بعد تشخيص إصابته بالسرطان... لماذا تُعد الأميرة آن الداعم الأساسي لتشارلز؟

الملك البريطاني تشارلز وشقيقته الأميرة آن (رويترز)
الملك البريطاني تشارلز وشقيقته الأميرة آن (رويترز)
TT

بعد تشخيص إصابته بالسرطان... لماذا تُعد الأميرة آن الداعم الأساسي لتشارلز؟

الملك البريطاني تشارلز وشقيقته الأميرة آن (رويترز)
الملك البريطاني تشارلز وشقيقته الأميرة آن (رويترز)

على مر السنوات، تراجعت الأميرة البريطانية آن في خط الخلافة إلى المركز السابع عشر في ترتيب القصر.

على الورق، قد لا تكون الأميرة أبرز أفراد العائلة المالكة، إذ تتخلف كثيراً عن ابن أخيها الأمير هاري وشقيقها الأمير أندرو -على الرغم من أنهما لم يعودا من أفراد العائلة المالكة «العاملين»، وفق صحيفة «التلغراف».

ولكن عندما يتعلق الأمر بتخصيص ساعات العمل نيابةً عن العائلة، لا يمكن إلا لعدد قليل من الناس أن يشككوا في مكانة الأميرة آن بوصفها من أقوى مؤيدي الملك تشارلز وداعميه.

وبينما بدأ الملك، البالغ من العمر 75 عاماً، يوم الاثنين ما وصفه قصر باكنغهام بأنه «جدول علاجات منتظمة» بعد تشخيص إصابته بالسرطان، كانت أخته البالغة من العمر 73 عاماً أول من شارك في تنفيذ الواجبات الملكية.

وبحماسة نموذجية، بذلت الجدة لخمسة أطفال، قصارى جهدها لحضور حدث في قلعة وندسور في الساعة 11 صباحاً، يوم الثلاثاء، قبل أن تحول انتباهها إلى ثلاثة ارتباطات ملكية أخرى.

وعلى الرغم من أن هذه الوظائف ستكون مدرجة في اليوميات الملكية لعدة أشهر، فإنها تؤكد أهمية دور الأميرة بوصفها عنصراً مهماً في العائلة المالكة.

في العام الماضي، تُوجت آن مرة أخرى كأكثر أفراد العائلة المالكة اجتهاداً، إذ سجّلت 457 مشاركة مثيرة للإعجاب، أي أكثر بـ32 من الـ425 التي نفّذها الملك.

الأميرة البريطانية آن (وسط) بعد وصولها إلى مطار كولومبو الدولي (أ.ب)

لا يعني ذلك أن هناك أي تنافس بين الأشقاء. ورغم أنهما اعتادا «القتال مثل القطط والكلاب» عندما كانا صغيرين، فإن إنغريد سيوارد، الكاتبة والمعلقة الملكية المخضرمة قالت: «علاقة تشارلز وآن جيدة جداً الآن. لديهما احترام متبادل كبير. قبل أن يظهر احتمال زواج تشارلز من كاميلا، اعتقدت الملكة الراحلة إليزابيث الثانية دائماً أن آن ستقف إلى جانب تشارلز، إذ تعمل كنوع من الملكة المتخفية. كانت لدى إليزابيث تلك الرؤية –وهي أن آن ستلعب دوراً داعماً بالغ الأهمية».

وارتباطها بالملك برز بشكل واضح خلال جنازة والدتهما، عندما كانت الأميرة هي المرأة الوحيدة التي انضمت إلى المسيرة المهيبة خلف التابوت ضمن الموكب إلى كنيسة وستمنستر.

وبينما كادت عيون شقيقها تفيض بالدموع، نظرت أخته الهادئة والمتماسكة في عينيه مباشرةً مع تقديم دعم صامت.

في كتابها «أوراق القصر» الصادر عام 2022، ذهبت الصحافية تينا براون إلى حد الإشارة إلى أن «هناك الكثير في القصر ممن يعتقدون أنها أفضل ملك لن نحصل عليه أبداً».

قوية ومباشرة ومتواضعة (على الرغم من كونها متمسكة بشكل غير اعتيادي بالبروتوكول الملكي)، فقد بُنيت شعبية الأميرة داخل الأسرة وخارجها على سمعتها في التعامل مع الأمور دون ضجة كبيرة، حسب تقرير «التلغراف».

