منال الضويان: متحمسة للمستقبل

من ورشات العمل في العلا (الهيئة الملكية للعلا)
من ورشات العمل في العلا (الهيئة الملكية للعلا)
TT

منال الضويان: متحمسة للمستقبل

من ورشات العمل في العلا (الهيئة الملكية للعلا)
من ورشات العمل في العلا (الهيئة الملكية للعلا)

أجلس مع الضويان للحديث عن استعداداتها للعمل المشارك في بينالي فينيسيا، وننطلق من ورشة العمل التي أقيمت في جمعية النهضة النسائية بالرياض الليلة السابقة. تختار أن تبدأ بالحديث عن عملها القادم في بينالي فينيسيا «مشاركتي في البندقية ستكون عبر عمل مفاهيمي تدخل في محتواه مشاركة المرأة، عبر السنين كانت المرأة دائما جزءا من عملي، وكانت السيدات يحضرن ورش العمل التي أقيمها. مشاركتي في هذه المنصة المهمة جدا (بينالي البندقية من أقدم المعارض الفنية في العالم، عمره 150 عاما) تعد أهم لحظة في حياة أي فنان يرشح لتمثيل بلده فيه. قلت لنفسي لن أذهب إلا مع المرأة السعودية التي دعمتني في جميع مشاريعي الفنية».

تصف ورش العمل بأنها «مشاركة اجتماعية»: «لست متأكدة ما الذي دفعني لاختيار هذه الطريقة، أن أجمع الناس، وأطلب منهم المشاركة في الرسم والكتابة ثم جمع المشاركات بعد ذلك أمر يتطلب طاقة كبيرة».

مشاركات في ورشة العمل بالرياض (إيمان الدباغ)

تعدد الأصوات وتعدد التجارب

ترى أن نشأتها في مجتمع نسوي حيث تجتمع النساء بعيدا عن الرجال منحها تقديرا خاصة لتلك «المساحة الآمنة» كما تصف ورشات العمل، ومنها أيضا تستقي الإحساس بأهمية المشاركة الجماعية «دائما أقول على سبيل المثال لو طلب مني أن أصعد على خشبة مسرح لأغني لن أستطيع ذلك بمفردي، فأنا لست مغنية، ولكن إذا كان معي 30 امرأة نغني مع بعض فذلك سيمثل قمة السعادة لي وأيضا سينتج من ذلك صوت متناغم... أنا دائما ألعب على هاتين الفكرتين: حبي لمساحة المرأة واحتياجي لتعدد الأصوات».

تعدد الأصوات يعني تعدد التجارب في قاموس الضويان التي تشرح لي الدور الذي تلعبه المشاركات المختلفة التي تدون في أوراق تجمعها بحرص وحب «أشعر بالقلق من أنني أعبر عن تجربتي الخاصة التي قد تكون مختلفة عن تجربة غيري، فلهذا أحاول الوصول لرأي الأغلبية، وهو أيضا ما يجعلني متواصلة مع المجتمع، ومع المرأة». تستدرك هنا قائلة إن ورش العمل التي تقيمها أصبحت تشمل الرجال أيضا، وتضرب المثل بما تقدمه في العلا حيث تستعد لتقديم عمل ضخم لها ضمن مشروع «وادي الفن» أسمته «واحة القصة». ترى في ذلك التنوع نوعا من التقرب من المجتمع «أؤمن بأن الفنان عليه مسؤولية التواصل مع الناس اللي سترى عمله يوميا في حياتهم، أحس أن ذلك سيجعل سكان المكان يفهمون العمل وقصته أكثر، ومن الممكن أيضا أن ينقلوا الفكرة من مساحتي أنا وطريقة تفكيري لمساحة أخرى لم تخطر لي على بال، تكون مرتبطة بقصصهم الشخصية وحياتهم».

من ورشات العمل في العلا (الهيئة الملكية للعلا)

السيدات اللواتي شاركن من قبل في ورشات عمل أخرى للضويان وانضوت رسوماتهن وكلماتهن داخل أعمال الفنانة مثل «اسمي» و«شجرة الذاكرة»، تصفهم بأنهم «مشاركون متكررون»، «لا أعرف السبب لذلك، ولكن أتخيل أن يكون ذلك بسبب الطاقة الإيجابية الرائعة التي تتميز بها الورشات. السبب الثاني قد يكون الثقة بي كفنانة، شاهد المشاركون الأعمال التي شاركوا فيها تعرض في متاحف عالمية، وعرفوا أن الفكرة لها بداية ونهاية».

