«وعملت إيه فينا السنين»... رصدُ أخطاء العلاقات على المسرح

الصراع داخل الشخصيات جسّدته «حيلة فنية لافتة»

الديكور في المسرحية تميّز بالبساطة (صور المخرج)
الديكور في المسرحية تميّز بالبساطة (صور المخرج)
TT

«وعملت إيه فينا السنين»... رصدُ أخطاء العلاقات على المسرح

الديكور في المسرحية تميّز بالبساطة (صور المخرج)
الديكور في المسرحية تميّز بالبساطة (صور المخرج)

لجأ العرض المسرحي «وعملت إيه فينا السنين» إلى «حيلة فنية» تتمثّل بظهور شخصيات على المسرح تُجسّد الصوت الداخلي الذي يتردّد في أعماق البشر خلال لحظات فارقة، ويمثل بالنسبة إليهم بوصلة تشير إلى الطريق المفترض السير فيها؛ لكن بعضاً يتجاهل هذا الصوت، وإنْ منحته الحياة فرصة ثانية.

المسرحية التي ينتهي عرضها، الاثنين، على مسرح «الفلكي» في وسط القاهرة، هي من تأليف محمد سمير وإخراجه، وتمثيل ثراء جبيل، ويوسف حشيش، وريم الحبيبي.

يروي العرض قصة حبّ شاب وفتاة تبدأ بصداقة أتاحت درجة كبيرة من الفهم والارتياح بينهما، ثم يتزوجان، وتمرّ المرحلة الأولى من الاقتران سعيدة، ليتسرَّب بعدها الملل. يتجاهل الزوجان أصواتاً داخلية تدعوهما إلى شجاعة تحمُّل المسؤولية لاستعادة أيام الهناء. يستسلمان لكآبة، ويلجآن إلى تبادل الاتهامات، وتحميل كل طرف الآخر مسؤولية مآلات الأمور.

مشهد من المسرحية (صور المخرج)

خلال نوبة تأنيب ضمير، يعترف الزوج بالخيانة، فيُحطِّم قلب الزوجة. ينفصل الثنائي بعد إنجاب طفل، ويقرِّران البدء من جديد مع شريك آخر. يلتقيان فيما يشبه «الفرصة الأخيرة» للاحتفال بعيد ميلاد طفلهما، ويستعيدان بعض مشاعرهما القديمة؛ لكنهما يتجاهلان أصواتاً داخلية تدعوهما إلى منح العلاقة فرصة ثانية. هنا؛ تُسدل الستارة على نهاية شبه مفتوحة على كثير من المشاعر المضطربة، والأسى، والعناد المتبادل.

أراد المؤلِّف والمخرج محمد سمير طرح أسئلة قديمة طالما شغلته حول العلاقات العاطفية وشروط استمرارها، ولماذا تنتهي صلاحيتها؟ يوضح لـ«الشرق الوسط»: «كانت لدي علامات استفهام حول الحدّ الفاصل ما بين الصداقة والحب وفقدان شغف التواصل مع الآخر. والأهم، فكرة الصوت الداخلي الذي يطاردنا، ومع ذلك، نصرُّ على تجاهله غالباً».

أزمة العلاقة الزوجية تُشكل محور العرض المسرحي (صور المخرج)

ترصد المسرحية «المسافة الكبيرة» بين ما نشعر به ونقوله، فيلجأ سمير إلى «حيلة فنية لافتة»، مجسّداً الأصوات الداخلية من خلال شخصيتين تظهران على المسرح، أدّاهما الفنانان ريم الحبيبي، وسمير نفسه الذي يشارك في التمثيل، إلى جانب التأليف والإخراج.

بدورها، أدّت الفنانة ثراء جبيل مشاعر الحب والانكسار والتمزّق العاطفي، بتقديمها الشخصية النسائية الرئيسية التي تتنقّل من فتاة عاشقة، إلى زوجة تعيسة، فمطلّقة تُلملم جراحها. على المنوال عينه، تميّز أداء الفنان يوسف حشيش بدور الزوج.

جاء العرض الذي ينتمي صنّاعه إلى جيل الشباب في 3 فصول، اتّسم فيها ديكور منة جنيدي، وإضاءة عمرو طه، بالبساطة والقدرة على تجسيد التحولات النفسية للشخصيات.

بدايات رومانسية في مرحلة ما قبل الزواج (صور المخرج)

اسم العمل مأخوذ من أغنية «العيون السود» للفنانة وردة؛ من كلمات محمد حمزة، وألحان بليغ حمدي، وإنتاج عام 1972.

عن الأصداء، يعلّق سمير: «أسعدني أنّ كثيرين وجدوا أنفسهم في العرض، ما يؤكد فكرتي أننا -مع اختلاف بعض التفاصيل- نمرّ بالتجارب عينها، ونتألم من المصادر عينها، ولدينا حاجات مشتركة»، لافتاً إلى أنّ رسائل عدة وصلته من أشخاص شاهدوا المسرحية، فحفّزتهم لإعادة النظر في تجاربهم العاطفية، وأخذ مبادرات إيجابية طبقاً لما رأوه وتأثّروا به.


مقالات ذات صلة

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

شمال افريقيا مقر النيابة العامة المصرية (النيابة العامة)

مصر: رفع أسماء 716 شخصاً من «قوائم الإرهاب»

وفق إفادة للنيابة العامة المصرية الأحد فإن إجراء رفع أسماء مدرجين بـ«قوائم الإرهاب» يأتي في إطار توجه للحكومة المصرية بـ«مراجعة موقف القوائم الإرهابية جميعها»

أحمد إمبابي (القاهرة)
المشرق العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يوقع في دفتر الشرف بمقر وزارة الخارجية الكويتية (صفحة الخارجية المصرية عبر «فيسبوك»)

وزير الخارجية المصري: قد نكون الأكثر تضرراً من التصعيد في البحر الأحمر

قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، اليوم الأحد، إن مصر قد تكون الأكثر تضرراً بالتصعيد الحالي في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
شمال افريقيا أحمد رفعت (الشرق الأوسط)

رفع الحصانة عن برلماني مصري في قضية وفاة اللاعب رفعت

وافق مجلس الشيوخ المصري على رفع الحصانة عن النائب أحمد دياب؛ للاستماع إلى أقواله في تحقيقات النيابة العامة بشأن وفاة اللاعب أحمد رفعت.

أحمد عدلي (القاهرة)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
العالم العربي وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

تأكيدات مصرية خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.