«إخفاء صدام حسين» يحاكي كواليس اختبائه ولا ينجو من النقد

عُرض ضمن المسابقة الدولية في «مهرجان البحر الأحمر»

بوستر فيلم «إخفاء صدام حسين»
بوستر فيلم «إخفاء صدام حسين»
TT

«إخفاء صدام حسين» يحاكي كواليس اختبائه ولا ينجو من النقد

بوستر فيلم «إخفاء صدام حسين»
بوستر فيلم «إخفاء صدام حسين»

عشية الذكرى الـ17 لإعدام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين - 30 ديسمبر (كانون الأول) 2006، يكشف فيلم «إخفاء صدام حسين» أيامه الأخيرة قبل قبض القوات الأميركية عليه.

يتناول الشريط الذي عُرض في «مهرجان البحر الأحمر السينمائي»، ضمن المسابقة الدولية (96 دقيقة)، تفاصيل 235 يوماً قضاها داخل مزرعة مواطن عراقي يُدعى علاء ناموق، حضر إلى المهرجان مع المخرج هلكوت مصطفى، علماً أنّ العمل تعرّض لانتقادات واتّهامات بـ«تجميل صورة» الرئيس الراحل.

في السياق، يتحدّث ناموق عن تفاصيل 235 يوماً نجح خلالها في إخفاء حسين بمزرعته جنوبي تكريت، بينما يطارده 150 ألف جندي أميركي. ويروي الرجل الخمسيني، في بداية الفيلم، اللقاء الأول بصدام حين جاءه برفقة 3 أشخاص، وسأله «هل تعرفني؟ علمتُ أنك صياد ماهر»، ثم وضع يده عليه برفق، وأضاف: «الأميركيون قريبون جداً، ونصحني البعض بالمجيء إلى بيتك»، فاصطحبه ناموق في سيارته إلى مزرعته، وهو لا يصدّق أنه صدام، وفق الفيلم.

علاء ناموق الذي ساعد صدام حسين على الاختباء (الشرق الأوسط)

يروي ناموق أنّ فكرة الحفر العميق على شكل حرف «T» في مزرعته، خطرت له؛ ثم سوّاها بالأرض وغطّاها بالزهور، وأطلق الأغنام والماعز حولها، وأنشأ فيها غرفة لصدام ومطبخاً، كانت الملجأ الذي أُخفي به.

وفي السياق، يعرض الفيلم تفاصيل أشهر قضاها الرئيس العراقي، شهدت لقاءه بولديه قُصي وعُدي، قبل مقتلهما على يد القوات الأميركية، وطلبه لقاء حارسه الشخصي محمد إبراهيم، فكلّفه بتوجيه المقاومة العراقية ووَضْع خطط عزّزت عناصرها.

يستعين المخرج بممثل صامت يحمل ملامح صدام، فيؤدّي مَشاهده التي يرويها ناموق، جامعاً في فيلمه بين التوثيق والدراما، ومستعيناً بلقطات أرشيفية للرئيس والقوات الأميركية خلال احتلالها العراق.

يشير ناموق إلى علاقة الصداقة التي جمعته بالراحل خلال إخفائه، وكيف ساعده في استحمامه وحلاقة ذقنه، فأصرَّ صدام على ردّ الأمر بالطريقة عينها، وساعده في الاستحمام. ويكشف ناموق أيضاً أنه اقترح على الرئيس الزواج، فردَّ أنه من الصعب البحث عن زوجة وسط الحصار الأميركي، مشيراً إلى أنّ إعلان القوات الأميركية رصد 25 مليون دولار مكافأةً لمَن يرشدهم إلى مكانه، جعلتهما يخشيان كل شيء.

ومع تكثيف البحث وتطويق المنطقة، وصلت القوات الأميركية إليهما، وفتحت الخندق، فقال الرئيس الأسبق: «نعم أنا صدام»، بينما قُبض على ناموق وأودع «سجن أبو غريب» حيث قضى 7 أشهر قبل الإفراج عنه.

المخرج هلكوت مصطفى (الشرق الأوسط)

تحدّث المخرج هلكوت مصطفى خلال المؤتمر الصحافي عقب عرض الفيلم، عن تصدّيه، ككردي، لإخراج فيلم عن الرئيس العراقي: «هذه ثقافتي النرويجية، فقد قدّمتُ فيلماً عن شخص أخفى صدام، وليس عن صدام نفسه. قضيتُ سنوات في البحث عنه، بعدما قرأتُ مقالاً عام 2012 نشرته (واشنطن بوست). بعد عامين، وجدته بمساعدة أحد الشيوخ العرب. رفض الحديث، واستغرقتُ 12 عاماً للخروج بهذا الفيلم الذي أعدّه جنوناً لا أعتقد أنني قادر على تكراره».

