تكريم فوزي بنسعيدي يمنح سادس أيام «مهرجان مراكش» نكهة مغربية

فقرة «حوار مع...» استضافت الروسي زفياجينتسيف والأسترالي سايمون بيكر

بنسعيدي يُكرَّم بـ«النجمة الذهبية» للمهرجان (الجهة المنظمة)
بنسعيدي يُكرَّم بـ«النجمة الذهبية» للمهرجان (الجهة المنظمة)
TT

تكريم فوزي بنسعيدي يمنح سادس أيام «مهرجان مراكش» نكهة مغربية

بنسعيدي يُكرَّم بـ«النجمة الذهبية» للمهرجان (الجهة المنظمة)
بنسعيدي يُكرَّم بـ«النجمة الذهبية» للمهرجان (الجهة المنظمة)

امتاز اليوم السادس من «المهرجان الدولي للفيلم» بمراكش بنكهة مغربية، بعد تكريم المخرج وكاتب السيناريو والممثل فوزي بنسعيدي. بينما تواصلت العروض السينمائية بخوض فيلمين جديدين سباق الفوز بجوائز الدورة العشرين: «مدينة الرياح» للمنغولية لخاكفادولام بوريف - أوشير، و«سجن في جبال الأنديز» للتشيلي فيليبي كارمونا. كما عُرضت أخرى، من بينها «الثلث الخالي» لبنسعيدي، ضمن فقرة «العروض الاحتفالية»؛ و«أوروبا» للنمساوية من أصول الإيرانية سودابة مرتضى، و«ماشطات» للتونسية سونيا بن سلامة ضمن فقرة «العروض الخاصة».

أما فقرة «حوار مع...»، فاستضافت المخرج وكاتب السيناريو الروسي أندريه زفياجينتسيف، والممثل والمخرج الأسترالي سايمون بيكر بحوارَيْن منفصلَيْن.

مشهد من فيلم «الثلث الخالي» لفوزي بنسعيدي (الجهة المنظمة)

تكريم بنسعيدي

استقبل جمهور قاعة الوزراء بقصر المؤتمرات، بنسعيدي، بالتصفيق، اعترافاً بموهبته وتأكيداً على قيمته الفنية، ومكانته في المشهد السينمائي المغربي.

وتسلّم بنسعيدي «النجمة الذهبية» للمهرجان من زوجته الممثلة نزهة رحيل، بحضور ممثلين تعامل معهم، من بينهم ربيع بنجيهل، الذي ألقى كلمة بالمناسبة، أثنى فيها على المُكرَّم، وقال إنّ تكريمه هو اعتراف بفنان وإنسان، تقاسم معه هوس المسرح وعشق السينما.

من جهته، تحدّث بنسعيدي عن صعوبة البدايات، وتحدّيات المسار الفني، وحبّه للسينما وإصراره على الحلم؛ هو الذي رسب للمرة الأولى في امتحان دخول المعهد لتعلُّم الفن السابع. وتطرّق إلى الحرية في الأفلام، وقال إنّ فيلمه المقبل لن يكون السابع في مسيرته، بل الأول، مضيفاً: «كل أفلامي هي فيلم أول».

كذلك توقف عند «ضجيج» و«تراجيديا» العالم الذي نعيشه، وعلاقتهما بصناعة الأفلام، وقال: «بينما نتوجّه نحو اليقينيات، حيث تهيمن أشكال التطرّف، يقلقني اليوم أن يُقال (أليست سينما هي تعبير عن مرحلة؟)»، مضيفاً: «حين نقول هذا جميل يجب أن يعيش، وهذا قبيح يستحق الموت، فتلك بداية النهاية».

تلا التكريم عرض فيلمه «الثلث الخالي»، عن قصة الصديقَيْن مهدي وحميد اللذين يعملان لدى وكالة لتحصيل الديون في الدار البيضاء، فيقابلان عائلات لا تستطيع التسديد، ولقاءات لم تكن في الحسبان.

