الأنشطة البشرية تزيد ملوحة الهواء والتربة والمياه العذبة

التهديد الوجودي مُحتمل إن استمرّت الاتجاهات الحالية

جزيئات الملح قد تتسلّل إلى الهواء (بابليك دومين)
جزيئات الملح قد تتسلّل إلى الهواء (بابليك دومين)
TT
20

الأنشطة البشرية تزيد ملوحة الهواء والتربة والمياه العذبة

جزيئات الملح قد تتسلّل إلى الهواء (بابليك دومين)
جزيئات الملح قد تتسلّل إلى الهواء (بابليك دومين)

كشفت دراسة أميركية أنّ الأنشطة البشرية تجعل الهواء والتربة والمياه العذبة أكثر ملوحة، ما قد يشكل تهديداً وجودياً إذا استمرت الاتجاهات الحالية.

وأوضحت أن العمليات الجيولوجية والهيدرولوجية تجلب الأملاح إلى سطح الأرض بمرور الوقت، لكن الأنشطة البشرية، مثل التعدين وتطوير الأراضي، تسرّع «دورة الملح» الطبيعية. نُشرت الدراسة، الثلاثاء، في دورية «Nature Reviews Earth & Environment».

ووفق الباحثين، يمكن أن تؤدّي الزراعة والبناء ومعالجة المياه والطرق وغيرها من الأنشطة الصناعية إلى زيادة التملُّح. ما يضر بالتنوّع البيولوجي ويجعل مياه الشرب غير آمنة في الحالات القصوى. كما أظهروا أن التملُّح الذي يسبّبه الإنسان أثّر في نحو 2.5 مليار فدان من التربة حول العالم، وهي مساحة تعادل مساحة الولايات المتحدة. كما زادت أيونات الملح في الجداول والأنهار على مدار الخمسين عاماً الماضية، بالتزامن مع زيادة استخدام الأملاح وإنتاجها عالمياً.

ووفق النتائج، فإنّ الملح تسلّل إلى الهواء. وفي بعض المناطق، تجفّ بحيرات وترسل أعمدة من الغبار المالح إلى الغلاف الجوّي. وفي المناطق التي تتعرّض للثلوج، يمكن أن تتطاير أملاح الطرق، ما يؤدّي إلى تكوين جسيمات الصوديوم والكلوريد.

ويرتبط التملُّح أيضاً بالتأثيرات المتعدّدة. على سبيل المثال، يمكن للغبار المالح أن يؤدّي إلى تسريع ذوبان الثلوج وإلحاق الضرر بمجتمعات تعتمد على الثلج لإمداداتها بالمياه. ودعا الباحثون إلى إنشاء «حدود للاستخدام الآمن والمستدام للملح» بالطريقة عينها التي ترتبط بها مستويات ثاني أكسيد الكربون بحدود للحد من تغيّر المناخ.

ويقول الباحث الرئيسي للدراسة في مركز علوم نظام الأرض، التابع لجامعة ميريلاند الأميركية، الدكتور سوغاي كوشال: «لقد وجدنا أنّ الهواء والأرض والمياه تتعرّض الآن لدورة سريعة من التملُّح بسبب الأنشطة البشرية، ومع تحرّك الملح عبر أنظمة الأرض، يمكن أن تكون هناك تأثيرات بيئية خطيرة».

يضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه التأثيرات يمكن أن ترتبط بانخفاض خصوبة الأراضي الزراعية، وتجفيف النباتات بسبب الإجهاد الملحي، وتأثيرات استنشاق الغبار المالح في صحة الإنسان، نتيجة تجفيف قيعان البحيرات، وتلوث إمدادات المياه الرئيسية».

ويشير إلى أنّ هناك نسبة صغيرة (2 إلى 3 في المائة) من مياه الأرض عذبة، ويمثل التملُّح تهديداً وجودياً لتوافر المياه العذبة على الأرض في المستقبل. لذا، فإنّ المياه العذبة هي مورد يتطلّب إدارة واستراتيجيات عاجلة للحماية من التلوّث الملحي في كل من المناطق القاحلة والرطبة.

