ما جدوى استقالة «سفراء النوايا الحسنة» العرب من مناصبهم؟

بعد تخلي هند صبري ولطفي بوشناق عن لقبيهما

الفنانة التونسية هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة التونسية هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
TT

ما جدوى استقالة «سفراء النوايا الحسنة» العرب من مناصبهم؟

الفنانة التونسية هند صبري (صفحتها على فيسبوك)
الفنانة التونسية هند صبري (صفحتها على فيسبوك)

اعتادت المنظمات الأممية منح لقب «سفير النوايا الحسنة» عدداً من الفنانين العرب خلال السنوات الماضية للاستفادة من شهرتهم في المنطقة العربية.

وحمل الكثير من الممثلين والمطربين العرب هذا اللقب الشرفي للمساعدة في مجالات الغذاء والدواء، ودعم اللاجئين والرعاية، والطفولة والأمومة، والصحة والتعليم والسكان، لكن بسبب تداعيات الحرب على غزة والتي أسفرت عن مقتل وتشريد الآلاف منذ اندلاعها في الـ7 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تخلى التونسيان لطفي بوشناق وهند صبري عن اللقب احتجاجاً على «صمت المنظمة أمام ما يحدث في حق المدنيين الأبرياء من الفلسطينيين» وفق وصف بوشناق، أو لـ«الشعور بالعجز عن القيام بالواجبات المعتادة من خلال برنامج الأغذية العالمي»، بحسب وصف صبري مساء الأربعاء.

بوستر من صفحة الفنان التونسي لطفي بوشناق على «فيسبوك»

وتساءل متابعون عبر مواقع «السوشيال ميديا» عن جدوى هذه الاستقالات راهناً في ظل إصرار إسرائيل على استمرار الحرب ودعم العالم الغربي لها في هذا الشأن.

وعبّر الفنان السوري جمال سليمان عن تضامنه مع هند صبري، قائلاً: «أحيي صبري على موقفها الإيجابي»، وأضاف في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كل إنسان حر بمواقفه وتقديراته وفهمه للأمور، والتاريخ يكتب حسب خيارات كل شخص والمساهمة المتواضعة أفضل من لا شيء».

ولفت سليمان إلى «أن سفراء النوايا الحسنة هم متبرعون لا يتقاضون مقابلاً مادياً؛ لإيمانهم بالقضايا الإنسانية والتي تكمن في مساعدة الناس بطرق مختلفة، والمساهمة في خدمة القيم والمبادئ القائمة على رفع الظلم وتحسين ظروف حياتهم».

الفنان السوري جمال سليمان (الشرق الأوسط)

ورأى الفنان السوري، أن ما يحدث في غزة «انحراف في أداء منظمة الأمم المتحدة التي تقاعست في التعبير عن رأيها الواضح والصريح فيما يجري» مضيفاً: «الأمر أصبح يفوق قدرات البعض، وهنا يعني الفنان أنه أصبح محسوباً على الجانب الخطأ أو مشاركاً في السكوت عن الظلم».

وذكر سليمان، أنه «اعتذر عن اللقب عام 2006 عقب قصف إسرائيل مدارس (الأونروا) في جنوب لبنان والتي أسفرت عن قتل مدنيين وتهجير البعض، وجدت أن الأمم المتحدة لم تعبّر عن موقف صارم تجاه الاعتداء السافر، وأن استمراري هو موافقة على سياستهم، بينما استقالتي اعتراض واحتجاج».

وشدد سليمان على أن «الاستقالة في المجمل لها تأثير، رغم أنها لن تغير سياسة الأمم المتحدة بين ليلة وضحاها، لكن أرى أن الضغوط والمواقف والأحداث والإعلام والمنظمات الإنسانية أدوات داعمة لتطبيق المبادئ الإنسانية بشكل عادل».

وسبق لبعض الفنانين التخلي عن لقبهم احتجاجاً على الحرب الإسرائيلية على لبنان في عام 2006، من بينهم الفنان حسين فهمي، ودريد لحام وهاني جميل السعدي.

من جانبه، يؤيد الدكتور سامي عبد العزيز، عميد كلية الإعلام الأسبق بجامعة القاهرة، استقالة البعض من هذا المنصب رداً على «العدوان والغارات غير المسبوقة على قطاع غزة». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»، أن «الأزمات تحتاج إلى كل الاستراتيجيات، سواء كانت من مؤسسات أو شخصيات»، عادّاً «التخلي عن لقب (سفير للنوايا الحسنة) أداة ضغط إضافية تكمل المشهد الرافض للمجازر الإسرائيلية».