عَلم المغرب يرتفع خلال تكريم بنسعيدي (الجهة المنظمة)

حوار مع زفياجينتسيف وبيكر

ضمن فقرة «حوار مع...»، أكد أندريه زفياجينتسيف أنّ السينما «وطني»، وأنّ رهانه على مستوى الإخراج يتمثل في «كسب ثقة الجمهور»، لذا؛ يختار التعامل مع ممثلين يتقمّصون الشخصيات بصدق. ورأى أنّ من شأن ذلك إقناع المتلقّي بأنّ شخصيات العمل، بالشكل الذي تظهر أمامه، هي كذلك في الحقيقة.

وتطرّق إلى متاعب المهنة وتعقيدات الإخراج السينمائي، فأكد على الإصرار والمخاطرة لإنجاح إخراج عمل يرضي الجمهور ويلبّي توقّعاته.

وخلال مروره في الفقرة الحوارية الثانية، تحدّث سايمون بيكر عن علاقته بمراكش ومهرجانها الذي سبق أن شارك في فعالياته، ضمن وفد بلاده، بمناسبة تكريم السينما الأسترالية عام 2019. كما تحدّث عن تجربته في السينما، وتحوّلات عصر التكنولوجيا، وعلاقته بطبيعة الإبداع ومآلاته.

وبيكر هو عضو أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة منذ عام 2012. وفي 2013، حظي بنجمته في ممشى المشاهير بهوليوود لمساهماته القيّمة في الصناعة الترفيهية.

نقاش السينما وتحدياتها في فقرة «حوار مع...» (الجهة المنظمة)

«مدينة الرياح» و«سجن في جبال الأنديز»

يتناول فيلم «مدينة الرياح» قصة شاب خجول في السابعة عشرة، يواظب على الدراسة لتحقيق حلم النجاح في مجتمع خالٍ من الأحاسيس في منغوليا الحديثة، مستمراً في التواصل مع أرواح أسلافه لتقديم العون لأفراد مجتمعه. لكن لقاءه بمارالا أيقظ أحاسيسه، فبرزت للوجود حقيقة كانت مخفية.

أما أحداث «سجن في جبال الأنديز»، فتدور في سجن فخم يقع في سفوح جبال الأنديز، حيث يقضي 5 من أشرس رجالات ديكتاتورية بينوشيه أحكامهم. ثمة في هذا المعتقل حمام سباحة وحدائق وأقفاص طيور... وسط هذه الأجواء، يبذل النزلاء ما في وسعهم للبقاء في السجن، وإن تطلّب الأمر الغوص في الهذيان والعنف.

من تقديم فيلم «ماشطات» للمخرجة التونسية سونيا بن سلامة (الجهة المنظمة)

«أوروبا» و«ماشطات»

بدوره، يتناول فيلم «أوروبا» قصة بِيت المفعمة بالطموح والعاملة في شركة أوروبية أهدافها ملتبسة تتطلّع نحو التوسّع في البلقان. تفتح الشركة باب العمل الخيري والاستثمار في إنماء المناطق المهمَّشة، مع سعي دفين لاقتناء الأراضي من الملاكين المحليين في وادٍ بعيد بألبانيا. تُستخدَم بِيت مفاوضة رئيسية في هذه المّهمّة، وعندما يواجهها مزارع عنيد برفضه القاطع مغادرة أرض أجداده، تأخذ الأمور منعطفاً آخر.

أما أحداث فيلم «ماشطات»، فتدور في منطقة المهدية بتونس، حيث تعمل فاطمة وابنتاها ناجح ووافي في مجموعة موسيقية من «الماشطات»، تؤدّي أغنيات تقليدية في حفلات الزفاف. تواجه الشقيقتان مصيرهما، فبينما تحاول الكبرى الزواج مجدداً بعد طلاقها للتخلُّص من سلطة أسرتها، تبحث الصغرى عن سبيل للانفصال عن زوجها العنيف، لتتأرجح الأم بين ابنتيها، على أمل أن تتخذ الأمور منحى أفضل في المستقبل.


