متحف الفن المعاصر في العلا... منها وإليها

«الشرق الأوسط» تحاور مديرة المتحف كانديدا بستانا والقيمة الفنية حفصة الخضيري

البلدة القديمة بالعلا (واس)
البلدة القديمة بالعلا (واس)
TT

متحف الفن المعاصر في العلا... منها وإليها

البلدة القديمة بالعلا (واس)
البلدة القديمة بالعلا (واس)

قد لا نتخيل كم العمل الذي يدور الآن في العلا بالسعودية، خليات نحل تعمل على مدار الساعة من أجل تنفيذ مشروعات ثقافية ضخمة من شأنها تحويل العلا إلى محطة فنية وثقافية مميزة ليس فقط في المنطقة بل في العالم أيضا. ولا أدل على ذلك من الشراكات التي عقدتها الهيئة الملكية لمحافظة العلا مع مؤسسات ومتاحف عالمية لتطوير المتاحف القادمة لتلك البقعة النادرة الجمال في السعودية ومنها مركز جورج بومبيدو للفن المعاصر بباريس.

وبعد الإعلان في فينيسيا هذا العام عن المعماريين المكلفين بتصميم متحف الفن المعاصر ومتحف البخور، ننتظر بصبر نافد أي أخبار عن تطور العمل في المتحفين. لم يدم صبري طويلا لأتعرف أكثر على ما يجري حاليا وراء الكواليس خاصة بالنسبة إلى متحف الفن المعاصر المرتقب.

وبما أن لندن تعد عاصمة الفن العالمي فلم يكن بالمستغرب أن ألتقي بمديرة متحف الفن المعاصر كانديدا بستانا والقيمة حفصة الخضيري خلال حضورهما فعاليات معرض «فريز لندن» للفنون.

حفصة الخضيري (الشرق الأوسط)

اللقاء الذي تم في أرض معرض «فريز» تميز بأجواء فنية خالصة، وعلى وقع أصوات مكائن القهوة والمحادثات الشائقة بين زوار المعرض أجلس مع بستانا والخضيري لألتقط بعض التفاصيل عن تطور العمل في متحف الفن المعاصر.

تحدثني حفصة الخضيري بحماسة واضحة عن عملها كقيمة في المتحف، أبدأ بسؤال «أين أنتم الآن؟ في أي مرحلة؟» تجيبني وتعود بي للإعلان عن المصممة المعمارية لينا غوتمة لتصميم مبنى المتحف ونقطة مهمة في كل المؤسسات الفنية التي ستحتضنها العلا وهو أن كل الأعمال القائمة حاليا تحرص على المحافظة على بيئة العلا وإرثها الحضاري والاجتماعي، وتقول «حاليا نضع استراتيجية للمجموعة الفنية التي ستعرض في المتحف، ولكننا نريد أن نحكي قصة العلا على نحو معاصر من خلال الأعمال التي ستنضم لمجموعة المتحف».

توضح أن العلا هي الأساس وأيضا جانب مهم من السرد الفني، ملقية بتساؤل «ولكن كيف يمكن أن نحكي قصة العلا المعاصرة من دون الحديث عن تاريخ الفن؟»، وهنا التاريخ يتضمن الحديث عن الفن السعودي، رغم أن المتحف يحمل هوية «الفن المعاصر» إلا أن ذلك لا يعني ابتسار التاريخ القريب لرحلة الفن السعودي «من الضروري أن نتحدث عن الفنانين المعاصرين في السعودية وأن نبدأ ذلك بالحديث عن الفنانين السابقين، نتحدث على مستوى إقليمي وعالمي لأننا نريد أن نربط بين السعودية والعلا من ناحية والعالم من ناحية أخرى» العلا كانت لها صلات تاريخية بالعالم بحكم موقعها على طريق البخور، كانت القوافل تأتي من اليمن وتمر من عندنا في طريقها لجميع أنحاء العالم.

