تستعد مصر لفتح مزارات أثرية جديدة بقلعة صلاح الدين الأيوبي التاريخية بالقاهرة بعد الانتهاء من ترميمها وتطويرها وتأهيلها للزيارة، وهي برجا الرملة والحداد، ومنطقة البانوراما بالقلعة.
وقال الدكتور مصطفى وزيري، الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، خلال جولته بالقلعة الأربعاء إن «فتح مزارات أثرية جديدة داخل قلعة صلاح الدين الأيوبي يعمل على تحسين التجربة السياحية بها، وهو ما تعمل وزارة السياحة والآثار على تحقيقه بوصفه أحد محاور الاستراتيجية الوطنية لتنمية السياحة في مصر التي أطلقتها الوزارة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022».
ولفت وزيري إلى أن «افتتاح هذه المزارات الأثرية المتميزة بالقلعة سوف يتيح الفرصة لتنفيذ خطة الوزارة للترويج لمنتج القاهرة الكبرى الثقافي والذي يجعل من مدينة القاهرة مقصداً سياحياً قائماً بذاته، وزيادة متوسط عدد الليالي السياحية بها، وزيادة رحلات اليوم الواحد التي يتم تنظيمها إليها».
وتتضمن أعمال مشروع ترميم برجي الرملة والحداد، الترميم الدقيق وتنظيف الأحجار واستبدال الأحجار التالفة، وصيانة السلالم الحجرية، وعمل قوائم جانبية لتسهيل الزيارة وحماية الزائرين، وعمل حماية للمزاغل وصيانة الأرضيات الحجرية، تمهيدا لضمهما إلى مسار زيارة القلعة، وفق الدكتور أبو بكر عبد الله، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بالمجلس الأعلى للآثار المصري.
وأشار أبو بكر إلى أن تطوير منطقة البانوراما يشمل أعمال رفع كفاءة البنية التحتية، وعمل مدرج لإظهار العناصر المعمارية لمباني وأسوار القلعة وإعداد مسارات الزيارة وتأهيل بوابات الدخول والخروج من القلعة.
ويرجع تاريخ برج الرملة إلى عصر السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، وهو على هيئة ثلاثة أرباع دائرة، ويتكون من طابقين وسطح كشف سماوي. كل طابق يتكون من قاعدة يتعامد عليها ثلاثة أذرع بكل ذراع مزغل. وقد تم توسعة البرج في عصر السلطان العادل الأيوبي بحيث تحولت المزاغل إلى فتحات أبواب تفضي إلى حجرات مستطيلة مغطاه بأقبية، وتنتهي كل حجرة بفتحة مزغل.
كما يعد برج الحداد أضخم أبراج القلعة على هيئة ثلاثة أرباع دائرة، وكان في الأصل برج نصف دائرة من أبراج صلاح الدين، وتمت عليه إضافات في عصر السلطان العادل الأيوبي حتى أخذ هذا الشكل. وهو عبارة عن قاعدة متعامدة الأضلاع مغطاة بقبو متقاطع لها ثلاثة أذرع تنتهي بفتحات مزغلية .
وتعد قلعة صلاح الدين أحد أهم معالم القاهرة الإسلامية، وإحدى أفخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى، وقد أتاح موقعها الاستراتيجي أعلى جبل المقطم إطلالة رائعة على معالم القاهرة التاريخية كافة، ووفرت الأسوار المنيعة حول عواصم مصر الإسلامية مع القلعة مزيداً من الحماية ضد الحصار.
ووفق موقع «الهيئة العامة للاستعلامات» المصرية، فقد بدأ صلاح الدين الأيوبي في تشييد هذه القلعة فوق جبل المقطم (572 - 579هـ - 1171 - 1193م) في موضع كان يعرف بقبة الهواء، ولكنه لم يتمها في حياته، وأتمها السلطان الكامل بن العادل (604هـ - 1207م)، فكان أول من سكنها واتخذها داراً للملك، وظلت مقراً لحكم مصر حتى عهد الخديوي إسماعيل، الذي نقل مقر الحكم إلى قصر عابدين، بمنطقة القاهرة الخديوية في منتصف القرن التاسع عشر.
وتتألف القلعة من قطاعين مختلفين، الأول يوجد في الجهة الشمالية، مستطيل الشكل، تحيط به أسوار من الناحية الشمالية والشرقية، بُني في عهدي «صلاح الدين الأيوبي»، وأخيه «الملك العادل» وكان يُستخدم بوصفه حامية عسكرية، لما يحتويه من أبراج مستديرة ومربعة، أما القطاع الجنوبي الغربي من القلعة فيوجد به قصر الحكم ومقر لإقامة الوالي.
وتزخر القلعة بكثير من الآثار التي ترجع إلى عصور إسلامية مختلفة حولتها من مجرد قلعة حصينة كانت تستخدم في الدفاع عن المدينة في حالة أي هجوم إلى مدينة كاملة احتوت على مساجد، وأسبلة، وقصور، ودواوين، ومصانع حربية، ومشغل لكسوة الكعبة المشرفة، ومدارس حربية ومدنية، وغيرها من المنشآت التي ميزت قلعة صلاح الدين الأيوبي عن غيرها من القلاع التي بنيت في العصور الوسطي في العالم.
وتضم قلعة صلاح الدين أربعة قصور، منها قصران بنيا في عهد محمد علي باشا، وهما قصر الجوهرة الذي أنشئ سنة 1814 م، وقصر الحرم الذي أنشئ سنة 1826، وقصر يرجع إلى القرن الرابع عشر، وهو قصر الأبلق الذي بناه السلطان الناصر محمد بن قلاوون سنة 1314، وهو يقع على الجانب الغربي لمنحدر جبل القلعة، بالإضافة إلى قصر سراي العدل.
كما تضم مساجد رئيسية، أقدمها مسجد ناصر محمد، الذي بني سنة 1318 في أوائل العصر المملوكي البحري، عُرف هذا المسجد بالمسجد المملوكي للقلعة، حيث كان يؤدي فيه سلاطين القاهرة صلاة الجمعة، ومسجد سليمان باشا الذي بني سنة 1528 على أطلال مسجد قديم في أبو منصور كوستا، بالإضافة إلى مسجد محمد علي باشا... كما تحتوي القلعة على 3 متاحف، متحف قصر الجوهرة، الذي يوجد به ثريا تزن 1000 كيلوغرام، أهداها ملك فرنسا «لويس فيليب الأول» لمحمد علي باشا، بالإضافة إلى عرش محمد علي، الذي أهداه له ملك إيطاليا، بالإضافة إلى المتحف العسكري، ومتحف الشرطة.