«خلّي العالم يسمع»... صوت فلسطين

حملة من النغمات الموسيقية والتبرّعات الإنسانية بمبادرة من «أنغامي»

صفحة منصة «أنغامي» المخصصة لدعم فلسطين
صفحة منصة «أنغامي» المخصصة لدعم فلسطين
TT

«خلّي العالم يسمع»... صوت فلسطين

صفحة منصة «أنغامي» المخصصة لدعم فلسطين
صفحة منصة «أنغامي» المخصصة لدعم فلسطين

خلال الشهرين الماضيين، حلّ دوي الحرب مكان نغمات الموسيقى، وغابت الإصدارات الغنائية الجديدة. انطلاقاً من هذا الواقع الذي فرضته التطوّرات الدامية في غزة، وانطلاقاً كذلك من كونها منصة بثّ موسيقي ذات هويّة عربيّة، ارتأت «أنغامي» أن ترفع الصوت الفلسطيني على طريقتها، أي بالموسيقى.

«في حُبّ فلسطين» هو العنوان الذي تصدّر المنصة الموسيقية الرائدة عربياً، وارتفع على صفحات التواصل الاجتماعي الخاصة بها. فبعد أقلّ من أسبوع على اندلاع الحرب الإسرائيلية ضد غزة، اصطبغ التطبيق بألوان العلم الفلسطيني وغرّدت حمامة السلام فولكلورَ البلاد، وشِعرَ محمود درويش، إلى جانب أغانٍ كلاسيكيّة وحديثة خاصة بفلسطين وبأصواتٍ من فلسطين وسائر البلاد العربيّة.

قرار صعب... لا بدّ منه

داخل أروقة الشركة، تَجنّد الموظفون بشغفٍ للبحث في الأرشيف الموسيقي الفلسطيني. نسّقوا قوائم غنائية تحاكي الحدثَ ووقعَه على النفوس، جمعوا كل «بودكاست» يتطرّق إلى القضية الفلسطينية ماضياً وحاضراً، كما تفرّغ الفريق الإبداعي لرسم الصورة زيتوناً وبطيخاً و«غرافيتي».

«هذه كانت طريقتنا في شفاء غليلنا والشعور بأننا نصنع فرقاً وإن صغيراً»، تخبر سلام كميد «الشرق الأوسط». كميد، وهي مديرة تسويق المحتوى في «أنغامي»، تلفت إلى أنّ المبادرة جاءت انطلاقاً من الرغبة في «الإضاءة على وجه فلسطين الجميل وثقافتها الثريّة، بعيداً عن الصورة المتداولة في الإعلام الغربي».

لم يكن القرار سهلاً على «أنغامي»، التي تربطها علاقات عمل مع فنانين من الغرب ومع شركات إنتاج ونشر موسيقي عالمية، ذات مواقف معروفة من حرب غزة. لكن، «في نهاية المطاف، أنغامي شركة عربيّة، وقررنا أنه من البدهي عدم البقاء صامتين، خصوصاً وسط المجازر المروّعة»، توضح كميد.

في موقفها هذا مما يحصل في غزة، تكتفي «أنغامي» بالفنّ سلاحاً ولا تغوص في السياسة. وفق شرح كميد: «نحن نقول إننا ضد العنف وضد ما يتعرّض له الأبرياء».

سوشال ميديا بلون الزيتون

«خلّي العالم يسمع»، بهذه العبارة حدّدت «أنغامي» موقفها على وسائل التواصل الاجتماعي، فكرّست صفحاتها لوطن الزيتون وصرخات شعبه وأصوات فنانيه. وتحت هذا الشعار، بدأ نشر مقاطع غنائية خاصة بفلسطين ترافقها لقطات معبّرة ومشاهد لمدن البلد الذبيح وقُراه. هنا فيروز تصدح شِعرَ جبران خليل جبران ولحن زياد الرحباني «الأرض لكُم».

في منشور آخر، يرتفع نشيد «موطني» وفي الخلفيّة راية ترفرف فوق بيوت القرميد والحجر. تتعاقب الأيام ومعها المجازر، فتواكبها «أنغامي» بمزيد من المقاومة الموسيقية، كما في هذا «الميدلي» من الأعمال التراثيّة بأصوات فلسطينية شابّة مثل «يمّا مويل الهوى»، و«يا طالعين الجبل»، و«علّي الكوفية» وغيرها.

لاقى المنشور الأول تفاعلاً كبيراً من المتابعين، الذين انتقلوا عبره إلى داخل التطبيق من أجل الاستماع إلى القائمة الخاصة بالأغاني الفلسطينية. جرّت القائمة قوائم أخرى، إلى أن اتّضحت الرؤية وتبلورت فكرة صفحة «في حب فلسطين».

تستعرض سلام كميد محتوى الصفحة من قوائم موسيقية بعناوين معبّرة مثل «أنا هنا، أتسمعني؟»، و«نبض فلسطين»، و«وطنيّات محمود درويش»... ثم يفتح «ستوديو فلسطين» بابَه على مجموعة كبيرة من البودكاست باللغتَين العربية والإنجليزيّة الحديثة منها والقديمة. ضمن الصفحة كذلك ألبوماتٌ مختارة حيّت فلسطين، ووجوهُ فنانين اجتمعوا تحت عنوان «أصوات من فلسطين».