وعن توصيات يمكن أن تُبنى على نتائج الدراسة، يجيب أنها تتمحور حول اتّباع ممارسات الري الأفضل، والحد من آثار تغيّر المناخ في البحيرات الجافة، والنظر في المنتجات التي نستخدمها في المنازل والأملاح التي تحتوي عليها، والتي قد ينتهي بها الأمر في مياه الصرف الصحي.


مقالات ذات صلة

السعودية في 2024... نموذج متكامل للتنمية البيئية والاستدامة العالمية

الاقتصاد مواطنون يساهمون في تعزيز حماية الموارد الطبيعية (واس)

السعودية في 2024... نموذج متكامل للتنمية البيئية والاستدامة العالمية

بينما تواصل السعودية خطواتها الواسعة نحو تحقيق «رؤية 2030»، تبرز البيئة كأحد أعمدة التنمية المستدامة، في مسار متوازن يجمع بين بناء الإنسان والحفاظ على الطبيعة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
بيئة جانب من «فوهة النعي» و«عين عنتر» في موقع «سلمى جيوبارك» (المركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي)

توجّه سعودي لتسجيل 13 موقعاً جيولوجياً في «الشبكة العالمية لليونيسكو»

أعلنت «اليونيسكو» عن انضمام موقعي «شمال الرياض جيوبارك»، و«سلمى جيوبارك» إلى شبكة «الجيوبارك العالمية لليونيسكو»؛ في خطوة تعزز من دور السعودية

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة أدى تراجع الأمطار قبل 6 آلاف عام إلى تحوّل المنطقة مجدداً لبيئة قاحلة (واس)

«كاوست»: «الربع الخالي» كان موطناً لأنهار ومروج خضراء

كشفت دراسة بحثية علمية حديثة أن «الربع الخالي»، أكبر صحراء رملية متصلة في العالم لم تكن في الماضي كما نعرفها اليوم أرضاً جافة وقاحلة.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق الظبي الرملي من الأنواع الأصيلة في السعودية المعرضة للانقراض (واس)

ولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025 في السعودية

احتفت محمية الأمير محمد بن سلمان الملكية بولادة أول ظبي رملي لموسم ربيع 2025، ليصل بذلك إجمالي عدد الظباء الرملية التي وُلدت في المحمية إلى 94 مولوداً.

«الشرق الأوسط» (تبوك)
بيئة تضاعف معدل ارتفاع مستوى سطح البحر على مدى 30 عاماً حيث ارتفع مستواه عالمياً بمقدار 10 سنتيمترات منذ بدء تسجيل بيانات ارتفاع المحيطات عبر الأقمار الاصطناعية في عام 1993 (رويترز)

«ناسا»: مستويات سطح البحار ارتفعت أكثر من المتوقع عام 2024

ارتفعت مستويات سطح البحار على مستوى العالم في عام 2024 أكثر من المتوقع بسبب التمدد الحراري لمياه البحار وذوبان الصفائح والأنهار الجليدية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

مخرجة لبنانية تعبّر عن حبها لمصر بـ«هرتلة في القاهرة»

المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم (الشرق الأوسط)
المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم (الشرق الأوسط)
TT
20

مخرجة لبنانية تعبّر عن حبها لمصر بـ«هرتلة في القاهرة»

المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم (الشرق الأوسط)
المخرجة اللبنانية الكويتية فرح الهاشم (الشرق الأوسط)

في خامس أفلامها الطويلة «هرتلة في القاهرة» تخوض المخرجة اللبنانية - الكويتية فرح الهاشم تجربة مختلفة استدعت وجودها بالقاهرة، التي صورت بها أحداث الفيلم الذي يجمع بين «التوثيقي» و«الروائي»، واستعادت من خلاله سنوات طفولتها التي قضتها بالقاهرة، كما استعادت زمن القاهرة بـ«الأبيض والأسود»، عبر مشاهد من الأفلام المصرية القديمة في خمسينات وستينات القرن الماضي.

وعلى مدى ثلاثة أسابيع زارت الهاشم أحياء شعبية وراقية عدة لتصوير فيلمها: «تنقلت بين أحياء القاهرة الراقية والشعبية من الزمالك إلى إمبابة، ومن المعادي إلى شبرا، ووسط البلد والحسين، كما صورت مشاهد بكل من بورسعيد والإسكندرية».