«في السرد الفني لمتحف الفن المعاصر بالعلا تبدو الرؤية متجهة نحو التواصل مع العالم». أسألها: «كيف ستتمثل العلا في المجموعة. أم هل كونها موقع المتحف يكفي؟» تجيبني «بالتأكيد ستكون ممثلة عبر تاريخها وعبر بيئتها، يجب ألا ننسى أن المتحف سيكون وسط الواحة، بنخيلها ومياهها، من المهم لنا أن تدخل هذه العوامل داخل قصة الفن الذي نقتنيه حاليا».

أتلمس تفاصيل أكثر عن هوية الأعمال التي ستنضم للمجموعة الفنية في المتحف، وهنا تشير إلى أن الأعمال الفنية التي قدمتها الدورات المتتالية من معرض «ديزيرت إكس العلا» ستضمن مكانها المميز في مجموعة المتحف، كما سيكون الحال مع الأعمال الضخمة التي تنفذ حاليا ضمن مشروع «وادي الفن» الذي يجري فيه العمل حاليا.

عندما ننظر إلى أعمال فن الأرض التي بهرت الجمهور في «ديزيرت إكس العلا» والأعمال القادمة ضمن مشروع «وادي الفن»، لا بد من أن نغير من طريقة التفكير التقليدية في مفهوم المتحف، فالأعمال التي اتخذت، وستتخذ أماكن مميزة على رمال الصحراء، وعلى الجبال في العلا يمكن أن تكون ضمن مجموعة المتحف المقبل حتى، وإن كانت خارج جدرانه، بالنسبة إلى الخضير المهم عند التفكير في تلك الأعمال أن تكون جزءا من قصة المتحف. هي جزء من القصة الفنية، أي شيء يصير في العلا هو جزء من الإرث والقصة، نحن نقوم ببناء شيء جديد، فن معاصر نقدمه في جو جديد.

ولكن أعود لأؤكد أننا لا نزال في مرحلة وضع الاستراتيجية، ولم تتكون الصورة بعد. هذه العوامل كلها تدخل ضمن إطار التفكير، نريد أن يشعر أي فنان مشارك في أي مشروع فني في العلا أنه جزء من تاريخ المدينة. بما أن أعمال «ديزيرت إكس العلا» و«وادي الفن» لفنانين عالميين أجدني أتساءل عن نسبة الفنانين السعوديين والعرب في المتحف، هنا تؤكد أن نسبة أعمال الفنانين السعوديين والعرب سيكون لها المجال الأكبر في مساحات العرض.

عمل للفنانة دانا عورتاني في «ديزيرت إكس العلا» (الهيئة الملكية للعلا)

مرحلة الاختيار والانتقاء تتحدث الخضيري عن مشاهداتها في معرض «فريز»، وهو أمر له علاقة بمعرفة آخر الأعمال المعاصرة من العالم، وربما للاستفادة من المشاهدات في أثناء عملية الانتقاء، ولكن الإجابة بالقطع ستكون عند الخبيرة، ومن هنا أسألها: «كيف تسير عملية الاقتناء، من جانبكم تبحثون أم ترسل لكم مقترحات؟» تقول إنَّ الأمر يتم في إطار ما تصفه «باكتشاف الفنانين»، وتسرع لتوضح مقصدها: «في الأغلب نحن نكتشف فنانين، ليس بمعنى أنهم قد يكونون غير معروفين، ولكننا نكتشفهم ضمن إطار العلا، ما هي أبرز أعمالهم وما هي طريقة تفكيرهم، وكيف يمكن ربط كل ذلك ضمن إطار قصة العلا».

عملية الاقتناء تتضمن الحصول على أعمال موجودة بالفعل أو التكليف بتنفيذ أعمال أخرى، يتضمن الأمر أيضا الاطلاع على الأعمال التي تنفذ ضمن برامج الإقامات الفنية المتعددة في العلا، إضافةً إلى ذلك يقوم فريق المتحف بخوض محادثات ومناقشات مع فنانين مختلفين، هنا تشير إلى نقطة مهمة «نضع في الحسبان الفنانين العرب المغتربين، نحرص على وجودهم وحكي قصصهم أيضا».