اللافت في قوائم صفحة «في حب فلسطين» على «أنغامي»، أنها لا تقتصر على أصواتٍ ارتبطت بغناء القضية الفلسطينية. قد تطالع المستمع أغنية «القدس دي أرضنا» بصوت عمرو دياب، و«الهوية عربي» لهاني شاكر، و«القضية مكمّلة» لرامي صبري، وسواهم من فنانين. وتلفت كميد في السياق، إلى أنّ «أرقام استماعات الأغاني الخاصة بفلسطين شهدت ارتفاعاً حول العالم العربي خلال الشهرَين المنصرمين».

أبعد من الموسيقى...

ذهبت «أنغامي» أبعد من التضامن الموسيقي، فخصصت رابطاً على صفحة فلسطين، يستطيع المستخدمون أن يتبرّعوا من خلاله لأهل غزة. تلفت كميد إلى أنّ الإقبال على الرابط كان جيّداً، أما التبرّعات فكانت تصبّ مباشرة في حساب وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).

مع صدور أغنية «راجعين» التي جمعت 25 صوتاً شاباً من مختلف أنحاء العالم العربي، ازدادت التبرّعات وتحوّلت إلى «صندوق إغاثة أطفال فلسطين» (PCRF).

كانت «أنغامي» منصة البث الموسيقي الوحيدة التي سوّقت بكثافة لأغنية «راجعين»، وهي تخطّت حتى الساعة المليون استماع على التطبيق.

زين تعيد الأهزوجة الأولى

من بين الفنانين الذين شاركوا في «راجعين»، المغنية الفلسطينية الشابة زين. وفق ما تخبر «الشرق الأوسط»، فهي تنظر بأهمية قصوى إلى مشاركتها هذه. تقول إنها لم تتردّد لحظة في الانضمام إلى «المشروع الذي جرى تسجيل وتصوير جزء كبير منه في الأردن وبسرعة فائقة، لأن هدفنا كان واحداً وعاجلاً، وهو إيصال صوت غزة إلى العالم ومساعدة الناس هناك»، بما أن كل عوائد الأغنية تعود إلى «صندوق إغاثة أطفال فلسطين».

شاركت المغنية الفلسطينية زين في أغنية «راجعين» من أجل غزة (إنستغرام)

أوّل أغنية تعلّمتها زين طفلة من جدّتها ووالدتها، كانت «يمّا مويل الهوى». أعادت تقديمها على ضوء الأحداث، إلى جانب مجموعة أخرى من الأغاني التراثية الفلسطينية. «صوتي هو وسيلتي الوحيدة للمقاومة والفنّ هو سلاحي»، لا تنكر أنها غالباً ما تشعر بالعجز حيال ما يحصل في وطنها. لكنها سرعان ما تذكّر نفسها وعشرات الآلاف من متابعيها، بأنه «يمكن فعل الكثير، لا سيما أن الحرب ليست عسكريّة فحسب، بل إعلاميّة وفكريّة، وبالإمكان مجابهتها بالفن والتوعية عبر السوشيال ميديا».

من خلال إطلالتها ضمن «راجعين» أو على صفحات «أنغامي»، حققت زين هدفها الأوّل، وهو «إبقاء الأضواء مسلطة على غزة والمساهمة في توعية الرأي العام من خلال الفن».


مقالات ذات صلة

مهرجان «بلد بيست»... مزيج إبداعي موسيقي في «جدة التاريخية» أواخر يناير

يوميات الشرق «بلد بيست» سيتيح لمحبي الموسيقى والثقافة فرصة استكشاف الإرث العريق لمنطقة «البلد» في جدة (ميدل بيست)

مهرجان «بلد بيست»... مزيج إبداعي موسيقي في «جدة التاريخية» أواخر يناير

تطلق منصة «ميدل بيست» النسخة الثالثة من مهرجان «بَلَد بيست»، في قلب مدينة جدة التاريخية (غرب السعودية) يومي 30 و31 يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الاستماع إلى الموسيقى يمكنه تغيير كيفية تذكر الناس للماضي (رويترز)

الموسيقى قد تغير طريقة تذكرنا للماضي

أكدت دراسة جديدة أن الاستماع إلى الموسيقى لا يمكن أن يحفز الذكريات فحسب، بل يمكنه أيضاً تغيير كيفية تذكُّر الناس لها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق تمثال موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب في معهد الموسيقى العربية بالقاهرة (الشرق الأوسط)

حفل لإحياء تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب بالأوبرا المصرية

في إطار استعادة تراث كبار الموسيقيين، وضمن سلسلة «وهّابيات» التي أطلقتها دار الأوبرا المصرية، يقام حفل لاستعادة تراث «موسيقار الأجيال» محمد عبد الوهاب.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق يهدف الحفل إلى تزويد اللبنانيين بجرعات أمل من خلال الموسيقى (الجامعة الأميركية)

بيروت تحتفل بـ«التناغم في الوحدة والتضامن»... الموسيقى تولّد الأمل

يمثّل الحفل لحظات يلتقي خلالها الناس مع الفرح، وهو يتألّف من 3 أقسام تتوزّع على أغنيات روحانية، وأخرى وطنية، وترانيم ميلادية...

