فيروز في عيدها الـ89: «أناديكم هل تسمعون؟ مات أهلي!»

رسالة من التي غنّت لفلسطين كما لم يفعل أحد

عيد ميلاد فيروز العام الحالي ليس كالأعوام السابقة
عيد ميلاد فيروز العام الحالي ليس كالأعوام السابقة
TT

فيروز في عيدها الـ89: «أناديكم هل تسمعون؟ مات أهلي!»

عيد ميلاد فيروز العام الحالي ليس كالأعوام السابقة
عيد ميلاد فيروز العام الحالي ليس كالأعوام السابقة

هذه السنة، كل شيء مختلف، حتى عيد ميلاد فيروز، ليس كالأعوام السابقة. دأب اللبنانيون والعرب على معايدة معشوقتهم، بأساليب مختلفة، منها نشر صورها وأغنياتها، وكتابة المقالات، والتعبير عن مشاعرهم تجاهها على وسائل التواصل، وإهدائها تحياتهم وشوقهم للقائها.

وتعمل ابنة فيروز ريما الرحباني سنوياً على مقابلة هذا الحب العارم، بلفتة تنقلها نيابة عن «جارة القمر» إلى محبيها أينما كانوا، قد تكون كلمات أو صوراً أو شريط فيديو، أو كلها مجتمعة معاً.

هذه السنة، والوضع على ما هو عليه، لا بدّ أن السيدة حزينة، حزناً لا يحتمل، فحبها لفلسطين، وتعلّقها بمتابعة الأخبار السياسية هما مما عرف عنها دائماً. فهي مدمنة على متابعة التطورات السياسية بشكل دائم، وتلفازها لا يهدأ، وهي لا بدّ أنها متسمرة، هذه الأيام أمام الفظائع التي تنقلها المحطات، عمّا يُرتكب بحق أهل غزة.

لهذا وبمناسبة عيد ميلادها الـ89 نشرت ريما الرحباني شريطاً نادراً لوالدتها من كواليس تحضيرها لتسجيل أغنية في نيويورك عام 1981 كلماتها هي قصيدة جبران خليل جبران الشهيرة «يا بني أمي» التي لحنها الكبير زكي ناصيف وغنتها فيروز. ومما يردّده الناس كثيراً ويحفظونه، من هذه القصيدة، هو المقطع الذي يقول: «الوَيْلُ لأُمَّة كَثُرَتْ فيها طوائفها وقلَّ فيها الدّينْ، الوَيْلُ لها الوَيل الوَيلُ لها. والويلُ لأمّة تلبسُ مما لا تنسُج وتشرب مما لا تعصِر، الويلُ لها الويلُ الويلُ لها».

لكن ليس هذا هو المقطع الذي اختارته ريما لنشره وإنما في الشريط، نسمع صوت فيروز المؤثر يصدح بكلمات، كأنها ردّ على الهول الغزاوي، إذ تقول في أغنيتها كما هي منشورة:

في ظلام اللّيل أُناديكُم هل تسمعون؟

مات أهلي وعيونهم محدِّقةٌ في سواد السّماءْ

في ظلام اللّيل أُناديكم هل تسمعون؟

مات أهلي وغَمرَتْ تِلالَ بلادي دموعٌ ودماءْ

في ظلام اللّيل أُناديكم هل تسمعون؟ مات أهلي!

مات أهلي! مات أهلي! آه أهلي....

وجدير بالذكر أن هذه الكلمات كتبها جبران خليل جبران، تعبيراً عن تأثره وحزنه الكبيرين، بعد المجاعة التي ضربت لبنان خلال الحرب العالمية الأولى، وأودت بحياة الكثيرين. وفيروز التي ارتبط اسمها بالقضايا العربية، هي من بين أشهر من غنى لفلسطين، ولعل أكثر هذه الأغنيات ترداداً على الألسن هي «زهرة المدائن».

والأغنيات الجميلة التي قدمتها فيروز لفلسطين كان وراءها ابن يافا صبري الشريف، الذي كان شريكاً للأخوين رحباني في رحلتهما الفنية لردح طويل، كما أنه مخرج مسرحياتهما. في البدء، غنت فيروز لفلسطين رائعتها «راجعون». وبعد سقوط القدس عام 67 طلب وزير الإعلام الأردني صلاح أبو زيد، من صبري الشريف، أغنية للمناسبة على وجه السرعة، تكون بالمستوى الفني لأغنية «راجعون»، فكانت «زهرة المدائن». يومها أخبر صبري الشريف، منصور الرحباني بطلب الوزير الأردني، وعكف عاصي ومنصور على كتابة الأغنية وتلحينها، وسجلت، في ظرف ثلاثة أيام فقط، وأرسلت مع سائق خاص إلى الأردن وأذيعت في اليوم نفسه.

