«مش بس عالميلاد» تظاهرة فنية اشتاق لها اللبناني

لوحاتها الملونة تتناغم مع محتواها الغني برسائل سياسية مباشرة

«مش بس عالميلاد» موسيقى من وحي الأعياد (الشرق الأوسط)
«مش بس عالميلاد» موسيقى من وحي الأعياد (الشرق الأوسط)
TT
20

«مش بس عالميلاد» تظاهرة فنية اشتاق لها اللبناني

«مش بس عالميلاد» موسيقى من وحي الأعياد (الشرق الأوسط)
«مش بس عالميلاد» موسيقى من وحي الأعياد (الشرق الأوسط)

اختار الأخوان صبّاغ حبكةً مسرحيةً منكّهةً بالطرافة وغنيةً برسائل سياسية في مسرحيتهم الجديدة «مش بس عالميلاد»، التي انطلقت عروضها على مسرح «جورج الخامس» في أدونيس.

يمنّي اللبناني نفسه في كل مرة يتوجه بها إلى المسرح لمشاهدة عمل ما، بأن يحاكيه ويرفّه عنه، ففي الفترة الأخيرة تشابهت معظم المسرحيات المقدمة على خشبات بيروت، وارتكزت غالبيتها على نص مقتبس وعلى ديكورات بسيطة وتمثيل يستجدي الابتسامة من مشاهدها.

وتأتي مسرحية «مش بس عالميلاد» للأخوين ماهر وفريد صبّاغ لتقلب هذه المعادلة، فقد اختارا المجازفة في تقديم عمل مسرحي من نوع «الميوزيكال» في ظل ظروف صعبة تعيشها الخشبة عامة. وهذا النوع من الأعمال يتطلب إضافة إلى الميزانية الضخمة حبكة نص توازيها أهمية. فالعمل الاستعراضي الناجح ليس مجرد لوحات تبهر العين. لأنه في المقابل يتطلب قصة تخدم هذا البريق وتزيد من جماليته.

في ساحة ضيعة تقع خارج الزمان والمكان من عالمنا اليوم تنطلق القصة، ومع عائلاتها الـ12 يتابع الحضور مجموعة حكايات قصيرة، فلكلٍّ منها مهمّة عليها إنجازها. وهي قصص تتناغم مع واقع يشبه الذي يعيش في كنفه اللبناني منذ عشرات السنين.

يوسف الخال يغني الراب (الشرق الأوسط)
يوسف الخال يغني الراب (الشرق الأوسط)

يجتمع المختار ورئيس البلدية والطبيب والفنان وجوقة الغناء وغيرهم، ويؤلفون نموذجاً لمجتمع لا يتعب من المبارزة والتحدي من أجل زعيمه. يتوارثون أفكار أهاليهم ويطبقونها على الأرض، معتقدين أنها الأفضل لوطن يحلمون به.

وضمن ديكورات تُبهر العين وتبهج القلب تدور قصة هذه القرية وأهاليها. تحضر شجرة العيد والطاحونة وأجراس الكنيسة و«سانتا كلوز» وزخرفات العمارة اللبنانية. تأتي اللوحات الراقصة والغنائية لتساهم في تلوينها بفن «الميوزيكال» بأبعاد مختلفة. أغنيات تعتمد الموسيقى الشرقية المطعمة بالغربية الحديثة ينشدها بطلا العمل يوسف الخال وكارين رميا، ويساهم فيها مرات كثيرة باقي فريق العمل كجوقة ترافقهما لتعطي الزخم المطلوب لهذا النوع من الفنون. مرات تذكرنا بلوحات حفرت في عقولنا مثل تلك التي اعتمدها فيلم «ذي ساوند أوف ميوزك» العالمي.

أزياء صُمّمت خصيصاً لتتلاقى وأجواء عيد الميلاد حاكتها المصممة كلير مشرف لهذه المناسبة، فأضفت بألوانه المشهورة من أحمر وأخضر أجواء العيد بامتياز.

أما المفاجأة التي تحملها المسرحية فتكمن في أداء يوسف الخال الغنائي. فقد ألبسه الأخوان صبّاغ رداء الحداثة. فأدى «الراب» بأسلوب يشبه شخصيته النابضة بالديناميكية، عاقصاً شعر رأسه ومرتدياً أزياء شبابية، لا يمل ناظره من متابعته بحماس. أما إطلالات كارين رميا التي تشاركه البطولة فتشبه إلى حد كبير نسمة هواء عليل يطيّب الجلسة بروائح الغناء المتقن.