طبيعة المشاركات في ورشات العمل تطورت، كما ألاحظ للضويان، من الصديقات والمعارف ثم شملت فئات نسائية أوسع ثم امتدت لتشمل الرجال والأطفال، كيف حدث هذا التغيير؟ تقول «إنَّ التوسع جاء على نحو طبيعي كنت أعمل في فترة زمنية مختلفة من ناحية الاختلاط بالرجال ثم إنَّ المساحة العامة لم تكن مهيأة للمرأة، وتضيف «تجربتي كامرأة وفنانة تتطور مع السنين، أصبحت أفكر بطريقة مختلفة وأعمالي أيضا تطورت بدعم من الدولة، خاصة التكليفات الفنية في العلا وفي الرياض، جعلتني أفكر خارج مساحة الاستوديو، وأفكر أن العمل سيوجد في مكان مختلف، وسيعرض لجمهور أوسع».

أرشيف للمرأة السعودية

المتابع لرحلة الضويان الفنية ومضمون أعمالها يرى أنها صورت مرحلة مفصلية في تاريخ المرأة السعودية فهل تعد الفنانة نفسها مؤرخة لنساء بلدها؟ تقول «الآن أستطيع أن أقول نعم، لكن وقتها لم أكن أدرك ذلك، كنت شابة أحب الفن، كان عندي فضول وأسئلة كثيرة، أحب أن أقرأ، وأعرف، وأن أسافر لمجتمعات مختلفة عني سواء داخل السعودية أو خارجها، أرى الآن أن بعض الأعمال التي صنعتها منذ عشرين عاما أصبحت تاريخاً، وأنا أفتخر بذلك».

أعلق على إجابتها «أعتقد أن بعضها دخل في حيز الذكريات مثل «معلقون سويا» الذي يصور سرباً من الحمامات مطبوع على كل منها نسخة لإذن السفر الذي كانت المرأة تحتاج إليه للسفر خارج المملكة، مثل هذا العمل يمكن اعتباره تاريخاً تراه الأجيال القادمة». ترد «بالضبط، الأجيال القادمة، الآن البنات الصغيرات مثل بنات شقيقاتي، يقلن لي وقت النوم احكين لنا قصة من طفولتك ما يجعلني أحس بأن الفن مدونة المجتمع لتفهم الأجيال القادمة تجربتنا التي أوصلتنا لهنا».

من عمل «معلقون سوياً»... (من مقتنيات متحف)

واحة القصة

جدول منال الضويان ليس به أيام راحة فهي في حالة عمل مستمر، إلى جانب الاستعداد لعملها في فينيسيا الذي لا تفصح عن تفاصيله، هناك معرضان منفردان تقيمهما في مدينة العلا حاليا، أحدهما مرتبط بعملها المقبل ضمن مشروع وادي الفن بالعلا. تتحدث عن المشروع قائلة: «في عام 2016 طلبت مني الهيئة الملكية للعلا أن أقدم فكرة من وحي الخيال لعمل فني وبالفعل قدمت لهم فكرة مجنونة، كان الهدف منها أنها ستدون في كتاب فقط، بعد سنتين قالوا سننفذها، وقتها عدت للفكرة لتكوين جذور لها، وأسميت العمل (واحة القصة)».

جدير بالذكر أن وادي الفن يعتمد على الأعمال الفنية الضخمة المنفذة في أحد أودية العلا وتم تخصيص مواقع محددة لكل فنان مشارك لينفذ عملاً يرتبط بالمدينة. عمل الضويان سيقام في موقع يحده جبلان، واختارت الفنانة أن يعتمد على جدران منازل البلدة القديمة في العلا المسجلة ضمن قائمة اليونيسكو. تتحدث بحب عن العلا «هي مدينة عمرها 600 عام، جذبتني الطاقة التي تحملها تلك الجدران وما تتضمنه من قصص الناس الذين عاشوا بها، والفنان دائما يعشق القصص». في بحثها في حكايات سكان المدينة تلاحظ الفنانة أن النقشات والكتابات على الحجر، وعلى الجبال تحكي تاريخا متنوعا «بكل جدار، وعلى كل صخرة في الصحراء نرى النقش والكتابات، الشعوب التي عاشت وقوافل التجارة التي مرت هنا عبر السنين كلها كتبت قصصها على أحجار العلا وهو ما جعلني أتساءل عن قصة أهل المدينة اليوم. لجأت إلى فئات من المجتمع: المزارعين، ربات البيوت، الطلبة في المدارس وغيرهم ليرسموا لي قصصهم اليوم، وبالفعل عقدنا ورشات عمل لمدة أربعة شهور تقريبا، وجمعنا فوق الـ1000 رسم».