وأغنيات فيروز لفلسطين التي تحثّ على الصمود وشدّ السواعد عديدة، منها مباشر وواضح مثل «يافا»، و«سلامي لكم يا أهل الأرض المحتلة»، و«أنا لا أنساك فلسطين»، و«القدس العتيقة»، و«جسر العودة». وهناك أغنيات أرادتها فيروز لفلسطين محتفظة بالترميز مثل «شادي»، وكذلك «وحدن بيبقوا مثل زهر البيلسان» التي كتبت للفدائيين الفلسطينيين.

فيروز تغني كلمات جبران خليل جبران ردّاً على الهول الغزاوي على منصة «إكس»

 

وقد أرفقت ريما الرحباني الفيديو الذي نشرته بمناسبة عيد ميلاد والدتها، وفيه رسالة واضحة من السيدة إلى مظاليم الأرض، بالتعليق التالي: «عقبال كل سنة بالصحّة والحب وراحة البال، وبأيام أحلا وألطف وأَحن بالخير والعدل والسلام»، مضيفة: «من قلب القلب مُهداة لفلسطين، غمرت تلال بلادي الدموع والدماء».

ولا ينسى اللبنانيون عيد فيروز، الذي يصادف يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، ويسبق عيد الاستقلال بيوم واحد، حيث تحتفل اليوم الثلاثاء السيدة بعيد مولدها على إيقاع الألم العربي. وهذا المقطع المغنى لأغنية «يا بني أمي» نشرته ريما الرحباني على صفحتها الخاصة في موقع «إكس» وكذلك «فيسبوك»، ولاقى ردود فعل كثيرة ولفحة عارمة من الحب. ونرى في الشريط فيروز تتعاون مع مايسترو لتسجيل الأغنية، وهي تجلس على كرسي وتضع نظارات سوداء، وتتدخل لضبط الموسيقى مع الأداء، والمايسترو يبدي موافقته وإعجابه.

أما العام الماضي، فقد نشرت ريما شريطاً لوالدتها، وحولها مقربون، تطفئ شمعة عيدها الثامن والثمانين وظهرت السيدة فيروز بالفيديو متألقة، وسعيدة، وهي تقطع قالب الحلوى، وسط غناء الحاضرين.

عيد سعيد لسفيرتنا إلى النجوم، وعمر طويل تهدينا خلاله المزيد من حبها للعدالة الإنسانية.

 



حفلات غنائية «خجولة» بموسم العام الجديد بمصر

أنغام ستحيي حفلاً خارج مصر (حسابها على فيسبوك)
أنغام ستحيي حفلاً خارج مصر (حسابها على فيسبوك)
TT

حفلات غنائية «خجولة» بموسم العام الجديد بمصر

أنغام ستحيي حفلاً خارج مصر (حسابها على فيسبوك)
أنغام ستحيي حفلاً خارج مصر (حسابها على فيسبوك)

بعدما كانت تشهد مصر تنظيم نحو 30 حفلاً غنائياً بموسم «العام الجديد» في السنوات السابقة، فإن هذا العدد تراجع إلى نحو 10 حفلات فقط في موسم الاحتفال ببداية عام 2025.

وأرجع خبراء ومتابعون سبب هذا التراجع إلى الأحداث السياسية والحروب بمنطقة الشرق الأوسط، ورغم اتجاه مطربين مصريين إلى الغناء في بلدان عربية أخرى، فإن مطربين لبنانيين فضلوا إحياء حفلات العام الجديد في مصر، وفي مقدمتهم وائل جسار، الذي من المقرر أن يحيي حفلاً بأحد فنادق مدينة 6 أكتوبر (غرب القاهرة)، كما تحيي الفنانة نوال الزغبي حفل «ليلة رأس السنة» في مصر، وذلك بعد طرحها أغنيات مصرية بالآونة الأخيرة من بينها «حفلة»، و«أنا مش بتساب».

