمين العربي والغربي، يضيف: «الإعلام يشكل أسلوب حياة يومياً يشبه إلى حد بعيد أنواع الأغذية التي نتناولها، وغالبيتها لا تنتمي إلى الطعام الصحي، فيكون محتوى ترفيهياً يُتلف العقل أحياناً، ويسهم في تفكيك المجتمعات وانحدارها، أحياناً أخرى. في الوقت المناسب دخل (ذا ريسيرتشر) على الخط لقلب هذا المفهوم. لسنا ضدّ الترفيه، ولكن لا بأس في مواكبته بمعلومة تدفعنا إلى التفكير، فيشكل بذلك غذاء لأذهاننا نحتاج إليه في زمن الأفكار المسطّحة».

كما يرى أنّ الشاشات العربية غير اللبنانية «سبقتنا خطوة في هذا المضمار، فابتعدت برامجها عن أسلوب التنمّر والحوار غير الراقي، وحقّقت تطوّراً في المحتوى التلفزيوني بعيداً عن الاستهلاكي التجاري»، متمنياً أن يصبح «ذا ريسيرتشر» نوعاً جديداً من البرامج، تسعى إليه بعض المحطات العربية كمحتوى مفيد ومسلٍّ.


مقالات ذات صلة

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

يوميات الشرق «البلوغر» والمذيعة المصرية داليا فؤاد بقبضة الشرطة (صفحتها في «فيسبوك»)

توقيف «بلوغر» مصرية لحيازتها مخدرات يجدّد أزمات صانعات المحتوى

جدَّدت واقعة توقيف «بلوغر» أزمات صانعات المحتوى في مصر، وتصدَّرت أنباء القبض على داليا فؤاد «التريند» عبر «غوغل» و«إكس».

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق جود السفياني (الشرق الأوسط)

جود السفياني... نجمة سعودية صاعدة تثبّت خطواتها في «خريف القلب»

على الرغم من أن الممثلة جود السفياني ما زالت في بداية العقد الثاني من عمرها، فإنها استطاعت أن تلفت الأنظار إليها من خلال مسلسلات محليّة حققت نسب مشاهدة عالية.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق تضم المنطقة المتكاملة 7 مباني استوديوهات على مساحة 10.500 متر مربع (تصوير: تركي العقيلي)

الرياض تحتضن أكبر وأحدث استوديوهات الإنتاج في الشرق الأوسط

بحضور نخبة من فناني ومنتجي العالم العربي، افتتحت الاستوديوهات التي بنيت في فترة قياسية قصيرة تقدر بـ120 يوماً، كواحدة من أكبر وأحدث الاستوديوهات للإنتاج.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الفنان المصري مصطفى فهمي (وزارة الثقافة)

حزن في مصر لرحيل «برنس الشاشة» مصطفى فهمي

خيَّمت حالة من الحزن على الوسط الفني بمصر، الأربعاء، بعد إعلان رحيل الفنان مصطفى فهمي، المشهور بلقب «برنس الشاشة»، عن عمر ناهز 82 عاماً.

محمد الكفراوي (القاهرة)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.