كانديدا بستانا والعرض المتحفي تنضم للنقاش مديرة المتحف كانديدا بستانا، وهي ليست غريبة عن الجو الفني في السعودية فهي كانت سابقاً المنسق الرئيسي للفن المعاصر في إثراء، مركز الملك عبد العزيز للثقافة العالمية، في الظهران.

كانديدا بستانا (الشرق الأوسط)

أقول لها إننا كنا نتحدث عن أعمال الفن المعاصر والحديث في السعودية وما قالته المنسقة الخضيري حول أن المتحف سيعكس رحلة الفن السعودي أيضا، ما يهم بستانا هنا الإشارة إلى أن العرض الفني في المتحف لن يتبع سياقا زمنيا متسلسلا، ولكن: «عندما نرى مجموعة الأعمال الفنية لأي فنان لا يمكننا إغفال جانب من إنتاجه الفني فهو جانب من تطوره كفنان، نريد أن يرى الفنانون في المنطقة أن يشاهدوا ذلك التطور الذي هو جزء من تطور المنطقة، ما أقوله باختصار هو أن العرض المتحفي لن يخضع للتسلسل الزمني بل سيكون عاكسا عملية التطور من الفن الحديث إلى وضع أكثر معاصرة». في حديثها تؤكد على أن الهدف الأساسي الذي تضعه نصب عينيها في مرحلة تكوين المجموعة الفنية للمتحف أن يكون «متوائما مع مدينة العلا. نقوم بتكوين مؤسسة فنية مقرها من العلا وهدفها خدمة العلا».

يأخذني حديثها للتساؤل عن المشروع: «تتحدثين كثيرا عن أن العلا هي المحور الأساسي للمتحف، هل سيعبر المتحف أيضا عن بقية مناطق المملكة والموضوعات التي تشغل قاطنيها وقصصهم؟» تجيب بستانا قائلة: «نحن جزء من الحوار، المتحف سيكون طرفاً في حوار مع المؤسسات الفنية في مناطق مختلفة بالمملكة، ليس الأمر كما نرى في أوروبا حيث ظهرت المؤسسات الفنية على مراحل زمنية مختلفة، وقد تتشابه كثيرا، لدينا وضع مختلف هنا، ونعتبر أنفسنا محظوظين لأننا نستطيع الاستفادة من تلك المؤسسات. ثم إن المؤسسات في المملكة بحكم تقارب الزمن ستكون مكملة لبعضها البعض، فنحن نتوجه لنفس الناس والمجتمع ونفس المنطقة».

عمل للفنانة شادية عالم في «ديزيرت إكس العلا» (لانس غربر-الهيئة الملكية للعلا)

من العام إلى الخاص أنقل بستانا إلى ما يمكن الحصول عليه من تفاصيل حول أقسام المتحف وطوابقه. تجيبني بفكرة عامة عن المتحف تنطلق من أن أنه سيكون خاصا بالمنطقة «إذا أخرجتِ المتحف من العلا فسيفقد الكثير من معناه»، وتضيف «حاليا نتحدث مع الفنانين، ونأخذ الأمور بهوادة».

في خلال حديثها تقول بستانا «إن هناك حلقات مناقشة مع أهالي العلا بدأت هذا الشهر لتطلق الحوار حول ما يمكن أن يقدمه متحف الفن المعاصر للمنطقة، في حلقات النقاش نتحدث مع الجمهور العام من المزارعين والمدرسين إلى الأهالي، ونسألهم كيف يمكننا أن نفيدكم، وكيف يمكن أن تفيد الأعمال الفنية التي سنعرضها للدراسين والباحثين والمدرسين والطلاب، كيف يمكن أن تفيدهم المكتبة التي ستكون ملحقة بالمتحف، نريد أن نسمع منهم». هنا تضيف حفصة الخضيري «نتواصل مع أهالي العلا بطرق مباشرة وغير مباشرة، رأينا كيف تعاملوا مع الفعاليات الفنية المختلفة التي أقيمت هنا، نفهم أن لديهم بعض التفضيلات منها أن تكون الفعاليات متوافقة مع العائلات».