تصور لعمل «واحة القصة» الذي سيفتتح في العلا عام 2026 (الهيئة الملكية للعلا)

وحتى يحين موعد العرض في 2026 تقيم الفنانة معرضا للرسومات التي جمعتها تعده أحد فصول عملها الفني قبل أن يتخذ شكله النهائي «أردت أن يروا رسوماتهم موجودة على الجدران ومضمنة في كتاب، وأن يروا أن للعمل خطوات قادمة».

السؤال المطروح هنا يبدو لي عن مصير كل تلك المشاركات المجتمعية التي جمعتها الفنانة عبر سنوات طويلة، هل تفكر بإقامة أرشيف لكل المساهمات؟ تجيب «كل الأعمال التي قدمت في ورشات العمل ستأخذ مكانها في متاحف المملكة، على سبيل المثال تم ضم رسومات عملي «شجرة الذاكرة» لمجموعة أحد المتاحف بالرياض، وبالنسبة إلى الرسومات التي نتجت من ورش العلا فستدخل متحف الفن المعاصر الذي يُبْنَى حاليا في العلا، كلها ستكون أرشيفاً يكون في متناول الباحثين في المستقبل... وأنا جدا متحمسة للمستقبل.



هل يؤثر حادث غرق مركب بالبحر الأحمر على السياحة الساحلية في مصر؟

المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)
المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)
TT

هل يؤثر حادث غرق مركب بالبحر الأحمر على السياحة الساحلية في مصر؟

المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)
المركب السياحي «سي ستوري» قبل غرقه (مجلس الوزراء المصري)

شغلت حادثة غرق مركب سياحي مصري في البحر الأحمر الرأي العام في مصر وبعض الأوساط السياحية حول العالم، إذ كان يحمل المركب 44 راكباً، بينهم 13 مصرياً، و31 شخصاً من عدة دول بينها ألمانيا وبريطانيا وأميركا وبولندا وبلجيكا وسويسرا وإسبانيا والصين.

وأعلن محافظ «البحر الأحمر» (جنوب شرقي القاهرة) صباح الثلاثاء إنقاذ 33 شخصاً، فيما جرى انتشال 4 جثث فقط، ولا تزال عمليات البحث مستمرة للعثور على 7 آخرين مفقودين.

وبينما تتوقع الحكومة المصرية زيادة أعداد السائحين خلال العام الجاري، مقارنة بالعام الماضي، أثارت حادثة غرق مركب «سي ستوري» المخاوف بشأن تأثيرها على الحركة السياحية الوافدة من الخارج خصوصاً منتجعات البحر الأحمر.

السلطات المصرية أنقذت عدداً من السائحين (مجلس الوزراء المصري)

ووفق عياد محمد، مدرب غوص بمحافظة البحر الأحمر، فإن الحادثة ستكون لها تداعيات طفيفة على الحركة السياحية بالمنطقة، لأنها نتجت عن سبب طبيعي وليس نتيجة إهمال أو فساد أو بسبب وجود عيوب بالمركب.

وقال عياد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «تحركات السلطات المصرية السريعة لإنقاذ السائحين والبحث عن المفقودين سيكون لها بلا شك أثر إيجابي في التقليل من تداعيات الحادث على الحجوزات السياحية، لا سيما أنه من الوارد حدوث مثل هذه الوقائع في العديد من الدول».

وتتمتع محافظة البحر الأحمر المصرية بوجود الكثير من المواني المتخصصة في الرحلات البحرية والتي تتنوع ما بين رحلات «السنوركرل»، والغوص السريع، ورحلات السفاري التي تدوم نحو أسبوع كامل في البحر والتي يستمتع فيها السائحون برحلات غوص في أكثر من منطقة.

