السباق يحتدم في الصياهد... وإقبال واسع من جماهير الإبل

أكثر من 100 ألف زائر في أسبوع وسط فعاليات تُطلق لأول مرة

لحظة عرض «المنقّيات» المشاركة على لجنة التحكيم وسط ترقّب للملّاك والجماهير (نادي الإبل)
لحظة عرض «المنقّيات» المشاركة على لجنة التحكيم وسط ترقّب للملّاك والجماهير (نادي الإبل)
TT

السباق يحتدم في الصياهد... وإقبال واسع من جماهير الإبل

لحظة عرض «المنقّيات» المشاركة على لجنة التحكيم وسط ترقّب للملّاك والجماهير (نادي الإبل)
لحظة عرض «المنقّيات» المشاركة على لجنة التحكيم وسط ترقّب للملّاك والجماهير (نادي الإبل)

في جوٍّ تملؤه مظاهر البداوة والأصالة، وتقف فيه جماهير المنقيّات على أطراف الأصابع، وسط احتدام التنافس في الأشواط، تتواصل فعاليات النسخة الثامنة من «مهرجان الملك عبد العزيز للإبل»، الذي ينظمه «نادي الإبل»، تحت شعار «عز لأهلها» في أرض الصياهد، الواقعة على بعد 120 كيلومتراً شمال شرقي العاصمة الرياض.

وبفضل «مهرجان الملك عبد العزيز للإبل»، عادت الحياة لتدبّ مجدّداً في روح «صحراء الدهناء» التي كانت تاريخيّاً إحدى مناطق تجمع الطرق التجارية من شرق الجزيرة العربية إلى غربها؛ إذ أصبحت الآن واجهة، فتوزعت المخيّمات والمحال في أماكن عدة، وتتجدد المنطقة بلباس تلتقي فيه روح التراث ومفردات الحضارة لتكون وجهة سياحية واقتصادية وترفيهية منتعشة، بعد أن دشنت قرية متكاملة دائمة مرتبطة بالمهرجان الموسمي الذي يحظى بحضور الآلاف من المواطنين والمقيمين إلى جانب مواطنين من دول الخليج والعرب ووفود سياحية عالمية.

للموقع الجغرافي للمهرجان، رمزيّة خاصة لدى السعوديين؛ إذ يؤكد القائمون على المهرجان، أن اختيار الموقع يأتي بسبب عمقه التاريخي ودلالته الوطنية؛ إذ كان نقطة تجمع لجيوش الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود خلال مسيرة توحيد البلاد، في حين بسطت أرض «الصياهد» ثراها لقوافل الحجاج والتجارة كمحطة في دربهم من شرق السعودية إلى غربها، ومن غربها إلى شرقها.

إحدى المنقيّات المشاركة في فئة «الشقح» خلال مسيرتها إلى منصة العرض (الشرق الأوسط)

أكثر من 100 ألف زائر خلال أسبوع

ويحظى المهرجان باهتمام عالٍ ليس فقط من المهتمين بقطاع الإبل؛ إذ يستمر التوافد يوميّاً إلى ساحات العرض، وإلى مخيّمات الملاك، بالإضافة إلى الفعاليات المرافقة التي تجاوزت 21 فعالية، على غرار: «مزاين الإبل، وسباق الهجن، وسباق الهجيج (وهو تسابق الإبل من غير راكب)، وركوب الجمال، ومسيرة عرض الإبل، والهجّانة السعوديين، وفعالية (حنا لها)، ومتحف مطايا، ومتحف العقيلات»، وغيرها الكثير من الأنشطة المرافقة في بيت الشعر الرئيسي، وفعالية الأزياء التراثية، بالإضافة للفنون الأدائية، وكل ذلك وسط الاستمتاع المستمر بالضيافة البدوية (القهوة السعودية والأكلات الشعبية).

ويمكن للزائر أن يلاحظ تصاعد عدد الزوّار، سواء المحليّين أو الدوليّين، يوماً بعد يوم، ولذلك اعتبار مرتبط بارتفاع مستوى المنافسة بين المشاركين، بالإضافة إلى الفعاليات التي تميّز «نادي الإبل» والقائمين عليها، في إبرازها ونقل صورتها الإعلامية، فيما عدّه حاضرون أحد الدوافع الرئيسية في جذب السياح.

وأشار كشف المهرجان إلى أن عدد الزائرين، تجاوز في الأسبوع الأول للنسخة الحالية من «مهرجان الملك عبد العزيز للإبل» أكثر من 100 ألف زائر، مع توقعات بارتفاع العدد خلال الأيام القادمة، خاصةً مع احتدام المنافسات.

وعلى جنبات الموقع ينتشر الحضور، بين من يزور الفعاليات، ومن يتجوّل في الأسواق المصاحبة، خصوصاً في «شارع الدهناء»، وبين من يتنقلون ذهاباً وإياباً بين مخيّمات الملّاك، في حراك اقتصادي واجتماعي لافت للأنظار، ولا يفوت عن نظر الحضور أن عدداً كبيراً من الزوّار من فئات مختلفة وليس مقصوراً على الفئة المهتمة بقطاع الإبل.

