«مسابقة المهارات الثقافية» تستأنف جهود تطوير المواهب السعودية في 10 مسارات إبداعية

النسخة الثانية من مسابقة المهارات الثقافية للتعليم العام تبدأ في اكتشاف صفوة جديدة من المواهب وتطويرها وتنمية قدراتها (واس)
النسخة الثانية من مسابقة المهارات الثقافية للتعليم العام تبدأ في اكتشاف صفوة جديدة من المواهب وتطويرها وتنمية قدراتها (واس)
TT

«مسابقة المهارات الثقافية» تستأنف جهود تطوير المواهب السعودية في 10 مسارات إبداعية

النسخة الثانية من مسابقة المهارات الثقافية للتعليم العام تبدأ في اكتشاف صفوة جديدة من المواهب وتطويرها وتنمية قدراتها (واس)
النسخة الثانية من مسابقة المهارات الثقافية للتعليم العام تبدأ في اكتشاف صفوة جديدة من المواهب وتطويرها وتنمية قدراتها (واس)

طاقات إبداعية من مختلف المدن السعودية تستعد للانخراط في النسخة الجديدة من مسابقة المهارات الثقافية التي تستأنف أعمالها لتطوير مهارات المواهب السعودية في 10 مسارات إبداعية، واكتشاف القدرات الواعدة والكفاءات الصاعدة ضمن المنافسة الوطنية التي تطلقها وزارتا الثقافة والتعليم في السعودية، لاكتشاف المتميزين وتسليط الضوء على الموهوبين، وتطوير إمكاناتهم للانخراط في عملية الإنتاج الإبداعي والمعرفي ضمن استراتيجية أوسع لتنمية القدرات والمواهب الثقافية.

وأطلقت وزارة الثقافة ووزارة التعليم (الأربعاء) النسخة الثانية من مسابقة المهارات الثقافية للتعليم العام، والبدء في اكتشاف صفوة جديدة من المواهب وتطويرها وتنمية قدراتها في عدد من المجالات الثقافية والفنية، وترشيحها للانضمام إلى معسكرات، ودورات تطويرية في مختلف المجالات، لتحديد مهارات الطلبة وتطويرها، وتوجيه أعمالهم للمحافظة على إرث المملكة الثقافي، وزيادة الوعي به، وتوجيه شغف الطلبة لممارسة مختلف المجالات الثقافية والفنية، وتحقيق الاستثمار الأمثل لطاقاتهم، وتمكينهم من الأدوات الملائمة لإنتاج مخرجات ثقافية إبداعية عبر مراحل المسابقة، بمشاركة أكثر من 100 خبير في لجنة التحكيم.

وفتحت المسابقة الوطنية أبوابها لاستقبال الراغبين في المشاركة في 10 مسارات ثقافية، تغطي مجالات متعددة في مختلف القطاعات الثقافية، تشمل الرسم، والخط العربي، والأفلام، والتصوير، والعزف، والغناء، والقصة القصيرة، والمانجا، والشعر، إلى جانب المسرح، والبدء في تهيئة الموهوبين من الأجيال الناشئة على الإبداع، والتميز، والمشاركة في صنع مستقبل حافل بالثقافة والفنون.

ربع مليون موهوب سعودي

ويأتي الموسم الثاني من المسابقة بعد نجاح كبير تحقق في الموسم الأول، تنافست فيه 247 ألف مشاركة على جوائز بلغت قيمتها أكثر من 5 ملايين ريال، فاز منهم 54 طالباً وطالبة قدَّموا إبداعات جديرة بالتشجيع والتمكين على مستوى المملكة.وتوّج الـ 54 طالباً وطالبة في مايو (أيار) من العام الماضي بجوائز مسابقة «المهارات الثقافية»، التي أطلقتها وزارتا التعليم والثقافة في السعودية لتعزيز المهارات الثقافية لدى طلاب المدارس السعودية، وحصل الفائزون على جوائز مالية مجزية، ومنحة ابتعاث دراسية في الخارج للفائزين بالمركز الأول من طلاب المرحلة الثانوية، لمواصلة مشوار تطوير مواهبهم وملكاتهم الثقافية. المسابقة التي أقيمت في نسختها الأولى على مستوى المدارس في السعودية وجدت تفاعلاً استثنائياً وإقبالاً كبيراً من قبل الموهوبين؛ ومن بين المشتركين الذين بلغوا 247 ألفاً من طلبة المراحل الدراسية الثلاث، انضم 108 منهم للمعسكر التدريبي.

