تؤكد الفنانة التشكيلية الأميركية كارول فيورمان أنّ أعمالها «تعكس احتفاء استثنائياً بالمرأة، تقديراً لدورها في المجتمع والطبيعة»، وتضيف في حوارها مع «الشرق الأوسط» أنّ الماء عنصر متكرّر في كثير من قطعها النحتية المعروضة في أماكن مختلفة حول العالم، لا سيما في الولايات المتحدة وأوروبا، وتقتنيها مؤسّسات وشخصيات دولية، مثل الرئيس الأسبق بيل كلينتون.
فيورمان من أبرز المشاركين في معرض «الأبد هو الآن» المستمر حتى 18 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، في سفح أهرامات الجيزة، ويضمّ مجسّمات وتماثيل وأعمالاً مركبة لفنانين عرب وأجانب.
وتحظى قطعتها النحتية المُشاركة في المعرض، التي تجسّد الإلهة الفرعونية «حتحور» باهتمام لافت، وتقول عنها: «أكنّ إعجاباً خاصاً بهذه الشخصية الأسطورية التي تأثرت بها حضارات أخرى، مثل الفينيقية واليونانية والرومانية».
وتؤكد أنّ «حتحور» ألهمتها تشكيلياً، فهي «تجسّد الشمس والخلود، وتجمع بين الجمال والأمومة والقوّة والخصوبة والفرح والموسيقى، في مزيج فريد قلّما نجد له نظيراً».
ولكن لماذا تبدو المرأة عنصراً مشتركاً بين جميع أعمالها الأخيرة؟ تجيب: «تعرّضت النساء لعصور من التهميش والظلم في عديد من الحقب التاريخية والثقافات المختلفة، وآن الأوان لينصفها الفن ويحتفي بها ويعطيها التقدير المُستَحق».
لا تنطلق الفنانة الأميركية خلال تجسيدها عالم المرأة من رؤى ضيّقة أو عنصرية، بل تحكمها فقط الرغبة في تقدير الجمال الفطري والاعتراف بما تلعبه «حواء» من أدوار حياتية قديمة، بكونها رمزاً للجمال والأمومة وأيضاً للتصميم والمثابرة.
وتعليقاً على تفاعل الجمهور مع العمل، تشير إلى أنّ «التمثال مسَّ القلوب» لكونها عملت عليه «بحب وصبر»، مضيفة: «تعمدتُ وضعه في منطقة وسطى بين الإحساس بالقداسة وروح الشخصية المعاصرة للمرأة».
وعن ثيمة السبّاحات التي تتكرّر في كثير من أعمالها، تردّ: «رأيتُ ذات يوم واحدة من هؤلاء السبّاحات في زيّها الجلدي، تسبح ببراعة ومثابرة، ثم تستلقي على الشاطئ بغطاء الرأس وقطرات الماء تتساقط على وجهها، فكنتُ أمام مشروع فني متكامل ألهمني أعمالاً عدّة، وجعل الماء والسيولة عنصرَيْن يتكرران».
ولأنها تُعدّ من رواد حركة «الواقعية المفرطة» أو «الواقعية الفائقة»، التي تعرف بالإنجليزية باسم «hyper reality»، حيث بدأت أعمالها النحتية الأولى في نهاية السبعينات بالولايات المتحدة ضمن هذا السياق، نسألها عن مفهومها المبسّط لهذه الحركة الفنية، فتجيب: «المقصود هو التعمّق في الواقعية، بحيث ننتج أعمالاً تنطلق من الواقع، لكنها تتجاوزه من فرط قوة تأثيرها أو إيغالها بشكل فائق في تفاصيله، فنحصل في النهاية على عمل فني يحاكي هذا الواقع ويفوقه قوة وجمالاً».
تعلّق على تأسيسها مؤسّسة «كارول فيورمان للنحت» قبل سنوات: «راودتني الفكرة منذ مدة طويلة، حين كنت أبحث عن صيغة عملية لزيادة الشغف بالفن وتحسين ذائقة المتلقي بالنحت. وهكذا أبصرَت النور».
وتضيف أنّ المؤسّسة «تساعد الفنانين، لا سيما المبتدئين، في إقامة معارضهم بأفضل المتنزهات وقاعات العرض. كما نساعدهم في الحصول على منح دراسية والالتحاق بالجامعات والأكاديميات المناسبة، فضلاً عن الترويج لأعمالهم وبيعها؛ وإقامة جائزة سنوية لأفضل عمل نسائي في النحت، وهي جائزة تضمّ مجلساً من المحكّمين الموثوقين من أصحاب الصدقية».
وتشير الفنانة الأميركية إلى أنّ والديها عارضا رغبتها في دراسة الفن خلال المرحلة الثانوية، لكنها أصرّت على إكمال مشوارها، ثم وجدت نفسها تتزوّج في سنّ مبكرة، وتصبح في حاجة لمصدر دخل، فعملت في مجال تصميم أغلفة الأسطوانات الغنائية، قبل أن تعود إلى التشكيل الذي تحبّه.