أقدم قارب «مخيط» عمره 3 آلاف عام... يولد من جديد

يخضع لعملية ترميم لكي يبقى شاهداً على مهارات قبيلة «هستريس»

عملية ترميم للقارب (لويك داماليت)
عملية ترميم للقارب (لويك داماليت)
TT

أقدم قارب «مخيط» عمره 3 آلاف عام... يولد من جديد

عملية ترميم للقارب (لويك داماليت)
عملية ترميم للقارب (لويك داماليت)

يخضع المركب المسمى «زامبراتيا»، الذي يبلغ عمره ثلاثة آلاف عام، لعملية ترميم لكي يبقى شاهداً على مهارات «قبيلة هستريس»، حيث ينقل من كرواتيا إلى فرنسا، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.

وتشرح العالمة المتخصصة في الآثار المغمورة بالمياه، إيدا كونساني أوهاتش، التي قادت الأبحاث، أن «امتلاك قارب، بل سفينة، في ذلك الوقت، كان بالتأكيد علامة مكانة في المجتمع القبلي»، لكنها أوضحت أن «القدرة على بناء قارب كهذا (...) هي بمنزلة القدرة في زمننا على بناء مركبة فضائية!».

وعندما رُصِد حطام القارب للمرة الأولى، في موقع يبعد 150 متراً من الشاطئ وعلى عمق مترين ونصف المتر فحسب، اعتقد العلماء أنه يعود إلى العصر الروماني، بُنيَ وفقاً لتقنية قديمة تتمثل في خياطة الألواح معاً بالأوتار أو الجذور أو الألياف النباتية.

لكنّهم فوجئوا بأن التحاليل بتقنية «الكربون 14» قدّرت عمر القارب بأكثر من ثلاثة آلاف عام، ومن المحتمل تالياً أن يكون بُنِيَ بين نهاية القرن الثاني عشر ونهاية القرن العاشر قبل الميلاد، وهي مرحلة انتقالية بين العصر البرونزي وعصر الحديد.

وأعقبت هذا الاكتشاف أبحاث علمية لسنوات، كان من أبرز من تولى إجراءها خبراء من مختبر أبحاث الآثار والتاريخ القديم في مركز «كامِيّ جوليانّ» في «إيكس آن بروفانس» في فرنسا.

وقالت كونساني أوهاتش: «يمكننا أن نفترض أنه كان قارباً مخصصاً للملاحة السريعة، على طول الساحل أو في المضايق النهرية في منطقة شمال البحر الأدرياتيكي».

وكان سبعة إلى تسعة جذافين يقودون هذا القارب الذي لا صاري له، وكان يُستخدم لعمليات سريعة في البحر. وعلى متن هذه القوارب، كان الهستريون يمارسون القرصنة على مدى القرون التالية، من خلال اعتراض قوارب الرومان الذين كانوا ينقلون الحبوب لتموين قواتهم.

ويُعتقد أن قبيلة «هستريس» التي أعطت اسمها لمنطقة إستريا، كانت تستخدم هذا القارب الذي يبلغ طوله نحو عشرة أمتار، وبقيَ نحو ثلثه محفوظاً بشكل جيد نسبياً.

وتمت خياطة الألواح بعضها ببعض بواسطة حبال من ألياف نباتية لم تبقَ محفوظة، لكنّ آثارها لا تزال بادية على الخشب. وحسب المؤرخين، كان الهستريون يستخدمون شجيرة دائمة الخضرة تُسمى «المكنسة الإسبانية» (Spartium junceum) لخياطة قواربهم.

واتسمت عملية إخراج «زامبراتيا» من الماء بدقة بالغة. وتمت حمايتها في البداية بهيكل معدني صمم لهذا الغرض. وفي يوليو (تموز) الفائت، انتُشل القارب المكوّن من 15 قطعة إلى السطح.

بعد ذلك، نُظِفَت كل قطعة بعناية وأجريت عليها تحاليل ووُضِعَت عليها علامات، ثم تُركت في حوض مصمم خصيصاً بهدف تنقيتها من المياه المالحة.

وقالت المرممة مونيكا بيتروفيتش لوكالة الصحافة الفرنسية: «نقيس ملوحة المياه وفي غضون شهرين تقريباً، ستكون (زامبراتيا) جاهزة للمرحلة التالية من الحفظ في غرونوبل».

