روائع الفن القبطي تجتذب زوار «متحف الحضارة» المصري

معرض «ليكن نور» يضم مشغولات أثرية يعود بعضها للقرن السادس الميلادي

جانب من المعروضات (المتحف القومي للحضارة المصرية)
جانب من المعروضات (المتحف القومي للحضارة المصرية)
TT

روائع الفن القبطي تجتذب زوار «متحف الحضارة» المصري

جانب من المعروضات (المتحف القومي للحضارة المصرية)
جانب من المعروضات (المتحف القومي للحضارة المصرية)

يحتفي المتحف القومي للحضارة المصرية بروائع الفن القبطي، من خلال معرض مؤقت يستمر أسبوعين ويضمّ مقتنيات ومخطوطات وأيقونات نادرة من الفنون المسيحية في مصر عبر العصور، بمناسبة رأس السنة وعيد الميلاد.

ويضم المعرض الذي يحمل عنوان «ليكن نور... لمحات من الفنون المسيحية في مصر» مجموعة متنوعة من مقتنيات المتحف، من أيقونات وتماثيل خشبية ومخطوطات تعود لفترات متباينة منذ القرن السادس الميلادي وحتى أوائل القرن العشرين.

إحدى أيقونات المعرض (المتحف القومي للحضارة المصرية)

واجتذب المعرض كثيرين من زوار المتحف القومي للحضارة، ويقول نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف القومي للحضارة المصرية، الدكتور ميسرة عبد الله، إن معرض «ليكن نور» يأتي ضمن خطة المعارض المؤقتة في المتحف طبقاً لرؤية الدكتور أحمد غنيم الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف، بمراعاة جميع المناسبات المحلية والعالمية.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المتحف القومي للحضارة أعد هذا المعرض للمشاركة في الاحتفال بالعام الميلادي الجديد من خلال عرض 25 قطعة أثرية مختارة».

موضحاً: «راعينا عدم كثرة القطع الأثرية المعروضة، لإعطاء الفرصة للزائر أن يتأمل جمالها، خصوصاً أنها مرتبطة بالفن المسيحي الذي نشأ في مصر منذ القرون المسيحية الأولى ومستمر حتى الآن في فنون الطوائف المسيحية المختلفة».

ويضم المعرض أيقونات قبطية نُفّذت بأساليب فنية مختلفة، وعدداً من المخطوطات المكتوبة باللغتين القبطية والعربية، ونماذج للفنون القبطية من مشغولات معدنية وخشبية، ونماذج من فن الصناعات الخزفية والفخار التي كانت منتشرة في الأديرة والكنائس.

كتب دينية ومخطوطات مهمة تضمنها المعرض (المتحف القومي للحضارة المصرية)

وعن أقدم المعروضات يقول عبد الله: «هناك قطع يعود تاريخها لبدايات القرون المسيحية الأولى، منها مشغولات حجرية وفخارية من القرن السادس إلى الثامن الميلادي، وهناك مقتنيات من القرن العشرين»، لافتاً إلى أن «ما يميز متحف الحضارة أن لديه قطعاً من أقدم العصور ومقتنيات ما زال أصحابها على قيد الحياة».

وأنشئ المتحف القومي للحضارة المصرية بعد حملة دولية أعلنتها منظمة «اليونيسكو» في ثمانينات القرن الماضي، ويضم المتحف، الذي صدر قرار من رئاسة الوزراء بإنشائه عام 2016، عدد 1600 قطعة بقاعته الرئيسية اختيرت بعناية لتعبّر عن الحضارات المصرية المتعاقبة، وشهد المتحف في أبريل (نيسان) عام 2021، نقل 22 مومياء ملكية إليه في احتفالية ضخمة عرفت بـ«موكب المومياوات الملكية».

تمثال من الخشب ليوسف النجار (المتحف القومي للحضارة المصرية)

ومن القطع التي يضمها المعرض «تمثال راعي الجمال ليوسف النجار، وهو بالحجم الطبيعي تقريباً، مصنوع من الخشب وملون، ويعود لبدايات القرن العشرين، وعدد من الأيقونات سواء القبطية أو اليونانية، وجميعها مرتبطة بالاحتفال بمولد السيد المسيح، وتعود للقرون من السابع عشر حتى التاسع عشر»، وفق تصريحات نائب الرئيس التنفيذي لهيئة المتحف. مضيفاً: «عرضنا أيضاً نسخة من كتاب (السنكسار)، الذي يعود للقرن السادس عشر الميلادي، وكتاب (المعلم والتلميذ) للبابا كيرلس الثالث، وهو من الكتب المهمة والمميزة التي تحض على القيم الأخلاقية وحسن الخلق واكتساب روح الفضيلة».


