معرض أثري يحتفي بـ«رموز رأس السنة» المصرية القديمة

التماثيل تتناول الموت والبعث والخصوبة والفيضان

تمثال من البرونز للمعبود أوزير ضمن المعرض (متحف تل بسطا)
تمثال من البرونز للمعبود أوزير ضمن المعرض (متحف تل بسطا)
TT

معرض أثري يحتفي بـ«رموز رأس السنة» المصرية القديمة

تمثال من البرونز للمعبود أوزير ضمن المعرض (متحف تل بسطا)
تمثال من البرونز للمعبود أوزير ضمن المعرض (متحف تل بسطا)

ارتبطت أعياد رأس السنة لدى المصريين القدماء بالزراعة وموسم الفيضان، وهو ما رصده معرض أثري نظّمه متحف تل بسطا بمحافظة الشرقية (دلتا مصر)، بمناسبة الاحتفال بالعام الميلادي الجديد، ويستمر حتى نهاية يناير (كانون الثاني) الحالي.

يتناول المعرض بعنوان «وبت رنبت»، التقويم في مصر القديمة، والآلهة المرتبطة بأعياد رأس السنة، والأنشطة المختلفة، والرموز المتعدّدة التي احتفى بها المصريون.

ويضمّ 4 تماثيل من خامة البرونز، عبارة عن تمثالين للمعبود أوزيريس يعودان إلى العصر القديم، ومثلهما للمعبودة إيزيس من عصر الدولة الحديثة والعصر القديم أيضاً، وفق بيان لوزارة السياحة والآثار.

وذكر المدير العام لمتحف تل بسطا، إبراهيم حمدي، أنّ المعرض يضيء على بداية السنة الجديدة في مصر القديمة التي ارتبطت بموسم الزراعة، موضحاً أنه سُمّي «وبت رنبت»، وهو الاسم القديم لعيد رأس السنة المصرية.

وأوضح حمدي لـ«الشرق الأوسط» أنّ «القطع المُشاركة تعبّر عن موسم افتتاح السنة، المرتبط ببداية الدورة الزراعية التي تُقسم إلى 3 فصول؛ هي الفيضان، والإنبات، والحصاد».

وأضاف: «لذلك اختير تمثالان للإله أوزير تجسيداً لقوى البعث والخصوبة والموت، وكذلك نبع الحياة، في حين ارتبطت إيزة - إيزيس - بالفيضان، وفقاً للأسطورة التي تقول إنّ دموع إيزة على زوجها أوزير كانت تمتزج بالنيل وتتسبّب في الفيضان».

ويظهر المعبود أوزيريس في التمثالين المعروضين بشكل آدمي، على رأسه التاج الأوزيري، وبيديه الصولجان والمذبة، أما تمثالا المعبودة إيزيس، فتظهر في أحدهما على هيئة امرأة متوّجة بقرص الشمس بين قرني بقرة، في حين التمثال الآخر يصوّرها وهي تُرضع الطفل حورس.

أحد التماثيل في تل بسطا (وزارة السياحة والآثار المصرية)

وقالت العميدة السابقة لكلية الآثار بأسوان الدكتورة أماني كرورة، إنّ «منطقة تل بسطا تضمّ أقدم مكان لعبادة الإله أوزيريس الذي كان يحلّ بأشكال مختلفة، وهي من المراكز الدينية المهمّة، مثل هليوبوليس».

وأضافت لـ«الشرق الأوسط»: «انتشرت عبادة الإله بتاح في مدينة سايس بنطاق المنطقة التي يقع فيها المتحف، بالإضافة إلى الإلهة الوديعة باستيت؛ إلهة المرح»، مشيرة إلى أنّ «مدينة منديس قريبة من المنطقة أيضاً، وفيها عُبِد الكبش المقدّس. أما في تانيس، فعُبِد إله الحرب ست، وكانت هذه المنطقة مقراً لحكام الأسرة 21».

وذكرت العميدة السابقة لكلية الآثار بأسوان أنّ «أوزيريس هو الذي علّم المصريين الزراعة، لذلك كانوا يحتفلون به مع بداية السنة الزراعية المهمّة جداً بالنسبة إلى المصري القديم، بصفتها المصدر الرئيسي للاقتصاد والحياة»، موضحة أنّ «الوقت الذي كان مسموحاً فيه بالزراعة هو نحو 8 أشهر، وكانوا يستعينون بكثير من الحيوانات والأدوات التي وصل إلينا بعضها، وتُبيّن أساليبهم في الزراعة».

يُذكر أنّ فكرة إنشاء متحف تل بسطا بمحافظة الشرقية (تبعد عن القاهرة 130 كيلومتراً)، تعود إلى عام 2006، وهو افتُتح عام 2018، ويضمّ نحو ألف قطعة أثرية، كما يحتوي على قاعة خاصة بالمعبودة باستيت، ومجموعة من تماثيل التراكوتا التي صُنعت من الطين المحلي، واشتهرت قديماً في العصرين اليوناني والروماني. كما يضمّ مجموعة من العملات، والحليّ، وأدوات الإضاءة، وأدوات الزينة، وموائد القرابين.