مقالات ذات صلة

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر مهرجان الفيوم السينمائي الدولي للبيئة والفنون المعاصرة (إدارة المهرجان)

4 أفلام سعودية للعرض في مهرجان الفيوم السينمائي

تشارك 4 أفلام سعودية في الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي يقام خلال الفترة ما بين 25 و30 نوفمبر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق بطلات فيلم «انصراف» (الشرق الأوسط)

المخرجة السعودية جواهر العامري استلهمت «انصراف» من أحداث حقيقية

عُرض «انصراف» في كلٍ من أميركا وفرنسا وبريطانيا، في حين شهد «مهرجان القاهرة» عرضه العربي الأول.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)

ناقد سعودي يحصد جائزة «جيل المستقبل» في «القاهرة السينمائي»

حصد الناقد السينمائي السعودي أحمد العياد جائزة «جيل المستقبل» التي أقيمت نسختها الأولى ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما».

أحمد عدلي (القاهرة )

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
TT

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)
مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

قد ينشغل اللبنانيون في زمن الحرب بأخبارها وأحوال النازحين وكيفية تأمين حاجاتهم. لكنّ قلةً منهم فكّرت بجزء من المجتمع اللبناني؛ هم الأشخاص الصمّ. فهؤلاء يفتقدون القدرة على السمع وسط حرب شرسة. لا أصوات القذائف والصواريخ، ولا الانفجارات والمسيّرات. ولا يدركون إعلانات التحذير المسبقة لمنطقة ستتعرّض للقصف. وقد تكمُن خطورة أوضاعهم في إهمال الدولة الكبير لهم. فهي، كما مراكز رسمية ومستشفيات ووسائل إعلام، لا تعيرهم الاهتمام الكافي. فتغيب لغة الإشارة التي يفهمونها، ليصبح تواصلهم مع العالم الخارجي صعباً.

من هذا المنطلق، ولدت مبادرة «مساعدة الصمّ»، فتولاها فريق من اللبنانيين على رأسهم نائلة الحارس المولودة من أب وأم يعانيان المشكلة عينها. درست لغة الإشارة وتعاملت من خلالها معهما منذ الصغر؛ الأمر الذي دفع بأصدقائها الصمّ، ملاك أرناؤوط، وهشام سلمان، وعبد الله الحكيم، للجوء إليها. معاً، نظّموا مبادرة هدفها الاعتناء بهؤلاء الأشخاص، وتقديم المساعدات المطلوبة لتجاوز المرحلة.

بلغة الإشارة يحدُث التفاهم مع الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

تقول نائلة الحارس لـ«الشرق الأوسط» إنّ القصة بدأت مع صديقتها ملاك بعد نزوح أهلها الصمّ إلى منزلها في بيروت هرباً من القصف في بلدتهم الجنوبية، فتوسّعت، من خلالهم، دائرة الاهتمام بأصدقائهم وجيرانهم. وعندما وجدت ملاك أنّ الأمر بات يستدعي فريقاً لإنجاز المهمّات، أطلقت مع هشام وعبد الله المبادرة: «اتصلوا بي لأكون جسر تواصل مع الجمعيات المهتمّة بتقديم المساعدات. هكذا كبُرت المبادرة ليصبح عدد النازحين الصمّ الذين نهتم بهم نحو 600 شخص».

لا تواصل بين الصمّ والعالم الخارجي. فهم لا يستطيعون سماع أخبار الحرب عبر وسائل الإعلام، ولا يملكون «لاب توب» ولا أدوات تكنولوجية تخوّلهم الاطّلاع عليها لحماية أنفسهم. كما أنّ لا دورات تعليمية تُنظَّم من أجلهم ليتمكّنوا من ذلك.