مقالات ذات صلة

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

يوميات الشرق استقبال للتابوت بعد ترميمه (جامعة سوانزي)

تابوت مصري قديم يحظى بحياة جديدة في بريطانيا

حظي تابوت مصري قديم بحياة جديدة في بريطانيا بعد فترة من أعمال الترميم وإعادته إلى «مركز مصر» (متحف للآثار المصرية) بجامعة «سوانزي» في ويلز.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق لعبة صغيرة تمثل حيواناً تعود لعصر «الفايكنغ» (صفحة بعثة التنقيب الأثرية عبر فيسبوك)

لعبة أطفال من عصر «الفايكنغ» تحير علماء الآثار

عثر علماء آثار على لعبة نادرة تعود إلى عصر الفايكنغ خلال حفريات أثرية في آيسلندا. ولا يزال الحيوان الذي تمثله اللعبة موضع نقاش.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق رأس مومياء من العصر المتأخر (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر تسترد 3 قطع أثرية من هولندا

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، الثلاثاء، عن استرداد ثلاث قطع أثرية من هولندا، ترجع للعصر المتأخر، كانت قد خرجت من البلاد بطريقة «غير شرعية».

فتحية الدخاخني (القاهرة )
يوميات الشرق المعارض الأثرية المصرية في الخارج وسيلة للترويج السياحي (وزارة السياحة والآثار)

مصر والبحرين لتنفيذ برامج تسويق سياحي مشترك في شرق آسيا

 تتجه مصر والبحرين لتنفيذ برامج مشتركة للتسويق السياحي في شرق آسيا، بالإضافة إلى التعاون في مجالي السياحة والآثار، والعمل على إقامة معارض أثرية مؤقتة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق السفينة الحربية «إتش إم إس فيكتوري» (أ.ف.ب)

الحشرات تهدد سفينة النصر البريطاني في ترافالغار

نجت السفينة الحربية «إتش إم إس فيكتوري» HMS Victory من قذائف نابليون، ومن قنبلة خلال الحرب العالمية الثانية، وتواجه خطرا فتاكا جديدا يهدد هيكلها… وهو الحشرات!

«الشرق الأوسط» (بورتسموث )

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
TT

هاني شاكر في بيروت... الأحزان المُعتَّقة تمسحها ضحكة

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)
بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

القبلات المتطايرة التي تدفّقت من هاني شاكر إلى أحبّته طوال حفل وداع الصيف في لبنان، كانت من القلب. يعلم أنه مُقدَّر ومُنتَظر، والآتون من أجله يفضّلونه جداً على أمزجة الغناء الأخرى. وهو من قلّة تُطالَب بأغنيات الألم، في حين يتجنَّب فنانون الإفراط في مغنى الأوجاع لضمان تفاعل الجمهور. كان لافتاً أن تُفجّر أغنية «لو بتحبّ حقيقي صحيح»، مثلاً، وهو يختمها بـ«وأنا بنهار»، مزاج صالة «الأطلال بلازا» الممتلئة بقلوب تخفق له. رقص الحاضرون على الجراح. بارعٌ هاني شاكر في إشعالها بعد ظنّ أنها انطفأت.

بارعٌ هاني شاكر في إشعال الجراح بعد ظنّ بأنها انطفأت (الشرق الأوسط)

تغلَّب على عطل في هندسة الصوت، وقدَّم ما يُدهش. كان أقوى مما قد يَحدُث ويصيب بالتشتُّت. قبض على مزاج الناس باحتراف الكبار، وأنساهم خللاً طرأ رغم حُسن تنظيم شركة «عكنان» وجهود المتعهّد خضر عكنان لمستوى يليق. سيطر تماماً، بصوت لا يزال متّقداً رغم الزمن، وأرشيف من الذهب الخالص.

أُدخل قالب حلوى للاحتفاء بأغنيته الجديدة «يا ويل حالي» باللهجة اللبنانية في بيروت التي تُبادله الحبّ. قبل لقائه بالآتين من أجله، كرَّرت شاشة كبيرة بثَّها بفيديو كليبها المُصوَّر. أعادتها حتى حُفظت. وحين افتتح بها أمسيته، بدت مألوفة ولطيفة. ضجَّ صيف لبنان بحفلاته، وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات، فكان الغناء بلهجته وفاءً لجمهور وفيّ.

