ما فرص «بنات ألفة» و«كذب أبيض» في منافسات «الأوسكار»؟

يمثّلان السينما العربية ضمن قائمة مختصرة تضم 15 فيلماً

مشهد من الفيلم المغربي «كذب أبيض» (البحر الأحمر السينمائي الدولي)
مشهد من الفيلم المغربي «كذب أبيض» (البحر الأحمر السينمائي الدولي)
TT

ما فرص «بنات ألفة» و«كذب أبيض» في منافسات «الأوسكار»؟

مشهد من الفيلم المغربي «كذب أبيض» (البحر الأحمر السينمائي الدولي)
مشهد من الفيلم المغربي «كذب أبيض» (البحر الأحمر السينمائي الدولي)

يخوض فيلما «كذب أبيض» من المغرب، و«بنات ألفة» من تونس، المنافسة على جائزة «الأوسكار» لأفضل فيلم دولي أمام 13 فيلماً من دول مختلفة، وفق أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة الأميركية، وذلك خلال الدورة الـ96 للجائزة المُنتظر إعلانها في 10 مارس (آذار) 2024، على «مسرح دولبي» في مدينة لوس أنجليس.

ويمثل الفيلمان السينما العربية في التصفيات النهائية، ومن بين الأفلام الأجنبية التي تخوض المنافسة: «Amerikatsi» من أرمينيا، و«The Monk and the Gun» و«The Promised Land» من الدنمارك، و«Fallen Leaves» من فنلندا، و«The Taste of Things» من فرنسا، ما يطرح تساؤلات حول فرص الفيلمين العربيين في الفوز.

وكانت 7 أفلام عربية ترشَّحت إلى الجائزة الدولية، ولم تدخل القائمة، هي «فوي فوي فوي» من مصر، و«جنائن معلقة» من العراق، و«إن شاء الله ولد» من الأردن، و«باي باي طبريا» من فلسطين، و«وداعاً جوليا» من السودان، و«المرهقون» من اليمن.

وتُبدي المغربية أسماء المدير، مخرجة «كذب أبيض»، سعادتها لترشح فيلمها للقائمة المختصرة الأولى لـ«الأوسكار»، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: «فعلتها المغرب مرة أخرى»، وتوجّهت بالشكر إلى فريق الفيلم ووزارة الثقافة ومهرجان مراكش، ولكل مَن دعم السينما المغربية للوصول إلى هذا الإنجاز.

وتضيف: «رحلة التحضير استمرت نحو 10 سنوات، حاولت خلالها تقديم فيلم شيّق»، مشيرة إلى أنها اعتمدت على التوثيق، وسعت إلى سرد القصة ببساطة.

وتكشفت معنى عنوانه «كذب أبيض»: «هو الكذب الذي كان يسرده لنا أقاربنا في صغرنا من خلال الروايات، والقصص الخاصة بهم. بعضها تبخّر من ذاكرتنا مع الوقت، والبعض الآخر يرافقنا حتى يومنا هذا، وقد آن الأوان للمحاسبة والمراجعة، فلماذا هذا الكذب؟ وذلك من خلال مواجهة بين الجيل الأول وهو جيلي، والجيل الثالث وهو جيل الجدّة. أما جيل الوسط، الأب والأم، فدوره كان الصمت».

وبسؤالها عن كيفية اختيار شخصيات حقيقية من أقاربها وجيرانها لأداء الأدوار، توضح أنها منذ بداية عملها السينمائي تعتمد على تقديم الأفلام الوثائقية، وهي تحتاج فترة تحضير طويلة لتبصر النور، و«لذلك لا يحتاج الممثلون المشاركون إلى التدريب، لأننا نتدرّب لسنوات، فتختفي رهبة الوقوف أمام الكاميرا». وتتابع: «كما أنني قادرة على إقناع المقرّبين لي بالتمثيل، وهم يثقون بي، ويؤمنون بأفكاري»، مشيرة إلى أنّ «الفيلم حقق طوال الأشهر الماضية نجاحات في كبرى المهرجانات العالمية، أبرزها (كان)».

«بوستر» الفيلم التونسي «بنات ألفة» (الشركة المنتجة)

ويرى الناقد المصري محمد نبيل، أنّ فوز فيلم عربي بجائزة أفضل فيلم أجنبي بـ«الأوسكار» ليس بالأمر السهل، لكنه ليس مستحيلاً. وعن فرص الفوز، يجيب «الشرق الأوسط»: «لا بد من توافر شروط في تلك الأفلام لتنافس، وعلينا الأخذ في الحسبان أنّ المنافسة على جائزة أفضل فيلم أجنبي (دولي) أصعب من الفوز بجائزة أفضل فيلم في (الأوسكار) عموماً، لأنّ المنافسة على جائزة الفيلم الأجنبي تتم بين أفلام لأكثر من 100 دولة من قارات العالم الخمس».