الأميرة البريطانية آن (رويترز)

وكما أوضح فالنتاين لو، في كتابه الصادر عام 2022، «كان ذلك سبب سقوط هاري وميغان، إذ كان هناك الكثير من الغرور. آن ليست مغرورة... إنها تدرك أن هذه هي الوظيفة، وما عليك إلا المضي قدماً فيها».

وأكد قصر باكنغهام أن الملك لن يحتاج إلى الاستعانة بمستشاري الدولة -أفراد العائلة المالكة المصرح لهم بتنفيذ واجبات الملك الرسمية في حالة عدم تمكنه من ذلك.

تاريخياً، المستشارون هم: زوجة الملك، والأشخاص الأربعة التالون في خط الخلافة الذين تزيد أعمارهم على 21 عاماً. وحتى وقت قريب، كان هؤلاء الأفراد هم: الملكة كاميلا، والأمير ويليام، والأمير هاري، والأمير أندرو والأميرة بياتريس.

وسط مخاوف من أن الأميرين هاري وأندرو لم يعودا يؤديان الواجبات الملكية الرسمية وأن الأول لا يعيش حتى في البلاد، جرى إجراء تغيير على قانون الوصاية لعام 1937 ليشمل الأميرة مع شقيقها الأصغر، الأمير إدوارد.

ومن المتوقع أن يزيد كلاهما من عبء العمل في ضوء تشخيص إصابة الملك بالسرطان، الأمر الذي أجبره على إلغاء جميع الارتباطات العامة لتقليل أي مخاطر صحية.

بصفته وريثاً للعرش، سيقوم الأمير ويليام أيضاً بالارتباطات الملكية نيابةً عن والده مع الملكة.

ومع ذلك، مع غياب زوجته، كيت ميدلتون لفترة تتجاوز عيد الفصح بعد خضوعها لعملية جراحية في البطن، لم تظهر العائلة المالكة أكثر «نحافة» من أي وقت مضى.

وبطبيعة الحال، كانت آن واحدة من أوائل الذين حددوا المخاطر المحتملة لتقليص عدد أفراد العائلة المالكة «العاملين». قالت في مقابلة أُجريت معها العام الماضي: «حسناً، أعتقد أن التحدث عن (الملكية المخففة) حدث في يوم كان هناك عدد أكبر من الأشخاص لجعل الأمر يبدو كأنه تعليق مبرر».

وعندما قيل لها إن العالم يتغير، أضافت: «إنه يتغير قليلاً. أعني، لا تبدو فكرة جيدة من حيث أقف، يجب أن أقول ذلك... لست متأكدة تماماً مما يمكننا فعله أيضاً».


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة​ الأمير البريطاني هاري وزوجته ميغان ماركل (أ.ب)

لماذا يُتهم هاري وميغان بـ«جمع الأصوات» لصالح هاريس؟

اتُّهم الأمير البريطاني هاري، وزوجته ميغان ماركل بـ«جمع الأصوات لصالح كامالا هاريس» بعد أن أطلقا حملة جديدة قبل الانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق كيت أميرة ويلز (د.ب.أ)

كيت ميدلتون تعود لمهامها الملكية لأول مرة منذ انتهاء علاجها من السرطان

عادت كيت ميدلتون، أميرة ويلز وزوجة الأمير البريطاني ويليام لمهامها الملكية لأول مرة منذ انتهاء علاجها من السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق نفس الصورة كما التقطها موقع «غيتي» للصور يظهر فيها الأمير هاري وزوجته ميغان ماركل

قصر باكنغهام ينفي اقتصاص ميغان من صورة تهنئة الأمير هاري بعيد ميلاده

قال قصر باكنغهام إن الصورة التي شاركها الملك تشارلز والأمير ويليام للاحتفال بعيد ميلاد دوق ساسكس الأربعين لم يتم اقتصاصها لإزالة ميغان ماركل.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الأمير البريطاني هاري في تكساس (أ.ب)

لأول مرة منذ سنوات... احتفاء ملكي بعيد ميلاد الأمير هاري

نشرت حسابات العائلة المالكة البريطانية على وسائل التواصل الاجتماعي تهنئة بمناسبة عيد ميلاد الأمير هاري الأربعين.

«الشرق الأوسط» (لندن)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.