وتكشف في حوارها لـ«الشرق الأوسط» عن سبب اختيارها لعنوان الفيلم، قائلة: «هذا الفيلم أهديه لروح الفنان صلاح جاهين الذي كتب عن (الهرتلة العبقرية) في حياتنا، حيث نتكلم عن نبض الشارع بطريقة عميقة، لكن لا أحد يسمعنا، فهذا الفيلم كل قضاياه جادة لكنني أحاول ألا أجعله جاداً، رغم ما فيه عن السياسة والاقتصاد».

لقطة لأحد مشاهد الفيلم (الشرق الأوسط)
لقطة لأحد مشاهد الفيلم (الشرق الأوسط)

ويتضمن الفيلم خطاً توثيقياً عن القاهرة ومشاهد لشوارعها وأحيائها تستعيدها من أفلام «الأبيض والأسود» التي تراها ساحرة، على غرار «ميرامار»، و«الباب المفتوح»، و«إشاعة حب»، مثلما بحثت عنها في حكايات الماضي ونجوم السينما المصرية في ذلك الوقت الذين أحبت السينما من خلالهم، وتلفت المخرجة الشابة إلى الخط الروائي بالفيلم الذي تظهر فيه بشخصيتها الحقيقية، بمشاركة ممثلين محترفين من مصر.

وتلفت الهاشم إلى أنها كانت قد اتفقت مع ممثل مصري شهير على المشاركة في بطولة الفيلم، لكنه لم يتحمس؛ لتطرق العمل للمطرب الشيخ إمام الذي تستعين به في أغنيته «الفول واللحمة» باعتبارها أغنية للفيلم، والشاعر أحمد فؤاد نجم.

وتوضح قائلة: «الفيلم يتضمن أفكاراً مرتجلة، وليس كل الفنانين مؤهلين لفكرة الارتجال، لكنني أعمل مع ممثلين عاديين لديهم الجرأة وقدموا أداء رائعاً بسبب عفويتهم وهدوئهم».

ويتطرق الفيلم في جانبه التوثيقي لشهادات من شخصيات مصرية، من بينهم المؤلف محمد السيد عيد في حديثه عن «رائد الاقتصاد المصري» طلعت حرب، الذي كتب سيرته الذاتية في مسلسل، ود. زينب فرغلي أستاذ النقد الأدبي.

وتستعيد المخرجة فرح الهاشم طفولتها التي قضت جانباً منها في مصر، وإلى الحضانة التي كانت تذهب إليها، وتقول: «أحب مصر، وهذا الفيلم يطاردني منذ سنوات، وقد ظللت أعمل أبحاثاً حوله قبل كتابة السيناريو، وأبحث في حكايات الماضي والأفلام المصرية القديمة، حتى إنني قمت بطباعة 70 عدداً من مجلة (الكواكب) الفنية لأطالع الحياة الفنية في زمن (الأبيض والأسود)».

المخرجة فرح الهاشم في لقطة مع بعض أبطال فيلمها (الشرق الأوسط)
المخرجة فرح الهاشم في لقطة مع بعض أبطال فيلمها (الشرق الأوسط)

علاقة خاصة تربط بين المخرجة والمدن التي تتعلق بها؛ حيث قدمت 3 أفلام عن مدينتها بيروت وهي «ترويقة في بيروت»، و«بيروت برهان»، و«رصيف بيروت»، وتقول عن ذلك: «سافرت كثيراً بين مختلف المدن العربية والعالمية للدراسة والعمل، فقد درست السينما بأميركا، وواصلتها في باريس التي قضيت بها 7 سنوات، لكنني تأثرت كثيراً بكل من بيروت والقاهرة، كما أستعد لتصوير فيلم عن مدينتي الكويت».

وتلفت إلى ثمة تشابه تلمسه بين القاهرة وبيروت: «القاهرة قريبة من بيروت، في زحامها وجوها الصيفي الحار، وفي جمال وعشوائية الأماكن بكل منهما، وفي حبهما للفن، وبحر بيروت ونيل القاهرة، وأرى المدن عموماً مثل كائن حي أرتبط به وأشتاق له ويراودني الحنين إليه».

وبينما تواصل العمليات الفنية الأخيرة للفيلم، تتطلع فرح الهاشم للمشاركة بـ«هرتلة في القاهرة» بأحد المهرجانات العربية قبل أن يُعرض بالسينمات.