عن الشروط التي ينبغي توافرها في الأفلام العربية المرشَّحة، يوضح نبيل: «القيمة الفنية للفيلم لها دور كبير في فوزه، بالإضافة إلى شهرته وانتشاره عالمياً، وقدرته على المنافسة في المهرجانات الكبرى. ففيلم (كذب أبيض) مثلاً حصد جائزتين في مهرجان (كان)، كما أنّ فيلم (بنات ألفة) نال جوائز عدّة في أغلبية المهرجانات الدولية التي شارك بها، من بينها، مؤخراً، جائزة (قناة الشرق الوثائقية) من مهرجان (البحر الأحمر السينمائي الدولي)».

وكانت المخرجة التونسية كوثر بن هنية كشفت في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» عن تفاصيل «بنات ألفة»، وقالت إنها بدأت العمل عليه منذ 2016، وإنها كانت تنوي تقديمه فيلماً وثائقياً يحتوي على حوارات مع الأم وابنتين من البنات الأربع فقط، إلا أنه «بعد التصوير شعرتُ أنّ ما أنجزته ليس على مستوى القصة التي يتداخل فيها الماضي بالحاضر، والسياسي بالإنساني، فتراجعتُ عن تقديمه بالشكل الوثائقي».

وأشارت إلى أنّ التوثيق أعاد فتح أفكار جديدة للفيلم: «فكرتُ في المزج بين الروائي والوثائقي، لإلقاء الضوء على كل أبعاد هذه القصة المعقّدة، فكان ذلك عن طريق الحوارات بين الممثلين وأصحاب القصة الحقيقية».

ويشيد الناقد المصري بما حققه «بنات ألفة» من المنافسة على جائزتين للمرة الأولى في مسابقات «الأوسكار» المقبلة، قائلاً: «للمرة الأولى، ينافس فيلم تونسي وعربي على جائزتين في (الأوسكار)؛ الأولى أفضل فيلم أجنبي، والثاني أفضل فيلم وثائقي».

عن فرص «كذب أبيض» و«بنات ألفة» في نيل الجائزة، يجيب: «وجود أعضاء عرب ضمن المصوِّتين بـ(الأوسكار) يمنحهما فرصاً جيدة».


مقالات ذات صلة

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )
سينما «إلى أرض مجهولة» (إنسايد آوت فيلمز)

اختيار الناقد لأفضل أفلام العام

أعلنت أكاديمية العلوم والفنون السينمائية قبل يومين قائمتها القصيرة لترشيحات «أوسكار» أفضل فيلم روائي ناقلةً البهجة والأمل لبعض المخرجين والخيبة لبعضهم الآخر.

محمد رُضا‬ (بالم سبرينغز - كاليفورنيا)
يوميات الشرق سينما «متروبوليس» الجديدة في منطقة مار مخايل (متروبوليس)

سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة من منطقة مار مخايل

قبل أيام قليلة أُعلن عن إعادة افتتاح سينما «متروبوليس» في حلّة جديدة... وإدارتها قرّرت إعادة إحيائها في مكان مختلف يقع في شارع مار مخايل.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )

«المسافر»... رؤية المصري وائل نور التشكيلية لفلسفة الترحال

من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
TT

«المسافر»... رؤية المصري وائل نور التشكيلية لفلسفة الترحال

من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)
من لوحات معرض «المسافر» للفنان وائل نور (الشرق الأوسط)

للسفر والترحال فلسفة وقصة تنتظر مَن يرويها، سواء أكان كاتباً أم رساماً أم موسيقياً، إذ يمكن لما يخوضه ويختبره من تجارب أن يصبح خيطاً سردياً لفنّه. وضمن معرضه بعنوان «المسافر» في غاليري «قرطبة» بالقاهرة، يقدّم المصري وائل نور نسيجاً من حكايات الترحال في 30 لوحة بالألوان المائية.

يعيد الفنان تقديم السمات الكلاسيكية للحياة المصرية، مُعبِّراً عن واقع متخيَّل وذكريات مشحونة بالتفاصيل البصرية والرمزية، ومجسِّداً صوراً للسفر بما يحمله من عناصر متنوّعة ومشاعر متداخلة. يقول: «السفر تنقُّل وحركة ليس للإنسان أو الحيوانات والطيور فقط. فالشمس تسافر، والهواء يسافر، والنيل يسافر... أرى أنّ كثيراً من عناصر الكون في حالة سفر مستمر».

يتفاعل المتلقّي مع الإيقاعات التعبيرية في لوحات المعرض المستمرّ حتى 26 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، التي يثريها التناغم بين الانطفاء والسطوع الضوئي، وبين الألوان القوية الزاهية والقتامة، فضلاً عن الحوارات الجمالية بين الظلّ والضوء.

دفء المنازل الريفية في لوحات الفنان (الشرق الأوسط)

هذه الرؤية الفلسفية التي يطرحها وائل نور تتوافق مع كونه، هو نفسه، في حالة سفر دائم داخل مصر وخارجها؛ لكن ربما كان تأثّره الأكبر بسفره بين أنحاء وطنه، وفق ما يوضحه لـ«الشرق الأوسط»: «أسافر باستمرار بين المحافظات المصرية لأوثّق ملامح البيئة وأدوّنها وأسجّلها عبر الرسم. أقيم في محافظة الأقصر (جنوب مصر)، وهي ليست مسقطي، لأبقى في حالة سفر».

