«الثقافة السعودية» تهدي الأطفال رحلة إبداعية في يومهم العالمي

بفعاليات وأنشطة تفاعلية دمجت التعليم والتدريب

 المهرجان شمل 5 مناطق متنوعة (الشرق الأوسط)
المهرجان شمل 5 مناطق متنوعة (الشرق الأوسط)
TT

«الثقافة السعودية» تهدي الأطفال رحلة إبداعية في يومهم العالمي

 المهرجان شمل 5 مناطق متنوعة (الشرق الأوسط)
المهرجان شمل 5 مناطق متنوعة (الشرق الأوسط)

مع أطياف من المرح وألوان من الفرح، أتاح مهرجان «أطفال الثقافة» الذي أقامته وزارة الثقافة السعودية في مدينة جدة على مدى 5 أيام، للأطفال رحلة ثقافية إبداعية متكاملة بفعاليات وأنشطة تفاعلية دمجت التعليم والتدريب والتوعية بأسلوب ترفيهي مشوق، للمساهمة في صقل مهاراتهم وإثراء تجربتهم وتعزيز إلمامهم بالإرث الثقافي والتراثي للمملكة.

واتسم المهرجان الذي أقيم بالتزامن مع اليوم العالمي للطفل الذي يوافق 20 نوفمبر (تشرين الثاني) من كل عام، بتنظيم فعاليات ثقافية متنوعة، تقدم محتوى مُثرياً بأسلوبٍ يُناسب عقلية الطفل، ويرسِّخ الثقافة والتراث السعودي في ذهنه، ويغرس المبادئ والقيم الثقافية عنده، ويُعزز من انتمائه.

أطفال مشاركون يتعلمون النوتة الموسيقية خلال المهرجان (وزارة الثقافة)

تبدأ رحلة الطفل الثقافية في أرجاء المهرجان بمتنزه عطا الله الأرض السعيدة على ساحل البحر الأحمر من خلال 5 مناطق، منها ما هو مخصص للطبيعة، وآخرُ للأطعمة، إضافة إلى المناطق الفنية التي تصقل وتُنَمِّي مهارات الأطفال، مثل منطقة الموسيقى، والطهي، فضلاً عن تعزيز جانب الخيال، وتفعيل الحواس عن طريق الأنشطة التفاعلية، وتنمية المواهب المثمرة لديهم لتمكينهم في مختلف المجالات.

ويشهد المهرجان بشكل يومي مسيرة افتتاحية تقودها شخصيات المهرجان قبل انطلاقة رحلة الطفل الثقافية عبر فعاليات اتسمت بطابعها الثقافي بأنشطة تفاعلية وثريّة تُعزز من ألوان الثقافة لدى الطفل، وتوسع مداركه، وتُنمّي الجوانب الثقافية والتعليمية لديه.

ومن منطقة الطبيعة، يبرز المجسم المصنوع من الرمل الذي يمثل مناطق تراثية ثقافية في المملكة، في حين أتاح الجدار التفاعلي للأطفال التعرف على طبيعة المملكة وما تزخر به من خيرات، وفي الوقت نفسه يتعرف الطفل من خلال ركن المملكة واليونيسكو على المعالم الأثرية السبعة المسجلة على قائمة التراث العالمي للمنظمة العالمية، التي تشمل منطقة جدة التاريخية ومنطقة حمى الواقعة جنوب غربي المملكة، كما يتعرف أيضاً على عروض بين المعارض الموجودة في نجران والحجر الأثري في العلا وحي طريف في الدرعية شمال غربي الرياض، وواحة الأحساء التي تعد أكبر واحات النخيل، وأخيراً منطقة الفن الصخري في حائل.

منطقة الطبيعة ضمت أبرز المعالم الأثرية المسجلة في اليونيسكو (الشرق الأوسط)

كما تعلم الأطفال في منطقة الطبيعة طريقة إعادة تدوير أغطية العلب وإمكانية الاستفادة منها والسلوك السليم للمحافظة على البيئة، إلى جانب تعلم الزراعة، في حين يشارك الأطفال في ركن «المكتشف الصغير» في عمليات التنقيب عن الآثار ومعرفة طرق استخراجها وترميمها، وحفظها وتوثيقها وحمايتها والاحتفاء بها.

وفي منطقة الحكواتي كان الأطفال على موعد للاستمتاع بالعديد من القصص في الوقت الذي أتاحت فيه المنطقة للأطفال اختيار دميتهم الخاصة وصناعة قصصهم من وحي خيالهم، كما أتاحت المنطقة للأطفال فرصة تعلم كتابة القصة وصناعة الدمى وسرد القصص.