المنافسة الوطنية أطلقتها وزارتا الثقافة والتعليم في السعودية لاكتشاف المتميزين وتسليط الضوء على الموهوبين (واس)

وتمرّ المسابقة بمراحل تبدأ من التهيئة الميدانية، واكتشاف المبدعين من الطلاب والطالبات في التعليم العام بمختلف المجالات الثقافية؛ لتنمية هذه الموهبة وصقلها بالمهارات والمعارف اللازمة، ثم الانتقال إلى مرحلة التدريب عن بُعد، وتليها مرحلة المنافسة بين المبدعين في مختلف مناطق المملكة، وبعدها تكريم المبدعين في جميع المناطق، لتصل بعد ذلك إلى مرحلة تطوير المواهب في معسكر تدريبي، ومنها إلى مرحلة التحكيم النهائي، وأخيراً العروض النهائية في الحفل الختامي، الذي وضعت له وزارتا الثقافة والتعليم مجموعةً من الجوائز يصل إجمالي قيمتها المالية إلى أكثر من 9 ملايين ريال سعودي، حيث يحصل الفائزون في كل مسار من مسارات المسابقة، ولكل مرحلة دراسية على 100 ألف ريال للمركز الأول، و75 ألف ريال للمركز الثاني، فيما سيحصل المركز الثالث على 50 ألف ريال.

تأتي المسابقة في إطار العمل المشترك بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم تحت مظلة استراتيجية تنمية القدرات الثقافية (واس)

استراتيجية سعودية لتنمية القدرات الثقافية

وفي ديسمبر (كانون الأول) من عام 2022 أطلقت السعودية استراتيجية وطنية لتمكين الثقافة في الفضاء العام، وتعزيزها بوصفها أسلوب حياة، تركز على إدراج الثقافة والفنون في جميع مراحل التعليم والتدريب التقني والمهني، وتطوير البيئة التعليمية، وتنمية القطاع الثقافي، بوصف الثقافة عنصراً محورياً في «رؤية المملكة 2030» لتحسين جودة حياة المجتمع. وتأتي المسابقة في إطار العمل المشترك بين وزارة الثقافة ووزارة التعليم تحت مظلة استراتيجية «تنمية القدرات الثقافية»؛ وذلك لرفع مستوى ارتباط طلاب وطالبات التعليم العام في المملكة بالثقافة والفنون، واكتشاف مهاراتهم، والعمل على تعزيزها وتنميتها، لخلق طاقات إبداعية جديدة تُسهم في فاعلية القطاع الثقافي السعودي وإثرائه.

يأتي الموسم الثاني من المسابقة بعد نجاح كبير تحقق في الموسم الأول ومشاركة 247 ألف طالب وطالبة (واس)

وتشاركت 6 جهات سعودية معنيّة بالتعليم والثقافة في إطلاق استراتيجية تنمية القدرات الثقافية، وذلك لربط مخرجات التعليم باحتياجات سوق العمل في القطاع الثقافي، وتطوير القدرات والمهارات الثقافية والفنية لأفراد المجتمع عبر منظومة من السّياسات والمعايير والبرامج الأكاديمية وفرص تنمية القدرات التي تُثري الإبداع الثقافي في المملكة، ودعم الممارسة المستدامة في القطاع الثقافي.



مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
TT

مسرحية «5 دقايق» تختصر زمن الوفاء للأهل بـ50 دقيقة

مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)
مايا سعيد مع بطلي العمل طارق تميم وسولانج تراك (مايا سعيد)

تختصر المخرجة مايا سعيد زمن الوفاء للوالدين بمسرحية «5 دقايق». اختارت عرضها في موسم عيد الميلاد، الموعد نفسه الذي خسرت فيه والدها. فكرّمته على طريقتها ضمن نص بسيط ومعبّر، يترك أثره عند متابعه ويتسلل إلى مشاعره من دون أن تفرض عليه ذلك. لا مبالغة في الوقت ولا في الحوارات.

رسالة إنسانية بامتياز تمرّ أمامك بـ50 دقيقة لتستوعب هدفها في الدقائق الخمس الأخيرة منها. على مسرح «ديستركت 7» في بيروت يقام العرض. ومع بطلي المسرحية طارق تميم وسولانج تراك وضعت مايا سعيد الشخصيتين اللتين يؤديانهما بتصرفهما، فأدركا دقّة معانيهما بحيث جسّداهما بعفوية تليق بخطوطهما.

مسرحية «5 دقايق» تحية تكريمية في ذكرى من نحبّهم (مايا سعيد)

بحوارات تميل إلى الكوميديا رغبت مايا سعيد في إيصال رسالتها المؤثرة. لم تشأ أن تحمّل المشاهد همّاً جديداً. ولا أن تُغرقه بمشاعر الأسى والحزن. فموسم الأعياد يجب أن يطبعه الفرح، ولكن لا بأس إذا ما تحررنا من أحاسيس حبّ مكبوتة في أعماقنا، وتكمن أهميتها بمنبعها فهي آتية من ذكرى الأهل.