الملصق الدعائي لحفل رامي صبري (إنستغرام)

وأعرب الفنان وائل جسار عن سعادته لمقابلته الجمهور المصري في حفل «رأس السنة»، قائلاً لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدت منذ سنوات طويلة على إحياء حفلات رأس السنة بمصر، وبالنسبة لي أصبح الغناء في هذا اليوم بمصر أمراً مقدساً، (ليلة رأس السنة لا بد أن تكون في مصر)، وهذا العام سأحتفل معهم بنجاح أغنيتي (كل وعد)».

ومن أبرز الحفلات التي من المقرر أن تشهدها القاهرة في تلك الليلة، حفل الفنان رامي صبري، الذي من المقرر أن يقام في أحد فنادق القاهرة، والذي سيحييه بمفرده لتقديم باقة كبيرة من أغنياته الجديدة؛ نظراً لطرحه ألبومين غنائيين خلال العام المنقضي.

الملصق الدعائي لحفل وائل جسار ونوال الزغبي (إنستغرام)

وعلى مسرح البالون بالقاهرة، يحيي الفنان مصطفى قمر حفل العام الجديد بعد فترة غياب طويلة عن مشاركته مع وزارة الثقافة المصرية، ومن المتوقع أن يقدم مصطفى قمر مجموعة من أشهر أغانيه مثل «السود عيونه»، و«جت تصالحني»، و«مُنايا»، و«افتكروني».

كما يحيي الفنان هشام عباس بصحبة الفنان حميد الشاعري حفل رأس السنة 2025 في كايرو جاز كلاب Cairo Jazz Club في القاهرة.

وفي محافظة الإسكندرية (شمال مصر) يحيي الفنان تامر عاشور ليلة رأس السنة على مسرح راديسون بلو في الإسكندرية، وهو أول حفل جماهيري له بعد حصوله على جائزتين من حفل «بيلبورد للموسيقى العربية»، الذي أقيم في مدينة الرياض عن فئتي أفضل أغنية مصرية لعام 2024، وأغنية العام عربياً لعام 2024.

أنغام ستحيي حفلاً خارج مصر (حسابها على فيسبوك)

وفضل مطربون مصريون إحياء حفلات العام الميلادي الجديد خارج البلاد، وفي مقدمتهم الفنانة أنغام التي من المقرر أن تحيي حفلاً في أبوظبي ضمن فعاليات مهرجان «ليالي الوثبة»، كما سيشدو الفنان محمد حماقي بالإمارة نفسها، ولكن ضمن فعاليات مهرجان «أم الإمارات»، أما الفنان تامر حسني سيكون على موعد بالغناء مع الفنانة اللبنانية نانسي عجرم في حفل غنائي كبير في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة.

ويرى الناقد الفني المصري فوزي إبراهيم أن موسم حفلات رأس السنة في مصر جيد مقارنة ببعض الدول العربية المجاورة، مضيفاً: «يجب ألا نغفل الأحداث السياسية بالمنطقة التي تؤثر إلى حد بعيد على الفن والغناء»، لكنه شدد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن «عدد الحفلات يعد قليلاً مقارنة بما كانت تشهده مصر قبل عدة سنوات، حيث كانت تستضيف أكثر من 30 حفلاً غنائياً يضم نجوم الغناء العربي كافة»، كما أنه «لا يمكن إغفال الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر وتعد سبباً رئيسياً في انخفاض عدد الحفلات»، وفق تعبيره.

محمد حماقي سيحيي حفلاً في أبوظبي ضمن الاحتفال بالعام الميلادي الجديد (حسابه على فيسبوك)

وهو ما يتفق معه الناقد محمود عبد الحكيم، الذي يقول إن «عدد حفلات بداية العام الجديد يعد متوسطاً مقارنة بالسنوات الماضية، وذلك بسبب ارتفاع أسعار أجر المطربين وأسعار إيجار القاعات، لا سيما بعد تراجع سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي (الدولار الأميركي يعادل 50.8 جنيه مصري)، فأغلبية الفنانين والمطربين المصريين الكبار والعرب يتقاضون أجورهم بالدولار الأميركي، لذلك يتجه الكثير منهم للغناء في دول أخرى».

ويذهب عبد الحكيم في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الأمر لا يتوقف على أجور المطربين فقط، بل إن الآلات الموسيقية وإكسسوارات المسرح في الحفلات الكبرى يتم استيرادها من الخارج، وهو ما يتطلب عملة صعبة»، وفق تعبيره.