إحدى الأمهات تستعرض الرسم الهندسي لنجلها خلال مشاركته في إعادة تدوير أغطية المياه (الشرق الأوسط)

وتظهر منطقة المهن والموسيقى في المهرجان التنوع الثقافي للمهن في المملكة، وتسلط الضوء عليها عن طريق المجسمات التفاعلية وورش العمل، كما توفر المنطقة للطفل تجربة العزف والغناء واستكشاف عالم الموسيقى. أما في منطقة الطبخ والطعام فيتعرف الأطفال على المأكولات التي تمتاز بها مناطق المملكة، كما يتعلمون مستلزمات الطبخ وفنون التسويق و«إتيكيت» المائدة، قبل أن ينتقلوا إلى منطقة الألعاب الحركية والتعليمية والاستكشافية.

وشهد المهرجان إشادات واسعة من قبل الزوار، حيث أعرب فهد العتيبي عن سعادته بالفعاليات المتاحة للصغار وطريقة اطلاعهم بأسلوب تعليمي مشوق على الثقافة السعودية وترسيخ محبتها في نفوسهم، مؤكداً أن فعاليات المهرجان أتاحت للأطفال التعرف على محتوى «مميز» ساهم في تنمية الجوانب الثقافية والتعليمية لديهم.

جانب من الأنشطة والفعاليات المصاحبة للمهرجان (وزارة الثقافة)

ويعد مهرجان «أطفال الثقافة» امتداداً للنسخة الأولى التي نظمتها وزارة الثقافة في مدينة الرياض العام الماضي، بغرض تحقيق مستهدفات الاستراتيجية الوطنية للثقافة التي تهدف إلى جعل الثقافة نمط حياة للمجتمع، إلى جانب خططها الرامية إلى توفير منصة إبداعية تستقطب وتعزز مواهب الجيل الناشئ، وتُنمي قدراتهم المميزة، وتربطهم بالهوية السعودية، وتُذكي في دواخلهم حبّ الثقافة السعودية والافتخار بها.


مقالات ذات صلة

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» الذي جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» بمهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ45، وتلعب بطولته الفنانة سلاف فواخرجي.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق بوستر مهرجان الفيوم السينمائي الدولي للبيئة والفنون المعاصرة (إدارة المهرجان)

4 أفلام سعودية للعرض في مهرجان الفيوم السينمائي

تشارك 4 أفلام سعودية في الدورة الأولى لمهرجان الفيوم السينمائي الدولي لأفلام البيئة والفنون المعاصرة الذي يقام خلال الفترة ما بين 25 و30 نوفمبر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق بطلات فيلم «انصراف» (الشرق الأوسط)

المخرجة السعودية جواهر العامري استلهمت «انصراف» من أحداث حقيقية

عُرض «انصراف» في كلٍ من أميركا وفرنسا وبريطانيا، في حين شهد «مهرجان القاهرة» عرضه العربي الأول.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق العياد بعد تسلم الجائزة في المهرجان (الشرق الأوسط)

ناقد سعودي يحصد جائزة «جيل المستقبل» في «القاهرة السينمائي»

حصد الناقد السينمائي السعودي أحمد العياد جائزة «جيل المستقبل» التي أقيمت نسختها الأولى ضمن فعاليات «أيام القاهرة لصناعة السينما».

أحمد عدلي (القاهرة )

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
TT

«سلمى» يرصد معاناة السوريين... ويطالب بـ«الكرامة»

الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)
الفنانة السورية سُلاف فواخرجي والمخرج جود سعيد مع فريق الفيلم (القاهرة السينمائي)

في كل مرة يُعلن فيها عن الإفراج عن دفعة من المعتقلين السوريين، تتزيّن بطلة فيلم «سلمى» وتهرع مع والد زوجها، علّها تعثر على زوجها «سجين الرأي» الذي اختفى قبل سنوات في ظروف غامضة، متمسكة بأمل عودته، رافضة إصدار شهادة وفاته، ومواصلة حياتها مع نجلها ونجل شقيقتها المتوفاة.

تدور أحداث الفيلم السوري «سلمى» في هذا الإطار، وقد جاء عرضه العالمي الأول ضمن مسابقة «آفاق عربية» في «مهرجان القاهرة السينمائي» في دورته الـ45، وتلعب الفنانة السورية سلاف فواخرجي دور البطولة فيه إلى جانب المخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد الذي يؤدي دور والد زوجها. وقد أُهدي الفيلم لروحه.

تتعرض «سلمى» للاستغلال من أحد أثرياء الحرب سيئ السمعة، لتبدأ بنشر معلومات دعائية لشقيقه في الانتخابات على خلفية ثقة السوريين بها للعبها دوراً بطوليّاً حين ضرب زلزال قوي سوريا عام 2023، ونجحت في إنقاذ عشرات المواطنين من تحت الأنقاض، وتناقلت بطولتها مقاطع فيديو صورها كثيرون. وتجد «سلمى» نفسها أمام خيارين إما أن تتابع المواجهة حتى النهاية، وإما أن تختار خلاصها مع عائلتها.