بقيادة المايسترو بسام بدّور، عزفت الفرقة ألحان العذاب. «معقول نتقابل تاني» و«نسيانك صعب أكيد»، وروائع لا يلفحها غبار. الأغنية تطول ليتحقّق جَرْف الذكريات. وكلما امتّدت دقائقها، نكشت في الماضي. يوم كان هاني شاكر فنان الآهات المستترة والمعلنة، وأنّات الداخل وكثافة طبقاته، وعبق الورد رغم الجفاف والتخلّي عن البتلات. حين غنّى «بعد ما دابت أحلامي... بعد ما شابت أيامي... ألقاقي هنا قدامي»، طرق الأبواب الموصودة؛ تلك التي يخالها المرء صدأت حين ضاعت مفاتيحها، وهشَّم الهواء البارد خشبها وحديدها. يطرقها بأغنيات لا يهمّ إن مرَّ عُمر ولم تُسمَع. يكفيها أنها لا تُنسى، بل تحضُر مثل العصف، فيهبّ مُحدِثاً فوضى داخلية، ومُخربطاً مشاعر كوَقْع الأطفال على ما تظنّه الأمهات قد ترتَّب واتّخذ شكله المناسب.

هاني شاكر مُنتَظر والآتون من أجله يفضّلونه جداً (الشرق الأوسط)

تتطاير القبلات من فنان يحترم ناسه، ويستعدّ جيداً من أجلهم. لا تغادره الابتسامة، فيشعر مَن يُشاهده بأنه قريب ودافئ. فنانُ الغناء الحزين يضحك لإدراكه أنّ الحياة خليط أفراح ومآسٍ، ولمّا جرّبته بامتحانها الأقسى، وعصرت قلبه بالفراق، درّبته على النهوض. همست له أن يغنّي للجرح ليُشفى، وللندبة فتتوارى قليلاً. ولا بأس إن اتّسم الغناء بالأحزان، فهي وعي إنساني، وسموّ روحي، ومسار نحو تقدير البهجات. ابتسامة هاني شاكر المتألِّمة دواخلَه، إصرار وعناد.

تراءى الفنان المصري تجسيداً للذاكرة لو كان لها شكل. هكذا هي؛ تضحك وتبكي، تُستعاد فجأة على هيئة جَرْف، ثم تهمد مثل ورقة شجر لا تملك الفرار من مصيرها الأخير على عتبة الخريف الآتي. «بحبك يا هاني»، تكرَّرت صرخات نسائية، وردَّ بالحبّ. يُذكِّر جمهوره بغلبة السيدات المفتتنات بأغنياته، وبما تُحرِّك بهنّ، بجمهور كاظم الساهر. للاثنين سطوة نسائية تملك جرأة الصراخ من أجلهما، والبوح بالمشاعر أمام الحشد الحاضر.

نوَّع، فغنّى الوجه المشرق للعلاقات: «بحبك يا غالي»، و«حنعيش»، و«كدة برضو يا قمر». شيءٌ من التلصُّص إلى الوجوه، أكّد لصاحبة السطور الحبَّ الكبير للرجل. الجميع مأخوذ، يغنّي كأنه طير أُفلت من قفصه. ربما هو قفص الماضي حين ننظر إليه، فيتراءى رماداً. لكنّ الرماد وجعٌ أيضاً لأنه مصير الجمر. وهاني شاكر يغنّي لجمرنا وبقاياه، «يا ريتك معايا»، و«أصاحب مين»؛ ففي الأولى «نلفّ الدنيا دي يا عين ومعانا الهوى»، وفي الثانية «عيونك هم أصحابي وعمري وكل أحبابي»، لتبقى «مشتريكي ما تبعيش» بديع ما يُطرب.

ضجَّ صيف لبنان بحفلاته وقدَّم على أرضه حلاوة الأوقات (الشرق الأوسط)

استعار من فيروز «بحبك يا لبنان» وغنّاها. بعضٌ يُساير، لكنّ هاني شاكر صادق. ليس شاقاً كشفُ الصدق، فعكسُه فظٌّ وساطع. ردَّد موال «لبنان أرض المحبّة»، وأكمله بـ«كيف ما كنت بحبك». وكان لا مفرّ من الاستجابة لنداء تكرَّر. طالبوه مراراً بـ«علِّي الضحكاية»، لكنه اختارها للختام. توَّج بها باقة الأحزان، كإعلان هزيمة الزعل بالضحكاية العالية.