مسؤولون مصريون يتابعون جهود الإنقاذ (مجلس الوزراء المصري)

ووفق عياد فإن مركب «سي ستوري» كان في رحلة سفاري في منطقة تبعد عن شاطئ البحر بنحو مائة كيلو ورغم ذلك تمكنت السلطات المصرية من إنقاذ العشرات في وقت قصير رغم وقوع حادث الغرق فجراً، حيث ضربت موجة شديدة أحد جوانب المركب خلال دورانه ما أسفر عن انقلابه في الحال.

ويتوقع عياد أن يكون الغرقى المفقودون داخل المركب، لاحتمالية وقوع الحادث وهم نائمون.

ويلفت إلى أن المركب يشبه الفندق ومجهز بأحدث وسائل الترفيه والمعيشة ولا توجد عليه شبهات فساد أو إهمال.

وتتميز مدينة الغردقة بوجود أكثر من مارينا سياحية لانطلاق واستقبال المراكب على غرار «نيو مارينا» والميناء السياحي القديم، بالإضافة إلى وجود مارينا لرسو المراكب أمام الكثير من فنادق المدينة، كما يوجد مارينا للرحلات الداخلية والخارجية في مدينة الجونة السياحية، ومارينا بمرسى علم.

وبينما يقبل المصريون بشكل مكثف على شواطئ محافظة البحر الأحمر في موسم الصيف، فإن عدداً كبيراً من السائحين الأوروبيين والأميركيين يفضلون الذهاب إلى شواطئ المحافظة في فصل الشتاء حيث تكون أكثر هدوءاً، وفق عياد.

توقعات بحدوث تأثيرات طفيفة على الحركة السياحية (مجلس الوزراء المصري)

ويتوقع بشار أبو طالب نقيب المرشدين السياحيين بمحافظة البحر الأحمر عدم تأثر منتجعات المحافظة الساحلية بالحادث، نظراً لقلة عدد الحوادث البحرية بالأخذ في الاعتبار وجود عدد كبير من السائحين بالمنطقة.

ولفت أبو طالب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» قائلاً: «وقوع 4 حوادث خلال السنة لا يعتبر رقماً كبيراً ومفجعاً وفق معايير السلامة الدولية، كما أن حوادث الكوارث الطبيعية يتم هضمها وفهمها سريعاً في الأوساط السياحية الدولية على غرار حوادث هجوم القرش السابقة». موضحاً أن «نسبة الإشغال في فنادق المحافظة تقترب من 100 في المائة». على حد تعبيره.

وفي شهر مايو (أيار) من العام الجاري، أعلن موقع «تريب أدفايزر» العالمي للسفر، قائمة الوجهات الأكثر شعبية في العالم لعام 2024 وجاءت مدينة الغردقة في الترتيب الثالث ضمن «أفضل الوجهات الطبيعية».

وأوضح التقرير أن «شهرة مدينة الغردقة تعود أيضاً لكونها تعد واحدة من أفضل الأماكن لممارسة رياضة الغوص في العالم، وذلك بفضل شواطئها المميزة والحياة البحرية الثرية بالشعاب المرجانية الساحرة».

وأفادت السلطات المصرية بأن السبب المبدئي لحادث غرق المركب السياحي حسب روايات السياح الأجانب والطاقم المصري هو أن موجة كبيرة من البحر ضربت المركب ما أدى لانقلابه.

ووفق أبو طالب فإن «موقع الغردقة المميز ساهم في كونها إحدى الوجهات السياحية المفضلة في العالم، حيث تعد قريبة من الأقصر والقاهرة وبها كل مقومات الاسترخاء. كما يوجد بها موانٍ كبيرة تستقبل السفن السياحية الضخمة وبها مطار كبير يستوعب ملايين الركاب سنوياً».

وأشار نقيب المرشدين السياحيين بالبحر الأحمر إلى «إقامة نحو 50 ألف أجنبي بالغردقة، من السائحين الذين يفضلون الاستمتاع بسطوع الشمس ومنظر البحر خصوصاً في فصل الشتاء شديد البرودة في أوروبا لا سيما الأشخاص الذين وصلوا إلى سن التقاعد».