وعند انتهاء المرحلة الفرنسية النهائية، يُتوقع أن تعود «زامبراتيا» إلى موطنها ليتم عرضها بالقرب من البحر الذي كان يحميها طوال هذا الزمن.

فالألواح الخشبية بقيت آلاف السنين مغطاةً بالطحالب والرمال، والطين البحري الذي كان يحميها، إذ باتت خالية من الأكسجين، أي بدون الأكسجين، ولا تسمح بتطور البكتيريا التي تتسبب بتلف الخشب.

وقال ساسا رادين الذي نشأ في قرية زامبراتيا التي سمي القارب باسمها: «كنا نعرف منذ عقود بوجودها هناك، ودأبنا على الغطس في الموقع عندما كنا أطفالاً (...) لكننا لم نكن نعلم أنها قديمة إلى هذا الحد».


مقالات ذات صلة

سائح بريطاني يحاول دفن رفات والدته بمعبد أبو سمبل

يوميات الشرق معبد رمسيس الثاني بأبو سمبل (تصوير: عبد الفتاح فرج)

سائح بريطاني يحاول دفن رفات والدته بمعبد أبو سمبل

أحبطت السلطات المصرية، الأحد، محاولة سائح بريطاني الجنسية دفن رفات والدته في معبد أبو سمبل الأثري بأسوان (جنوب مصر).

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق الإرث مرايا الشعوب (أ.ف.ب)

معرض في سويسرا يحتضن آثار غزة: تدميرها المُتعمَّد «جريمة حرب»

أُحضرت هذه الآثار التي توضح جوانب من الحياة اليومية المدنية والدينية من العصر البرونزي إلى العصر العثماني، إلى جنيف ضمن معرض «غزة على مفترق طرق الحضارات».

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق أرشيفية من قمة العلا للآثار في 2023 (واس)

العلا تجمع علماء الآثار لبحث تراث المجتمعات المتنقلة عبر العصور

على أرض الحضارات تلتئم ندوة العلا للآثار جامعةً تحت سقفها مئات من الخبراء والمختصين في علم الآثار والتراث الثقافي من شتى دول العالم لتبادل خبراتهم العلمية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق وزير الخارجية المصري يتفقد القطع الأثرية بنيويورك قبل إرسالها إلى القاهرة (وزارة الخارجية المصرية)

مصر لاستقبال قطع فرعونية نادرة بعد إحباط بيعها في أميركا

تترقب مصر استقبال قطع آثار فرعونية «نادرة» أحبطت السلطات الأميركية بالتعاون مع نظيرتها في القاهرة محاولات لبيعها أخيراً.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)
الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)
TT

آل باتشينو: نبضي توقف دقائق إثر إصابتي بـ«كورونا» والجميع اعتقد أنني مت

الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)
الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو (أ.ف.ب)

كشف الممثل الأميركي الشهير آل باتشينو أنه كاد يموت في عام 2020، إثر إصابته بفيروس «كورونا»، قائلاً إنه «لم يكن لديه نبض» عدة دقائق.

وتحدث آل باتشينو (84 عاماً) لصحيفة «نيويورك تايمز» عن تجربته مع الفيروس الذي أصيب به في عام 2020، قبل توفر اللقاحات.

وقال الممثل إنه «لم يكن على ما يرام تماماً» وإنه أصيب بالحمى والجفاف قبل أن يفقد وعيه فجأة.

وأضاف: «بعد ذلك، وصلت سيارة الإسعاف واستيقظت، لأجد فريقاً طبياً يقف حولي مرتدياً ملابس واقية، بدت وكأنها من الفضاء الخارجي. وسمعتهم يقولون: (لقد عاد. إنه هنا)، لأعلم بعدها أن نبضي توقف دقائق».

وتحدث الممثل الأميركي في الأمر مع مجلة «بيبول» أيضاً، قائلاً إن الجميع «اعتقد أنه مات» بعد توقف نبضه.

ولفت إلى أن هذه التجربة دفعته إلى التأمل في وجوده ومعنى حياته.

ودخل آل باتشينو تاريخ السينما مع تأديته أدواراً في أفلام «ذي غادفاذر»، و«سكارفايس»، و«هيت»، ونال جائزة «أوسكار» عن فيلم «سنت أوف إيه وومان» عام 1992.