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس إلى جانب الغناء والتلحين يتمتع زياد بموهبة التمثيل (زياد صليبا)

زياد غسان صليبا لـ«الشرق الأوسط»: والدي فنان عالمي

يعدّ زياد الابن الأصغر للفنان غسان صليبا. وهو مثل شقيقه وسام جذبه عالم الفن بكل أبعاده، فمشى على خطى والده المغني وأخيه الممثل وسام صليبا.

فيفيان حداد (بيروت)

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه
TT

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

دراسة كندية: تعرّف على المحتال من خلال طريقة وقوفه

تشير دراسة جديدة إلى أنه يمكنك التعرف على المحتالين والمتلاعبين من خلال طريقة وقوفهم؛ فإذا كان شخص ما يقف بشكل مستقيم باستمرار، مع «وقفة مفتوحة ومتسعة»، فهناك فرصة أكبر لأن يكون هذا الشخص يسعى إلى الهيمنة عليك أو التلاعب بك... بل إن هناك احتمالاً أكبر في أن يكون مختلاً عقلياً.

جاء هذا في مقال نشرته حديثاً سوزان كراوس ويتبورن الأستاذة الفخرية في العلوم النفسية وعلوم الدماغ بجامعة ماساتشوستس أمهرست في مجلة «سايكولوجي توداي (Psychology Today)».

الجسم والشخصية

استعرضت ويتبورن الأبحاث الحديثة من جامعة ماكغيل الكندية في مونتريال، حول العلاقة بين وضعية الجسم والشخصية. وعلى الرغم من أن وضعية شخص ما لا يمكن أن تخبرك بكل شيء عنه، فإنها قد توفر دليلاً قيماً لحالته الذهنية. وإذا كنتَ تفكر في إقامة علاقة عمل مع هذا الشخص؛ فمن الذكاء أن تفكر فيما قد تخبرك به وضعيته.

وأجرى باحثو جامعة ماكغيل 5 دراسات منفصلة مع ما مجموعه 608 مشاركين، جميعهم من الشباب. في 4 دراسات، قدَّم المشاركون صوراً لأنفسهم؛ إما في وضع طبيعي، أو في وضع يعبِّر عن الهيمنة أو عن الخضوع.

وفي الدراسة الخامسة، جاءوا إلى المختبر للتقييم. وأكدت الدراسة الخامسة ما وجدته الدراسات الـ4 الأولى.

وضعية «الاعتلال النفسي»

وقالت ويتبورن إن الأشخاص الذين لديهم وضعية منتصبة ومتوسّعة أو مفتوحة باستمرار سجلوا درجات أعلى في سمات، مثل الاعتلال النفسي، والتلاعب، والتنافسية، والإيمان بوجود التسلسلات الهرمية الاجتماعية.

بعبارة أخرى، فإن الأشخاص الذين لديهم هذا النوع من الوضعية هم أكثر عرضة لاستغلال الآخرين لصالحهم الخاص، أي أن الوضعية تكشف عن الشخصية.

كشف الشخصية

الآن، من الصحيح أن الناس يقفون بشكل مستقيم، أو منحنين، لمختلف الأسباب؛ فقد يقف الشخص الذي مارَسَ الرقص أو الجمباز بشكل أكثر استقامة من بقية الناس، على سبيل المثال. ولكن، كما تلاحظ ويتبورن، فإن الأشخاص الذين لديهم شخصيات أقل سعياً إلى السلطة كانوا يميلون إلى تغيير أوضاعهم بمرور الوقت وفي مواقف مختلفة. وكان أولئك الذين حافظوا باستمرار على وضعية مستقيمة وممتدة أكثر عرضة لامتلاك هذه السمات الشخصية غير المرغوب فيها.

عدم توظيف المحتالين

ماذا يعني هذا في العالم الحقيقي؟ إذا كان الشخص الذي تجري معه مقابلة لشَغْل منصب رئيسي يقف باستمرار في وضعية مستقيمة وممتدة؛ فهل يعني هذا أنه لا ينبغي لك توظيفه؟

من الواضح أن الأمر ليس بهذه البساطة؛ فلا يوجد اختبار شخصية مضمون، على سبيل المثال. لذا خذ هذا على أنه مجرد معلومة واحدة. قارِنْها بما تخبرك به غريزتك والملاحظات الأخرى. ماذا تكشف تصريحاته عنه؟ ماذا تُظهِر لغة جسده وسلوكه العام؟ يمكنك جمع كل هذا معاً، ثم اتخاذ خيار مستنير.

لذا فإن على العديد من رواد الأعمال أو قادة الأعمال معرفة مدى أهمية العمل مع أشخاص لن يحاولوا استغلالهم... وقد يساعدك التحقق من وضعية شخص ما في اتخاذ الاختيار الصحيح.

* خدمات «تريبيون ميديا»​