على مدار الأسابيع الماضية، لم يكن هناك عمل محلي يشد انتباه الجمهور السعودي أكثر من مسلسل «ثانوية النسيم»، الذي يتصدر حالياً قائمة الأعمال الأعلى مشاهدة على منصات العرض في السعودية وعدة دول أخرى. ويحكي قصصاً مختلفة لطلاب مشاغبين داخل مدرسة ثانوية في الرياض، يتعين عندهم معلم جديد يحاول جاهداً تعديل سلوك هؤلاء المشاغبين.
الفنان السعودي خالد صقر تحدث لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل العمل، باعتباره بطل المسلسل، في شخصية «الأستاذ عبد الله» الذي يحمل درجة الماجستير من بريطانيا في تخصص إصلاح التعليم، قائلاً: «على الرغم من أننا اشتغلنا على العمل بكل جدية وحب واحترام فإننا لم نتوقع هذه الأصداء الكبيرة التي حظي بها العمل».
شخصية «الأستاذ عبد الله»
وعن كيفية رسم شخصية «الأستاذ عبد الله»، يوضح صقر أنه استعان بتراكم تجاربه الفنية، مؤكداً أن النص الجيد هو بمثابة المنبع الذي ينهل منه الممثل وينطلق منه... وأضاف: «منذ البداية، أدركت أن الشخصية جميلة، وموضوعة في أماكن حرجة، وتتطلب التعامل الحذر، خاصة بعد أن أجاد علاء حمزة كتابة الشخصية، كما بذل المخرج عبد الرحمن الجندل جهداً كبيراً في إبراز مسار الشخصية والاهتمام بالتفاصيل».
كما أشار خالد صقر إلى الثبات الانفعالي العالي الذي تمتع به «الأستاذ عبد الله»، والقدرة الكبيرة على ضبط النفس في أوقات صعبة، خاصة مع تعمد الطلاب استفزازه في مشاهد كثيرة، وحول ذلك يقول: «هو شخصية مخططة أكثر من كونها تنتظر ردة فعل الآخرين، فهو إنسان يعتمد التخطيط واتباع الحيل النفسية»، مشيراً إلى أن كل تفاصيل العمل كانت مدروسة بعناية.
أصعب المشاهد
وفيما يتعلق بأصعب المشاهد، يستذكر صقر مشهد دخول «الأستاذ عبد الله» لأول مرة على الطلاب في الصف، حين استنكروا عليه ذكر اسم زوجته ووالدته أمامهم، معتبرين أن في ذلك منقصة، عندها وقف وسطهم وسأل باستخفاف: «وين الرجال؟»، مما أثار غضبهم... يقول صقر: «استخدم الأستاذ عبد الله ذلك كحيلة نفسية، كما وقف بينهم بثبات لأنه يعلم ما هو الخط الذي لا يمكن تجاوزه، ويدرك حدوده، وكيف يتصرف مع هؤلاء المراهقين».
الوجوه الجديدة
ولأن مسلسل «ثانوية النسيم» يجمع مجموعة كبيرة من الوجوه الجديدة والصاعدة، كان لا بد من سؤال صقر عن تجربة العمل مع هؤلاء الشباب، والتي يشيد بها قائلاً: «في يوم من الأيام كنت أنا وجهاً جديداً، وكنت بحاجة إلى الظهور مع من سبقوني، كي أتعلم منهم». ويردف: «وأنا وعلى الرغم من خبرتي الفنية فإنني تعلمت أشياء كثيرة من هؤلاء الشباب؛ لأن الفن بحر لا شاطئ له، فهو رحلة طويلة ومستمرة، وفي كل مرة نكتشف أموراً وتقنيات جديدة وطريقة مختلفة للتعاطي مع النص».
ذكريات المدرسة
وبسؤال خالد صقر عن ذكرياته مع المدرسة، يوضح أنه لم يكن مشاغباً ولا متفوقاً، بل يتوسط بين هؤلاء وهؤلاء، مبيناً أنه كان يهتم بحصص الفنية والرياضة، وكل ما له علاقة بالأنشطة الصفيّة. ويتابع: «أنا معجب بالتطورات الحاصلة حالياً في التعليم السعودي»، مشيراً إلى أنه لم يشعر بالحنين تجاه أيام الدراسة؛ نظراً لأن واقع التعليم الآن هو أفضل من السابق.
الرسالة في الفن
وخلال أسابيع عرض العمل على منصة «شاهد» بواقع حلقتين أسبوعياً، كان هناك كثير من الجدل حول ما إذا كان المسلسل يحمل رسالة تربوية، ومدى أهمية الرسالة في العمل الفني، وهو أمر تصاعد بعد عرض الحلقة الأخيرة التي تُظهر نتائج ما قدمه المعلم من اهتمام في إصلاح حال الطلبة، إلى جانب التوعية بمخاطر المخدرات، وتأثير الرفقة السيئة وعاقبة الاستهتار والتمرد والإهمال الدراسي، وعن رؤيته حيال ذلك، يرى صقر أن العمل الفني لا يشترط به أن يتضمن رسالة مباشرة، فهو يحوي قصة ومتعة بالدرجة الأولى، مبيناً أن الرسالة المباشرة منوطة بالبرامج التوعوية والمحاضرات والندوات التي يتقنها المتخصصون، ويتابع: «الفن يجعلنا نعيش عوالمَ من الصعب أن نعيشها على أرض الواقع... ولو كانت هناك رسالة جيدة في العمل فلا مانع، إلا أني (بوصفي) ممثلاً لا أبحث عن ذلك».