وأشار عبد العزيز إلى أن «تأثير هذه المنظمات بالخارج أكبر لأنها تخاطب المجتمع الدولي بلغته»، وتساءل عبد العزيز: «أين النوايا الحسنة من الجرائم التي ترتكب على أرض الواقع؟»، مؤكداً أن «تضامن الشخصيات الشهيرة مع القضية الفلسطينية يحدث تأثيراً قوياً».

ووفق عبد العزيز، فإن «استعانة هذه المنظمات بالمشاهير يعود إلى حرصها على الاستفادة من شعبيتهم لتوصيل رسالة أو تحقيق هدف؛ نظراً لانتشارهم بشكل أوسع بين الأوساط المختلفة».

مشدداً على أن «التخلي عن اللقب من قبل البعض يضع الآخرين في حرج»، مطالباً «جميع من ينتمون إلى هذه المنظمات للاعتذار الجماعي لإحداث صدى دولي حقيقي».

ومنحت المنظمات الدولية لقب سفير للنوايا الحسنة من قبل لعدد من الفنانين العرب، من بينهم محمود قابيل، وكاظم الساهر، ومنى زكي، وصفية العمري، وحسين فهمي، ودنيا سمير غانم، ومحمد عساف، وماجدة الرومي، وأحمد حلمي، وعادل إمام، ونانسي عجرم، وأسيل عمران، وسعاد العبد الله، ودريد لحام ولطفي، بوشناق، ونيللي كريم، وآسر ياسين، وكارول سماحة، وخالد النبوي، وملحم زين، ويسرا، وإلهام شاهين وشيرين رضا.

وقالت الفنانة التونسية هند صبري في بيان لها مساء الأربعاء: «خلال الأسابيع الماضية، شهدت وشاركت تجارب زملائي المتفانين في برنامج الأغذية العالمي في الإحساس بالعجز لعدم قدرتهم على القيام بواجبهم على أكمل وجه كعادتهم دائماً تجاه الأطفال والأمهات والآباء والأجداد في غزة، ولم يكن بوسعهم إلا عمل القليل في مواجهة آلة الحرب الطاحنة التي لم ترحم المدنيين الذين يحاصرهم الموت».

هند صبري (صفحتها على فيسبوك)

وأضافت: «لقد حاولت إيصال صوتي إلى أعلى مستوى في برنامج الأغذية العالمي والانضمام إلى زملائي في المطالبة باستخدام ثقل البرنامج، مثلما فعل بنجاح في السابق؛ للدعوة والضغط بقوة من أجل وقف إطلاق النار الإنساني والفوري في قطاع غزة، والاستفادة من نفوذ البرنامج لمنع استخدام التجويع كسلاح حرب؛ لأنني كنت على يقين من أن برنامج الأغذية العالمي، الذي حصل على جائزة نوبل للسلام قبل 3 أعوام فقط، سوف يستخدم صوته بقوة كما فعل في حالات الطوارئ والأزمات الإنسانية المتعددة. ومع ذلك، فقد تم استخدام التجويع والحصار كأسلحة حرب على مدى الأيام الستة والأربعين الماضية ضد أكثر من مليوني مدني في غزة».1


مقالات ذات صلة

إسرائيل تدمر ما تبقى من شمال غزة

المشرق العربي طفلة تبكي أقارب لها قتلوا بغارة إسرائيلية في مستشفى بحي الشجاعية شمال قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

إسرائيل تدمر ما تبقى من شمال غزة

على وقع جولة جديدة من مفاوضات وقف النار، بالدوحة، واصل الجيش الإسرائيلي تدمير كل مقومات الحياة للفلسطينيين في قطاع غزة، بشراً وحجراً، مزيلاً حياً سكنياً بكامله،

«الشرق الأوسط» (غزة)
شؤون إقليمية مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، الأحد، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد وقت قصير من انطلاق صفارات الإنذار في مناطق من البلاد.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
المشرق العربي عائلات المحتجزين الإسرائيليين يشاركون في احتجاج بتل أبيب يدعو إلى وقف الحرب (إ.ب.أ)

