تفاعل مع توقيف «بلوغر» مصرية بتهمة «التعدّي على القيم الأسرية»https://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/4858931-%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%B9%D9%84-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D9%88%D9%82%D9%8A%D9%81-%D8%A8%D9%84%D9%88%D8%BA%D8%B1-%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D8%A8%D8%AA%D9%87%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B9%D8%AF%D9%91%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%8A%D9%85-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B3%D8%B1%D9%8A%D8%A9
تفاعل مع توقيف «بلوغر» مصرية بتهمة «التعدّي على القيم الأسرية»
«البلوغر» سوزي أيمن (حسابها في «فيسبوك»)
تسبَّب تحقيق النيابة العامة في القاهرة مع «البلوغر»، سوزي أيمن (16 عاماً)، التي تشتهر عبر منصات التواصل الاجتماعي باسم «سوزي الأردنية»، بتهمة «التعدّي على القيم الأسرية»، عقب نشرها فيديوهات تتضمّن عبارات مسيئة؛ في تفاعل فئات مختلفة من المصريين مع نبأ القبض عليها وتوقيفها.
وكان اسم الفتاة تصدَّر محركات البحث عبر «غوغل» ومواقع التواصل الاجتماعي، حين نشرت عبر حسابها الخاص في «تيك توك» مقطع فيديو تضمّن مشادة كلامية بينها وبين والدها، رمته خلالها بألفاظ بذيئة، كما تعرّضت من قبل لانتقادات واسعة بسبب طبيعة محتواها المثير للجدل.
أمام ذلك، تقدّم عدد من المحامين ببلاغات إلى النائب العام ضد «البلوغر»، التي يتابعها أكثر من 5 ملايين حساب عبر «تيك توك»، واتّهموها ببثّ فيديوهات «خارجة على الآداب العامة والقيم الأخلاقية للمجتمع، وتحتوي على مضمون يتعدّى على القيم الأسرية»، وهو البلاغ الذي دفع أجهزة الأمن إلى القبض عليها مساء الخميس، في القاهرة.
وشهدت صفحات مواقع التواصل ردود فعل مختلفة بين مهاجم للفتاة ومدافع عنها، وبين ما إذا كانت مذنبة أم ضحية، وهو ما جعل لقب «البلوغر» (سوزي الأردنية)، وتُهمتها (القيم الأسرية)، من بين «الهاشتاغات» الأكثر رواجاً في مصر، الجمعة.
وقال حساب عبر «إكس» يحمل اسم رام، إنّ «البلوغر» تستحقّ العقاب لتطاولها على أبيها، والأمر نفسه أكد عليه حساب يحمل اسم عمر، مشيداً بالقبض عليها، ومبيّناً أنّ المحتوى الذي تروّج له يؤثر سلبياً في الأطفال.
من جانبها، علّقت أستاذة علم الاجتماع في كلية التربية بجامعة عين شمس المصرية الدكتورة سامية خضر، على الواقعة، قائلة: «نحن أمام حالة من التفكّك الأسري، تسبّبت في ظهور هذه الفتاة ومَن يسير على خطاها، حيث غياب الأب والأم والتوجيه داخل الأسرة، ما أدّى إلى تدهور الوضع الأخلاقي والاقتصادي والاجتماعي للأبناء»، وفق تعبيرها.
وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «لا نستطيع الحكم عليها، ولكن الحكم يأتي بالنظر إلى ما حولها من مناخ تثقيفي وفكري، الذي نجده غير صحي على الإطلاق».
في مقابل الآراء المؤيّدة للقبض على الفتاة، رأت فئة أخرى من رواد التواصل الاجتماعي، أنها ضحية، فطالب حساب عبر «إكس» باسم حنان رفعت بمحاكمة الأب قبل محاكمتها، مضيفةً أنها «لا تزال طفلة لم يعلّمها أحد الصواب من الخطأ». كما دافع عنها حساب باسم ماريان، منتقدةً المحامين مقدّمي البلاغ ضدّها، فذلك يهدّد مستقبلها إذا سُجنت، كما يمثّل عبئاً على أسرتها، وفق قولها.
كذلك أعلن حساب باسم بلال بخاري عن تعاطفه مع الفتاة، لنشأتها «في أسرة مشوّهة»، بتعبيره.
وتعزو الخبيرة الاجتماعية سلوك الفتاة إلى «غياب الوعي والثقافة في معظم المجتمع المصري، وغياب المُثل العليا والقدوة، والابتعاد عن الهوية، وعدم احترام القيم الأسرية».
وترى خضر أنّ «معالجة حالة الفتاة لا تكون بسجنها، ولكن بتوجيهها إلى الطريق السليمة، والمعني بذلك مؤسّسة مثل (المجلس القومي للمرأة)، المخوَّل تقديم الحماية والتوجيه لها ولأسرتها، ولكل الشباب الذين تبلغ نسبتهم في المجتمع المصري نحو 65 في المائة، خصوصاً أنّ الفتاة في سنّ المراهقة، وتحتاج إلى مَن يستمع إليها».