البلدة القديمة بالعلا (واس)

أترك حفصة وكانديدا لاستكمال جولتيهما في معرض فريز وأسرح بأفكاري للمستقبل وللمتحف الجديد وما سيقدمه للمجتمع.


مقالات ذات صلة

منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

عالم الاعمال منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

منتجع «بانيان تري» العُلا يطلق مجموعة متنوعة من العروض

«بانيان تري العُلا» يكشف عن تقديم مجموعة متنوعة من العروض لموسم العطلات

يوميات الشرق أعضاء اللجنة الوزارية أعربوا عن رغبتهم في تعزيز التعاون بما يعكس الهوية الثقافية والتاريخية الفريدة للمنطقة (واس)

التزام سعودي - فرنسي للارتقاء بالشراكة الثنائية بشأن «العلا»

أكد أعضاء اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير «العلا»، السبت، التزامهم بالعمل للارتقاء بالشراكة الثنائية إلى مستويات أعلى.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج صورة جماعية لاجتماع اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية في باريس الجمعة (الشرق الأوسط)

اجتماع للجنة السعودية - الفرنسية المشتركة لتطوير محافظة العلا

اجتماع للجنة السعودية - الفرنسية المشتركة لتطوير محافظة العلا، وبيان لـ«الخارجية الفرنسية» يؤكد توجيه فرنسا إمكاناتها وخبراتها لتطوير المنطقة.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق اجتماع اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية استعرض الإنجازات (وزارة الخارجية السعودية)

اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن «العُلا» تناقش توسيع التعاون

ناقشت اللجنة الوزارية السعودية - الفرنسية بشأن تطوير العُلا سبل توسيع التعاون المشترك بين الجانبين في مختلف القطاعات، خصوصاً في مجالات الآثار والرياضة والفنون.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الخليج الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يصل إلى فرنسا للمشاركة في اجتماع «تطوير العلا»

وصل وزير الخارجية السعودي، إلى العاصمة الفرنسية باريس، اليوم؛ للمشاركة في الاجتماع الثاني لتطوير مشروع العلا.

«الشرق الأوسط» (باريس)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
TT

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)
جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

عاماً بعد عام وبدأب وطموح كبيرين يُثبت معرض فن أبوظبي مكانه في خارطة المعارض الفنية العربية، وهذا العام احتفل بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم في مقره بجزيرة السعديات الملتفة برداء الفنون. التجول في أروقة المعرض الفني يحمل الكثير من المتعة البصرية والفنية، نعيد مشاهدة أعمال لفنانين كبار، ونكتشف أعمالاً لم نرها من قبل لفنانين آخرين، ونكتشف في وسط ذلك النجوم الصاعدة. ولم يختلف الوضع هذا العام بل أضاف أقساماً جديدة ليستكشف الزائر من خلالها أعمالاً فنية بعضها عتيق وبعضها حديث، من الأقسام الجديدة هناك «صالون مقتني الفنون» و«فن جريء، فن جديد» و«طريق الحرير، الهويات المتبادلة» إضافة إلى معرض منفصل من مجموعة فرجام عن الفن الحديث والتحرر من الاستعمار سنعود له لاحقاً.

جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

صالون مقتني الفنون

يُعد إضافة مميزة لنسخة هذا العام، ويعرض المخطوطات والأسطرلابات والتحف التاريخية والكتب النادرة بتنظيم من روكسان زند. نطلق الجولة من غرفة أنيقة حملت جدرانها خريطة ضخمة أحاط بها من اليمين واليسار قطعتان مثبتتان على الحائط، ونقرأ أنها كانت تُستخدم لحمل العمامة في العهد العثماني، في كوات حائطية نرى أطباقاً من الخزف أحدها يعود للقرن الـ16، ويصور فارساً عربياً على صهوة جواده، وفي أخرى إبريق ذهبي اللون يعود للعهد العثماني. في جناح «شابيرو للكتب النادرة» من بريطانيا نرى نسخاً من مصاحف تاريخية مزخرفة ومذهبة بجمال وحرفة لا تتخطاها العين، ما يجذب الزائر هو أن الكتب والمصاحف كلها في متناول اليد مفتوحة الصفحات ومنتظمة في عرض جميل.

مصاحف أثرية (الشرق الأوسط)

تستعرض القائمة على العرض بعض القطع المميزة، وتقول: «إنها المرة الأولى التي نشارك فيها في معرض أبوظبي. نعرض بعض المخطوطات والكتب النادرة من متجرنا في لندن، منها صفحة من مصحف بالخط الحجازي يعود للقرن السابع، وبعض المصاحف المصغرة أحدها يعود للقرن الـ19». وعن الأسعار تقول إنها تتراوح ما بين آلاف الدولارات لبعض اللوحات التي تعود لعهد الحملة الفرنسية على مصر، أما المصاحف فتتراوح أسعارها حسب تاريخها ونسبة مالكيها السابقين، كمثال تشير إلى نسخة تعود لبلاد فارس في القرن الـ16 سعرها 335 ألف دولار، وصحائف من القرآن تتراوح أسعارها ما بين 20 و30 ألف دولار. هنا أكثر من مثال للمصاحف المصغرة منها مصحف مكتوب بدقة متناهية بالذهب على أوراق خضراء اللون مشكلة على نحو ورق الشجر، وبجانبه نرى مصحفاً مصغراً آخر محفوظاً في علبة ذهبية تتوسطها عدسة مكبرة. الكتابة دقيقة جداً، وهو ما يفسر وجود العدسة المكبرة، تقول: «هذا المصحف ليس مكتوباً باليد مثل المصاحف الأخرى هنا، بل مطبوع من قبل دار نشر في غلاسكو في عام 1900 باستخدام تقنية جديدة للطباعة الفوتوغرافية. ومثل هذا النوع من المصاحف المصغرة كانت تطبع لاستخدام الجنود البريطانيين المسلمين في الحرب العالمية الأولى، وكانوا يرتدونها معلقة في قلائد كتعويذة، يقدر سعر المصحف بـ3.5 ألف دولار أما المصحف على هيئة ورقة الشجر فيقدر سعره بـ40 ألف دولار.

مصحف مصغر مطبوع في غلاسكو عام 1900

نمر على «غاليري آري جان» الذي يعرض لوحات المستشرقين من القرن الـ19، ومنها أعمال جاك ماجوريل، ثم نصل إلى جناح «كتب دانيال كاروش النادرة» الذي يعرض مكتبة تضم أكثر من 500 ألبوم صور تحتوي على صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي الأوسع. هنا نرى مجموعة من الصور النادرة المكبرة معروضة على كامل الحائط، من ضمنها صور من الجزيرة العربية قديماً، بعضها لأشخاص مشهورين مثل الرحالة غيرترود بيل ولورانس العرب، وغيرها لأشخاص لا نعرف أسماءهم، نرى أيضاً صوراً للكعبة المكرمة وصوراً عامة لأشخاص يرتدون الزي العربي. في الصدارة مجموعة من المجلدات، يقول عنها المشرف على الجناح إنها المجموعة الكاملة التي تضم 33 ألف صورة من 350 ألبوماً، يقول: «إنَّ المجموعة تعود لسيدة من لندن تُدْعَى جيني ألزوث، وإنها جمعت الصور على مدى 25 إلى 30 عاماً. الشيء المثير للاهتمام في هذه المجموعة هو أنها تعبّر عن لمحات من الحياة اليومية في الجزيرة العربية التقطها زوار أوروبيون بريطانيون على مدار 130 عاماً».