ويشارك في بطولة الفيلم كلٌ من باسم ياخور، وحسين عباس، والفيلم من إخراج جود سعيد الذي يُعدّه نقاد «أحد أهم المخرجين الواعدين في السينما السورية»، بعدما حازت أفلامه جوائز في مهرجانات عدة، على غرار «مطر حمص»، و«بانتظار الخريف».

سُلاف تحتفل بفيلمها في مهرجان القاهرة (القاهرة السينمائي)

قدّمت سُلاف فواخرجي أداءً لافتاً لشخصية «سلمى» التي تنتصر لكرامتها، وتتعرّض لضربٍ مُبرح ضمن مشاهد الفيلم، وتتجاوز ضعفها لتتصدّى لأثرياء الحرب الذين استفادوا على حساب المواطن السوري. وتكشف أحداث الفيلم كثيراً عن معاناة السوريين في حياتهم اليومية، واصطفافهم في طوابير طويلة للحصول على بعضِ السلع الغذائية، وسط دمار المباني جراء الحرب والزلزال.

خلال المؤتمر الصحافي الذي نُظّم عقب عرض الفيلم، تقول سُلاف فواخرجي، إنه من الصّعب أن ينفصل الفنان عن الإنسان، وإنّ أحلام «سلمى» البسيطة في البيت والأسرة والكرامة باتت أحلاماً كبيرة وصعبة. مؤكدة أن هذا الأمر ليس موجوداً في سوريا فقط، بل في كثيرٍ من المجتمعات، حيث باتت تُسرق أحلام الإنسان وذكرياته. لافتة إلى أنها واحدة من فريق كبير في الفيلم عمل بشغف لتقديم هذه القصة. وأضافت أنها «ممثلة شغوفة بالسينما وتحب المشاركة في أعمال قوية»، مشيرة إلى أن «شخصية (سلمى) تُشبهها في بعض الصّفات، وأن المرأة تظل كائناً عظيماً».

من جانبه، قال المخرج جود سعيد، إن هذا الفيلم كان صعباً في مرحلة المونتاج، خصوصاً في ظل غياب عبد اللطيف عبد الحميد الذي وصفه بـ«الحاضر الغائب».

مشيراً إلى أن قصة «سلمى» تُمثّل الكرامة، «وبعد العشرية السّوداء لم يبقَ للسوريين سوى الكرامة، ومن دونها لن نستطيع أن نقف مجدداً»، وأن الفيلم يطرح إعادة بناء الهوية السورية على أساسٍ مختلفٍ، أوّله كرامة الفرد. ولفت المخرج السوري إلى أن شهادته مجروحة في أداء بطلة الفيلم لأنه من المغرمين بأدائها.

الفنان السوري باسم ياخور أحد أبطال فيلم «سلمى» (القاهرة السينمائي)

ووصف الناقد الأردني، رسمي محاسنة، الفيلم بـ«الجريء» لطرحه ما يقع على المسالمين من ظلمٍ في أي مكان بالعالم؛ مؤكداً على أن كرامة الإنسان والوطن تستحق أن يُجازف المرء من أجلها بأمور كثيرة، وتابع: «لذا لاحظنا رفض (سلمى) بطلة الفيلم، أن تكون بوقاً لشخصية تمثّل نموذجاً للفساد والفاسدين رغم كل الضغوط».

وأوضح رسمي محاسنة في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن الفيلم قدّم شخصياته على خلفية الحرب، عبر نماذج إنسانية متباينة، من بينها تُجار الحرب الذين استغلوا ظروف المجتمع، ومن بقي مُحتفّظاً بإنسانيته ووطنيته، قائلاً إن «السيناريو كُتب بشكل دقيق، وعلى الرغم من دورانه حول شخصية مركزية فإن المونتاج حافظ على إيقاع الشخصيات الأخرى، وكذلك الإيقاع العام للفيلم الذي لم نشعر لدى متابعته بالملل أو بالرتابة».

سُلاف والمخرج الراحل عبد اللطيف عبد الحميد في لقطة من الفيلم (القاهرة السينمائي)

وأشاد محاسنة بنهاية الفيلم مؤكداً أن «المشهد الختامي لم يجنح نحو الميلودراما، بل اختار نهاية قوية. كما جاء الفيلم دقيقاً في تصوير البيئة السورية»؛ مشيراً إلى أن «المخرج جود سعيد استطاع أن يُخرِج أفضل ما لدى أبطاله من أداء، فقدموا شخصيات الفيلم بأبعادها النفسية. كما وفُّق في إدارته للمجاميع».

واختتم محاسنة قائلاً: «تُدهشنا السينما السورية باستمرار، وتقدّم أجيالاً جديدة مثل جود سعيد الذي يتطوّر بشكل ممتاز، وفي رأيي هو مكسبٌ للسينما العربية».