بدوره، تناول علاء ناموق أسباب موافقته على الظهور في الفيلم والحديث عن صدام حسين، قائلاً إنه تلقى عروضاً عدّة للتحدّث إلى صحف أميركية، لكنه رفض، مشيراً إلى أنه آثر الصمت حفاظاً على أسرته، لكن كثيرين تحدّثوا عبر مواقع التواصل بشكل زيَّف الوقائع، فأراد إيضاح الحقيقة، وقد لمس الصدق في المخرج الكردي.

أما الناقد الكويتي عبد الستار ناجي، فيرى أنّ رؤية الفيلم تنطلق من نظرة أُحادية من دون الالتفات إلى عذابات تركها صدام حسين في العراق والمنطقة، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «إذا كان ناموق لا يعلم، فهل تناسى المخرج عذابات الشعب الكردي؟ الفيلم حاول تلميع صورة ديكتاتور دمَّر بلده».

ويتنقد ناجي النهاية بجملة لناموق يقول فيها إنّ صدام «رجل طيب، عشتُ معه، وغسل ظهري وشوى اللحم لضيوفه، متناسياً أنه مَن قام بشواء شعب بكامله، وتسبّب بإعاقته وتهجيره».

وهو ما يتفق عليه الناقد المصري خالد محمود، الذي يشير إلى أنّ كلام ناموق في النهاية أفسد الفيلم، لسعيه إلى فرض رأيه على المُشاهد، عندما قال إنّ صدام كان طيباً وليس ديكتاتوراً، بينما الأجدر به ترك الحكم للناس. ويرى خالد أنّ الفيلم صُنع لتبرئة صدام، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط»: «رغم تضمّنه عناصر فنية جيدة، طغى هدفه السياسي على الهدف الفني».


مقالات ذات صلة

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

يوميات الشرق ياسمين رئيس مع أسماء جلال في مشهد من الفيلم (حسابها على «فيسبوك»)

فنانون مصريون يتجهون للإنتاج السينمائي والدرامي

انضمت الفنانة المصرية ياسمين رئيس لقائمة الممثلين الذين قرروا خوض تجربة الإنتاج السينمائي من خلال فيلمها الجديد «الفستان الأبيض».

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما يبدأ الجزء الثاني من سجن آرثر فليك.. الصورة من صالة سينما سعودية حيث يُعرض الفيلم حالياً (الشرق الأوسط)

فيلم «الجوكر2»... مزيد من الجنون يحبس أنفاس الجمهور

يخرج آرثر فليك (واكين فينيكس) من زنزانته، عاري الظهر، بعظام مقوّسه، يسحبه السجانون بشراسة وتهكّم...

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق يشجّع المهرجان الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما (الشرق الأوسط)

الشيخة جواهر القاسمي لـ«الشرق الأوسط»: الأفلام الخليجية تنمو والطموح يكبُر

الأثر الأهم هو تشجيع الأطفال والشباب في مجال صناعة السينما، ليس فقط عن طريق الإخراج، وإنما أيضاً التصوير والسيناريو والتمثيل. 

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق صورة تذكارية لفريق عمل مهرجان «الجونة» (إدارة المهرجان)

فنانون ونقاد لا يرون تعارضاً بين الأنشطة الفنية ومتابعة الاضطرابات الإقليمية

في حين طالب بعضهم بإلغاء المهرجانات الفنية لإظهار الشعور القومي والإنساني، فإن فنانين ونقاد رأوا أهمية استمرار هذه الأنشطة وعدم توقفها كدليل على استمرار الحياة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق البرنامج يقدم هذا العام 20 فيلماً تمثل نخبة من إبداعات المواهب السعودية الواعدة (مهرجان البحر الأحمر)

«سينما السعودية الجديدة» يعكس ثقافة المجتمع

أطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي برنامج «سينما السعودية الجديدة»؛ لتجسيد التنوع والابتكار في المشهد السينمائي، وتسليط الضوء على قصص محلية أصيلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
TT

«تيتا زوزو» يثير استياء «الموسيقيين» في مصر

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)
إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

أثار مسلسل «تيتا زوزو» استياء «الموسيقيين» في مصر، الذين اعترضوا على مشهد تضمّن حواراً بين الفنانة إسعاد يونس بطلة العمل وأحد الفنانين المشاركين يتحدث عن التحاقه بكلية «التربية الموسيقية»، وخلال المشهد يتم وصم منسوبيها بـ«الفشل»، ووصفهم بـ«الآلاتية».

وأصدرت كلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» بياناً استنكر «الحوار»، كما عدّت الكلية أن ما قِيل على لسان صُنّاع العمل يُعدّ إساءة بالغة للموسيقيين، كأنه يشير إلى أن من يتقدّم للالتحاق بكلية «التربية الموسيقية» شخص «فاشل».

