300 سيدة وطفلة يرسمن مع الضويان ملامح عملها المقبل

ضمن استعدادات الفنانة السعودية لتمثيل بلدها في «بينالي فينيسيا»

TT

300 سيدة وطفلة يرسمن مع الضويان ملامح عملها المقبل

منال الضويان مع طفلات مشاركات في الورشة (تصوير: إيمان الدباغ)
منال الضويان مع طفلات مشاركات في الورشة (تصوير: إيمان الدباغ)

حلم لكل فنان أن يتواصل مع جمهوره، أن يسمع منهم، ويصغى لأفكارهم، وينسج معهم أعماله، وهو ما تفعله الفنانة السعودية منال الضويان في كثير من أعمالها، عبر عقد ورش العمل مع النساء والأطفال والرجال أيضاً، تضع تصوراً لما تريده من جمهورها، وتشركهم معها في ذلك التصور عبر الرسم والغناء والكتابة أيضاً.

ذلك ما حدث في الورشة الأخيرة التي عقدتها الضويان في الرياض في مقر جمعية النهضة النسائية، حيث امتلأت قاعة المسرح في الجمعية بعدد كبير من النساء والأطفال، كلهم سجلوا عبر موقع الجمعية لحضور الورشة التي كان موضوعها والهدف منها هو بناء أفكار لعملها المقبل في بينالي فينيسيا للفنون.

منال الضويان وإيليانا ياسمين في أثناء الورشة (تصوير: إيمان الدباغ)

في القاعة تسري الأحاديث والضحكات والسلامات بين الصديقات والمعارف، تصعد الضويان على خشبة المسرح لتتحدث مع الحضور، تشرح لهم فكرة عملها، تعرض بعض الصور التي ألهمتها لتنفيذ العمل، وتطلب منهم المشاركة عبر الرسم أو الكتابة على أوراق بيضاء وزعت عليهم. ما الذي تنتظره الفنانة من هذا الجمع المترقب؟ تقول لهم إن أعمالها كانت دائماً تتحدث عن المرأة في بلادها، «أحتاج المرأة السعودية بجانبي، في كل أعمالي كانت معي»، جملة ترددها كثيراً بحب وامتنان. الفكرة هنا هو التعبير عما تحسه كل حاضرة هنا بكونها امرأة، ما التحديات أمامها؟ وكيف ترى مستقبلها؟».

تنشغل الجالسات بالرسم والكتابة، أرى في أوراق الكثيرات الرسومات القوية، القبضة التي تعبر عن العزم، رسومات لوجوه نساء لا نعرفهن، وهناك دائماً النخلة، معبرة عن الثقة والشموخ والصمود.

شاركت الحاضرات برسومات تعبر عن المرأة السعودية (تصوير: إيمان الدباغ)

تلفتني سيدة جالسة جانبي، لا تحمل أوراقاً، ولكنها تقول بابتسامة لطيفة: «سجلت ابنتي اسمي للحضور هنا، أرادت المشاركة في الورشة، وأرادتني معها».

نورة اليوسف، مديرة التعاون الدولي في برنامج «جودة الحياة»، تجلس مع ابنتها البالغة من العمر 12 عاماً، تشجعها على الرسم والتعبير عن نفسها. نورة ليست غريبة على ورشات العمل مع الضويان، تقول: «تاريخي مع هذه الورش يعود لقبل 20 سنة. فخورة بمنال لأنها عملت نقلة نوعية في مشوارها المهني، اتخذت قرارات صعبة، حيث انتقلت من عملها بشركة أرامكو لتصبح فنانة متفرغة. «اليوسف من الصديقات المقربات منا»، تقول: «كنا داعمات لها منذ البداية، أحس كأنها مسؤولية شخصية أن أحضر للمشاركة في الورشات. أرى أنها تمثل توثيقاً لنا (بوصفنا) نساء، وهو أمر جميل جداً».

الابنة يارا عمرها 12 عاماً تقول عن إحساسها بالمشاركة في الورشة: «إحساس جيد، تمكّنني الورشة من التعبير عن أحاسيسي. ما تفعله منال هو أمر لطيف جداً، أحب أنها تحاول تمكين المرأة».

طفلات مشاركات في الورشة (تصوير: إيمان الدباغ)

صديقة أخرى لمنال تجلس في الصفوف الأولى، تقول إنَّها تحرص على الوجود في ورش العمل التي تقيمها الفنانة: «هي صديقة عمر لي، التقطت لي صورة في عملها الأول، وعادت لتصويري بعد مرور 20 عاماً في إطار المرحلة الثانية من العمل». تعبر عن إحساسها بحضور ورشات العمل المختلفة، «أحس أني قوية وفخورة بالمنجزات التي حققتها المرأة السعودية».

في ركن تجلس دينا أمين، رئيسة هيئة الفنون البصرية، مع ابنتها الصغيرة دلال، تقول دلال إنها رسمت فراشات على الورقة الخاصة بها، وكتبت عليها كلمة «سعادة» بالإنجليزية.

تدور متعاونات حاملات الميكروفون بين السيدات الجالسات، تشجعهن الضويان على قراءة ما كتبن، تتوالى القراءات ما بين الشعر البسيط والجمل الحماسية، «لا يليق الاستسلام»، وأخرى تقرأ: «المرأة ليست ناقصة، وإنما النقص بدونها»، و«أنا العزيزة». جمل ومقاطع تؤكد إحساس كل سيدة بأهميتها وبذاتها، تلفتني الثقة والبلاغة الحاضرة، تبدو الحاضرات مستعدات للحديث والمشاركة عبر كلماتهن في العمل المقبل.

بعد الاستراحة تبدأ فقرة الغناء الجماعي، ولكن ليس كأي غناء، هنا تتسلّم الميكروفون المغنية والمدربة إيليانا، تطلب من الحاضرات التجمع أمام المنصة، وتبدأ معهن التدريبات على الهمهمة الطويلة، تبدأ الحاضرات في المشاركة، وتحثهن المدربة على رفع أصواتهن واتباع النغمة المطلوبة، هي ليست نغمة موسيقية تماماً بل همهمات تماثل أصوات رمال الصحراء في حركتها، نسمع تسجيلاً وصفته الفنانة لنا في بداية الورشة بأنه تسجيل دقيق وحساس لأصوات الصحراء، حقيقي وغامر، مع المحاولات تحصل المدربة على النغمات المطلوبة، وهكذا حتى تصبح المجموعة كلها بصغارها وكبارها صوتاً واحداً يرافق ترنيمة الرمال في الكثبان.

تنتهي الورشة بغناء جماعي مع إيليانا وأغنية عبد الرب إدريس «يا الله... وش كثر إنتي جميلة»، تبدو خاتمة لائقة للورشة تختزل إحساس المشاركات بالثقة والجمال.



«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».