يذكر أنّ «البلوغر» سوزي أيمن تحمل الجنسية الأردنية، لإقامتها أعواماً في الأردن؛ وهو سبب لقبها «الأردنية»، وفق ما ذكرت وسائل إعلام محلية.
«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهشhttps://aawsat.com/%D9%8A%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B1%D9%82/5094005-%D9%85%D8%A7%D8%A6%D8%A9-%D8%B9%D8%A7%D9%85-%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B2%D9%84%D8%A9-%D9%8A%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%82-%D8%A7%D8%A8%D8%AA%D8%B3%D8%A7%D9%85%D8%A9-%D9%85%D8%A7%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%B2-%D9%85%D8%B3%D9%84%D8%B3%D9%84%D9%8C-%D8%B6%D8%AE%D9%85-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D9%87%D9%8A%D8%A6%D8%A9-%D8%AD%D9%84%D9%85-%D9%85%D8%AF%D9%87%D8%B4
«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
منذ اللحظة التي حصلت فيها «نتفليكس» على حقوق تصوير رواية «مائة عام من العزلة»، أدركت أنه لا يمكنها العبث بإرثٍ ثمين كهذا الإرث الذي تركه غابرييل غارسيا ماركيز.
يوم عرض المنتج الأميركي هارفي واينستين على الأديب الكولومبي عام 1994 تحويل تحفته إلى فيلم هوليوودي، أجابه ماركيز: «وحدها مائة ساعة سينمائية ربما تَفي هذه الرواية حقّها». تراجعَ واينستين أمام عناد ماركيز وشروطه التعجيزيّة، ورحل الأخير عام 2014 ليوافق ولداه رودريغو وغونزالو (بعد 5 سنوات) على تنفيذ المشروع، بالتعاون مع المنصة العالمية.
بـ16 حلقة، مدّة كلٍ منها ساعة، وبفريق عمل كولومبي مائة في المائة، وباللغة الإسبانية، بدأ عرض الحلقات الـ8 الأولى من المسلسل، الذي أشرف على تفاصيله وريثا ماركيز بصفة منتجَين منفّذَين، اشترطا على «نتفليكس» أن يجري التصوير في كولومبيا، وأن يفي النص لروح الرواية، فينطق بالإسبانية. أما الممثلون فهم جميعاً كولومبيون.
ينتمي العمل إلى فئة الواقعيّة السحريّة، أي أنّ الخيال والحقيقة يتداخلان من دون أي خيطٍ رفيعٍ فاصلٍ بينهما، فيبدو السحر جزءاً طبيعياً من السرديّة. ولو قُدّر لماركيز أن يكون حياً ويتابع المسلسل، فإنّه على الأرجح كان سيبتسم إعجاباً بصورة عالية الجاذبيّة وبأداءٍ تمثيلي خارق، أخلصا لروايته المدهشة.
«بعد سنواتٍ كثيرة، وبينما كان يواجه فرقة الإعدام، عاد الكولونيل أوريليانو بوينديا بالذاكرة إلى تلك الظهيرة البعيدة، عندما أخذه والده لاكتشاف الثلج». بتلك العبارة الشهيرة، يُفتَتح المسلسل لتنطلق رحلة 7 أجيال من سلالة بوينديا. بدءاً بالوالد المؤسس خوسيه أركاديو وزوجته أورسولا، وصولاً إلى أحفاد الأحفاد الذين يحملون الأسماء واللعنات ذاتها.
في منتصف القرن الـ19، ومن قريتهما، حيث اعترضت العائلة على ارتباطهما خوفاً من غضب القدَر، ينطلق خوسيه أركاديو وأورسولا إلى بقاع كولومبيا الشاسعة. ترافقهما في الرحلة مجموعة من شبّان البلدة وشاباتها، فيؤسسون معاً بلدة ماكوندو المتخيّلة. في ذلك المكان الذي يشبه مجسّماً صغيراً للبشريّة بجمالها وبشاعتها، بيوميّاتها الاعتياديّة وغرائبها، بخَيرها وشرِّها، تكبر عائلتهما وعائلات رفاقهما، لتتحوّل القرية الصغيرة تدريجياً إلى بلدة معروفة ومقصودة، إنما مسحورة في الوقت عينه.
ليس شبح الرجل الذي قتله خوسيه أركاديو في بداية القصة، والعائد أبداً لزيارته وزوجته، المتخيَّل الأول والأخير. ستدخل إلى ماكوندو مجموعة كبيرة من الغجر الذين سيجلبون معهم كثيراً من الغرائب والعجائب والظواهر غير المألوفة. يقع أركاديو في شَرَك ما ورائياتهم وألاعيبهم وعلم الفلك والخيمياء، فيصبح حبيس مختبره مستطلعاً النجوم والكواكب، ومحاولاً تحويل الحديد إلى ذهب. فيما أورسولا تصنع الحلوى لتبيعها وتعيل العائلة.