ساحة ضيعة ملونة بأجواء العيد (الشرق الأوسط)
ساحة ضيعة ملونة بأجواء العيد (الشرق الأوسط)

كل فرد من أفراد المسرحية ينجز مهمته بأسلوبه الخاص. أنطوانيت عقيقي، وريمون صليبا شكلا دينامو الضحكة في المسرحية. وجسّد كلٌ من جوزيف آصاف ورفيق فخري شخصيتين مفعمتين بالتحدي والحضور الأخاذ. وتركا مهمة تلوين العمل بإطلالات تزيده سلاسة لبولين حداد. أما باقي عائلات المسرحية فمثلها كل من آلان العيلي، وسبع البعقيليني، وطارق شاهين، وماريا وجاين وسارا الصباغ، وسيلين المر.

الأخوان صباغ على المسرح (الشرق الأوسط)
الأخوان صباغ على المسرح (الشرق الأوسط)

وكان لإطلالة كل من الأخوين ماهر وفريد الصبّاغ وقعها على المسرحية. فهما صانعا العمل وكذلك المحور الأساسي الذي تنطلق منه قصة هذه الضيعة.

وضمن رسائل سياسية وأخرى اجتماعية وإنسانية يسترجع اللبناني شريط ذكريات طويلة مع واقع عاشه على مدى سنوات طويلة، فتعيده إلى زمن بيروت الشرقية والغربية، والانقسامات بين أبناء الوطن الواحد.

ولعل قصة الحب التي تربط بين بطلي العمل كريستا وكريس تؤلف لبّ القصة، وحولها تدور خيوط ومحاور المسرحية في إطار الانفصال والخيانة والمعاناة والرومانسية.

وتنتهي المسرحية بنهاية سعيدة تزوّد مشاهدها بفسحة أمل، ليفوز فيها الخير على الشر بعد أن تنفضح مؤامرات حاكها أهل القرية ضد بعضهم بعضاً.


مقالات ذات صلة

مصر تحشد قواها الناعمة في اليوم العالمي للفن

يوميات الشرق فيلم تسجيلي عن الفن في مكتبة الإسكندرية (مكتبة الإسكندرية)

مصر تحشد قواها الناعمة في اليوم العالمي للفن

تحشد مصر قواها الناعمة، ممثلة في الفعاليات الفنية والثقافية؛ احتفالاً باليوم العالمي للفن، الذي يحلُّ في 15 أبريل (نيسان) من كل عام.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق لقطة من المسرحية تتناول الوظيفة الرسمية (الشرق الأوسط)

«مش مسرحية» لطارق سويد رسائل اجتماعية بومضات سريعة

من عنوانها «مش مسرحية» يُدرك المشاهد أن العرض لا بد أن يخرج عن المألوف.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حركات الفنانة المتكرّرة اختزلت رتابة المصير (الشرق الأوسط)

«وحدنا تحت الشمس نمشي»... مسرحٌ حركيّ يُجسّد الانعتاق من الشقاء

العرض يتمهّل في فَلْش أوراقه ويتعمّد خيار النار الهادئة. مساحته عريضة بوسع المعنى خلف الحركة. بعضُ لغز العالم تُفكّكه أنثى تتمايل في خفايا الصمت. 

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق جانب من العرض المسرحي «لعبة النهاية» لصامويل بيكيت (وزارة الثقافة)

مسرح بيرم التونسي بحُلّة جديدة على شاطئ الإسكندرية

على شاطئ الإسكندرية (شمال مصر) وفي حي الشاطبي المواجه للبحر، أُعيد افتتاح مسرح بيرم التونسي في حلّة جديدة، الأحد، بعد إغلاقه قبل عامين للترميم والتجديد.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق جانب من عروض مهرجان المونودراما بالفجيرة (وزارة الثقافة المصرية)

حضور مصري لافت في «الفجيرة الدولي للمونودراما»

تتواصل فعاليات مهرجان «الفجيرة الدولي للمونودراما» بحضور مصري، برز في وجود عدد من الفنانين المصريين ومشاركة وزير الثقافة المصري، أحمد فؤاد هنو، بوصفه ضيف شرف.

أحمد عدلي (القاهرة )

اتهامات لمحمد رمضان بـ«إهانة علم مصر»

محمد رمضان يرفع العلم المصري خلال الحفل (حسابه بموقع «فيسبوك»)
محمد رمضان يرفع العلم المصري خلال الحفل (حسابه بموقع «فيسبوك»)
TT
20

اتهامات لمحمد رمضان بـ«إهانة علم مصر»

محمد رمضان يرفع العلم المصري خلال الحفل (حسابه بموقع «فيسبوك»)
محمد رمضان يرفع العلم المصري خلال الحفل (حسابه بموقع «فيسبوك»)

ما زالت تداعيات أزمة إطلالة الفنان المصري محمد رمضان في حفله الأخير بمهرجان «كوتشيلا» الغنائي بأميركا في تصاعدٍ، خصوصاً بعد تقديم بلاغات عدة للنائب العام بمصر من قبل مواطنين وقانونين اتهموه بمخالفة العادات والتقاليد وإهانة العلم المصري، على خلفية ارتدائه زياً مخالفاً لقواعد الذوق العام، كونه يشارك بالحدث كأول فنان مصري.