صور تاريخية للإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية والعالم العربي

يضيف محدثنا أن الصور لم تنشر من قبل، «نأمل أن تقدم هذه الصور سرداً لتاريخ المنطقة لم يوثقه أحد من قبل»، ويقدر سعرها بمبلغ 2 مليون دولار.

ولفت جناح دار «كسكينار - كنت آنتيكس» الأنظار إليه بمجسم لحصان وضع عليه سرج صُنع للسلطان العثماني سليم الثالث (1789-1807) ومزين بـ1036 شكلاً مذهباً، منها أكثر من 500 نجمة فضية، وكل نجمة يصل وزنها إلى 11 غراماً تقريباً، ويصل سعر السرج إلى 3 ملايين دولار.

«فن جريء، فن جديد»

«فن جريء، فن جديد»، بإشراف ميرنا عياد، يعيد عرض أعمال لفنانين مهمين كان لهم أدوار محورية في تاريخ الفن في المنطقة. من خلاله تستعرض صالات من تونس ومصر وفلسطين ولبنان والمملكة العربية السعودية وإيران وفرنسا، مجموعة ملهمة من أعمال الفن الحديث لفنانين وفنانات رواد من أوائل الستينات، وحتى أوائل الثمانينات»، وفي هذا الإطار نستمتع بنماذج رفيعة لرواد أمثال إنجي أفلاطون من مصر ونبيل نحاس من لبنان وسامي المرزوقي من السعودية وغيرهم. الأعمال المعروضة في هذا القسم لها ألق خاص فهي تعيد فنانين حفروا أسماءهم في تاريخ الفنون في بلادهم، وفي الوطن العربي بعضهم انحسرت عنه أضواء السوق الفنية، وأعادها العرض مرة أخرى لدائرة الضوء.

عمل للفنانة المصرية إنجي أفلاطون (الشرق الأوسط)

في «غاليري ون» نرى أعمالاً للفنانة الأردنية الفلسطينية نبيلة حلمي (1940-2011)، يصف موقع المتحف الوطني الأردني أسلوب الفنانة الراحلة بأنه خليط من «الكولاج والألوان المائية والحبر الصيني. تتميز أعمالها الزيتية بشفافية حالمة وعفوية، فيها تجريد تعبيري يتسم بالغموض والنضج الفني». نرى هنا نماذج لأعمالها، ونتحدث مع المشرف على القاعة عنها، يقول إنَّ الفنانة لها أعمال في متاحف عالمية وعربية، ولكنها قليلة في السوق التجارية. الفنانة الثانية هي إميلي فانوس عازر (فلسطينية، مواليد الرملة عام 1949)، ويعرض لها الغاليري أكثر من عمل منها بورتريه لامرأة تنظر إلى الأمام بينما عقدت ذراعيها أمامها، العمل يجبر الزائر على التوقف أمامه والتأمل فيما يمكن أن تخفيه تلك المرأة خلف نظرتها الواثقة والعزيمة التي تنبعث منها.

بورتريه للفنانة إميلي فانوس عازر (الشرق الأوسط)

من مصر يقدم «أوبونتو آرت غاليري» المشارك للمرة الأولى عدداً من أعمال الفنان المصري إيهاب شاكر (1933-2017)، المألوفة للعين، فالفنان له خطوط مميزة رأيناها في أعمال الكاريكاتير التي نشرها في الصحف المصرية. يقول المسؤول عن الغاليري إن شاكر انتقل للعمل في مسرح العرائس مع شقيقه ناجي شاكر قبل أن يسافر إلى فرنسا في عام 1968 حيث عمل في مجال أفلام الرسوم المتحركة، ونال عدداً من الجوائز عن أحد أفلامه. تلفتنا تعبيرات شاكر التي تحمل عناصر شعبية مصرية يقول عنها محدثنا إنَّها تبعث البهجة، ويشير إلى أن الحس الموسيقي يميز أعمال الفنان أيضاً، ويظهر ذلك في الوحدة والتناغم بين العناصر، ويؤكد أن «لديه خطوطاً مختلفة عن أي فنان آخر».