احتدام التنافس وارتفاع الأرقام

والجدير بالذكر أن ذلك يأتي وسط احتدام المنافسات للفوز في الأشواط بين مختلف الملّاك بألوان الإبل المختلفة، خصوصاً مع انطلاق أولى منافسات نخبة النخبة (الأربعاء) بحُلّتها الجديدة في المهرجان بمنافسة فئة «المجاهيم» (وهي الإبل ذات الألوان الغامقة والداكنة المائلة للسواد).

ومن المتوقّع وفقاً لمختصّين تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»، أن ترتفع الأرقام المسجلة في المهرجان خلال الفترة المقبلة، والأرقام المتعلقة بقطاع الإبل بشكل عام؛ إذ تجاوز حجم الاستثمار في «قطاع الإبل» في السعودية حاجز 50 مليار ريال، في حين بلغت قيمة جوائز «مهرجان الملك عبد العزيز للإبل» أكثر من 250 مليون ريال سعودي، وقد سجّلت آخر إحصاءات رسمية أن عدد الإبل المرقّمة والمسجلة عبر منصة «ترقيم الإبل» تجاوز 1.6 مليون رأس من الإبل.

جانب من الحضور الجماهيري في منصة العرض لفعاليات المزاين والسباقات (نادي الإبل)

رسالة «نادي الإبل»

ومن خلال تلك الجهود في «مهرجان الملك عبد العزيز للإبل»، يسعى «نادي الإبل» إلى تأدية رسالته المتمثّلة برعاية الإبل والمهتمين بها والأنشطة المختصة بها تحت رابطة واحدة، وذلك انطلاقاً من الاهتمام والدعم للموروث الشعبي في السعودية والمحافظة عليه، والعمل على تطويره بما يجعله قادراً على مواكبة العصر الحالي، إلى جانب دعم الحركة السياحية والاقتصادية في البلاد، بما يعزز المشاركة المجتمعية، ويؤصِّل الموروث الوطني، ويعكس العمق الحضاري للسعودية.

ويؤكد على ذلك إشارة فهد بن فلاح بن حثلين رئيس مجلس إدارة «نادي الإبل» إلى أن «للإبل تاريخاً عريقاً ومجداً للإنسان العربي والسعودي بشكل خاص، ولها مكانة خاصة لدى الشعوب العربية؛ فهي مصدر رزق لهم ويعتمدون عليها في التنقل والمعيشة في الوقت الماضي، وما زالوا ينتفعون ويعتزون بها ويفخرون بتملكها إلى الوقت الحالي، و(نادي الإبل) يحقق تطلعات القيادة، ويخدم محبي الإبل، وكل ما يتعلق بسفينة الصحراء وملّاكها».



احتفاء مصري بأول متحف أكاديمي لفن الكاريكاتير

أحد أعمال متحف الكاريكاتير للفنان مصطفى حسين  (الجمعية المصرية للكاريكاتير)
أحد أعمال متحف الكاريكاتير للفنان مصطفى حسين (الجمعية المصرية للكاريكاتير)
TT

احتفاء مصري بأول متحف أكاديمي لفن الكاريكاتير

أحد أعمال متحف الكاريكاتير للفنان مصطفى حسين  (الجمعية المصرية للكاريكاتير)
أحد أعمال متحف الكاريكاتير للفنان مصطفى حسين (الجمعية المصرية للكاريكاتير)

بعد أن مهّد الفنان والكاتب يعقوب صنّوع الطريق لفن الكاريكاتير في مصر بظهوره على صفحات مجلة «أبو نظارة» قبل 145 عاماً، يشهد هذا الفن ميلاداً جديداً بتدشين أول متحف أكاديمي متخصص له في مصر والوطن العربي، ليكون داعماً للأجيال الجديدة من الفنانين، ومشجعاً للبحث والدراسة في هذا الفن.

المتحف، الذي افتُتح الثلاثاء، تحتضنه محافظة المنيا (240كم جنوب القاهرة)، ويمتد على مساحة 500 متر مربع داخل حرم كلية الفنون الجميلة بجامعة المنيا، وأنشئ بالتعاون بين الجامعة و«الجمعية المصرية للكاريكاتير».

أحد أعمال متحف الكاريكاتير (الجمعية المصرية للكاركاتير)

ويضم المتحف 274 عملاً فنياً نادراً مهداة ومعارة من الجمعية المصرية للكاريكاتير إلى المتحف، من أبرز أعمال رواد فن الكاريكاتير المصري، الذين عكسوا من خلالها ملامح من الحياة المصرية في حقب زمنية سابقة، حيث يتجولون بحس ساخر بين ملامح الناس، ومأكلهم ومشربهم وملبسهم، وشكل الشوارع والسائرين فيها، والتعبير عن انفعالات المصريين بين السعادة والضيق، وبين أزماتهم المعيشية وانتصاراتهم.

