أمين بشير زيتوني حوّل عمارة بأكملها إلى متحف

يترجم حنينه وذكرياته القديمة في قطع «أنتيكا»

جمع أمين زيتوني قطع «الأنتيكا» منذ الصغر (صاحب المتحف)
جمع أمين زيتوني قطع «الأنتيكا» منذ الصغر (صاحب المتحف)
TT

أمين بشير زيتوني حوّل عمارة بأكملها إلى متحف

جمع أمين زيتوني قطع «الأنتيكا» منذ الصغر (صاحب المتحف)
جمع أمين زيتوني قطع «الأنتيكا» منذ الصغر (صاحب المتحف)

مجموعة كبيرة من قطع «الأنتيكا» يوزعها أمين بشير زيتوني، على نحو 30 غرفة في عمارة حولّ شققها إلى متحف. المعروضات تبدو قطعاً نادرة، سيما أن بعضها يعود إلى مئات السنين، وهي تترجِم أحلامه الطفولية وتعبق بذكريات تحفر في ذهنه. ففي هذا المتحف، ببلدة بيصور، قضاء عاليه، الذي يرد اليوم على الخريطة السياحية، يُفرغ أمين همومه بالمتحف، ويصفه بواحة يتنفس فيها الصعداء.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «مهما بلغت حالتي النفسية من تعب وتوتّر، فإنها تتحوّل إلى هدوء وسكينة عندما تطأ قدماي أرض هذا المتحف». متنقلاً بين بلدات لبنانية مختلفة طالت مناطق عكار والناقورة، كما طرابلس وبيروت، جمع زيتوني قطع متحفه. «لم أسافر يوماً خارج لبنان، ورحلاتي اقتصرت على مناطق في وطني، باحثاً عن أندر قطع الأنتيكا».

آلات راديو قديمة خَصص لها جناحاً في المتحف (صاحب المتحف)

تتجوّل في متحف زيتوني بين غرفه العابقة بالتاريخ والتراث، وتستكشف تقاليد وقطعاً ومعدّات لبنانية أصيلة، منها ما انقرض وما عاد موجوداً في أيامنا الحالية، ومنها ما هو على طريق الزوال، يحاول إعادة إحيائه.

مجموعاته بدأ في اقتنائها انطلاقاً من هواية رافقته منذ الصغر؛ «كنت أجمع عملات نقدية من لبنان وبلدان أميركا وأوروبا. وكذلك حمّالات مفاتيح صينية المنشأ، مرسوم عليها لوحات صغيرة. تطور شغفي بالأنتيكا يوماً بعد يوم، ورحت ألحق بأفكاري، وأجوب المناطق. في كل مرة رغبت في إكمال مجموعة ما، كان هناك شيء في داخلي يدلّني على الطريق الذي يجب أن أسلكه. وهكذا كبرت هذه المجموعات لتتحوّل مع الوقت إلى قطع أنتيكا نادرة أحتفظ بها بمتحف».

«النّمليّة» خزانة المطبخ اللبناني القديم (صاحب المتحف)

زيارتك للمتحف ستذكرك بـ«صندوق الفرجة». فهو كان أول الأجهزة الإلكترونية التي وصلت المنطقة. وفي متحف أمين بشير زيتوني تسرح بنظرك يميناً ويساراً لتحصر جمالية المشهد. مجموعة أقفال من الحديد وأخرى من المسابح والزجاجيات والأجران والمهابيج والنحاسيات والتابلوهات المنمنمة، وغيرها تحضر في المتحف. كما تطالعك في غرف أخرى قطع أثاث نحاسية وأخرى من زخرفات دمشقية على الخشب. وثالثة هي كناية عن صوانٍ نحاسية تعود إلى فن النقش اليهودي القديم في بيروت.

يقول زيتوني إن فكرة متحفه لم تكتمل بعد، إذ ينوي إجراء إضافات جديدة عليه.

«هناك قطع جديدة تتعلّق بأدوات النجارة والحدادة والنول والسّكافة والخياطة وغيرها، سأضيفها إلى المتحف لتكتمل المحتويات بعد نحو 4 أشهر».

وبين «الغرفة الشتوية» و«غرفة الشامة» و«الديوانية الدمشقية»، تتعرف إلى أجواء جلسات اللبنانيين القدامى؛ «كل ما يذكرني بطفولتي وبسواعد الفلاح اللبناني الأصيل وبأرضي وترابها، جمعته في هذا المتحف. قد لا يعني ما أقوله لكثيرين، ولكن كل قطعة في متحفي مشبّعة بروح الأجداد وعَرَق جبينهم. بالنسبة لي، هي لا تُقدّر بثمن لأنّها مجبولة بصلابة رجال زرعوا أرضنا وعمّروها».

