هل تؤدي إصابة الملك تشارلز بالسرطان إلى ذوبان الجليد بين هاري وويليام؟

الأميران ويليام وهاري (أ.ف.ب)
الأميران ويليام وهاري (أ.ف.ب)
TT

هل تؤدي إصابة الملك تشارلز بالسرطان إلى ذوبان الجليد بين هاري وويليام؟

الأميران ويليام وهاري (أ.ف.ب)
الأميران ويليام وهاري (أ.ف.ب)

اندهش نجوم كرة القدم الأميركية عندما رأوا الأمير هاري، دوق ساسكس، مشاركاً بكل أريحية في حفل توزيع جوائز اتحاد كرة القدم الأميركية في لاس فيغاس، يوم الخميس الماضي، وذلك بعد ساعات من زيارته إلى لندن لرؤية والده الملك تشارلز الذي تم تشخيص إصابته بالسرطان.

ووصل هاري إلى لندن، يوم الثلاثاء، لرؤية الملك، ولم يدم اجتماعه معه سوى 45 دقيقة أو أقل، فيما لم يلتق مطلقاً مع شقيقه ويليام، أمير ويلز، وفق ما ذكرته هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي».

ويقول المؤرخ السير أنتوني سيلدون: «إذا لم يكن مرض والده حافزاً له للتقارب مع ويليام، فماذا سيكون؟ مع كل سنة تمضي، وكل لحظة مهمة في الحياة تمر، سيصبح الصدع أكثر رسوخاً». وحذّر من أن الأمير هاري هو الذي سيفقد الدعم الشعبي جراء هذه المواجهة.

ويضيف سيلدون: «الحقيقة أن هاري شخص موهوب ورحيم بشكل خاص، ولديه القدرة على فعل الخير بشكل كبير. ما زلت متفائلاً، ولكن مع مرور كل عام وكل أزمة، يتلقى هذا التفاؤل ضربة قوية».

بدورها، تقول البروفسورة بولين ماكلاران، الكاتبة والخبيرة الملكية: «أعتقد أن زيارته السريعة بدت غريبة بعض الشيء». وتضيف: «تفسيري للأمر هو أن هاري تصرف بدافع أنه يجب أن يرى والده وجهاً لوجه عندما سمع الأخبار. لقد سمعنا بالفعل عن محاولات لنوع من المصالحة، والتحدث معه في عيد ميلاده»، لذلك أعتقد أن هاري رأى ذلك خطوةً مهمة أخرى.

وبررت ماكلاران قِصَر وقت اللقاء مع الأب بأن الملك تشارلز «كان لديه بالفعل خطط للذهاب إلى قصر ساندرينغهام للحصول على الراحة التي يحتاجها بشدة بعد العلاج».

وتقول عالمة النفس، الدكتورة ساندرا ويتلي، إن الخلاف بين هاري وويليام لا يحترم مكانة الشقيقين، لكنها تؤكد أنه يوضح «كيف أن الجميع بشر. ومن النادر أن نلتقي بأشخاص يعتقدون أنهم عوملوا على قدم المساواة من قبل والديهم».

ولم يتغير الوضع كثيراً بين الشقيقين منذ نشر هاري كتاب سيرته الذاتية «الاحتياطي»، الذي تسبب بتوسيع الفجوة بينهما من خلال الكشف عن تفاصيل علاقتهما المتوترة منذ الصغر، وفق ما ذكرته صحيفة الـ«إندبندنت».

ونقلت الصحيفة عن وسيطة العلاقات الأسرية لويزا ويتني، قولها إنه «عندما تضاف الخلافات الراهنة إلى ندوب الماضي والصدمات، والعلاقة المتوترة تاريخياً، تصبح الطريق مليئة بالعقبات».

وتضيف: «إن معالجة المشاعر وإجراء المناقشات الضرورية يصبحان أكثر صعوبة عندما تحمل بعض المواضيع في طياتها أعباء عاطفية ثقيلة. وهذا يدفع في كثير من الأحيان بالأفراد إلى تجنب معالجة مسائل الخلاف، بدلاً من الانخراط في المحادثات التي قد يكون من الضروري إجراؤها».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (أ.ب)

لماذا يُتهم هاري وميغان بـ«جمع الأصوات» لصالح هاريس؟

اتُّهم الأمير البريطاني هاري، وزوجته ميغان ماركل بـ«جمع الأصوات لصالح كامالا هاريس» بعد أن أطلقا حملة جديدة قبل الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كيت أميرة ويلز (د.ب.أ)

كيت ميدلتون تعود لمهامها الملكية لأول مرة منذ انتهاء علاجها من السرطان

عادت كيت ميدلتون، أميرة ويلز وزوجة الأمير البريطاني ويليام لمهامها الملكية لأول مرة منذ انتهاء علاجها من السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نفس الصورة كما التقطها موقع «غيتي» للصور يظهر فيها الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل

قصر باكنغهام ينفي اقتصاص ميغان من صورة تهنئة الأمير هاري بعيد ميلاده

قال قصر باكنغهام إن الصورة التي شاركها الملك تشارلز والأمير ويليام للاحتفال بعيد ميلاد دوق ساسكس الأربعين لم يتم اقتصاصها لإزالة ميغان ماركل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير البريطاني هاري في تكساس (أ.ب)

لأول مرة منذ سنوات... احتفاء ملكي بعيد ميلاد الأمير هاري

نشرت حسابات العائلة المالكة البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي تهنئة بمناسبة عيد ميلاد الأمير هاري الأربعين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.