لا تجتاح الغرائب ماكوندو عبر سيّد الغجر ملكياديس الذي يعود من الموت فحسب، بل تدخلها كذلك مع ريبيكا، الطفلة ذات العينَين الجاحظتَين. تطرق باب الثنائي بوينديا حاملة عظام والدَيها في كيسٍ يهتزّ وحده بين الفينة والأخرى، وتأكل التراب من الحديقة كلّما ساورتها نوبة حزن أو غضب.
على كثرتها، لا تبدو الغرائب وكل الظواهر الخارجة عن الطبيعة نافرة. فهي، وكما آمنَ بها ماركيز، جزءٌ لا يتجزَّأ من معتقدات شعوب أميركا اللاتينيّة والأساطير التي آمنت بها.
كذلك يأتي الواقع ليطرق باب ماكوندو. يزورها على هيئة حكايات عشقٍ تقلب حياة أولاد خوسيه أركاديو وأورسولا رأساً على عقب، أو على هيئة قاضٍ آتٍ ليفرض القانون بواقعيّة المدن المتحضّرة. كما تدخل السياسة إلى البناء الدرامي، بصراعاتها وانتخاباتها ودمويّتها الزائدة عن حدّها أحياناً في المسلسل.
بين الواقع والخيال، لا بدّ من أن يقع المُشاهد في حب عملٍ تلفزيوني لا يقتصر تَميُّزُه على ضخامة الإنتاج (إحدى أكبر الميزانيّات الإنتاجيّة في تاريخ المنصة)، ولا على استلهامِ روح ماركيز وإحدى أجمل رواياته على الإطلاق، بل على كونِه تُحفة بصريّة لا تبالغ في توظيف العناصر الخياليّة ولا تضخّم الرموز والفانتازيا، فلا تشعر العين بالتخمة أو بالاشمئزاز.
لإضفاء مزيدٍ من عناصر الإقناع والبساطة إلى مشاهد السحر وكل ما هو خارق للطبيعة، تجنَّب فريق الإنتاج قدر المستطاع الاعتماد على المؤثّرات البصريّة بواسطة الكومبيوتر. في مشهد الكاهن الذي يرتفع عن الأرض مثلاً، جرت الاستعانة بحبالٍ ورافعة. أما آلاف الأزهار التي انهمرت من السماء في مشهدٍ آخر، فكلّها حقيقية، ولم تتكاثر بواسطة التكنولوجيا.
من دون أن يتحوّل إلى ترجمة حرفيّة للرواية الأصلية، أخلصَ مسلسل «مائةُ عامٍ من العزلة» لروحِ كِتاب ماركيز. أخذ خيالَ المؤلّف الكولومبي على محمل الجدّ، منحَه قيمة وبرعَ في إقناع المُشاهد به. بدا المسلسل لصيقاً بالأرض، بواقعيّتها وطبيعتها، على الرغم من امتلائه بمحرّكات المخيّلة. يمكن القول إنه من بين أفضل الإنتاجات الدراميّة التي نجحت في التعامل مع الواقعيّة السحريّة. وقد فرض العمل نفسه في صدارة مسلسلات 2024، مغرّداً في الوقت نفسه خارج سرب باقي الإنتاجات؛ إذ إنه لا يشبهها بشيء، لا شكلاً ولا مضموناً.
يحلّق المسلسل فوق الحقبات العابرة على ماكوندو، من خلال نقلاتٍ زمنية سلسة وسريعة لا تُغرق المُشاهد في الملل؛ كأن تعبرَ سنواتٌ بثوانٍ بصريّة ممتعة. لا يُفقد هذا الأمر النص بلاغتَه ولا القصة تفاصيلها المزخرفة بعناية. وما يساعد في ذلك، الأداء الآسر لممثلين كولومبيين غير معروفين عالمياً، إنما على مستوى عالمي من البراعة؛ على رأس هؤلاء مارليدا سوتو بدَور أورسولا، وكلاوديو كاتانيو بشخصية أوريليانو بوينديا.
لم تعلن «نتفليكس» بعد عن تاريخ عرض الجزء الثاني من المسلسل، لكن لا بدّ من فسحة يلتقط فيها الجمهور أنفاسه قبل خوض القسم الثاني من الحلم المثير للدهشة.
ووفق المعلومات، فإنّ الآتي سيحافظ على المستوى ذاته من الإدهاش. مع العلم بأنّ التصوير جرى في مكانٍ قرب ألفارادو في كولومبيا؛ حيث بُنيَت 4 نُسَخٍ من بلدة ماكوندو، تجسيداً لعبور الزمن على أجيال عائلة بوينديا.
أما المستفيد الأكبر من هذه الحركة الإنتاجية، فهم أهالي المنطقة والاقتصاد الكولومبي عموماً، الذي عاد عليه هذا النشاط بـ52 مليون دولار.