مسرحية «الأشجار ترقص أحياناً» متعة للسمع والبصر

تقدمها فرقة «كون» على «مسرح دوار الشمس»

اللعب البصري جزء من العمل المسرحي (الجهة المنتجة)
اللعب البصري جزء من العمل المسرحي (الجهة المنتجة)
TT

مسرحية «الأشجار ترقص أحياناً» متعة للسمع والبصر

اللعب البصري جزء من العمل المسرحي (الجهة المنتجة)
اللعب البصري جزء من العمل المسرحي (الجهة المنتجة)

يومياً وحتى السادس والعشرين من الشهر الحالي، على «مسرح دوار الشمس» في بيروت، الذي يتعافى من الحريق الذي ألم به، تقف فرقة «كون» على الخشبة، بكل مرحها وحزنها، وحكاياها، وحنينها، ليروي أفرادها قصصهم من القلب.

عرض تمثيلي أدائي، يعتمد بشكل رئيسي على الأغنية والموسيقى، والأهم من ذلك كله البصريات الممتعة المشغولة بعناية فائقة، وكذلك الموسيقى الحيّة العذبة التي تعزف على المسرح، مصاحبة للأغنيات التي تم اختيارها كي تنسجم مع الموضوع العام.

«الأشجار ترقص أحياناً» عرض يعتمد بشكل رئيسي على الأغنية والموسيقى (الجهة المنتجة)

«الأشجار ترقص أحياناً» عرضت في أماكن عدة، وخاصة في الهواء الطلق أمام المارة العابرين، قبل أن تجد طريقها إلى خشبة تقليدية يأتيها المتفرجون، قاصدين لقاء أصحابها.

العرض من سينوغرافيا وإخراج أسامة حلال. أشرف على التدريب والموسيقى كل من خالد عمران وسماح أبو المنى. أما الأداء على المسرح فيشارك فيه آبيغيل كارول، حسام دلال، خالد عمران، رومي ملحم، سماح أبو المنى، ضياء حمزة، مكسيم أبو دياب.

ورغم أن المسرحية تعتمد على الأنغام والمعزوفات، فإنها لا تستغني عن الكلام، فقد تم اللجوء إلى قصيدة «العمى» للشاعر الصيني سانكيشي توغي، وكذلك قصيدة «تأملات حول مدة المنفى» لبرتولد بريخت، وقصائد أخرى. وكذلك هناك استخدام لأغنيات مثل «منين أبداً يا قلبي»، و«زارني المحبوب» و«قامت مريم»، و«بيروت بيروت».

مدة العرض ساعة، يستمتع خلالها المتفرج بنسج ذكي بين موسيقات يعرف بعضها، وأغنيات بقيت في ذاكرته، تتداخل لتحكي قصة الممثلين أنفسهم.

فالمسرحية ارتجالية بالدرجة الأولى، بنيت على ورش عمل، وتمرينات، وحوارات للممثلين، وصقل الأفكار وعجنها وإعادة إنتاجها.

«الأشجار ترقص أحياناً» ارتجالية بالدرجة الأولى (الجهة المنتجة)

وكما يشرح المخرج حلال فهو في الأصل يأتي إلى ممثليه بلا فكرة جاهزة، ويطرح عليهم اسئلته، ومن الإجابات والتشكيك فيها وتقليبها، تنبجس أطراف العمل وتولد حكايات جديدة. الأسئلة تتمحور حول قطبين أساسيين؛ المدينة، والذاكرة. المدينة العربية الآيلة إلى خراب بعد خراب، ولكل من المؤدين ذكرياته مع هذه التحولات الحزينة. هي أيضاً مناسبة للكلام على الحياة والموت، والبطولة والهجرة، والحب والألم، والموت والحياة. ثنائيات لا تتناقض بالضرورة، أما الشجرة رمز الأرض والثبات، فقد تكون اللامتحول الوحيد في حياة كل ما فيها متبدل حتى الجنون. لهذا نرى الشجر ملازماً للمؤدين، وقد يحملونه على ظهورهم ويتنقلون به وكأنما لا انفصال لهم عنه.