إسرائيل تؤكد استئناف المفاوضات في قطر بشأن هدنة غزة

أكد وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم السبت، استئناف المفاوضات غير المباشرة مع «حماس» في قطر من أجل إطلاق سراح الرهائن المحتجزين بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
شؤون إقليمية مواطنون فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل بغزة (رويترز)

اليوم التالي في غزة... دعوة «حماس» لتبني مقترح «الإسناد المجتمعي» تلقى «تحفظاً»

دعوات جديدة من «حماس» بشأن «لجنة إدارة قطاع غزة» في اليوم التالي من الحرب، تطالب حركة «فتح» والسلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس بالتجاوب مع جهود تشكيلها

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
المشرق العربي مقاتلان من «كتائب القسام» خلال عرض عسكري قرب الحدود مع إسرائيل بوسط قطاع غزة 19 يوليو 2023 (رويترز)

«كتائب القسام» تنشر فيديو لرهينة محتجزة في قطاع غزة

نشرت «كتائب القسام»، الجناح العسكري لـ«حماس»، السبت، مقطع فيديو جديداً لرهينة محتجزة في غزة منذ هجوم الحركة على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023.


هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
TT

هل استعاد محمد سعد «توازنه» بفضل «الدشاش»؟

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)
محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

حقق الفنان المصري محمد سعد إيرادات لافتة تجاوزت 7 ملايين جنيه (الدولار الأميركي يعادل نحو 51 جنيهاً مصرياً)، خلال 3 أيام عرض، منذ طرح أحدث أفلامه السينمائية «الدشاش»، وفق بيان الموزع السينمائي المصري محمود الدفراوي.

وتصدَّر سعد المرتبة الأولى في قائمة الإيرادات اليومية بـ«شباك التذاكر»، في مصر، متفوقاً على أفلام «الهنا اللي أنا فيه»، و«الحريفة»، بعد غياب عن المنافسة ما يقرب من 6 سنوات منذ تقديمه لفيلم «محمد حسين»، عام 2019.

وتباينت ردود الفعل والآراء «السوشيالية» والنقدية حول الفيلم الذي ساهم في عودة سعد مجدداً للأضواء، بعد مرحلة من الاختفاء؛ فبينما أكد نقاد أن «الدشاش» جعل سعد يبتعد عن اللعب في الطريق المضمون الذي سلكه عبر تقديم نسخ مكررة من شخصية «اللمبي» التي قدمها مطلع الألفية الجديدة، يرى آخرون أن هناك نقاطاً توضح أنه ما زال متمسكاً بفرض سيطرته على أعماله.

الكاتب والناقد الفني المصري كمال القاضي يؤكد أن فيلم «الدشاش» يمثل محطة مهمة في مشوار سعد بعد فيلم «الكنز 2»، فهو بمثابة تصحيح لمساره الفني وخطوة في اتجاه التخلي بشكل نسبي عن شخصية «اللمبي» التي سيطرت عليه لسنوات طويلة، وأهدرت الكثير من طاقته الإبداعية.

محمد سعد في لقطة من البرومو الترويجي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

ويضيف القاضي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «سعد ممثل جيد ينقصه فقط الوعي بموهبته التي لم يكن موفَّقاً في إدارتها بشكل ملحوظ طوال ارتباطه بأنماط الكوميديا (الركيكة) التي ظل يقدمها لسنوات؛ بإغراء شباك التذاكر، دون النظر للقيمة الفنية المفتقَدَة».

ووفق القاضي، فإن ما قدمه سعد خلال مشواره الفني حقق له النجومية، ولكن بمقاييس معينة لعبت فيها الإيرادات دوراً رئيساً، وذهبت كل مكاسبها للمنتجين، وظلَّت الخسارة الأدبية من نصيبه وحده، بافتقاده التقييم الإيجابي لتجاربه التجارية البحتة.

وتتفق مع القاضي الناقدة الفنية المصرية، ماجدة خير الله، التي تقول إن «فيلم (الدشاش) يبشر بعودة قوية لمحمد سعد ومستوى مختلف عن أفلامه السابقة، بداية من الملصق الترويجي للفيلم».

