مهرجان «فنون الأداء» يستعيد «مونولوجات شكوكو»

دورته الثالثة تضم 6 عروض مسرحية

شكوكو وإسماعيل ياسين (أرشيفية)
شكوكو وإسماعيل ياسين (أرشيفية)
TT

مهرجان «فنون الأداء» يستعيد «مونولوجات شكوكو»

شكوكو وإسماعيل ياسين (أرشيفية)
شكوكو وإسماعيل ياسين (أرشيفية)

​استعاد مهرجان «فنون الأداء» المصري، الوجه الساخر للفنان الشعبي المصري محمود شكوكو «مايو (أيار) 1912- فبراير (شباط) 1985»، على مسرح سيد درويش بأكاديمية الفنون المصرية بالجيزة.

وارتبط اسم شكوكو بالدورة الثالثة التي أقيم حفل افتتاحها مساء الأحد، بعرض غنائي راقص بعنوان «حبيبي شغل كايرو»، وهو اسم المونولوج الذي قدمه شكوكو لأول مرة في فيلم «زقاق المدق»، وقد استوحى مخرج العرض عمرو محروس الموسيقى والغناء من العمل، وركز بطله على شخصية شكوكو، ومظهره المعروف، وهو يضع فوق رأسه «الطرطور المصري» الذي تشتهر به شخصية الأراجوز التراثية، والجلباب الفضفاض، والحزام، وهو يرقص ويغني ويقدم مونولوجاته على المسارح المختلفة داخل مصر وخارجها.

شكوكو في لقطة من أعماله السينمائية (أرشيفية)

ويقام المهرجان بمسرحَي: سيد درويش، ونهاد صليحة، ويستمر أسبوعاً كاملاً، ويقدم عروض: «الغجري»، و«مهرجان بكين»، و«عفريت لكل مواطن»، و«عطش السواقي»، و«إزاي تخنق جارك»، و«حديث الصباح والمساء»، ويشارك فيها 6 فرق مسرحية.

وقالت الدكتورة غادة جبارة، رئيسة أكاديمية الفنون، في حفل افتتاح المهرجان، إن الفنان محمود شكوكو ساهم في تشكيل جزء كبير من وجدان المصريين، ولديه طلة على الشاشة جعلت قلوب الملايين تنفتح له، إذ دخلها بعفويته، وبساطته في تقديم أعماله، سواء كانت أعمالاً سينمائية أو اسكتشات غنائية وراقصة، أو مونولوجات كوميدية ساخرة.

افتتاح مهرجان فنون الأداء (الشرق الأوسط)

وذكرت غادة جبارة أن شكوكو اشتهر في المرحلة الثانية من حياته الفنية بشخصية شعبية أبدعها على خشبة المسرح، واقترب بها كثيراً من مشاعر الجماهير. وهذه الهيئة التي ظهر بها لا يمكن أن تُمحَى من الذاكرة؛ لأنها مرتبطة بأعمال ساخرة وفريدة من نوعها، والتي قدمها شكوكو في إطار كاريكاتيري فكاهي جذب بها ملايين المصريين لأعماله، وجعلته قريباً من حياة الناس، لدرجة أنه كان الفنان المصري الوحيد الذي تباع تماثيل له من الجبس في ربوع مصر.

وأشارت غادة جبارة إلى أن الدورة الحالية تَقدَّمت لها 9 عروض مسرحية، تم اختيار 6 منها للعرض في المهرجان، عن طريق لجنة تحكيم ترأستها الفنانة الدكتورة سامية حبيب، وتتألف من 5 من النقاد والفنانين.

شكوكو (أرشيفية)

وقدم شكوكو على مدار تاريخه الفني 600 مونولوج، وكانت بدايته السينمائية عبر فيلم «بحبح في بغداد»، عندما اختاره المخرج حسين فوزي عام 1942 لتقديم دور صغير، بعدها توالت أعماله السينمائية، وكوَّن ثنائياً فنياً مع الممثل إسماعيل ياسين، وقدم كثيراً من الأفلام المهمة، منها: «المعلم بلبل»، و«ليلة العيد»، و«البني آدم»، وكان آخر أفلامه «شلة الأنس» عام 1976.