مقالات ذات صلة

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق دهشة الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي «نجم» رسوم عمرها 2000 عام في بيرو

تُعدّ خطوط نازكا، التي تعود إلى 2000 عام مضت، رسوم لنباتات وحيوانات، يمكن رؤيتها فقط من السماء. وقد أُعلنت ضمن مواقع التراث العالمي لـ«يونيسكو» عام 1994.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس)
يوميات الشرق إطلالة على مدينة طرابلس اللبنانية من أعلى قلعتها الأثرية (الشرق الأوسط)

«جارة القلعة» تروي حكاية طرابلس ذات الألقاب البرّاقة والواقع الباهت

لا يعرف معظم أهالي طرابلس أنها اختيرت عاصمة الثقافة العربية لهذا العام، لكنهم يحفظون عنها لقب «المدينة الأفقر على حوض المتوسط».

كريستين حبيب (طرابلس)
شمال افريقيا مبنى المتحف القومي السوداني في الخرطوم (متداول)

الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة

الحكومة السودانية عملت على اتخاذ التدابير اللازمة لحماية وتأمين 76 موقعاً وصرحاً أثرياً تاريخياً في ولايات نهر النيل والشمالية، وجزء من ولاية الخرطوم.

وجدان طلحة (بورتسودان)
يوميات الشرق من أعمال التنقيب في موقع زبالا التاريخي المهمّ على درب زبيدة (واس)

السعودية... آمالٌ تُفعّلها المساعي لالتحاق مواقع بقائمة التراث العالمي

العمل قائم على تسجيل مواقع جديدة في القائمة الدولية للتراث العالمي، من أهمها دروب الحج القديمة، لا سيما درب زبيدة، بالإضافة إلى ملفات أخرى تشمل الأنظمة المائية.

عمر البدوي (الرياض)

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
TT

عيّنات توثّق التاريخ البركاني للجانب البعيد من القمر

رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)
رسم توضيحي للمسبار «تشانغ إيه - 5» الصيني (شبكة تلفزيون الصين الدولية)

أعلن فريق من العلماء الصينيين عن تحليل ودراسة عينات قمرية، جُمعت بواسطة مهمة «تشانغ إيه - 6»، وهي أول عينات تحلَّل من الجانب البعيد للقمر.

وأوضح الباحثون في المرصد الفلكي الوطني التابع للأكاديمية الصينية للعلوم في بكين، أن هذا يُعدّ إنجازاً كبيراً في مجال علوم استكشاف القمر والقدرات التقنية، وقد نُشرت الدراسة، الجمعة، في دورية «National Science Review».

تاريخياً، جُمعت عينات القمر من خلال مهمات عديدة، بما في ذلك 6 مهمات لبرنامج «أبولو» الأميركي، و3 مهمات سوفيتية من مركبة «لونا»، ومهمة «تشانغ إيه - 5» الصينية، وبلغ إجمالي العينات التي جُمعت نحو 382.9812 كيلوجراماً، وقد وفّرت هذه العينات معلومات قيّمة حول تاريخ تكوين القمر وتطوّره.

وتُعدّ العينات القمرية العائدة أساسية لبحوث علم الكواكب؛ إذ توفر بيانات مختبرية رئيسية لربط الملاحظات الاستشعارية المدارية في الواقع الميداني على السطح.

وساهمت هذه العيّنات في تطوير فرضيات، مثل نشأة القمر نتيجة تصادُم كبير مع الأرض البدائية، ومحيط الصهّارة القمرية، والقصف الشديد المتأخّر. وحتى الآن جُمعت هذه العينات من الجانب القريب للقمر، ولم يُكتشَف الجانب البعيد إلا حديثاً.

ولا يمكن لعينات الجانب القريب وحدها، دون جمع عينات كافية من سطح القمر بأكمله، خصوصاً من الجانب البعيد، أن تعكس التنوع الجيولوجي الكامل للقمر، وهذا القصور يعوق فهمنا لنشأة القمر وتطوّره.

وتمكّن علماء الفضاء في الصين من الحصول على عينات الجانب البعيد اللازمة عندما جمعت مهمة «تشانغ إيه - 6» نحو 1935.3 غراماً من العينات القمرية من حوض القطب الجنوبي - آيتكين، في 25 يونيو (حزيران) 2024.

وجُمعت العينات من سطح القمر باستخدام تقنيات الحفر والتجريف، وحلَّل الفريق الخصائص الفيزيائية والمعدنية والبتروغرافية والجيوكيميائية للعينات.

وأظهرت التحليلات أن العينات التي جُمِعت تعكس مزيجاً من المواد «البازلتية المحلية»، والمواد «غير القمرية» الغريبة، وفق نتائج الدراسة.

وتتكوّن شظايا الصخور في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل أساسي من البازلت، والصخور البركانية، والركام، أما المعادن الأساسية للتربة القمرية فهي الفلسبار، والبيروكسين، والإلمينيت، مع وجود ضئيل للأوليفين.

وتتكوّن التربة القمرية في عينات «تشانغ إيه - 6» بشكل رئيسي من خليط من البازلت المحلي والمواد المقذوفة غير البازلتية.

ووفق الباحثين، تُوثق البازلتات المحلية في العينات التاريخَ البركاني للجانب البعيد للقمر، في حين قد توفر الشظايا غير البازلتية رؤى مهمة عن القشرة المرتفعة القمرية، وذوبان تصادُم حوض القطب الجنوبي - آيتكين، وربما الوشاح العميق للقمر، مما يجعل هذه العينات ذات أهمية كبيرة للأبحاث العلمية.

ويعتقد العلماء أن حوض القطب الجنوبي - آيتكين تَشكَّل قبل 4.2 إلى 4.3 مليار سنة خلال فترة ما قبل النكتارية، نسبةً إلى بحر نكتار، أو بحر الرحيق الواقع في الجزء الجنوبي الغربي من الجانب القريب للقمر.