وتصدر رمضان «الترند» بمنصة «إكس» في مصر، الثلاثاء، لليوم الثاني على التوالي، عقب نشره مجموعةً من صور الحفل عبر خاصية «ستوري» بحساباته على موقعي «إنستغرام»، و«فيسبوك»، مما عرّضه لانتقادات عدة عبر منشورات وتعليقات «سوشيالية».

لقطة من حفل محمد رمضان في «كوتشيلا» (حسابه بموقع «فيسبوك»)
لقطة من حفل محمد رمضان في «كوتشيلا» (حسابه بموقع «فيسبوك»)

ومن بين البلاغات التي قدمها محامون بمصر، وأعلنوا ذلك عبر حساباتهم بمواقع التواصل، بلاغ المحامي سمير صبري للنائب العام الذي «اتهم رمضان بالظهور بملابس مخلة بالآداب العامة، وإهانة العلم المصري، والإساءة للدولة وللحضارة والفن المصري، وقيامه بالتعدي على قيم وعادات المجتمع».

وقام المحامي أحمد مهران بتقديم بلاغ يتهم فيه رمضان بـ«نشر الفسق، وهدم قيم المجتمع وزعزعة الاستقرار، وتعمد ارتداء ملابس غير لائقة»، بينما قدم المحامي عاطف عبد الهادي بلاغاً تضمن اتهاماً لرمضان بـ«إهانة علم مصر الذي رفعه وهو يرتدي ملابس لا تليق بالرجال»، وفق ما أورده بالبلاغ.

وتضمن بلاغ المحامي هشام رضا حسان اتهامات بـ«القيام بتصرفات خادشة لآداب المجتمع المصري، بما يخالف القيم والضوابط التي يفرضها القانون».

ويعاقب قانون العلم، والنشيد والسلام الوطنيين، الصادر برقم 41 لسنة 2014، بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وغرامة لا تتجاوز 30 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من ارتكب في مكان عام جريمة إهانة العلم.

المحامي المصري الدكتور حسام لطفي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن الواقعة المنسوبة لعضو نقابة فنية، وقعت على أرض غير مصرية في حفل صدرت له التراخيص المتطلبة هناك، وفيما يتعلق بالمساءلة التأديبية «إن كان لها محل»، فنحن بصدد شأن نقابي طبقاً لأحكام القانون المصري.

من جانبه، أكد الكاتب سيد محمود، مستشار اتحاد النقابات الفنية بمصر، أن «محمد رمضان لم يتم التحقيق معه حتى الآن لأنه ليس موجوداً هو وممثله القانوني، كما أنه لم تصل اتحاد النقابات شكوى رسمية بخصوص إطلالته الأخيرة بأميركا، ولذلك لن يتم استدعاؤه إلا في حالة تقديم بلاغات للنائب العام، وبناءً عليها سيتم إبلاغ النقابات لاتخاذ الإجراءات اللازمة».

لقطة من حفل محمد رمضان في «كوتشيلا» (متداولة بمواقع سوشيالية)
لقطة من حفل محمد رمضان في «كوتشيلا» (متداولة بمواقع سوشيالية)

وأوضح محمود لـ«الشرق الأوسط» أن «اتحاد النقابات ليس جهةً قانونيةً، لكن نقابة الممثلين بدورها ستقيم حجم ما تم فعله وبناءً عليه تتم العقوبة، والتي لن تصل حتماً للشطب»، وفق قوله.

ودافعت مصممة الأزياء المصرية فريدة تمرازا عن إطلالة رمضان، معلنةً عبر حسابها بموقع «إنستغرام» أن تصميمها الذي ارتداه رمضان «مستوحى من الرموز المصرية القديمة»، بينما تجاهل رمضان الرد على الأزمة المثارة، ولم يعلق حتى الآن عبر حساباته الرسمية بمواقع التواصل.

من جانبه أكد الشاعر والناقد الموسيقي المصري فوزي إبراهيم لـ«الشرق الأوسط» أن الفنان أحياناً يراهن على شعبيته، ويعتقد أن أي صدمة أو مجازفة يمكن أن يتقبلها الجمهور، خصوصاً بعد تقديم محمد رمضان برنامج «مدفع رمضان».

ووصف فوزي ما فعله رمضان بـ«المجازفة غير المحسوبة، وأن إطلالته أحدثت رد فعل عكسياً».