كي تلبّي نائلة الحارس رغبات الصمّ وتجد فرصاً لمساعدتهم، كان عليها التفكير بحلّ سريع: «لأنني أدرس لغة الإشارة والترجمة، دعوتُ من خلال منشور على حسابي الإلكتروني متطوّعين لهذه المهمّات. عدد من طلابي تجاوب، واستطعتُ معهم الانكباب على هذه القضية على أرض الواقع».

معظم الصمّ الذين تعتني بهم المبادرة في البيوت. بعضهم يلازم منزله أو يحلّ ضيفاً على أبنائه أو جيرانه.

يؤمّن فريق «مساعدة الصمّ» جميع حاجاتهم من مساعدات غذائية وصحية وغيرها. لا تواصل من المبادرة مع جهات رسمية. اعتمادها الأكبر على جمعيات خيرية تعرُض التعاون.

كل ما يستطيع الصمّ الشعور به عند حصول انفجار، هو ارتجاج الأرض بهم. «إنها إشارة مباشرة يتلقّونها، فيدركون أنّ انفجاراً أو اختراقاً لجدار الصوت حدث. ينتابهم قلق دائم لانفصالهم عمّا يجري في الخارج»، مؤكدةً أنْ لا إصابات حدثت حتى اليوم معهم، «عدا حادثة واحدة في مدينة صور، فرغم تبليغ عائلة الشخص الأصمّ بضرورة مغادرة منزلهم، أصرّوا على البقاء، فلاقوا حتفهم جميعاً».

ولدت فكرة المبادرة في ظلّ مصاعب يواجهها الأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

وتشير إلى أنّ لغة الإشارة أسهل مما يظنّه بعضهم: «نحرّك أيدينا عندما نتحدّث، ولغة الاشارة تتألّف من هذه الحركات اليومية التي نؤدّيها خلال الكلام. كما أن تعلّمها يستغرق نحو 10 أسابيع في مرحلة أولى. ويمكن تطويرها وتوسيعها بشكل أفضل مع تكثيف الدروس والتمارين».

عدد الصمّ في لبنان نحو 15 ألف شخص. أما النازحون منهم، فقلّة، بينهم مَن لجأ إلى مراكز إيواء بسبب ندرة المعلومات حول هذا الموضوع. كما أنّ كثيرين منهم لا يزالون يسكنون بيوتهم في بعلبك والبقاع وبيروت.

بالنسبة إلى نائلة الحارس، يتمتّع الأشخاص الصمّ بنسبة ذكاء عالية وإحساس مرهف: «إنهم مستعدّون لبذل أي جهد لفهم ما يقوله الآخر. يقرأون ملامح الوجه وحركات الشفتين والأيدي. وإنْ كانوا لا يعرفون قواعد لغة الإشارة، فيستطيعون تدبُّر أنفسهم».

يغيب الاهتمام تماماً من مراكز وجهات رسمية بالأشخاص الصمّ (نائلة الحارس)

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم: «ينبغي أن يتوافر في المراكز الرسمية، أسوةً بالخاصة، متخصّصون بلغة الإشارة. المشكلات كثيرة في كيفية تواصلهم مع الآخر. فالممرض في مستشفى قد لا يعرف كيفية سؤالهم عن زمرة دمهم. وليس هناك مَن يساعدهم لتقديم أوراق ووثائق في دعوى قضائية. هذه الثغر وغيرها تحضُر في مراكز ودوائر رسمية».

تختم نائلة الحارس: «التحدّي في الاستمرار بمساعدة الأشخاص الصمّ. فالإعانات التي نتلقّاها اليوم بالكاد تكفينا لأيام وأسابيع. على أي جمعية أو جهة مُساعدة أخذ هؤلاء في الحسبان. فتُدمَج مساعدات الأشخاص العاديين مع مساعدات الصمّ، وبذلك نضمن استمرارهم لأطول وقت».