إليزابيث هيرلي عن كلبتها المطعونة: حبها العظيم امتدّ واستوعبني

حكايةُ الوفاء البديع والأمان الذي لا يُستبدَل

الحب غير المشروط وبديع العطاء (الغارديان)
الحب غير المشروط وبديع العطاء (الغارديان)
TT

إليزابيث هيرلي عن كلبتها المطعونة: حبها العظيم امتدّ واستوعبني

الحب غير المشروط وبديع العطاء (الغارديان)
الحب غير المشروط وبديع العطاء (الغارديان)

عندما دخلت الكلبة «نيكو» منزلَ الممثلة والعارضة الإنجليزية إليزابيث هيرلي، المُستأجَر في لوس أنجليس، ونظرت إلى عينيها، أدركت أنّ الروح الواقفة أمامها تعنيها. وصلت الكلبة التي تطوّعت لرعايتها، مصابةً بصدمة مفجعة على نحو مخيف، إثر جرح كبير بسكين من الكتف إلى الورك، فتأكدت أنها لن تعيدها أبداً. أحاطت صديقةُ هيرلي «نيكو» بكثير من الحب حين كانت تملكها، ولكن ذات ليلة، اقتحم لصوص منزلها، وطعنوا الكلبة بقسوة، لتصبح إثر الحادثة صعبة المراس، وتُرسَل إلى مأوى الكلاب. عندما سمعت هيرلي عن محنتها، فكرت: «لماذا لا تبقى برفقتي؟». كان ذلك في أوائل التسعينات، حين لم تكد الممثلة المكافحة في هوليوود تملك الوقت الكافي لشيء. لم تعرف أنّ هذه الكلبة ستكون رفيقة سنواتها المقبلة وسيدة حياتها الجميلة.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، لم تملك هيرلي (58 عاماً) كلباً، ولم تتأكد مما ينبغي القيام به مع «نيكو». في البداية، لم تأكل إلا من يدها. واكتشفت أيضاً أنّ أحداً لم يبذل جهداً لإزالة الغرز من جسدها، فأزالتها بعناية فائقة بواسطة مقصّ الأظافر. تتابع: «اعتمدتُ على حُسن الحظ كثيراً، وتخلّصتُ من المهدّئات. كانت (نيكو) تتفتح أمام عيني، وبدأ الافتتان المُتبادل ببعضنا بعضاً».

امتلأت تلك الأيام بتجارب الأداء واللقاءات، فكانت هيرلي تغادر منزلها بعينَيْن مشرقتَيْن ومفعمتَيْن بالأمل، قبل أن تعود «محطّمة وبائسة». تقول: «كانت (نيكو) دائماً هناك، تنتظرني بقلق وفارغ الصبر. تعلمُ فوراً إن كنتُ في حالة سيئة. غمرتني بحبها العظيم الذي امتدّ واستوعبني. وفي مناسبات كثيرة مخزية، وبكل استحياء، كنت أدفن وجهي في عنقها وأبكي. كانت ستصنع لي فنجاناً من الشاي لو استطاعت». مرَّ الوقت وقرّرت العودة إلى إنجلترا. كان على الكلاب استكمال حجر صحي شاق لـ6 أشهر في بريطانيا للتأكد من أنها لا تحمل «داء الكلب»: «إنه أمر مروّع. أصبحتُ لاحقاً صوتاً رائداً في المجموعة الضاغطة (جوازات سفر الحيوانات الأليفة)، التي غيَّرت القانون ومكّنت الحيوانات المُلقّحة بالكامل من السفر بحرّية. يا للأسف، لم يشمل ذلك طفلتي التي قضت 6 أشهر خلف القضبان قبل أن تستمتع بكثير من الوقت في الريف الإنجليزي».

كانت «نيكو» ملاك إليزابيث هيرلي المخلّص، في كل مرة ألقت رأسها في حضنها وأبقتها بأمان. عندما ماتت بالسرطان، شعرت بالأسى الشديد. تذكُر تلك الفترة: «سبق ذلك إنجابي ابني. كانت (نيكو)، بكل بساطة، نور حياتي. تعهّدتُ بأنني لن أسمح لنفسي مرة أخرى بالاقتراب كثيراً من أي كلب. منذ ذلك الحين، أحببتُ كثيرين، لكن فتاة أحلامي ذات العينين الداكنتين ستظلّ دائماً الأفضل».


مقالات ذات صلة

الاتصال العاطفي بين الكلاب وأصحابها يوحِّد ضربات قلبهما

يوميات الشرق تظهر نتائج البحث آليات التفاعُل بين الإنسان والكلب (جامعة يوفاسكولا)

الاتصال العاطفي بين الكلاب وأصحابها يوحِّد ضربات قلبهما

كشفت دراسة حديثة عن الارتباط بين التقلّبات في معدّل ضربات القلب بين الكلاب وأصحابها من البشر، ما عدُّه الباحثون علامة على قوة الاتصال العاطفي بينهما.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق العملية تنجم عن إرسال إشارات من أجهزة استشعار على الجلد إلى الدماغ لدى الحيوانات (أ.ب)

لماذا تهتز الكلاب عندما تتبلل بالمياه؟

اكتشف علماء جامعة هارفارد الأميركية السبب الحقيقي وراء قيام الكلاب بالهز والارتجاف عندما تبتل، وذلك لأنها تتعرض للدغدغة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مطالب بإقالة عميدة كلية طب بيطري (صفحة كلية طب بيطري على فيسبوك)

مطالب بعقوبات في واقعة «تعذيب كلاب» بكلية الطب البيطري في القاهرة

مع تصاعد حالة الاستياء من مقاطع الفيديو المتداولة التي ظهرت فيها عدد من الكلاب مقيدة ومكبلة داخل أجولة بلاستيكية، بكلية الطب البيطري في جامعة القاهرة.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق لقطة تظهر الكلب «تروبر» قبل إنقاذه من الفيضانات في فلوريدا (شرطة ولاية فلوريدا)

أميركي يواجه السجن لسنوات لتخليه عن كلبه أثناء إعصار «ميلتون» (فيديو)

أكد مسؤولون في الولايات المتحدة أن رجلاً زُعم أنه ترك كلبه مقيداً إلى جانب سور وسط مياه الفيضانات قبل إعصار «ميلتون»، يواجه اتهامات ترتبط بالقسوة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق البشر والكلاب لديهم أنظمة معالجة صوتية مختلفة (جامعة إيوتفوس لوراند)

طريقة جديدة لمساعدة الكلاب على فهم كلام البشر

أظهرت دراسة جديدة، أجراها باحثون من جامعة جنيف في سويسرا، أن البشر يتحدثون بمعدل أسرع بكثير من الكلاب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».