قعدة شتوية تذكره بطفولته (صاحب المتحف)

من المسمار العربي المخروطي الشّكل، مروراً بالأسماك المتحجرة، وصولاً إلى الحِزام الجلدي عند القرويين، تحضر جميعها في هذا المكان. ولكلّ قطعة قصتها وحكايتها عند أمين، الذي يروي بعضاً منها لـ«الشرق الأوسط»: «أغلى قطعة عندي وقد دفعت المبلغ المرقوم للحصول عليها هي، كناية عن لوحة زيتية للبطريرك عريضة. رأيتها عند صديق لي اشتراها من وادي قنوبين. ألححت عليه ليبيعني إياها. رفض أكثر من مرّة. طلب منّي سعراً خيالياً يساوي 3 مرات أجري الشهري. تحدّيت نفسي واشتريتها لأنها بالنسبة لي تحمل صورة لواحد من أهم رجالات بلادي».

رهن أمين حياته ومدخراته وكل ما يملكه، من أجل إقامة هذا المتحف. «وضعت فيه ذكرياتي الحلوة من بيت جدي من آل العريضة. كنت أريد أن أشمّ رائحة طبخ جدتي من كِشكٍ بالقاورما، والبلوط المشوي على الموقدة. فحنيني لكلّ ما يتعلق بجدودنا من آلات فلاحة وزراعة، وحتى إكسسوارت وأزياء وضعته هنا نُصب عيني».

«زنار الجلد» الذي كان يلفّ خصر رجال القرية ليحفظوا في داخله مدّخراتهم المالية، يندرج على لائحة محتويات متحف أمين زيتوني. «هذا الحزام القديم كان بمثابة خزنة حديدية لرجل الرّيف الذي يقصد الأسواق، كان يضع في داخله فلوسه ويربطه على خصره ويخبئه بجاكيت طويل. فيحميه من اللصوص وقطّاع الطّرق، لأنهم لن يستطيعوا نشله».

السرير النحاسي وديكورات قديمة تزين المتحف (صاحب المتحف)

يقول إن هناك قطع أنتيكا وكأن قدرها أن تحضر إليه ولو بعد حين. «هناك قطع رفض أصحابها بيعها لي أكثر من مرة. ولكن مع مرور الوقت كانت تحضر أمامي بشكل عفوي وبأرخص الأسعار». هذا الوقت الذي يتحدث عنه أمين بشير زيتوني، يبلغ نحو 28 عاماً من البحث. طيلة هذه الأعوام كان يلحق بحلمه من دون ملل أو تأفّف. يلهث وراء القطعة التي يحبها ويبقى يلاحقها إلى أن تصبح بمتناول يديه.

حتى عبوات زجاجية لمشروبات غازية من ماركات قديمة «نجم» وغيرها يجمعها في صناديقها الخشبية القديمة. النملية خزانة المطبخ اللبناني القديم، والميزان الحديدي وبابور الكاز، كما المنخل ومطحنة البن، والجِرار الفخارية، والخوابي تحضُر هنا. وكذلك يملك مجموعة من السيارات القديمة من «جيب ويليس» يعود إلى عام 1945، وآخر «لاندكروزر» موديل عام 1975، و«جيب موريس» من عام 1962.

ويختم لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المقتنيات تتنفّس وتنبض بالحياة، وتؤلف قِطعاً من روحي وقلبي. حاولت في هذا المتحف جمع فنون لبنانية أصيلة لا علاقة لها بالمظاهر والبهرجة. فهي ترمز إلى اللبناني العريق والمعطاء المجبول بأيام عمره وتراب وطنه».



دريد لحام لـ «الشرق الأوسط» : لم أكن مع النظام

لحّام المعروف بدعمه للنظام السابق يقول إنه كان ضد الفوضى وليس مع السلطة (أ.ف.ب)
لحّام المعروف بدعمه للنظام السابق يقول إنه كان ضد الفوضى وليس مع السلطة (أ.ف.ب)
TT

دريد لحام لـ «الشرق الأوسط» : لم أكن مع النظام

لحّام المعروف بدعمه للنظام السابق يقول إنه كان ضد الفوضى وليس مع السلطة (أ.ف.ب)
لحّام المعروف بدعمه للنظام السابق يقول إنه كان ضد الفوضى وليس مع السلطة (أ.ف.ب)

أمضى الفنان دريد لحّام أكثر من نصف عمره، الذي يقارب التسعين، في بلدٍ كان يُعرف بـ«سوريا الأسد». اليوم تبدّلت التسميات والرايات والوجوه، ويبدو الممثل العابر للأجيال مستعداً هو الآخر للعبور إلى فصلٍ مختلف من تاريخ وطنه.

«الشرق الأوسط» حاورته حول التغيير، فاختصر انطباعه بالقول: «أشعر بأنَّ هناك حياة مختلفة عمّا كانت عليه سابقاً خلال سنوات القهر». يذهب في تفاؤله أبعد من ذلك ليعلن أنَّه على استعداد لتجهيز عملٍ مسرحي أو تلفزيوني جديد. يودّ أن يطلق عليه عنوان «مبارح واليوم».

عُرف لحام بدعمه النظام، لكنَّه يوضح موقفه السابق بالقول: «أنا مع النظام بمعنى أنني ضد الفوضى».