فرقة «كون» التي أسسها الممثل والمخرج السوري أسامة حلال في دمشق عام 2002، بدأت أعمالها هناك بعروض الشارع، التي أريد لها أن تذهب إلى متفرج، غالباً ليس على صلة طيبة بالمسرح. ومع انتقال المخرج إلى بيروت قبل 10 سنوات، بعد الثورة السورية، جاء بمشروعه معه، وافتتح مركزه للتدريب المسرحي. ولا تزال الفكرة نفسها هي الهدف، أي نقل الأعمال الفنية إلى الناس حيث هم، كي لا يبقى الإبداع أسير فئة محددة ضيقة.

الشجرة رمز الأرض والثبات تلازم الممثلين (الجهة المنتجة)

و«الأشجار ترقص أحياناً» هو عمل نابع من حكايات أصحابه، وهم أيضاً الذين اختاروا الأغنيات الألصق بهم، وعمل المخرج بدرايته على المزج وعمل التركيبة المسرحية الملائمة التي تأسر المتفرج. كل هذا يعرض على مسرح عارٍ من الديكورات. أما سحر الخشبة فيأتي من الإضاءة الحاذقة والأدوات القليلة المستخدمة والحركية الحاذقة. وكذلك هناك خلط بالموسيقات، إذ نرى الكمنجة، تتزاوج مع التشيلو، والهرمونيكا، والأكورديون، ممثلون يعزفون، عازف يتنقل بين الآلات، أصوات جميلة تقول حكاياتها غناء.

نوع من الاقتباس أو التناصّ المسرحي، الذي لا يخلو من متعة، ويحمل بين طياته نفحة إنسانية عميقة، وفي الوقت الحرج الذي يعرض فيه، يحيل إلى آلام فلسطين، والجرح العربي الغائر.


مقالات ذات صلة

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

مجلة «المسرح» الإماراتية: مهرجان الشارقة للمسرح الصحراوي

صدر حديثاً عن دائرة الثقافة في الشارقة العدد 62 لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 من مجلة «المسرح»، وضمَّ مجموعة من المقالات والحوارات والمتابعات حول الشأن المسرح

«الشرق الأوسط» (الشارقة)
يوميات الشرق برنامج «حركة ونغم» يهدف لتمكين الموهوبين في مجال الرقص المسرحي (هيئة المسرح والفنون الأدائية)

«حركة ونغم» يعود بالتعاون مع «كركلا» لتطوير الرقص المسرحي بجدة

أطلقت هيئة المسرح والفنون الأدائية برنامج «حركة ونغم» بنسخته الثانية بالتعاون مع معهد «كركلا» الشهير في المسرح الغنائي الراقص في مدينة جدة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق أشرف عبد الباقي خلال عرض مسرحيته «البنك سرقوه» ضمن مهرجان العلمين (فيسبوك)

«سوكسيه»... مشروع مسرحي مصري في حضرة نجيب الريحاني

يستهد المشروع دعم الفرق المستقلّة والمواهب الشابة من خلال إعادة تقديم عروضهم التي حقّقت نجاحاً في السابق، ليُشاهدها قطاع أكبر من الجمهور على مسرح نجيب الريحاني.

انتصار دردير (القاهرة )
الاقتصاد أمسية اقتصاد المسرح شهدت مشاركة واسعة لمهتمين بقطاع المسرح في السعودية (الشرق الأوسط)

الأنشطة الثقافية والترفيهية بالسعودية تسهم بنسبة 5 % من ناتجها غير النفطي

تشير التقديرات إلى أن الأنشطة الثقافية والفنية، بما فيها المسرح والفنون الأدائية، تسهم بنسبة تتراوح بين 3 و5 في المائة من الناتج المحلي غير النفطي بالسعودية.

أسماء الغابري (جدة)

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
TT

ألحان وألوان من الموسيقى السعودية تتألق في «طوكيو أوبرا سيتي»

عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)
عزفت "الأوركسترا السعودية" أروع الالحان الموسيقية في ليلة ختامية استثنائية كان الابداع عنوانها (واس)

ازدهرت ألحان وألوان من الموسيقى السعودية على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، وشارك 100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، في رسم لوحة جمالية، جمعت التراث بالثقافة وعذوبة المفردة الموسيقية السعودية.