التفاصيل اليومية في معرض «المسافر» للفنان المصري وائل نور (الشرق الأوسط)

لا يتيح السفر مَشاهد وأصواتاً وثقافات جديدة للفنانين فحسب، وإنما يوفّر أيضاً لحظات من التأمّل والعزلة، وثروة من اللحظات ما بين عظمة الطبيعة والتفاعل بين البشر القابلة للتعبير الإبداعي. يتحقّق ذلك على مسطّح لوحات المعرض، إذ يلتقي المُشاهد بالناس والبيوت والمساحات الخضراء والمراكب والدواب والأبواب والأشجار والمقتنيات الخاصة، في رمز للاتصال المفقود والفقدان العاطفي الناتجَيْن من السفر والاغتراب. ويعكس تكرار بعض العناصر في هذه اللوحات الارتباط بالمكان، والحنين إلى الماضي النابع من الرحيل عنه، ما يضفي على الأعمال الفنية أبعاداً نفسية متعدّدة.

ومن ذلك، تكرار البيت الريفي المصري في أعماله؛ وهو ما يبرره الفنان قائلاً: «لأنه يحمل جماليات تشكيلية لا وجود لها في أي مكان آخر، إنه بسيط ملوَّن دافئ». ويتابع: «كما أنّ للحياة في الريف قوانينها البسيطة، مثل الترابط واحترام الكبار والعمل الدؤوب من الفجر حتى الغروب، فضلاً عن استخدام الخامات المتاحة في تلك البيئة للبناء، والاعتماد على النفس والاكتفاء الذاتي عبر الزراعة وتربية الطيور والحيوانات. ذلك كله يمثّل نسيجاً اجتماعياً ملهماً بالنسبة إليّ».

توثّق لوحته «هويس إسنا القديم» حياة باعة يقفون بأعداد كبيرة مع بضائعهم يومياً على حافة الهويس، ينتظرون المراكب السياحية العابرة والمسافرة بين الأقصر وأسوان، المكتظّة بالسياح. يمارس هؤلاء أعلى درجات التسويق بالفطرة ويتحدّثون بمختلف اللغات لجذب السياح إلى منتجاتهم وفنونهم اليدوية الملوّنة. عنها يوضح الفنان: «بعد مراقبتهم لساعات، لاحظتُ أنهم يستطيعون بخبرتهم الطويلة التمييز بين جنسيات السياح من النظرة الأولى. وبناءً على ذلك، يتحدّثون معهم بلغاتهم. إنه عمل مرهق، يتطلّب الوقوف في الشمس لساعات، ما لفت انتباهي ودفعني لرسمهم في أكثر من عمل».

لوحة «هويس إسنا» تحاكي الباعة (الشرق الأوسط)

تتناول لوحة «الحصاد» في المعرض سفر مجموعة عمال من قرية إلى أخرى، ومن نجع إلى آخر، مصطحبين معهم ماكينة «درس القمح»، آملين أن يحقّقوا أرباحاً في موسم الحصاد للاعتماد عليه في الإنفاق على أسرهم لأشهر. يُعلّق: «يتطلّب هذا العمل مجهوداً بدنياً كبيراً، علاوة على تعرّضهم للغبار الكثيف الناتج عن الماكينة، الذي يصعُب معه التنفُّس أو فتح العيون. لكنه عملهم الذي يعرفونه واعتادوا عليه. هذا الكفاح الإنساني من أجل لقمة العيش يشكّل بالنسبة إليّ نبض الحياة وقيمتها وأصالتها التي تستحق التوثيق فنّياً».

تُبرز اللوحات تناسباً في تدرّج الانسيابية الواقعية للفنّ، مع دقة وجمالية تعزّزهما تفاصيل وزخارف متّزنة، ويستخدم نور في أعماله بنى تعبيرية تعزّز عمق التكوين، بما يُثري تجربته الجديدة في هذا المعرض.

الفنان المصري وائل نور يعشق الألوان المائية (الشرق الأوسط)

يُعرف عن الفنان وائل نور شغفه بالرسم بالألوان المائية: «اخترتها بعد انبهاري بإحدى لوحات أستاذي الراحل الفنان بخيت فراج. فقد أسرتني تلك اللوحة، وقلتُ لنفسي (أريد الرسم بهذه الخامة)، فاعتمدتُها لفرط صدقها وحساسيتها».

ويتابع: «الألوان المائية تُعد أصعب الألوان، لحساسيتها الشديدة وتعذّر إصلاح أخطائها، لكني لا أجمع بينها وبين أي نوع آخر من الخامات لسببين: الأول هو حبّي واحترامي الشديدين لها، والثاني هو أنّ العمل بخامات أخرى مثل الألوان الزيتية والأكريليك تفقدني الحساسية والمتعة اللتين أجدهما في الألوان المائية».