تحكي المسرحية عن ليلة ميلادية تقتحم خلالها سيدة غريبة منزل «الأستاذ حرب»، فتقلبه رأساً على عقب بالشكلين الخارجي والداخلي. وتجري أحداث العمل في مساحة ضيقة على خشبة تتزين بديكورات بسيطة. وتتألّف من شجرة عيد الميلاد وكنبة وطاولة. وإذا ما تفرّجنا على هذا المكان بنظرة ثلاثية الأبعاد، سنكتشف أن الخشبة تُشبه شاشة تلفزيونية. فحلاوتها بعمقها وليس بسطحها العريض. مربّعة الشكل يتحرّك فيها البطلان براحة رغم ضيق المكان. يشعر المشاهد بأنه يعيش معهما في المكان والزمان نفسيهما.

وتعلّق مايا سعيد، كاتبة ومخرجة العمل، لـ«الشرق الأوسط»: «ينبع الموضوع من تجربة شخصية عشتها مع والدي الذي رحل في زمن الميلاد. وعندما تدهورت حالته الصحية عاش أيامه الخمسة الأخيرة فاقداً الذاكرة. ومثله مثل أي مريض مصاب بألزهايمر لم يكن في استطاعته التعرّف إليّ. وهو أمر أحزنني جداً».

من هذا المنطلق تروي مايا سعيد قصة «5 دقايق». وضمن أحداث سريعة وحوارات تترك غموضاً عند مشاهدها، يعيش هذا الأخير تجربة مسرحية جديدة. فيحاول حلّ لغز حبكة نصّ محيّرة. ويخيّل له بأنها مجرّد مقتطفات من قصص مصوّرة عدّة، ليكتشف في النهاية سبب هذا التشرذم الذي شرّحته المخرجة برؤية مبدعة.

طارق تميم يجسّد شخصية مصاب بألزهايمر ببراعة (مايا سعيد)

وتوضح مايا سعيد: «رغبت في أن يدخل المشاهد في ذهن الشخصيتين وأفكارهما. وفي الدقائق الخمس الأخيرة وضعته في مكان الشخص الذي يعاني من مرض الطرف الآخر. أنا شخصياً لم أتحمّل 5 أيام ضاع فيها توازن والدي العقلي. فكيف لهؤلاء الذين يمضون سنوات يساعدون أشخاصاً مصابون بمرض ألزهايمر».

وعن الصعوبة التي واجهتها في إيصال رسالتها ضمن هذا العمل تردّ: «كان همّي إيصال الرسالة من دون سكب الحزن والألم على مشاهدها. فنحن خرجنا للتو من حرب قاسية. وكان ذلك يفوق قدرة اللبناني على التحمّل. من هنا قرّرت أن تطبع الكوميديا العمل، ولكن من دون مبالغة. وفي الوقت نفسه أوصل الرسالة التي أريدها بسلاسة».

يلاحظ مشاهد العمل طيلة فترة العرض أن نوعاً من الشرود الذهني يسكن بطله. وعرف طارق تميم كيف يقولبه بحبكة مثيرة من خلال خبرته الطويلة في العمل المسرحي. وبالتالي كانت سولانج تراك حرفيّة بردّ الكرة له بالأسلوب نفسه. فصار المشاهد في حيرة من أمره. وتُعلّق مايا سعيد في سياق حديثها: «طارق وسولانج ساعداني كثيراً في تلقف صميم الرسالة. فتقمصا الشخصيتين بامتياز بحيث قدماهما أجمل مما كُتب على الورق».

ضمن نص معبّر تدور«5 دقايق» (مايا سعيد)

طيلة عرض المسرحية لن يتوصّل مشاهدها إلى معرفة اسمي الشخصيتين. فيختلط عليه الأمر في كل مرة اعتقد بأنه حفظ اسم أحدهما. وكانت بمثابة حبكة نص متقنة كي يشعر المشاهد بهذه اللخبطة. وتستطرد مايا: «لا شك أن المسرحية تتضمن مفاتيح صغيرة تدلّنا على فحوى الرسالة. والتشابك بالأسماء كان واحداً منها».

حاولت مايا سعيد إيصال معاني عيد الميلاد على طريقتها. وتختم: «لهذا العيد معانٍ كثيرة. وأردتها أن تحمل أبعاداً مختلفة تخصّ الأشخاص الذين نحبّهم حتى لو رحلوا عنّا. فغيابهم يحضر عندنا في مناسبات الفرح. وبهذا الأسلوب قد ننجح في التعبير لهم عن ذكراهم في قلوبنا».