لقاءُ المفاجأة بين سلحفاة ومراهقة مصابتَيْن بإعاقة مماثلة

الحيوانات مثل البشر... والداخل الإنساني واحد

بعض اللقاءات بهجة خالصة (هيئة جزيرة جيكل)
بعض اللقاءات بهجة خالصة (هيئة جزيرة جيكل)
TT

لقاءُ المفاجأة بين سلحفاة ومراهقة مصابتَيْن بإعاقة مماثلة

بعض اللقاءات بهجة خالصة (هيئة جزيرة جيكل)
بعض اللقاءات بهجة خالصة (هيئة جزيرة جيكل)

التقت كيندال بارفيلد (12 عاماً) سلحفاةً تُسمّى بانديت تقيم حالياً في مركز السلاحف البحرية بجزيرة جيكل قُبالة ساحل ولاية جورجيا الأميركية، حيث تتبع برنامجاً لإعادة التأهيل، بعد تعرّضها لحادث تحطُّم قارب عام 2021، ما أسفر عن تضرُّر عمودها الفقري وإصابة زعانفها الخلفية بالشلل. اللافت أنّ لدى السلحفاة والمراهقة قصة مشابهة، إذ أدّى تشقُّق العمود الفقري عند الولادة إلى إصابة كاحلَي الفتاة بالشلل. تحدّثت «فوكس نيوز» مع كيندال ووالدتها دانييل عن لحظة اللقاء بالسلحفاة. سمعت دانييل قصة بانديت للمرة الأولى عندما زارت وزوجها الجزيرة في رحلة عمل.

الحب الذي يتجاوز ما ننتظره (هيئة جزيرة جيكل)

قالت: «تأثرتُ كثيراً بقصتها، وشعرتُ برابط. كان ذلك قُبيل عيد الميلاد عام 2022، فقلتُ لنفسي: ابنتي كيندال تحبّ أحواض المياه وحيوانات البحر. ربما تحبّ تبنّي السلحفاة بانديت. وهكذا حصلنا عليها من أجلها في العيد». ظلّت كيندال وبانديت صديقتين من بعيد حتى قيام الأسرة برحلة استغرقت 4 ساعات إلى الجزيرة في 5 يناير (كانون الثاني) الحالي. قالت طالبة الصف السابع إنها «فوجئت جداً» بحجم السلحفاة الكبير، رغم أنّ بانديت في الأغلب لا تزال في سنّ المراهقة فقط. وتابعت: «أشاء أن أكون قريبة من السلاحف، فلطالما أحببتُ الحياة البحرية. شعرتُ دائماً بأنني قريبة من المحيط، وبأنّ الحيوانات مثل البشر تماماً. أحبُّ السباحة، والذهاب إلى الشاطئ»، مضيفة: «من الرائع جداً أن يكون هناك شيء مشترك بيني وبين السلحفاة. أنا أستخدم العكازات، وللمسافات الطويلة ألجأ إلى الكرسي المتحرّك. يخونني الإحساس من الكعب إلى أسفل». تريد للأطفال الآخرين معرفة أنه رغم أنّ المصابين بتشقُّق العمود الفقري قد يبدون «مختلفين في الخارج، فإنهم متشابهون في الداخل». من جهتها، قالت الأم إنّ لقصة السلحفاة صدى كبيراً لدى ابنتها التي تعاني حالة طفيفة من النوع «الأكثر شدّة» من تشقّق العمود الفقري، فتتركها من دون حركة من كاحليها إلى الأسفل، ولكن في بعض الحالات يمكن أن تُسبّب الشلل في الجزء العلوي من الجسم. وتابعت: «محظوظون لقدرتها على المشي والحركة بحرّية أكبر». أما كيندال، فعلّقت: «كان حلمي في طفولتي هزّ أصابع قدمي. فأنا لا أستطيع تحريكها». وفي مقابلة منفصلة مع «فوكس نيوز»، أكدت مديرة الاتصالات التسويقية في هيئة جزيرة جيكل كاثرين هيرن، أنّ بانديت لا تزال «مزدهرة»، رغم أنها ستحتاج إلى إيجاد مكان دائم بسبب إصابتها. وقالت: «تحبّ أن تُرشَّ بالمياه، وأن يراها جميع زوار المركز وهي تواصل السباحة». وإذ وصفت هيرن الاجتماع بين كيندال وبانديت بـ«المميّز»، قالت: «المركز يُثمّن جداً الذين يتبنّون هذه الحيوانات رمزياً».


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق نادرة جداً (مواقع التواصل)

للبيع... تذكرة لدخول مسرح بريستول تعود إلى عام 1766

من المتوقَّع أن تُحقّق ما وُصفَت بأنها «قطعة حقيقية من تاريخ بريستول» آلاف الجنيهات منذ عرضها للبيع في مزاد ببريطانيا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق تجمعهما الإنسانية (مواقع التواصل)

شاي «وأمور مشتركة» جمعت أطول وأقصر امرأتين في العالم

التقت أطول النساء في العالم، وأقصرهن، لاحتساء شاي الظهيرة احتفالاً بيوم موسوعة «غينيس» للأرقام القياسية. إليكم تفاصيل اللقاء...