من أعمال الفنان إيهاب شاكر (الشرق الأوسط)

 

في «غاليري بركات» من بيروت نجد مجموعة من الأعمال المتنوعة ما بين اللوحات والمنحوتات الخشبية والبرونزية، يتحدث معنا صالح بركات مالك الغاليري عن الأعمال المعروضة، ويبدأ بالإشارة لعمل ضخم من البرونز للفنان معتصم الكبيسي يمثل أشخاصاً يتهامسون: «يعكس خلفيات المسرح السياسي، الكل يتهامس، وما لا يقال قد يكون أكثر أهمية مما يقال». للفنان جوزف الحوراني منحوتات خشبية تحمل كتابات بالخط العربي، تنتظم ببراعة، وتتضافر في تشكيلات خشبية مدهشة تجعلنا ندور حولها، ونحاول قراءة الجمل المكتوبة، ومنها «مصائب قوم عند قوم فوائد» و«بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـٰنِ الرَّحِيمِ». «عبقرية!» يصفها صالح بركات، ويتحدث عن الخط العربي ونقله للعالم المعاصر: «أنا اليوم يعنيني أن نحافظ على تراثنا بطريقة عصرية. نريد أن نأخذ تراثنا للمستقبل».

من أعمال الفنان العراقي سيروان باران (الشرق الأوسط)

ينتقل إلى عملين للفنان سروان بهما الكثير من الحركة، نرى أشخاصاً يتحركون في اتجاهات مختلفة، يحملون حقائب وأمتعة، ليست حركة مرحة بل متعجلة، يعلق: «الفنان لا يتحدث فقط عمّن يرحل، بل أيضاً عمّن يعود، حالات ذهاب وعودة وضياع».

 

الفن السعودي حاضر

عبر مشاركات في «غاليري أثر» و«غاليري حافظ» نرى عدداً من الأعمال الفنية السعودية المميزة، فيعرض «غاليري أثر» مجموعة من أعمال الفنانة المبدعة أسماء باهميم تفيض بالحيوانات الأسطورية وقصص من الخيال مرسومة على الورق الذي تصنعه الفنانة بيدها. للفنانة باهميم هنا مجموعتان جذابتان: «ملاحظات في الوقت» و«فانتازيا». تستكشف الأخيرة الفروق الدقيقة والتعقيدات في سرد القصص. وتتعمق «ملاحظات في الوقت»، وهي سلسلة أحدث، في الفولكلور العربي، وتفحص الأدوار الجنسانية في الحكايات التقليدية وتأثيرها اللاحق على الهوية الثقافية.

من أعمال الفنانة أسماء باهميم (الشرق الأوسط)

كما يقدم «أثر» عدداً من أعمال رامي فاروق الفنية وسلسلة للفنانة سارة عبدو بعنوان «الآن بعد أن فقدتك في أحلامي، أين نلتقي». أما «غاليري حافظ» فيقدم صالتين تتضمنان أعمال مجموعة من الفنانين المعاصرين والحديثين، فيقدم عدداً من أعمال الفنان سامي المرزوقي تتميز بألوانها وخطوطها التجريدية. وفي قسم الفن المعاصر يعرض أعمال الفنانة بشائر هوساوي، التي تستمد فنونها من بيئتها الغنية وذاكرتها البصرية العميقة، باستخدام مواد طبيعية مثل النخيل، وتعبر عن موضوعات مثل الانتماء، والحنين، والهوية الإنسانية المتغيرة. بجانبها يستعرض سليمان السالم أعماله التي تتعمق في الطبيعة الزائلة للوجود. باستخدام تقنيات الطباعة العدسية والفيديو ووسائط أخرى، تستكشف أعماله التفاعل بين الشعور والإدراك والتواصل الإنساني.