شكوكو وإسماعيل ياسين (أرشيفية)

وتعتبر الدكتورة سامية حبيب، رئيسة لجنة تحكيم المهرجان، الفنان محمود شكوكو، شخصية مهمة جداً في تاريخ الفنون الشعبية المصرية، وتضيف لـ«الشرق الأوسط»: «يستحق التكريم والإشادة، فقد ساعد وجوده وما قدمه من أعمال سينمائية ومونولوجات على الحفاظ على كثير من أشكال الفنون الشعبية المصرية التي قدمها تارة بزيه الفلكلوري المميز، وتارة أخرى باستخدام الأراجوز».

«شكل المونولوج الذي قدمه شكوكو لم يكن تقليدياً»، حسب سامية حبيب التي تراه «مختلفاً ومميزاً للغاية؛ حيث ينبع المونولوج من روحه وتعمقه في الشخصية المصرية والوجدان الشعبي، وخفة ظله التي لم يكن لها مثيل»، وفق تعبيرها.

شكوكو في مرحلة الشباب (أرشيفية)

وذكرت سامية حبيب أن «الأجيال الجديدة من الفنانين التي لم ترَ شكوكو ولم تعاصر تألقه في مجال السينما وعلى المسرح في الحفلات المختلفة، حين تنظر لأعماله تدرك قيمته، وأهمية ما قدم في مجالات الإبداع المختلفة، وتكتشف أن له مكانة كبيرة تضعه في مقام أساتذة الفن الشعبي المصري وروَّاده المتميزين».


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
TT

محمد رحيم... رحيل يستدعي حزن جيل التسعينات

الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)
الملحن المصري محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ما أن تم الإعلان عن خبر الرحيل المفاجئ للملحن المصري محمد رحيم، حتى سيطرت أجواء حزينة على الوسط الفني عامة والموسيقي خاصة بمصر، كما أعرب عدد كبير من متابعي «السوشيال ميديا» من جيل التسعينات والثمانينات عن حزنهم العميق لرحيل ملحنهم «المحبوب» الذي يعتبرونه أفضل من عبّر عن أحلامهم وصدماتهم، مشيرين إلى أن رحيله «خسارة فادحة» لعالم الموسيقى والغناء عربياً.

وبدأ الملحن المصري محمد رحيم مسيرته المهنية مبكراً، إذ تعاون مع نخبة كبيرة من النجوم بمصر والعالم العربي، وكان قاسماً مشتركاً في تألقهم، كما صنع لنفسه ذكرى داخل كل بيت عبر أعماله التي تميزت بالتنوع ووصلت للعالمية، وفق نقاد.

الشاعر فوزي إبراهيم والمطربة آية عبد الله والملحن محمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

ومن بين النجوم الذين تعاون معهم رحيم عمرو دياب، ونانسي عجرم، ومحمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، وروبي، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

وقدم رحيم أول ألحانه مع الفنان عمرو دياب أواخر تسعينات القرن الماضي، قبل أن يكمل عامه الـ20، من خلال أغنية «وغلاوتك» ضمن شريط «عودوني»، التي حققت نجاحاً كبيراً وكانت بداية الطريق لأرشيف غنائي كبير صنع اسم رحيم في عالم الفن.

وقدم رحيم، الذي رحل السبت عن عمر يناهز الـ45 عاماً، مع عمرو دياب أغنية «حبيبي ولا على باله»، التي حصد عنها دياب جائزة «ميوزك أورد» العالمية عام 2001.

بدأ رحيم في عصر ازدهار «شرائط الكاسيت»، التي كانت الملاذ الوحيد لمحبي الأغاني وخصوصاً في مواسم الإجازات، وانتظار محلات وأكشاك بيع الشرائط في الشوارع والميادين بمصر كي تعلن عبر صوت صاخب طرح «شريط جديد».

الملحن محمد رحيم والمطربة جنات (حساب رحيم على فيسبوك)

ووفق موسيقيين؛ فإن الملحن الراحل قد نجح في صناعة ألحان يعتبرها جيل التسعينات والثمانينات «نوستالجيا»، على غرار «أنا لو قلت» لمحمد فؤاد، و«الليالي» لنوال الزغبي، و«يصعب علي» لحميد الشاعري، و«ياللي بتغيب» لمحمد محيي، و«أحلف بالله» لهيثم شاكر، و«جت تصالحني» لمصطفى قمر، و«مشتاق» لإيهاب توفيق، و«أنا في الغرام» لشيرين، وغيرهم. لذلك لم يكن مستغرباً تعليقات نجوم الغناء على رحيل رحيم بكلمات مؤثرة.