وعزفت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي، أجمل الألحان الموسيقية في ليلة استثنائية كان الإبداع عنوانها، وقدمت التراث الغنائي السعودي وما يزخر به من تنوع على مسرح «طوكيو أوبرا سيتي» بالعاصمة اليابانية، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، وعدد من المسؤولين ورجال الأعمال والإعلام وحضور جماهيري كبير.

‏وبدأت الليلة السعودية في اليابان، بجمالية الاستقبال بالقهوة السعودية لجمهور حفل روائع الأوركسترا السعودية في طوكيو، قبل أن ينطلق العرض الموسيقي الذي افتتحه باول باسيفيكو الرئيس التنفيذي لهيئة الموسيقى بالسعودية، وقال في كلمته خلال الحفل، إن النجاحات الكبيرة التي حققتها المشاركات السابقة لروائع الأوركسترا السعودية في العواصم العالمية، عازياً ما تحقق خلال حفلات روائع الأوركسترا السعودية إلى دعم وزير الثقافة السعودي رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى.

100 موسيقي ومؤدٍ من الأوركسترا والكورال الوطني السعودي شاركوا في الليلة الختامية (واس)

وعدّ باسيفيكو «روائع الأوركسترا السعودية» إحدى الخطوات التي تسهم في نقل التراث الغنائي السعودي، وما يزخر به من تنوع إلى العالم عبر المشاركات الدولية المتعددة وبكوادر سعودية مؤهلة ومدربة على أعلى مستوى، مشيراً إلى سعي الهيئة للارتقاء بالموسيقى السعودية نحو آفاق جديدة، ودورها في التبادل الثقافي، مما يسهم في تعزيز التواصل الإنساني، ومد جسور التفاهم بين شعوب العالم عبر الموسيقى.

وبدأت «الأوركسترا الإمبراطورية اليابانية - بوغاكو ريو أو» بأداء لموسيقى البلاط الإمبراطوري الياباني، وهي موسيقى عريقة في الثقافة اليابانية، توارثتها الأجيال منذ 1300 عام وحتى اليوم. وأنهت الأوركسترا والكورال الوطني السعودي الفقرة الثانية من الحفل بأداء مُتناغم لـ«ميدلي الإنمي» باللحن السعودي، كما استفتحت الفقرة التالية بعزف موسيقى افتتاحية العلا من تأليف عمر خيرت.

حضور جماهيري كبير شهدته ليلة "روائع الأوركسترا السعودية" على مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" (واس)

وبتعاون احتفى بالثقافتين ومزج موسيقى الحضارتين، اختتم الحفل بأداء مشترك للأوركسترا السعودية مع أكاديمية أوركسترا جامعة طوكيو للموسيقى والفنان الياباني هوتاي، وبقيادة المايسترو هاني فرحات، عبر عدد من الأعمال الموسيقية بتوزيع محمد عشي ورامي باصحيح.

واختتمت هيئة الموسيقى «روائع الأوركسترا السعودية» الجمعة، بحضور الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة رئيس مجلس إدارة هيئة الموسيقى، في جولتها الخامسة بعد النجاحات التي حققتها في 4 محطات سابقة، حيث تألقت في كل جولة بدايةً من باريس بقاعة دو شاتليه، وعلى المسرح الوطني بمكسيكو سيتي، وعلى مسرح دار الأوبرا متروبوليتان في مركز لينكون بمدينة نيويورك، وفي لندن بمسرح «سنترال هول وستمنستر».

اروقة مسرح "طوكيو أوبرا سيتي" اكتضت بالحضور منذ وقت مبكر (هيئة الموسيقى)

وتعتزم هيئة الموسيقى في السعودية استمرار تقديم عروض حفلات «روائع الأوركسترا السعودية» في عدة محطات، بهدف تعريف المجتمع العالمي بروائع الموسيقى السعودية، وتعزيزاً للتبادل الثقافي الدولي والتعاون المشترك لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030 التي تتقاطع مع مستهدفات هيئة الموسيقى.