وأكد بيان الكلية أن «الوصف يمسّ كرامة العاملين والطلاب وأعضاء هيئة التدريس، ويقلّل من شأن مؤسسة عريقة أسهمت في تطوير الموسيقى المصرية على مدار عقود».

وأوضح البيان أن كلية «التربية الموسيقية» من القلاع الفنية في مصر، مثل: المعاهد المتخصصة الأخرى كـ«المعهد العالي للموسيقى العربية» و«الكونسرفتوار».

من جانبه قال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين»، أستاذ بكلية «التربية الموسيقية» بجامعة «حلوان» الدكتور محمد عبد الله، إن «خريجي الكلية يلعبون دوراً مهماً في مجالات التدريس الموسيقي، وتأليف الموسيقى التصويرية والتوزيع، وغيرها من أدوات العمل الفني».

الملصق الدعائي لمسلسل «تيتا زوزو» (الشركة المنتجة)

وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» أكد عبد الله أن «الكاتب هو المسؤول الأول عن هذه الإساءة، وكان يتعيّن عليه الإشارة إلى الموسيقى وعدم أهميتها، ما دام أنه يرى ذلك أو يريد توصيل هذا المعنى، ولكن بوجه عام دون تحديد اسم الكلية».

ووصف عبد الله الحوار الدرامي بأنه «فخ وقع به المؤلف، الذي لم يتدارك الموقف خلال الحلقة ويصلح ما أفسده»، ويتابع: «كلمة (مشخصاتي) التي كانت تُطلق على الممثل قديماً طُمست ولم تعد تُقال، فلماذا تتم الإساءة للموسيقي ووصفه بـ(الآلاتي) إذن؟ وهي الكلمة التي كانت تُقال للشخص الذي يتقن العزف على آلة بعينها، في ثلاثينات القرن الماضي قبل إنشاء الكليات المتخصصة».

وقال وكيل ثانٍ «نقابة الموسيقيين» إنه «غير عاتب على الفنانة إسعاد يونس ولا غيرها من الممثلين، فهم أدوات في يد صناع العمل»، وفق قوله، ولكنه «عاتب على المخرج والكاتب والرقابة على المصنفات الفنية في مصر التي مررت المشهد دون حذفه أو تعديله، والسماح بالإساءة إلى صرح أكاديمي عريق يضم قيادات وطلبة وأساتذة جامعيين».

إسعاد يونس في لقطة من مسلسل «تيتا زوزو» (منصة «واتش إت»)

وطالب عبد الله باعتذار رسمي من صُنّاع العمل ومحاولة حذف المشهد، مؤكداً أن «الفن لغة للجمال وليس للإساءة، وأن كتابة النص تحتاج إلى الدقة والحرص البالغ، حتى لا يقع الكاتب في فخ الإهانة والسخرية من أي مهنة أو شخص».

وذكر عبد الله أن صُنّاع العمل لم يتواصلوا مع إدارة الكلية، ولم يقدم أحد اعتذاره عما قيل.

وتواصلت «الشرق الأوسط» مع بعض صنّاع العمل، لمعرفة موقفهم من بيان الكلية والرد عليه، ومن بينهم المخرجة شيرين عادل والكاتب محمد عبد العزيز، دون أن نتلقى رداً أو تعليقاً.

وترى الناقدة الفنية المصرية خيرية البشلاوي أنه «لا بد من التدقيق في جوهر العمل بكامله، وهل السياق العام يُهين خريجي الكلية أم مجرد مشهد عابر يمهد لتوضيح أهمية الموسيقيين خلال الحلقات المقبلة».

وتضيف البشلاوي لـ«الشرق الأوسط»: «إسعاد يونس فنانة وإعلامية تعي جيداً ما تقدّم، ولن تقبل الإساءة إلى أي مهنة»، كما ترفض البشلاوي حذف المشهد من السياق؛ لكنها تطالب بمتابعة الأحداث للنهاية، لتكوين تصور عام يوضح ما دار بالمشهد.

لم تكن واقعة اتهام مسلسل «تيتا زوزو» بالإساءة إلى إحدى المهن هي الأولى، وإنما وُجهت اتهامات مماثلة إلى أعمال أخرى، من بينها اتهام صُنّاع مسلسل «البيت بيتي 2» بالإساءة لمزارعي مصر، وكذلك اتهام صناع مسلسل «أشغال شقة» الذي عُرض في رمضان الماضي بالإساءة إلى مهنة الطب الشرعي، وكذلك اتهام مسلسل «الكبير أوي»، بالإساءة إلى مهنة التمريض، واتُّهم صناع مسلسل «مع سبق الإصرار» بالإساءة إلى مهنة المحاماة، وواجه صناع فيلم «رمضان مبروك أبو العلمين حمودة» في وقت سابق اتهامات بالإساءة إلى مهنة التدريس.