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الكثير من الناس يتحدثون بصوت عالٍ مع أنفسهم (أ.ف.ب)

خبراء يؤكدون: التحدث مع ذاتك بصوت عالٍ يعزز صحتك النفسية

يتحدث الكثير من الناس بصوت عالٍ مع أنفسهم، وهو ما يُطلق عليه عادةً الحديث الذاتي الخارجي أو الحديث الخاص، فما مميزات أو عيوب هذا الأمر؟

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق ممارسة ألعاب الفيديو قد تساعد الأشخاص في حياتهم المهنية (رويترز)

ممارسة ألعاب الفيديو تساعدك في حياتك المهنية

كشفت دراسة جديدة أن ممارسة ألعاب الفيديو قد تساعد الأشخاص في حياتهم المهنية.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
TT

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)
أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

عاد إلى ذاكرة مُؤسِّسة غاليري «آرت أون 56»، نهى وادي محرم، مشهد 4 أغسطس (آب) 2020 المرير. حلَّ العَصْف بذروته المخيفة عصر ذلك اليوم المشؤوم في التاريخ اللبناني، فأصاب الغاليري بأضرار فرضت إغلاقه، وصاحبته بآلام حفرت ندوباً لا تُمحى. توقظ هذه الحرب ما لا يُرمَّم لاشتداد احتمال نكئه كل حين. ولمّا قست وكثَّفت الصوتَ الرهيب، راحت تصحو مشاعر يُكتَب لها طول العُمر في الأوطان المُعذَّبة.

رغم عمق الجرح تشاء نهى وادي محرم عدم الرضوخ (حسابها الشخصي)

تستعيد المشهدية للقول إنها تشاء عدم الرضوخ رغم عمق الجرح. تقصد لأشكال العطب الوطني، آخرها الحرب؛ فأبت أن تُرغمها على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية. تُخبر «الشرق الأوسط» عن إصرارها على فتحه ليبقى شارع الجمّيزة البيروتي فسحة للثقافة والإنسان.

تُقلِّص ساعات هذا الفَتْح، فتعمل بدوام جزئي. تقول إنه نتيجة قرارها عدم الإذعان لما يُفرَض من هول وخراب، فتفضِّل التصدّي وتسجيل الموقف: «مرَّت على لبنان الأزمة تلو الأخرى، ومع ذلك امتهنَ النهوض. أصبح يجيد نفض ركامه. رفضي إغلاق الغاليري رغم خلوّ الشارع أحياناً من المارّة، محاكاة لثقافة التغلُّب على الظرف».

من الناحية العملية، ثمة ضرورة لعدم تعرُّض الأعمال الورقية في الغاليري لتسلُّل الرطوبة. السماح بعبور الهواء، وأن تُلقي الشمس شعاعها نحو المكان، يُبعدان الضرر ويضبطان حجم الخسائر.

الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه (آرت أون 56)

لكنّ الأهم هو الأثر. أنْ يُشرّع «آرت أون 56» بابه للآتي من أجل الفنّ، يُسطِّر رسالة ضدّ الموت. الأثر يتمثّل بإرادة التصدّي لِما يعاند الحياة. ولِما يحوّلها وعورةً. ويصوّرها مشهداً من جهنّم. هذا ما تراه نهى وادي محرم دورها في الأزمة؛ أنْ تفتح الأبواب وتسمح للهواء بالعبور، وللشمس بالتسلُّل، وللزائر بأن يتأمّل ما عُلِّق على الجدران وشدَّ البصيرة والبصر.

حضَّرت لوحات التشكيلية اللبنانية المقيمة في أميركا، غادة جمال، وانتظرتا معاً اقتراب موعد العرض. أتى ما هشَّم المُنتَظر. الحرب لا تُبقى المواعيد قائمة والمشروعات في سياقاتها. تُحيل كل شيء على توقيتها وإيقاعاتها. اشتدَّت الوحشية، فرأت الفنانة في العودة إلى الديار الأميركية خطوة حكيمة. الاشتعال بارعٌ في تأجيج رغبة المرء بالانسلاخ عما يحول دون نجاته. غادرت وبقيت اللوحات؛ ونهى وادي محرم تنتظر وقف النيران لتعيدها إلى الجدران.

تفضِّل نهى وادي محرم التصدّي وتسجيل الموقف (آرت أون 56)

مِن الخطط، رغبتُها في تنظيم معارض نسائية تبلغ 4 أو 5. تقول: «حلمتُ بأن ينتهي العام وقد أقمتُ معارض بالمناصفة بين التشكيليين والتشكيليات. منذ افتتحتُ الغاليري، يراودني هَمّ إنصاف النساء في العرض. أردتُ منحهنّ فرصاً بالتساوي مع العروض الأخرى، فإذا الحرب تغدر بالنوايا، والخيبة تجرّ الخيبة».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه، وربما حيّزه في هذا العالم. تُسمّيه مُتنفّساً، وتتعمّق الحاجة إليه في الشِّدة: «الفنانون والزوار يريدون للغاليري الإبقاء على فتح بابه. نرى الحزن يعمّ والخوف يُمعن قبضته. تُخبر وجوه المارّين بالشارع الأثري، الفريد بعمارته، عما يستتر في الدواخل. أراقبُها، وألمحُ في العيون تعلّقاً أسطورياً بالأمل. لذا أفتح بابي وأعلنُ الاستمرار. أتعامل مع الظرف على طريقتي. وأواجه الخوف والألم. لا تهمّ النتيجة. الرسالة والمحاولة تكفيان».

الغاليري لخَلْق مساحة يجد بها الفنان نفسه وربما حيّزه في العالم (آرت أون 56)

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها: الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع، الإسعاف والصراخ... لـ9 أشهر تقريباً، أُرغمت على الإغلاق للترميم وإعادة الإعمار بعد فاجعة المدينة، واليوم يتكرّر مشهد الفواجع. خراب من كل صوب، وانفجارات. اشتدّ أحدها، فركضت بلا وُجهة. نسيت حقيبتها في الغاليري وهي تظنّ أنه 4 أغسطس آخر.