أعمال متحف الكاريكاتير تعكس ملامح من الحياة المصرية بحس ساخر (الجمعية المصرية للكاريكاتير)

فنان الكاريكاتير فوزي مرسي، الأمين العام للجمعية المصرية للكاريكاتير، قال لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف يضم أعمالاً لقامات فنية كبيرة، منهم زهدي العدوي، صاروخان، أحمد طوغان، حجازي، صلاح الليثي، مصطفى حسين، جمعة فرحات، حسن حاكم، محمد حاكم، صلاح جاهين، دياب، وغيرهم من الأسماء اللامعة التي شكلت جزءاً من تاريخ هذا الفن العريق، مما يجعل المتحف منبراً ثقافياً مهماً لتسليط الضوء على هذا الفن التعبيري المميز.

المتحف شهد أعمالاً للرواد ومجسّمات فنّية (جامعة المنيا)

ويلفت مرسي إلى أن «افتتاح المتحف كان بمثابة حدث تاريخي للكاريكاتير المصري؛ لكونه يعزز مكانة هذا الفن، ويوثق تاريخه الطويل بوضعه في سياق أكاديمي وفني مدعوم من جامعة حكومية؛ ليكون أول متحف مصري وعربي لفن الكاريكاتير يتبع مؤسسات الدولة المصرية».

متحف الكاريكاتير تحتضنه جامعة المنيا المصرية (الجمعية المصرية للكاريكاتير)

رئيس جامعة المنيا، الدكتور عصام الدين صادق فرحات، أكد خلال حفل الافتتاح، أن «المتحف يعد أول متحف مؤسسي لفن الكاريكاتير في الوطن العربي، وهو إنجاز يعزز من مكانة جامعة المنيا كحاضنة للفنون والثقافة»، مبيناً أن المتحف لا يهدف فقط إلى عرض الأعمال الفنية، بل إلى تأسيس قاعدة رصينة لدراسة وتحليل هذا الفن بأصوله التاريخية الموغلة في القدم، حيث تعود جذوره إلى الرسوم الهزلية التي وثقها المصري القديم على جدران مقابر بني حسن في المنيا. وأضاف فرحات «هذا الرابط العميق بين الماضي والحاضر يسلط الضوء على استمرار فن الكاريكاتير كأداة للتعبير عن الرأي والسخرية الاجتماعية والسياسية عبر العصور».

أعمال متحف الكاريكاتير تنوعت بين السخرية ورصد حياة المصريين (الجمعية المصرية للكاريكاتير)

وعن المتحف، يقول الدكتور جمال يحيى صدقي، عميد كلية الفنون الجميلة، لـ«الشرق الأوسط»: «لا تتوقف أهمية المتحف عند كونه مجرد مكان لعرض اللوحات، بل هو مستودع تاريخي يضم بين جدرانه مجموعة من أندر اللوحات الكاريكاتيرية التي رسمها رواد الفن الأوائل، مما يضفي عليه قيمة فنية وتاريخية لا تُقدر بثمن، ومن خلال هذه المجموعة الفريدة، يتيح المتحف للزوار، من الطلاب والجمهور، فرصة الاطلاع على مراحل تطور هذا الفن ومتابعة التغيرات الأسلوبية والتقنية التي مر بها عبر العصور».

أول متحف أكاديمي متخصص لفن الكاريكاتير يضم 274 عملاً فنياً نادراً (الجمعية المصرية للكاريكاتير)

كما يشير عميد الكلية إلى أن «دور المتحف يمتد إلى دعم البحث العلمي في مجال الفنون، من خلال توفير منصة غنية للباحثين والفنانين بالمنطقة العربية لدراسة وتحليل تاريخ فن الكاريكاتير، حيث يسهم المتحف في إثراء الأبحاث والدراسات الفنية، ما يجعله مصدراً لا غنى عنه للدارسين والمهتمين بتوثيق هذا الفن، الذي طالما كان مرآة للمجتمع، وبالتالي يوفر المتحف بيئة خصبة للبحث العلمي، حيث يمكّن الطلاب والباحثين من الاطلاع على كنوز فنية نادرة وتحليلها، مما يساعد في تطوير مفاهيم جديدة في مجال الفنون البصرية وتوثيقها».

أحد الأعمال التوثيقية بمتحف الكاريكاتير (جامعة المنيا)

وختاماً قال الفنان سمير عبد الغني، عضو الجمعية المصرية للكاريكاتير، لـ«الشرق الأوسط» إن المتحف يتيح لطلاب الفنون الجميلة، خصوصاً قسم الرسوم المتحركة، أن يكونوا في مواجهة أعمال فناني الكاريكاتير المعروضة أعمالهم وجهاً لوجه، ما يتيح لهم التعرف على الكيفية التي قدم كل منهم شخصياته الكاريكاتيرية، وهو ما يجعل المتحف يقرب المسافات الفنية بين الأجيال، ويرسخ علاقة بصرية بين الطالب وملامح البشر التي تطل من هذا الأرشيف البصري.