سعد يراهن على فيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

وتوضح ماجدة خير الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «وجود نخبة كبيرة من الفنانين ذوي الاعتبار خير دليل، بالإضافة لمخرج لا يسمح بسيطرة النجم الأوحد»، مؤكدة أن «إيرادات الفيلم اللافتة تدل على ترقب العمل الفني، وأن استمرار الإيرادات المرتفعة دليل على أنه حاز إعجاب الناس، لكن لا يمكننا اعتبار الإيرادات المقياس الوحيد للنجاح».

مؤلف الفيلم، جوزيف فوزي، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن محمد سعد تحدث معه في تفاصيل مهمة بسيناريو «الدشاش» قبل بدء العمل عليه من أجل تقديم جرعة تمثيلية جادة، مؤكداً أنه استفاد من خبرة سعد وموهبته وإضافاته القيمة، ولم يشعر بتدخل مبالَغ لصالحه، بل هدفه كان الصالح العام للعمل.

محمد سعد في العرض الخاص لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة للفيلم)

لكن في المقابل انتقد كتاب، من بينهم الناقد الفني المصري سمير الجمل طريقة سعد في التعاطي مع أعماله الفنية؛ حيث أكد أن «الإيرادات ليست مقياساً للنجاح، خصوصاً في المواسم والأعياد»، مشيراً إلى أن «مشكلة سعد تكمن في عدم خروجه عن شخصيته الحقيقية»، وفق تعبيره

ولفت الجمل، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الناس طالبت سعد بتغيير جلده والابتعاد عن تقديم ثيمة (اللمبي) التي استهلكها، لكنه عندما تغير أتى مجدداً بشخصيات على المنوال ذاته، لافتاً إلى أن مشكلته تكمن في تحويل دفة النص صوب الاتجاه الذي يريده، ظناً منه أن ما يفعله جاذب للجمهور، لكن ذلك ساهم في تراجعه». بحسب وصفه.

وتدور أحداث «الدشاش» في إطار اجتماعي كوميدي يغلب عليها الطابع الشعبي، بجانب مزيج من التشويق والإثارة والأكشن، ويجسد سعد شخصية «زعيم عصابة» يعمل في ملهى ليلي ويواجه أعداءه، ويعيش حياة صعبة مليئة بالأزمات والتناقضات التي تضعه ما بين الاستمرار والرفض، ويشارك في بطولة الفيلم زينة، وباسم سمرة، ونسرين أمين، وخالد الصاوي، تأليف جوزيف فوزي، وإخراج سامح عبد العزيز.

سعد يقدم دور «زعيم عصابة» (الشركة المنتجة للفيلم)

وتتفق الناقدة الفنية المصرية ماجدة موريس مع رأي الجمل، حيث أكدت أنه إذا تم توزيع فيلم «الدشاش» جيداً على الممثلين من دون تدخلات من سعد فسيحقق نجاحاً وإيرادات جيدة.

وتؤكد موريس لـ«الشرق الأوسط» أن الإيرادات اليومية اللافتة أمر عادي، لكن التقييم الجدي يتطلب مرور أكثر من شهر على الأقل على بداية عرض الفيلم، لوضع تصور عام عن رأي الجمهور، الذي يتكدس في المواسم، ويعتبر السينما ملاذه الرئيسي في التنزه والترفيه.

وأكد محمد سعد في تصريحات إعلامية على هامش العرض الخاص للفيلم أنه استجاب لرغبة الناس والنقاد وغيّر جلده الفني، مؤكداً أنه يتمنى أن يحقق الفيلم نجاحاً واسعاً بعد ابتعاده لسنوات عن السينما، وانتظاره حتى يجد قصة تنال رضا جمهوره، وتحقق التغيير الذي طلبوه، كما كشف سعد أن الفيلم حمل في طياته جرعة تمثيلية مُرهِقة ومليئة بالمشاعر والأحاسيس.

وبدأ محمد سعد مسيرته الفنية مطلع تسعينات القرن الماضي، وشارك في أعمال فنية بالمسرح والتلفزيون والسينما، لكن شخصية «اللمبي» التي قدمها في فيلم «الناظر» عام 2000 شكلت البداية الحقيقية لانطلاقته التي دار في فلكها كثيراً، وفق نقاد، وقدم بعدها أفلاماً، من بينها «55 إسعاف»، و«اللمبي»، و«اللي بالي بالك»، و«عوكل»، و«بوحه»، و«كتكوت»، و«كركر»، و«بوشكاش»، و«اللمبي 8 جيجا»، و«تتح»، وغيرها.