ويرى الشاعر والناقد الموسيقى المصري فوزي إبراهيم أن «محمد رحيم ملحن كان يتمتع بموهبة فريدة، وألحانه تميزت بالبساطة والقرب من ذائقة الجمهور التي يعرفها بمجرد سماعها، لذلك اقتربت موسيقاه من أجيال عدة».

لم يقم الموسيقار الراحل باستعارة أو اقتباس جمل موسيقية مطلقاً خلال مشواره، بل اعتمد على موهبته الإبداعية، برغم ترجمة أعماله للغات عدة، وفق إبراهيم، الذي أشار في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى «أن محمد منير وصف رحيم بأنه (أمل مصر في الموسيقى)، مثلما قالها عبد الحليم حافظ للموسيقار بليغ حمدي».

محمد حماقي ومحمد رحيم (حساب رحيم على فيسبوك)

«بدأ شاباً وكان يعي متطلبات الشباب»، على حد تعبير الناقد الموسيقى المصري أمجد مصطفى، الذي يقول في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «ارتباط جيل التسعينات بأعماله يرجع لكونه نجح في القرب منهم والتعبير عن أحلامهم ومشاعرهم، بجانب ثقافته الموسيقية المبكرة التي حملت أبعاداً مختلفة».

ولفت مصطفى إلى أن «رحيم كان تلميذاً للملحن الليبي ناصر المزداوي، الذي يتمتع بتجارب عالمية عديدة، كما أن رحيم كان متميزاً في فن اختيار الأصوات التي تبرز ألحانه، بجانب إحساسه الفني الذي صنع شخصيته وميزته عن أبناء جيله».

الملحن محمد رحيم والفنان محمد منير (حساب رحيم على فيسبوك)

وكان للملحن المصري بصمة واضحة عبر أشهر شرائط الكاسيت مثل «الحب الحقيقي» لمحمد فؤاد، و«عودوني» لعمرو دياب، و«غزالي» لحميد الشاعري، و«أخبارك إيه» لمايا نصري، و«صورة ودمعة» لمحمد محيي، و«شوق العيون» لرجاء بلمليح، و«وحداني» لخالد عجاج، و«حبيب حياتي» لمصطفى قمر، و«عايشالك» لإليسا، و«جرح تاني» لشيرين، و«قوم أقف» لبهاء سلطان، و«ليالي الشوق» لشذى، و«ليلي نهاري» لعمرو دياب، و«طعم البيوت» لمحمد منير، وغيرها من الألحان اللافتة.

الملحن محمد رحيم والفنانة نانسي عجرم (حساب رحيم على فيسبوك)

من جانبها قالت الشاعرة المصرية منة القيعي إنها من جيل التسعينات وارتباطها بأغاني رحيم لم يكن من فراغ، خصوصاً أغنية «غلاوتك»، التي أصرت على وجودها خلال احتفالها بخطبتها قبل عدة أشهر، رغم مرور ما يقرب من 26 عاماً على إصدارها.

وتوضح منة لـ«الشرق الأوسط» أن «رحيم كان صديقاً للجميع، ولديه حس فني وشعور بمتطلبات الأجيال، ويعرف كيف يصل إليهم بسهولة، كما أن اجتماع الناس على حبه نابع من ارتباطهم بأعماله التي عاشت معهم ولها ذكرى لن تزول من أذهانهم».

الملحن محمد رحيم والموسيقار الراحل حلمي بكر (حساب رحيم على فيسبوك)

وتؤكد منة أن «ألحان رحيم جزء لا يتجزأ من الهوية المصرية، والقوى الناعمة التي تملكها مصر، وفنه الراسخ هو (تحويشة) عمره، فقد بدأ صغيراً ورحل صغيراً، لكن عمره الفني كان كبيراً، وأثر في أجيال عديدة». على حد تعبيرها.